23 نوفمبر، 2024 6:55 ص
Search
Close this search box.

قراءة في‮ ‬كتاب مهمة من بغداد‮ ‬1‮-‬2

قراءة في‮ ‬كتاب مهمة من بغداد‮ ‬1‮-‬2

جريمة مروّعة تشهدها أرض السويد
ماتس إيكمان‮ … ‬صحفي‮ ‬سويدي‮ ‬وباحث مختص بقضايا الشرق الأوسط وتحديداً‮ ‬العراق وقضاياه‮ . ‬شاع صيته مؤخراً‮ ‬في‮ ‬وسائل الأعلام والتواصل الاجتماعي‮ ‬وتناقل المعلومة عقب صدور كتابه الذي‮ ‬يحمل عنوان‮ ( ‬مهمة من بغداد‮ ) ( ‬På uppdrag från baghdad ) . الكتاب‮ ‬يتناول حقبة مهمة ومرحلة حرجة من تاريخ السويد وحساسية العلاقة بين جمهورية العراق والملف الأمني‮ ‬حول قضايا اللاجئين العراقيين والمخابرات على حد سواء منذ مطلع السبعينيات‮ . ‬في‮ ‬صباح‮ ‬يوم‮ ‬4‮ ‬أذار العام‮ ‬1985،‮ ‬أستيقظت السويد والسويديين على جريمة قتل مروعة‮ ‬،‮ ‬هزت الرأي‮ ‬العام‮ ‬،‮ ‬حيث تشهدها أرض السويد لأول مرة‮ ‬،‮ ‬هزت وسائل الاعلام وحيرة المعلقين ودوخت المحللين عبر شاشات التلفزة وأروقة المحاكم والتي‮ ‬ما زالت تبحث عن أدلة وشهود لأنهاء هذا الملف الخطير‮ . ‬في‮ ‬صبيحة ذلك اليوم عثرت الشرطة السويدية عبر مخبر عارض بوجود حقيبتين سوداوين متروكتين في‮ ‬منطقة‮ ( ‬سودرتاليا‮ ) ‬في‮ ‬جنوب العاصمة السويدية‮ ( ‬أستوكهولم‮ ) . ‬لتجد الشرطة في‮ ‬داخلهما أكياسا بلاستيكية لاشلاء أنسان مقطعة بعناية وخبرة الى‮ ‬48‮ ‬قطعة حسب وصف المذيع السويدي‮ ‬المذهل لواقع الجريمة‮ . ‬
أنها جثة رجل ضابط الاستخبارات العراقي‮ ‬ماجد حسين عبد الكريم‮ ‬،‮ ‬الذي‮ ‬فر من العراق عام‮ ‬1983‮ ‬متجهاً‮ ‬الى مملكة السويد طالباً‮ ‬اللجوء السياسي‮ ‬حسب أتفاقية‮ ( ‬جنيف‮ ) ‬المعمول بها وضمن أتفاقيات الدول الموقعه على لائحتها القانونية والانسانية‮ ‬،‮ ‬أراد أن‮ ‬يكون بعيداً‮ ‬عن أيادي‮ ‬وعيون وخطورة الجهاز الذي‮ ‬ينتمي‮ ‬له‮ ‬،‮ ‬هكذا كان معتقداً‮ ‬من خلال تصريحه الأول للصحف السويدية‮ ( ‬سفينسكا داغبلادت‮ ) ‬،‮ ‬مهدداً‮ ‬بهز وفضح أربعة خلايا مخابراتية تعمل على أرض السويد ونشاطهم التخريبي‮ ‬وشبكة العلاقات داخل أوربا‮ ‬،‮ ‬وتفاصيل لقاء مناحيم بيغن رئيس وزراء الكيان الصهيوني‮ ‬السابق مع برزان التكريتي‮ ‬عندما كان مديراً‮ ‬للمخابرات وقصة ضرب المفاعل النووي‮ ‬العراقي‮ ( ‬تموز‮ ) ‬في‮ ‬منطقة الزعفرانية أطراف العاصمة بغداد العام‮ ‬1981‮ ‬من قبل سرب من الطيران الاسرائيلي‮ ‬يضم‮ ‬18‮ ‬طائرة حربية بناءاً‮ ‬على معلومات حول المكان وهيكلة بنائه وزواياه قدمها لهم عملاؤهم من الفرنسيين‮ ‬،‮ ‬الذين كانوا‮ ‬يعملون في‮ ‬موقع المفاعل الذري‮ ‬،‮ ‬والطيران الذي‮ ‬خرق أجواء دول مجاورة وعطل كل الرادارات عبر الحدود الاردنية الى العاصمة بغداد منطقة‮ ( ‬سلمان