يمتزج تاريخ الجمهورية الإسلامية الإيرانية مع الاغتيال والاختطاف العابرَين للحدود؛ فمع بدء حكم “روح الله الخميني” لإيران في فبراير/شباط 1979 إلى يونيو/حزيران 1989، حاز اغتيال المعارضين واختطافهم شكلاً شرعياً من خلال أوامره وفتاواه الدينية.
كان رجال الجمهورية الإسلامية، أو الموكَّلون المكلَّفون بهذا الأمر، يَقومون بأعمالهم الاغتيالية والاختطافية بالارتكاز على التعاليم الإسلامية المستخرَجة من نظرية “حكم ولاية الفقيه” للخميني, ولذلك، لم يكن الاختطاف والاغتيال مهمة حكومية وحسب بل هو واجب ديني من وجهة نظرهم.
وقد سبق لموقع “إيران وير” أن نَشر لائحة بأسماء من طالتهم يد الاغتيال من معارضي الجمهورية الإسلامية خارج إيران من دون ذكر التفاصيل, وتم إعداد اللائحة التالية من المصادر المعتمَدة وكتب المذكرات وتقارير وسائل الإعلام والصحافة وبيانات وتصريحات عوائل الضحايا والأحكام الصادرة عن المحاكم؛ وبالطبع فقد لا تتضمن جميعَ حالات القتل ومحاولات القتل التي قام بها النظام الإيراني، فربما تكون هناك حالات لم تَبق أثار تدلّ عليها. لكن ما يَرِد هنا هو جزء لا يمكن التنكر له من التاريخ الدموي في العقود الأربعة الأخيرة من عمر نظام الجمهورية الإسلامية.
لطالما تحدث النظام الإيراني عن ضرورة تصفية معارضيه وعن ضرورة اغتيال الشاه محمد رضا بهلوي في الأشهر الأولى من تأسيس الجمهورية الإسلامية حين كان الشاه ما يزال على قيد الحياة.
وإن تكرار طريقة القتل ومحاولة القتل في استهداف الإيرانيين المعارضين، سواءٌ الحالات التي أعلن عنها المسؤولون الإيرانيون في طهران أم الحالات التي كشفت عنها تحقيقات الشرطة المحلية وأحكام المحاكم، هو علامة على ضلوع النظام الخاضع للخميني بهذه الكوارث.
هذا التقرير هو الجزء الأول من الجدول الزمني لحالات الاغتيال والاختطاف في تاريخ نظام الجمهورية الإسلامية؛ وهو يتناول اغتيال المعارضين في عهد الخميني. إن الاغتيالات والاختطافات ضد المعارضين السياسيين للجمهورية الإسلامية في عهد الخميني الذي استغرق 10 سنوات وارتكزت على آرائه الفقهية، استهدفت في معظمها بقايا عهد الشاه وعلى الخصوص رجال العسكر الإيرانيين وبعض أعضاء “منظمة مجاهدي خلق” و“منظمة فدائيي خلق” فرع “الأقليات”.
فقهياً، كان الخميني يرى أن هؤلاء يَعملون ضد الحكومة الإسلامية. وتأسيساً على نظريته فإن ولاية الفقيه استمرار لحكومة أولاد نبي الإسلام، والحكم الفقهي لكلّ مَن يناهض هذه الحكومةَ هو الموت.
في تقريرين شاملَين آخرين، سوف يتطرق إيران وير إلى حالات القتل في عهد المرشد الأعلى “علي خامنئي” وحالات الاختطاف في الـ43 سنة الأخيرة.
اغتيال شهريار شفيق في 7 ديسمبر/كانون الأول 1979
شهريار شفيق هو ابن “أشرف بهلوي”، أخت الشاه محمد رضا بهلوي، وضابط رفيع في البحرية الإيرانية. تم اغتيال شفيق في مكان إقامته في باريس. كان من أوائل ضحايا اغتيالات النظام الإيراني العابرة للحدود.
