كانت ومازالت القيم الاخلاقية هي التي تشكل المجتمع الناجح والرجل الناجح والقضية الناجحة . مع ان الحسين كان فارس ومحارب جسور , الا انه لم يتخل عن الانسانيتة رقتة الواضحة في تعامله مع الجميع حتى مع اعداءه , وكربلاء خير سجلّ حفظ لنا ماينفعنا من سيرة السيد الذي تتمنى قادة الامم لو انه كان منهم لجعلوا من تراثه صفقة رابحة .
تعود العرب على ان يحكموا على الرجال من نتاجهم القتالي لهذا لم يكن للجانب الانساني ذكر في مراثي الحسين الا مايُذكرمنه ليعزز صفات البطولة والرجولة .
نحن في ايامنا هذه بحاجة لمعرفة الجانب الانساني علَّ هذا يغير بعض طباع ابناء امتنا التي تميل الى الوحشية منها الى الادمية. وبنظرة بسيطة لتعامل الحسين مع من حوله يوم عاشوراء يمكن استخلاص دروسا اخلاقية تبني مدينة فاضلة ونفوسا طيبة :
– بعد استشهاد مسلم , نرى الحسين يَعِد حميدة ابنة مسلم بان يكون لها اباً وبناته لها اخوات . منتهى العطف والحنان. كم يتيم بيننا ؟ فهل ادخلنا السرور عليهم واشعرناهم بالامان ووعدناهم بأنّا سنعوضهم بعض مافقدوا من حنان . الحسين فعل هذا ومن يحب يقتدي بالحسين .
– قبل عاشوراء بليلة اجتمع الحسين باصحابه وقال لهم: هذا الليل قد غشيكم فاتخذوه جملا. اي اهربوا وانجوا بانفسكم, وهو يفضّل سلامة اصحابه من جيش غادر على حاجتة للناصر .
كيف نحن مع الصديق والاخ , هل قدّمناهم على انفسنا, هل حفظنا حياتهم ورزقهم وممتلكاتهم وما يضر بسمعتهم كما نحفظ ارزاقنا وممتلكاتنا وسمعتنا. من يحب الحسين يقتدي بالحسين
– يأتي غلام للحسين يريد القتال بين يديه , فيرفض الحسين ان يأذن له دون موافقة امه, رقة وعطف وتقدير لآلام الاخرين ومشاعرهم .
هل أخذ اولئك الذين يجندون الشباب والمراهقين باسم الدين لمنظمات واحزاب وحركات تعرّضهم للقتل او السجن او الاذى, موافقة اهاليهم قبل ان تصيبهم البلوى ولن يُسمَع لهم حينئذ عتب او شكوى . من يحب الحسين يقتدي بالحسين
– قُتل عبد الله الرضيع * فجاء به الحسين الى اخته زينب ولم يردّ الطفل لأمه لكي لاتفجع برضيعها. فلينظر الحسين لقساوة رجالنا وهم يلقون باللوم حتى في قضاء الله على الأم , حتى لم تعد الزوجة تعرف أتحزن لمصيبتها في ابنها ام لمظلوميتها من زوجها .
الرقة والتعامل الانساني من صفات الحسين … ومن يحب الحسين يقتدي بالحسين
– ودع الحسين عياله وافتقد سكينة ابنته وكانت منزوية في احدى زوايا الخيمة ولاترغب بوداعه الوداع الاخير, ذهب اليها, جلس عندها, تحدث اليها واحتضنها حتى ارتوت حنانا ثم بيّن لها ابعاد الامرالذي هو عليه حتى رضيت وودعته عن طيب خاطر بقلب حزين صابر .
قلّما تجد من رجالنا مَن اذا خرج لعمل او لسفر وطفله يبكي خلفه, يعود ليحتضنه فيرسم على وجهه ضحكات , بل نراه يُعرض بوجهه طالبا من الأم ان تتكفل بالامر( سكّتي ابنك ) متجاهلا حاجة الطفل لحنان الاب في تلك اللحظة بالذات .
لا نجد من رجالنا مَن يستمع لرأي زوجته في سفره وفيما اذا كان غيابه يتسبب لها باضرار , او يعرضها للخوف او الحاجة او طمع الفجّار . بل لانجد من يُذكّر اخاه المسافرالمطيل بمن ترك خلفه من عيال دون راع او حام او كفيل .
كلهم يطلبون رضا الحسين , لكن رضاه أن تجعل اهلك وعيالك قريوا عين .
– بكى الحسين يوم عاشوراء على اعداءه لانهم سيدخلون النار بحربهم له. انسانية مابعدها انسانية ,
الله ياحسين لو ترى من يجر الناس الى النار جرّا , بفتاوى ضاله او بدعة محرمة او برشوة او اِفترا , او حتى بفزعة عشائرية باطلة وما اكثر مايحدث هذا في مجتمعاتنا القبلية الجاهلة .
ليتنا كنّا نحب الحسين … فمن يحب الحسين يقتدي بالحسين .
*********
*طبقا لاحد الروايات