باك‮ ) ‬ليحقق مهمته في‮ ‬تدميره‮ ‬،‮ ‬كان المقتول ماجد حسين حاضراً‮ ‬وشاهداً‮ ‬على هذا اللقاء وهدد بكشف تفاصيله الى وكالات الانباء العالمية ودوائر أستخباراتية‮ . ‬وفي‮ ‬خطوة أستباقية قام النظام العراقي‮ ‬في‮ ‬بغداد بحجز زوجته وأطفاله الثلاثة وسيلة للضغط عليه من أجل عودته الى العراق أو تحييد موقفه في‮ ‬ألتزام الصمت‮ ‬،‮ ‬لكنه لم‮ ‬يعر أعتباراً‮ ‬لذلك التهديد أو حتى لم‮ ‬يأخذه على محمل الجد‮ . ‬أثارت عملية قتله وطريقتها الهلع والخوف بين صفوف العراقيين على أراضي‮ ‬مملكة السويد والدول المجاورة‮ ‬،‮ ‬الذين هربوا من العراق بسبب قمع النظام وسياسته وحروبه‮ ‬ودب الهلع والخوف بين أوساط العراقيين وتذمرهم من برودة الموقف السويدي‮ ‬الرسمي‮ ‬في‮ ‬أتخاذ الاجراءات الرادعة والسريعة في‮ ‬حمايتهم من نشاط رجال المخابرات العراقية‮ ‬،‮ ‬مما زاد من توجساتهم الأمنية‮ ‬،‮ ‬وأضطر قسم‮ ‬غير قليل منهم ترك الاراضي‮ ‬السويدية الى دول مجاورة‮ ‬،‮ ‬وقسم أخر أنتقلوا وغيروا عناوينهم وألقابهم الى مدن سويدية أخرى بعيداً‮ ‬عن متناول أياديهم وهواجس الرعب والخوف تطاردهم في‮ ‬أبسط تفاصيل حياتهم‮ . ‬
أستند إيكمان في‮ ‬كتابه الذي‮ ‬يحوي‮ ‬340‮ ‬صفحة على وثائق المخابرات السويدية‮ ( ‬سيبو‮ / ‬Säpo ‮) ‬وعلى ملفات وزارة الخارجية السويدية بهذا الشأن تحديداً‮ ( ‬الشأن العراقي‮ ) . ‬ستة وسبعون صفحة من الكتاب مكرسة للتغطية على أغتيال ضابط الاستخبارات ماجد حسين عبد الكريم وتفاصيل تنفيذها وتداعياتها والتي‮ ‬ما زالت طاغية على المشهد الأمني‮ ‬السويدي‮ . ‬وذكر الكاتب ماتس معاناته بعدم تجاوب المعنيين بهذا الملف من الجانب العراقي‮ ‬حيث خاطب عشرين جهة رسمية ومدنية ولم‮ ‬يتلق جواباً‮ ‬واحداً‮ ‬مما أحزنه كثيراً‮ ‬،‮ ‬لهذه اللامبالاة‮ ‬،‮ ‬بعيداً‮ ‬عن المسؤولية الاخلاقية والتاريخية والقانونية‮ . ‬
السويد كمركز قرار وعلاقات دولية كانت تغض النظر عن نشاطات المخابرات العراقية على أراضيها رغم معرفتها الكاملة والمؤكدة بالتضييق والتجسس على حياة العراقيين ومسببة لهم هلعا وخوفا في‮ ‬منظومة علاقاتهم وحياتهم الطبيعية أرتباطاً‮ ‬بالمصالح السويدية‮ ( ‬الاقتصادية‮ ) . ‬تنظر السويد لمصالحها الاقتصادية بعين الاعتبار وتضعها في‮ ‬الاولوية‮ ‬،‮ ‬حيث لها عدة شركات تعمل بالعراق وخبراء ومستشارين فلا تريد ان تفرط بتلك الميزات والهبات على حساب ضمان حياة جمهرة من الناس الهاربين من جحيم نفس تلك الاجهزة‮ .‬
اجندة خاصة