فشل اغتيال شابور بختيار في 18 يوليو/تموز 1980
آخر رئيس وزراء إيراني قبل ثورة 1979. بعد خروجه من إيران وانهيار الملكية الشاهية أقام في باريس. قام مبعوثو الجمهورية الإسلامية، الذين تمت محاكمتهم في العاصمة الفرنسية في ما بعد، بمحاولة اغتياله لكنها باءت بالفشل. ولقي شرطي فرنسي وأحد جيران بختيار مصرعَهم في هذا الهجوم.
“أنيس النقاش”، المواطن اللبناني المتعاون مع النظام الإيراني ضمن كيان “حزب الله”، كان المتهمَ الرئيسي في هذا الاغتيال، وتحدث أكثر من مرة عن دافعه وراء اغتيال شابور بختيار علناً. حُكِم عليه في باريس بالسجن المؤبد لكن الرئيس الفرنسي “فرانسوا ميتران” أصدر عفواً عنه، فعاد إلى إيران، حيث تحدّث النقاش عن مخططه في اغتيال بختيار وأعرب عن أسفه في فشله. كان يشارك في المراسم الرسمية للنظام الإيراني بما فيها اجتماعات وزارة الخارجية بصفته خبيراً في القضايا الخارجية.
اغتيال علي أكبر طباطبائي في 22 يوليو/تموز 1981 في واشنطن
كان علي أكبر طباطبائي المستشارَ الصحفي للسفارة الشاهنشاهية الإيرانية في الولايات المتحدة الأمريكية. قاتله هو “ديفيد تيودور”، الذي كان قد اعتنق الإسلام قبل الثورة الإسلامية إثر تعرُّفه إلى الطلاب المؤيدين للخميني في أمريكا، وغيّر اسمه إلى “داود صلاح الدين”. بعد انتصار الثورة الإسلامية وإغلاق السفارة الإيرانية في واشنطن، تم تعيينه في منصب الحارس الشخصي في مكتب رعاية مصالح الجمهورية الإسلامية في الجزائر. بعد اغتياله طباطبائي، فرّ قاتله إلى إيران التي ما يزال يُقيم فيها إلى اليوم. في العام 2001، أدى صلاح الدين دوراً في فيلم “السفر إلى قندهار” للمخرج “محسن مخملباف”. لم تَكن هناك أي متابعة قضائية تَنتهي إلى ملاحقة القاتل والآمرين في عملية الاغتيال هذه.
اغتيال شاهرخ ميثاقي في 14 يناير/كانون الثاني 1982 في مانيلا
كان شاهرخ ميثاقي عضواً في منظمة فدائيي خلق. قُتِل بالسلاح الأبيض في مانيلا، عاصمة الفلبين. وحدث هذا الاغتيال في إحدى أبعد النقاط عن إيران. ولم تَتشكل أي محكمة حول هذا الاغتيال.
اغتيال شهرام ميراني في 8 يونيو/حزيران 1982 في الهند
كان شهرام ميراني طالباً كردياً وعضواً في فرع الأقليات في منظمة فدائيي خلق التي لم تَكن تَقبل الجمهورية الإسلامية خلافاً للأكثرية في المنظمة نفسها. قُتِل شهرام ميراني بالسلاح الأبيض. في زيارة للرئيس الإيراني “أكبر رفسنجاني” إلى الهند، طالب بالإفراج عن المشتبَه بهم. وتحت تهديدات النظام الإيراني بإلغاء بعض الاتفاقيات التجارية مع الهند، استجابت الأخيرة لمطالب رفسنجاني. وعملياً لم تَنعقد أي محكمة للتحقيق في هذا الاغتيال مع تدخّل النظام الإيراني المباشر فيه وإطلاقه التهديدات.