‮ ‬الدول والانظمة بكل أنماطها وشكل حكمها لا‮ ‬يهمها الا مصالحها وأجندتها الخاصة‮ . ‬في‮ ‬نهاية السبعينيات أصبحت السويد من المحطات المهمة للمخابرات العراقية وثقل دبلوماسي‮ ‬وعلاقات أقتصادية وتجارية‮ ‬،‮ ‬كان معمل الأسمنت في‮ ‬مدينة‮ ( ‬مالمو‮ ) ‬الجنوبية أعتماده الاساسي‮ ‬على التصدير الى العراق‮ ‬،‮ ‬وعندما تأزمت العلاقات في‮ ‬السنوات الاخيرة بين البلدين وضعف التبادل التجاري‮ ‬والاقتصادي‮ ‬بينهما،‮ ‬ومن أولويات أسبابها الحرب والحصار أغلق هذا المعمل وتحولت أرضه الى عمارات سكنية للساكنين‮ ‬،‮ ‬وشهدت العلاقات والزيارات المتبادلة على مستويات عالية جداً‮ ‬،‮ ‬حيث زوجة النائب صدام حسين زارت السويد مرتين‮ ‬،‮ ‬وكان‮ ‬يفترض واحدة من المرات أن تلتقي‮ ‬بزوجة الملك‮ ( ‬كارل السادس عشر‮ ‬كوستاف‮ ) ‬،‮ ‬لكن‮ ‬يبدو سفرة مفاجئة لزوجة النائب‮ ( ‬ساجدة خيرالله طلفاح‮ ) ‬الى لندن لموعد مهم مع طبيب حال دون ذلك‮ ‬،‮ ‬وفي‮ ‬العام‮ ‬ 1979‮ ‬تقاطر الى مملكة السويد عدد من القادة البعثيين والوزراء محمد عايش وزوجته ومحيي‮ ‬الشمري‮ ‬مشهدي‮ ‬وعائلته وتجولوا في‮ ‬المدن السويدية في‮ ‬أهتمام رسمي‮ ‬وزاروا العاصمة الفنلندية‮ ( ‬هلسنكي‮ ) . ‬وفي‮ ‬عودتهم الى بغداد ذبحوا على مسلخ قاعة الخلد الشنيعة بسيناريو معد مسبقاً‮ ‬بأخراج فاشل ومفضوح أنها مسرحية‮ ( ‬المؤامرة‮ ) ‬راح ضحية عرضها‮ ‬23‮ ‬وزيراً‮ ‬وقائداً‮ ‬حزبياً‮ ‬أنها مساع في‮ ‬السيطرة على الحكم وتصفية حسابات‮ . ‬فاغتيال رجل الاستخبارات ماجد حسين عبد الكريم نتاج ذلك الارباك في‮ ‬العلاقات العراقية‮ / ‬السويدية وعلى ضوء مساحتها الخضراء تتحرك أجهزة المخابرات بحصانات دبلوماسية‮ ‬،‮ ‬وحسب وثائق وملفات جهاز المخابرات السويدية‮ ( ‬سيبو‮ / ‬Säpo ‮) ‬لحين سقوط نظام صدام حسين على‮ ‬يد المحتلين الامريكان‮ ‬عام‮ ‬2003†يوجد حوالي‮ ‬مئة منتسب للاجهزة المخابراتية العراقية‮ ‬يعملون على الاراضي‮ ‬السويدية‮ . ‬والبعض منهم عاد وتعاون مع الوضع الجديد في‮ ‬العراق تحت عباءة الغطاء الطائفي‮ ‬وأجندة المحتل الامريكي‮ . ‬
‮ ‬يشير ماتس إيكمان في‮ ‬كتابه حول إغتيال رئيس وزراء السويد‮ ( ‬أولف بالمه‮ ) ‬اليساري‮ ‬النزعة والاشتراكي‮ ‬الهوى بعد ثمانية أيام من العثورعلى جثة ماجد حسين عبد الكريم مقطعة ومرمية في‮ ‬شارع بالعاصمة السويدية‮ . ‬أولف بالمه الذي‮ ‬كان وسيطاً‮ ‬دولياً‮ ‬في‮ ‬مهمة أنهاء النزاع العراقي‮ ‬الايراني‮ ‬في‮ ‬العاصمة السويدية‮ ( ‬أستوكهولم‮ ) ‬وممثلاً‮ ‬شخصياً‮ ‬لرئيس هيئة الامم المتحدة ولاعب أساسي‮ ‬في‮ ‬الملف الفلسطيني‮ ‬الشائك‮ ‬, فبعد ساعات من لقائه بالسفير العراقي‮ ‬محمد سعيد الصحاف المعروف لاحقاً‮ ( ‬أبو العلوج‮ ) ‬, عقب إحتلال قوات المارينيز للأرض الوطنية العراقية والقائم باعمال السفارة العراقية والمتهم بالتخطيط لاغتيال الضابط العراقي‮ ‬ماجد حسين والذي‮ ‬عين سفيراً‮ ‬للعراق في‮ ‬باريس بعد‮ ‬2004 ‮ ‬ولمدة تسعة أعوام‮ ‬, وعندما زار هوشيار زيباري‮ ‬وزير الخارجية العراقي‮ ‬السابق العاصمة السويدية في‮ ‬عام‮ ‬2007‮. ‬طلبت منه الجهات السويدية الامنية عبر القنوات الدبلوماسية بالمساعدة بغلق هذا الملف عبر تسليمهم موفق مهدي‮ ‬عبود أحد المتهمين في‮ ‬أعمال قتل وتجسس على الاراضي‮ ‬السويدية‮ ‬, أو تشكيل لجنة مشتركة من خبراء أمنيين مختصين عراقيين وسويديين لأستجوابه في‮ ‬بغداد‮ . ‬سارع هوشيار زيباري‮ ‬الى تحرير خطاب الى وزارة الخارجية العراقية بنقل موفق من سفارة العراق في‮ ‬فرنسا الى منصب مسؤول دائرة أمريكيا الشمالية والجنوبية والبحر الكاريبي‮ ‬في‮ ‬مبنى وزارة الخارجية العراقية وما زال الى‮ ‬يومنا هذا, يشغل هذا المنصب‮ ‬،‮ ‬وحاولت الجهات السويدية بأستجوابه عدة مرات عن ما حدث عبر وسطاء‮ ‬،‮ ‬لكنه كان‮ ‬يستغرب من السؤال والاستفسار والتظاهر بعدم معرفته وبدون أي‮ ‬تعاون عراقي‮ ‬واضح حول ملف هذه القضية‮ . ‬تخزن ملفات السويد في‮ ‬أضابيرها حول شخصه وسلوكه تهمة التحرش الجنسي‮ ‬رغم أنه متزوج عدة مرات‮. ‬تمكن بعد إحتلال العراق أن‮ ‬يحشر نفسه مثل عشرات‮ ‬غيره مع طابور جيش من الخونة والمتعاونين مع المحتل ضد بلدهم‮ ‬،‮ ‬فذهب ضمن لجنة أعمار العراق وأعادة بنائه التي‮ ‬سرقت البلد ودمرته تدميراً‮ . ‬وحسب رواية الباحث‮ ( ‬ماتس إيكمان‮ ) ‬في‮ ‬كتابه الذي‮ ‬صدر في‮ ‬نهايات‮ ‬2011‮ ‬مهمة من بغداد‮ ‬, والذي‮ ‬أثار الآن أهتماماً‮ ‬واسعاً‮ ‬على صفحات تواصل العراقيين وأهتمامهم‮ . ‬يقول تمكنت المخابرات العراقية من تجنيد شرطة سويدية لصالح تحركاتها المشبوهة في‮ ‬أستهداف العراقيين المعارضين لسياسة النظام والهاربين من جحيمه‮ ‬, وكان واحد من هؤلاء‮ ‬يشغل مفوضاً‮ ‬في‮ ‬أجهزة الشرطة السويدية‮ ( ‬هانس ميلين‮ / ‬Hans Melin‮)‬ , ويعمل في‮ ‬قسم حساس جداً‮ ‬في‮ ‬قضايا اللجوء في‮ ‬السويد‮ ‬،‮ ‬بل هو مسؤول قسم خطير جداً‮ ‬أستغله بتقديم تقارير الى محطة المخابرات في‮ ‬مبنى السفارة العراقية حول القادمين الجدد والهاربين من العراق أسمائهم وعناوينهم في‮ ‬العراق وفحوى أدعاء أقوالهم في‮ ‬التحقيق أثناء طلب اللجوء ومنافذ خروجهم وطرق وصولهم‮ . ‬وقام شاب عمره‮ ‬24‮ ‬عاما‮ ‬ً‮ ‬أسمه‮ ( ‬ص.س‮ ) ‬يعمل ضمن جهاز المخابرات العراقية والده كان ضابطا كبيرا أصبح فيما بعد سفيراً‮ ‬للعراق في‮ ‬دولة‮ ( ‬سريلانكا‮ ) ‬بدعوته لزيارة العراق مع زوجته بل رافقفهم من العاصمة السويدية‮ ( ‬أستوكهولم‮ ) ‬الى العاصمة بغداد‮ . ‬وفي‮ ‬بغداد توفرت له سيارة وسائق‮ ‬يدعى‮ ( ‬س.