اغتيال أحمد زوالأنوار في العام 1983 في كراتشي
كان أحمد زوالأنوار زعيماً سياسياً في محافظة سيستان وبلوشستان، لكنه يُقيم في باكستان للظروف غير المناسبة في إيران. تم استهدافه بمحاولة اغتيال في العام 1983، ولقي حتفه. لم يُسجَّل التاريخ الدقيق لاغتيال زوالأنوار كما لم يتم تشكيل أي محكمة بهذا الخصوص.
اغتيال عبد الأمير راهدار في 29 سبتمبر/أيلول 1982 في بنغالور
كان عبد الأمير راهدار قائداً في الحركة الطلابية المعارضة لنظام الجمهورية الإسلامية، ويُقيم في الهند. تم استهدافه في بنغالور فلقي مصرعه. لم يُنشَر أي تقرير عن عقد محكمة ولا حتى ملاحقة للمشتبَه به في هذا الملف.
اغتيال غلامعلي أويسي في 7 فبراير/شباط 1985 في باريس
كان الفريق “غلامعلي أويسي” ضابطاً رفيعاً في الجيش الإيراني، وكان القائد العسكري لطهران في أغسطس/آب 1978. في الذكرى السنوية الخامسة لانتصار الثورة الإسلامية تم اغتياله برفقة أخيه في باريس بإطلاق النار عليهما. تبنت هذه العمليةَ حركةُ “الجهاد الإسلامي” بزعامة “عماد مغنية”، المواطن اللبناني الذي تزوج في ما بعدُ من أسرة “قاسم سليماني”، قائد “فيلق القدس”، الذراع الخارجية للحرس الثوري الإيراني. وبقي عماد مغنية ملاحَقاً، وفي نهاية المطاف تم اغتياله في هجوم إسرائيلي في سوريا.
اغتيال بهروز شاهوردي لو في 16 أغسطس 1985 في إسطنبول
كانت رتبة بهروز شاهوردي لو رفيعة في الجيش الإيراني، وانتمى إلى “حركة المقاومة الوطنية” بعد الثورة الإسلامية. حين تم اغتياله في تركيا كان لاجئاً سياسياً. لم تَنعقد محكمة بخصوص اغتياله.
اغتيال ميرمنوت بلوش في 9 سبتمبر 1985 في كراتشي
كان ميرمنوت بلوش نائباً في برلمان بلوشستان، لكنه يُقيم في باكستان بسبب التهديدات التي يشعر بها في ظل نظام الجمهورية الإسلامية الإيرانية. لم تتشكل محكمة حول عملية الاغتيال هذه، ولم تتم ملاحقة المشتبَه بهم المحتمَلين.
اغتيال العقيد هادي عزيز مرادي في 23 ديسمبر 1985 في إسطنبول
كان هادي عزيز مرادي ضابطاً في القوات الخاصة في الجيش الإيراني، ويُقيم في تركيا بعد الثورة الإسلامية. لم يتم نشر أي تقرير حول ملاحقة احتمالية للمشتبَه بهم في اغتياله، كما لم تُقَمْ أي محكمة بهذا الشأن.
اغتيال علي أكبر محمدي في 16 يناير 1986 في هامبورغ
كان علي أكبر محمدي حارساً شخصياً لأكبر هاشمي رفسنجاني، ولاذ بالفرار من إيران إلى ألمانيا الغربية. بعد 17 عاماً من اغتياله في هامبورغ، أعلن أخوه، “سعيد محمدي”، أنه إثر فرار مسؤول رفيع من وزارة الاستخبارات الإيرانية إلى ألمانيا وفضح بعض الأمور حول عملية اغتيال أخيه وكذلك اغتيال “فريدون فرخزاد”، فإن الادعاء العام الألماني يُفضِّل فتح هذا الملف مرة ثانية. قبل اغتياله، وصف علي أكبر محمدي خروجَه من إيران احتجاجاً شخصياً على الحرب الإيرانية العراقية.