ج‮ ) . ‬يعمل أيضاً‮ ‬ضمن جهاز المخابرات العراقية ورافقوهم لمدة عشرة أيام في‮ ‬المدن‮ ( ‬الموصل‮ ‬, كركوك‮ ‬, بابل‮ ‬, أربيل‮ ) ‬أضافة الى العاصمة بغداد في‮ ‬حسن ضيافة مبالغ‮ ‬بها مع هدايا ورعاية كبيرة‮ ‬،‮ ‬ورداً‮ ‬على تلك الزيارة قام‮ ( ‬أبو جعفر‮ ) ‬بزيارة السويد وجمعته لقاءات وجلسات مع مستر هانس وعائلته‮ ‬،‮ ‬وفي‮ ‬ملفات التحقيق السويدية رفض مستر هانس أمام المدعي‮ ‬العام في‮ ‬أروقة المحاكم السويدية بأي‮ ‬لقاء بـ(س.ج‮) ‬في‮ ‬بغداد قد حصل‮ . ‬ووجهت المحكمة السويدية له عدة تهم تتعلق بالتجسس والتعاون مع المخابرات الامريكية‮ ‬ CIA والمخابرات الروسية‮ ‬ KGBلكن محاميه طعن بجميع تلك التهم‮ ‬،‮ ‬لكن هذا لم‮ ‬يساعده في‮ ‬تبرئته من حكم القضاء فحكمت عليه المحكمة العليا أربع سنوات سجن بتاريخ‮ ‬23‮ ‬أيار العام‮ ‬1979‮ ‬قضى منها ثلاثة سنوات وخرج بعد أن قدم محاميه طعنا في‮ ‬القرار‮ .‬
اطلاق سراح
‮ ‬فالمحكمة العليا نزلت الحكم عليه الى ثلاثة سنوات بتاريخ‮ ‬18‮ ‬أيلول من نفس العام‮ ‬،‮ ‬فاطلق سراحه في‮ ‬حزيران العام‮ ‬1981‮ ‬بسبب حالته الصحية التي‮ ‬تدهورت في‮ ‬السجن وتوفى عام‮ ‬1993‮ ‬في‮ ‬العاصمة السويدية‮ . ‬واحدة من الأدعاءات التي‮ ‬قدمها محاميه الى هيئة المحكمة الوضع النفسي‮ ‬لمستر هانس وهو جالس في‮ ‬مكتبه‮ ‬ينتابه الضجر ويحتصر نفسياً‮ ‬من شكل مكتبه ولون جدران‮ ‬غرفته‮ . ‬في‮ ‬نفس هذه الفترة من عام‮ ‬ 1979 ألقت المخابرات الاسرائيلية في‮ ( ‬تل أبيب‮ ) ‬قبل مغادرته‮ ‬, على شخص سويدي‮ ‬يدعى‮ ( ‬Steg bergling‮) ‬يعمل في‮ ‬المخابرات السويدية لكنه أيضاً‮ ‬متعاونا ويعمل لصالح المخابرات السوفيتية‮ ( ‬KGB ‮) ‬وفي‮ ‬التحقيق كشف لهم خطة الدفاع السويدية تجاه تحركات السوفيت‮ ‬،‮ ‬مما أجبر السويديين بتغير هيكلية وخطة الدفاع والتي‮ ‬كلفتهم الملايين من الدولارات‮ . ‬وفي‮ ‬مشهد درامي‮ ‬تقع صدفة عيني‮ ‬الموظفة السويدية في‮ ‬السفارة العراقية على أوراق مرسلة من دائرة الشرطة الى السفارة العراقية تتضمن عدة أسماء من القادمين الجدد من العراق أو دول الجوار الى السويد طلباً‮ ‬للجوء وبحثاً‮ ‬عن الأمان‮ . ‬فقدمت تبليغا رسميا الى الجهات المعنية وأعتقل وتعرض للتحقيق عدة أشخاص‮ . ‬وبعد شهرين من تلك الجريمة عين الصحاف سفيراً‮ ‬للعراق في‮ ( ‬استوكهولم‮ ) . ‬وقد لعب دوراً‮ ‬في‮ ‬محو أثار الجريمة بقتل الضابط ماجد حسين‮ ‬،‮ ‬وكافأ مادياً‮ ‬السويديين الذين تعاونوا مع المخابرات العراقية في‮ ‬نشاطاتها المحمومة على أرض السويد‮ . ‬العراق كان‮ ‬يمتلك سلاح المال حيث مكنه تجنيد اناس وشراء ذمم لمصلحة أجهزته في‮ ‬ربوع العالم‮ ‬،‮ ‬حتى تمكن لسطوة أمبراطوريته المالية أن‮ ‬يشتري‮ ‬مواقف دول وصحف‮ .‬
‮ ‬مازال ملف إغتيال ماجد حسين مفتوحاً‮ ‬في‮ ‬أروقة المخابرات السويدية‮ ( ‬سيبو‮ ‬Säpo ) رغم مضي‮ ‬فترة طويلة عليه ويعتبر من الملفات الشائكة‮ . ‬والسويد لاترغب بغلقه قبل ان تكشف الجناة الحقيقيين والمتعاونين معهم والمتسترين‮ .‬
‮ ‬وحاولت في‮ ‬السنوات الاخيرة من العمل المتواصل حوله في‮ ‬كشف حيثيات وتفاصيل الجريمة في‮ ‬الاسماء والوقائع والشهود‮ ‬،‮ ‬لكنها تصطدم بعدة معوقات هو عدم الوصول الى الفاعلين وسكناهم‮ ‬،‮ ‬أنهم‮ ‬يختبئون بواجهات سياسية وبأسماء مستعارة وعناوين سرية‮ . ‬
يذكر ماتس إيكمان طي‮ ‬صفحات كتابه‮ .. ‬أن المخابرات العراقية جندت موظفاً‮ ‬في‮ ‬الشرطة السويدية للتجسس على العراقيين المقيمين في‮ ‬السويد‮ . ‬وفي‮ ‬بداية العام‮ ‬2000قامت المخابرات العراقية بتكليف أحد عملاء النظام وهو سويدي‮ ‬من أصل عراقي‮ ‬لتصفية أحد القادة البعثيين‮ ‬،‮ ‬الذي‮ ‬كان قد أنشق عن نظام صدام حسين منذ عام‮ ‬1975‮ ‬وأنشأ منظمة معارضة لنظام صدام حسين في‮ ‬لندن المقصود‮ ( ‬أياد علاوي‮ ) .‬
‮ ‬ويستغرب المؤلف ويتساؤل بتعجب ؟‮ .. ‬كيف أن العراق في‮ ‬تلك الفترة الذي‮ ‬كان‮ ‬يرزخ فيه تحت وجع الحصار المفروض عليه وأثار حروب مدمرة ومستمرة‮ ‬،‮ ‬ونظامه ما أنفك‮ ‬يخطط لعمليات الاغتيال ضد معارضيه وتحديداً‮ ‬ممن أنشق عنهم ضمن أجهزة وتنظيمات حزب البعث‮ . ‬
في‮ ‬العام‮ ‬2003وعلى أثر سقوط نظام صدام حسين وإحتلال العراق حين بحثت قضية مقتل الضابط العراقي‮ ‬المنشق ماجد حسين من جديد‮ ‬،‮ ‬أذ تم رفع وثيقة تذكير الى البوليس السري‮ ‬تتهم وزير أعلام النظام السابق محمد سعيد الصحاف‮ ‬،‮ ‬الذي‮ ‬كان سفير العراق في‮ ‬السويد بين عامي‮ ‬1985‭/‬ 1987بوقوفه وراء مقتل الضابط العراقي‮ ‬ماجد حسين‮ ‬،‮ ‬وفي‮ ‬أواخر العام‮ ‬2007‮ ‬نشرت الشرطة السرية السويدية‮ ( ‬سيبو‮ / ‬Säpo ‮)‬ ورئيس الادعاء العام‮ ( ‬توماس ليد نستراند‮ ) ‬في‮ ‬صحف عراقية وسويدية وفي‮ ‬بلدان أخرى صورة المرأة‮ ( ‬ج.ش‮ ) ‬المشتبه الأول لضلوعها في‮ ‬جريمة القتل مع شخصين آخرين‮ . ‬أملين الاستدلال عليهم والسبيل في‮ ‬الوصول لهم‮ ‬،‮ ‬لكن البوليس لم‮ ‬يصل الى نتيجة الى الآن‮ . ‬ويعتقد ماتس إيكمان مؤلف كتاب‮ ( ‬بمهمة من بغداد‮ ) : ‬مخابرات صدام حسين في‮ ‬السويد هي‮ ‬المسؤولة وأن الحقيقة ستظهر فيما بعد وأن تقادم الزمن عليها‮ .‬
أخيراً‮ .. ‬تمكنت الوثائق السرية السويدية ونشرتها على العلن بتحديد العناصر الذين كانوا وراء تخطيط ومتابعة تنفيذ عملية الاغتيال ومنهم‮ . ‬