محاولة اغتيال رضا فاضلي ومقتل بيجن فاضلي في 19 أغسطس 1986 في لندن
إبّانَ تفخيخ مَتجر إيراني وسط لندن استَهدف “رضا فاضلي”، مدير قناة تلفزيونية معارضة للنظام الإيراني، راح “بيجن فاضلي”، ابن رضا، ضحية هذا التفجير. لم تتابع الشرطة البريطانية هذا الاغتيال متابعة جادة، كما لم تتشكل أي محكمة بهذا الخصوص.
محاولة اغتيال أحمد حامد منفرد في 19 أغسطس 1986 في إسطنبول
كان أحمد حامد منفرد ضابطاً رفيعاً في الجيش الإيراني، وفي فترة من الفتراة حارساً شخصياً للشاه محمد رضا بهلوي، وأصبح لاجئاً في تركيا بعد الثورة الإسلامية. لم تتشكل محكمة بخصوص عملية اغتياله.
اغتيال فرامرز آقائي وعليرضا بورشفيع زاده في 7 يوليو 1987 في باكستان
كان فرامرز آقائي وعليرضا بورشفيع زاده عضوين في منظمة مجاهدي خلق، ويُقيمان في باكستان لاجئين سياسيَّين. تم اغتيالهما في عمليات متزامنة في يوم واحد في كويته وكراتشي في باكستان. تم اعتقال 9 أشخاص إثر هذا الهجوم وصفتْهم باكستان بأنهم مرتبطون بالحرس الثوري الإيراني لكن لم يتم الكشف عن هويتهم.
محاولة اغتيال أمير حسين أمير برويز في 7 يوليو 1987 في لندن
كان أمير حسين أمير برويز وزير الزراعة قبل الثورة الإسلامية، والمخطِّطَ لاستصلاح الأراضي الزراعية في عهد الشاه محمد رضا بهلوي. وقعت محاولة اغتياله الفاشلة في لندن من خلال زرع عبوة ناسفة في سيارته الشخصية. تزامن تاريخ هذه المحاولة مع الاغتيالَين اللذين حدثَا في باكستان. لم تتشكل أي محكمة بخصوص هذه العملية.
الاختطاف ومقتل حميد رضا جيتكر في مايو/أيار 1987 في باريس
كان حميد رضا جيتكر عضواً في “حزب العمال” الإيراني، ويَعمل في “جامعة لويس باستور” في ستراسبورغ الفرنسية. اختفى في 19 مايو 1987، وتم العثور على جثته بعد ذلك بشهرين. لم يتمّ اعتقال أو محاكمة العناصر الذين نفّذوا هذا الاغتيال.
محاولة اغتيال أحمد مرادي في 24 مايو 1987 في جنيف
تم استهداف العقيد والطيّار في القوات الجوية في الجيش الإيراني في جنيف السويسرية، لكن محاولة اغتياله باءت بالفشل، ونجا أحمد مرادي منها. لم تتشكل أي محكمة بهذا الخصوص.
اغتيال بهروز باقري في 10 أغسطس 1987 في باريس
كان بهروز باقري معارضاً للجمهورية الإسلامية ويقيم في فرنسا. وقع اغتياله في باريس إثر قذف القنبلة عليه. ليس في وسائل الإعلام أيُّ تقرير عن ملاحقة قضائية للعناصر الدخيلة في عملية الاغتيال هذه.
اختطاف عبد الحسين الحكومة الايرانيةمجتهد زاده في نوفمبر/تشرين الثاني 1988 في تركيا
كان عبد الحسين مجتهد زاده عضواً رفيعاً في منظمة مجاهدي خلق. وتم العثور عليه فاغرَ الفم في نوفمبر 1988 في الصندوق الخلفي لسيارة تابعة للسفارة الإيرانية كانت تنطلق باتجاه إيران. حينها تم طرد السفير الإيراني “منوجهر متكي” في أنقرة، لكنه تبوّأ في ما بعد منصب وزير الخارجية. ولم تتشكل أي محكمة حول مختطفِي مجتهد زاده بسبب الحصانة السياسية التي يتمتعون بها.