< فاضل البراك‮ .. ‬مدير المخابرات العراقية‮ ‬،‮ ‬الذي‮ ‬أعدمه النظام العراقي‮ ‬بتهمة التجسس لصالح المانيا الشرقية والاتحاد السوفيتي‮ ‬من خلال علاقته المشبوهة مع شخص لبناني‮ ‬يدعى‮ ( ‬صباح الخياط‮ ) ‬بتهريب معلومات مضللة عن نشاط المخابرات العراقية‮ ‬،‮ ‬وتهمته الثانية إثراؤه المالي‮ ‬وطريقة البذخ في‮ ‬العيش من خلال أمتلاكه‮ ‬قصر كبير في‮ ‬المنصور وكوميشينات من تجار ورجال أعمال عراقيين‮ ‬،‮ ‬أعدم عام‮ ‬1992‮ ‬في‮ ‬منطقة‮ ( ‬سلمان باك‮ ) ‬بحضور سبعاوي‮ ‬إبراهيم الحسن عندما كان مديراً‮ ‬لجهاز المخابرات الأخ‮ ‬غير الشقيق للرئيس صدام حسين‮ ‬،‮ ‬وعندما طلب سبعاوي‮ ‬من أحد الاعضاء العاملين في‮ ‬الجهاز‮ ( ‬ع.ش‮ ) ‬باطلاق النار من مسدسه ضعف وسقط المسدس من‮ ‬يديه فأتخذ الجهاز قراراً‮ ‬بعقوبته وطرده متهماً‮ ‬إياه بالضعف والجبن‮ ‬،‮ ‬لكن فيما بعد أعاده الجهاز الى صفوفه ليصبح سفيراً‮ ‬للعراق في‮ ‬دولة تونس‮ ‬،‮ ‬وبعد سقوط النظام إغتيل في‮ ‬منطقة العامرية ببغداد العام‮ ‬2004 ‮ ‬ضمن حملة التصفيات السياسية بعد سقوط النظام والثارات الاجتماعية والعشائرية‮ ‬،‮ ‬وفي‮ ‬سنوات لاحقة تزوج برزان أبراهيم الحسن زوجة فاضل البراك‮ ( ‬جنان‮ ) . ‬
تهم مختلفة
وأعدم برزان وسبعاوي‮ ‬وفاضل البراك في‮ ‬تهم مختلفة وتحت واجهات سياسية متصارعة وماتت زوجاتهما‮ . ‬وفاضل البراك حاصل على شهادة دكتوراه من معهد الاستشراق السوفيتي‮ ‬عام‮ ‬1973في‮ ‬رسالته الموسومة عن حركة رشيد عالي‮ ‬الكيلاني‮ ‬ورغم الاعتراض من معهد الاستشراق على فحوى المادة باعتبار المركز متخصص بدراسات الماركسية اللينينية‮ ‬،‮ ‬لكن طبيعة العلاقات بين الحزب الشيوعي‮ ‬السوفيتي‮ ‬وحزب البعث في‮ ‬العراق مررت على مضض‮ . ‬
وقد لفت بتحركاته المريبة وعلاقاته المتنوعة الجانب السوفيتي‮ ‬مما دفعت المخابرات السوفيتية فتاة سوفيتية جميلة أسمها‮ ( ‬لودا‮ ) ‬على علاقة بالمخابرات لترتبط بعلاقة عاطفية معه وأشترى لها شقة وسيارة في‮ ‬موسكو‮ ‬،‮ ‬وكشفت طبيعة علاقاته للسلطات السوفيتية مع المرحوم‮ (‬خ.خ‮) ‬و(ح.س‮). ‬وعندما عاد الاول الى العراق في‮ ‬مطلع التسعينيات عثر عليه مقتولاً‮ ‬في‮ ‬شقته في‮ ‬بغداد‮ . (‬م.م.ع‮) .. ‬القائم بأعمال السفارة العراقية‮ ‬, يشغل حالياً‮ ‬رئيس دائرة ملف أمريكيا الشمالية والجنوبية والبحر الكاريبي‮ ‬في‮ ‬مبنى وزارة الخارجية العراقية بعد تسعة سنوات من سفير عراقي‮ ‬في‮ ‬باريس من‮ ‬2004‭/‬2013‮ . ‬وهو من أهالي‮ ‬مدينة الكاظمية‮ ‬ينضـح طائفية ويلعب على أوتارها الحساسة حسب وصف معرفة القريبين منه‮ .‬
‮-(‬ف.ف‮) .. ‬مواطن عراقي‮ ‬, كان‮ ‬يصدر جريدة‮ ( ‬الحوار‮ ) ‬في‮ ‬مدينة‮ ( ‬أوبسالا‮ ) ‬السويدية‮ ‬،‮ ‬ثم أنتقل الى مكتبه الجديد الفاخر في‮ ( ‬إستوكهولم‮ ) . ‬ولم‮ ‬يعد أي‮ ‬أثر له‮ . ‬
‮-( ‬ك.س‮) .. ‬الملحق الدبلوماسي‮ ‬في‮ ‬السفارة العراقية‮ ‬،‮ ‬وهو أيضاً‮ ‬لا ذكر له ومصيره مجهول‮ . ‬
‮-(‬ج.ش‮) .. ‬امرأة عراقية وعنصر مخابراتي‮ ‬تحمل جواز لبناني‮ ‬مزور‮ ‬،‮ ‬وهناك تسريبات ربما تكون مغربية الاصل‮ ‬،‮ ‬أستخدمت كطعم للايقاع بالضحية‮ ‬،‮ ‬وهي‮ ‬محور رئيسي‮ ‬في‮ ‬ملفات التحقيق‮ ‬،‮ ‬والبحث عنها قائم من خلال نشر صورها ومعلومات عنها للاستدلال عليها‮ .‬
‮ ‬تمكنت‮ (‬ج‮) ‬وضمن سيناريو معد لها بمتابعة تحركات المقتول ماجد حسين والاماكن التي‮ ‬يرتادها‮ ‬،‮ ‬فتعرفت عليه بعلاقة أعجاب مشبوهة‮ ‬،‮ ‬وبعد فترة من الزمن والمعرفة دعته الى شقتها في‮ ‬العاصمة السويدية على وليمة عشاء وخمر وسهر‮ ‬،‮ ‬بعد ترتيب مسبق لعملية قتله والخلاص منه‮ ‬،‮ ‬حيث كان في‮ ‬انتظاره على الأقل شخصان داخل الشقة‮ ‬،‮ ‬ونفذوا به مهمتهم بنجاح وسلاسة بعيداً‮ ‬عن أي‮ ‬شبهات محتملة‮ ‬،‮ ‬وبعد أن أجهزوا على الرجل وقطعوه تركوا السويد بنفس اليوم الذين نفذوا العملية به‮ ‬يوم9 ‮ ‬كانون الثاني‮ ‬1985‮. ‬وعثرت الشرطة السويدية على جثته‮ ‬يوم‮ ‬17‮ ‬آذار‮ ‬1985‮ ‬في‮ ‬العاصمة إستوكهولم‮ .‬
‮- (‬ع.م.ح‮) ‬عنصر المخابرات العراقية والقاتل الذي‮ ‬وصل الى السويد في‮ ‬يوم‮ ‬14‮ ‬كانون الاول‮ ‬1985‮ ‬وغادر في‮ ‬9‮ ‬كانون الثاني‮ ‬1985‮ ‬يوم تنفيذ العملية برفقة جميلة الشافي‮ ‬الى العاصمة الدانماركية‮ ( ‬كوبنهاغن‮ ) ‬ومنها الى مدينة‮ ( ‬نيس‮ ) ‬في‮ ‬فرنسا‮ . ‬وأختفى أثرهما من هناك الى الان‮ . ‬
‮-(‬ع.ع.ح‮) .. ‬عنصر مخابراتي‮ ‬والقاتل الذي‮ ‬وصل الى السويد في‮ ‬يوم‮ ‬14‮ ‬كانون الاول‮ ‬1984‮ ‬بجواز دبلوماسي‮ ‬كحامل للبريد الحكومي‮ ‬،‮ ‬وغادر الى اليونان في‮ ‬يوم‮ ‬9‮ ‬كانون الثاني‮ ‬1985‮ ‬وأختفى أثره هناك ومصيره مجهول الى الآن تماماً‮ . ‬
أضافة الى محمد سعيد الصحاف سفير العراق في‮ ‬مملكة السويد اللاعب الأساسي‮ ‬في‮ ‬ملف القضية‮ . ‬
‮- (‬ن.ب‮) … ‬شاب من أهالي‮ ‬مدينة البصرة وصل للسويد للدراسة وعمل مترجماً‮ ‬في‮ ‬مبنى السفارة العراقية في‮ ‬ستوكهولم براتب‮ ‬3500‮ ‬كرونه‮ . ‬عندما أستقر‮ (‬س.ج‮) ‬في‮ ‬العاصمة السويدية‮ ‬،‮ ‬والذي‮ ‬رافق هانس ميلين في‮ ‬بغداد وقام بتنقلاته في‮ ‬المدن العراقية بسيارة‮ ( ‬التاكسي‮ ) ‬
‮. ‬دعا‮ (‬ن‮) ‬على وليمة عشاء برفقة طبيب الاسنان العراقي‮ ( ‬ف.ح‮ ) ‬في‮ ‬مطعم صيني‮ ‬في‮ ‬العاصمة‮ ( ‬إستوكهولم‮ ) . ‬فاجأ‮ (‬س.ج)الشاب‮ (‬ن‮) ‬بوثائق دامغة على عمل المخابرات العراقية وعلاقاتها الواسعة وتحركاتها على أرض السويد فوضعه تحت الأمر الواقع للعمل والتعاون معهم‮ ‬،‮ ‬وهدده في‮ ‬حالة تسريب أي‮ ‬معلومة سوف تقطع رقبتك‮ ‬،‮ ‬مثل ما فعلنا مع الآخرين‮ . ‬فلم‮ ‬يكن أمامه خيار الا التعاون مع المخابرات العراقية‮ .‬
Mohammed Al Saadi
Beider Media
www.beider-media.se
070 073 3003

أحدث المقالات

أحدث المقالات