23 ديسمبر، 2024 6:55 م

بينَ كاتم الصوت و عادم الصوت

بينَ كاتم الصوت و عادم الصوت

لا ريبَ أنْ شتّانَ ما بينَ ” الكاتم ” الذي يعدم !. وما بينَ ” العادم ” الذي يكتم !. , بل أنَّ مجالَ المقارنةِ بينهما معدومٌ .. معدومٌ .. معدومْ – صوتيّاً وبدونه – , وإذ من المتعارف عليه أنَّ – عادم الصوت – الذي يقع في اسفل مؤخرة ايّة عجلة او مركبه يتولّى مهمة نقل نتاج عملية  الأحتراق في محرّك السيارة الى الخارج عبر إخراج الأدخنة الناتجه عن ذلك , بالإضافة الى مهمة خفض الصوت المتسبب جرّاء هذه العملية ” وهذه تفاصيلٌ لسنا بصددها الآن ” , بينما السيّد المُتَسيّد ” كاتم الصوت ” فيأخذ على عاتقهِ مهمّة إخفاء صوت الطلق الناري للسلاح اثناء عملية الإغتيال , والتي تنتشر في الساحه العراقية والتي لا مثيل لها في ساحات الدول المتخلّفة والنامية و غيرها , إلاّ في عمليات الموساد الخاصة والنادرة .. وقد كانت معرفة الناس بكاتمِ الصوتِ قد إبتدأت خلال النصف الثاني من القرن الماضي مُتأتّيةً من  الأفلام السينمائية البوليسيه وبعض المسلسلات التلفزيونية , ولا سيّما من أفلام جيمس بوند وغيرها , ولمْ يكن متداولاً كثيرا على الألسن , لكنّ كاتم الصوت هذا قد أطلَّ برأسه وبرزَ اكثر نسبياً وبمحدودية نادرة اثناء الحرب الأهلية اللبنانية في ربع القرن الماضي اثناء محاولات لأغتيال بعض قادة المقاومة الفلسطينية آنذاك , ثم كادت تنقطع اخباره في وسائل الإعلام بعد انتهاء الحرب اللبنانية .. لكنّما بعد الأحتلال الأمريكي للعراق فقد استخدمه الأمريكان بصورة محدودة جدا ليس في الأغتيالات وإنما في قتل بعض اعضاء المقاومة العراقية اثناء مداهمة بيوتهم  وبعد وصول معلومات استخبارية عن اماكن تواجدهم , لكنّ ذلك جرى من دون إشارةٍ في وسائل الإعلام العراقية وغير العراقية , لكنّ الأنتشار المحدود لمثل هذه الأخبار , كانت مصادره منقولةً عن شهودِ عيانٍ فقط وعِبرِ الأهالي . إنّما بعد انسحاب القوات الأمريكية من العراق قبل نحو سنتين , فقد كان هنالك حضورٌ بارزٌ وفعّال لكاتم الصوت من كلتا الناحيتين الميدانية والإعلامية .! , فقد غدت عمليات الأغتيال تنتشر بكثافة وما فتئت وما برحت وصارت  اذاعتها في نشرات الأخبار وكأنها شيءٌ طبيعيٌ لا يشدّ الأعصاب ولا يلفت الأنظار .! بل أنَّ استخدامات ” الكاتم ” المتكوّن من آلةٍ اسطوانية الشكل يجري تركيبها على ” سبطانة المسدس ” عند تنفيذ ايَّ اغتيالٍ , قد تطوّر فيها هذا الأستخدام  وطرأ عليه عملية تحديث .! وذلك بأستبدال هذه الآلة الى اخرى يجري تركيبها على ” الرشّاشة القصيرة  المسمّاة ب : الغدّاره ” والتي يُستخدم فيها رصاص من عيار 9 ملّم , وذلك وذلك بغية إطلاق الرصاص على الشخص المستهدف ” صليا ” لضمان تكامل عملية القتل او الأغتيال بنسبة مئة بالمئة , ولسرعة اطلاق الرصاص  ايضا …. وبالعودةِ الى ” عادم الصوت ” الذي امسى واضحى سماع اصواته المختلفة والحانهِ غير الرقيقه , وبنغماتٍ و درجاتٍ صوتيةٍ نشازيّةٍ متفاوته حسب حجم المركبة او الشاحنه فأنه في الدول الأوربية والمتقدمة فأنّ قيادة عجلةٍ يكونُ عادمُ الصوتِ فيها مُعطّلاً فأنه يعتبر خدشاً للأسماعِ او المسامع , ثمّ يترتّب على صاحب المركبة مخالفةٌ مروريةٌ وغراماتٌ ماليّه . لكنَّ من اغرب الغرائب واعجب العجائب أنّ تلك الدول الصناعية المتطوّرة لمْ تُفكّر وربما لمْ يخطر على بالها صناعة او تصنيع عادمَ صوتٍ خاصٍّ للدرّاجات البخارية البارزة اصواتها ” إلاّ اذا كان هكذا اختراعٌ موجود بالفعل ولمْ تصل اخبار هذه التكنولوجيا الينا بعد .! ” – رغمَ شديد تحفّظاتي على استخدام تعبير ” الدرّاجة البخارية ” في اللغة العربية , إذ ليس البخار هو ما توصف به هذه الدرّاجة – بينما  انّ التسمية المعتادة في دول العالم هي ” موتور سايكل ” وذلك لتمييزها لغويّاً عن مفردة  BICYCLE  , ومع الأخذ بنظر الأعتبار أّنّ اللغة العربية لا تخلو من مصطلحاتٍ اجنبيةٍ علميةٍ مستحدثه … و بِعَودٍ ثانٍ الى ” الكاتمِ والعادمِ ” ولكن من زاويةٍ اخرى , حيث التصوّرات العامة توحي بأنّ العلاقة بين ” الأثنين ” تكمنُ فقط في الجانب الفنّي لعملية إخفاء الصوت , وأنْ لا علاقةَ ثانية تجمعُ بينهما ” سواءً شرعية او غير شرعية .! ” , فأرى أنَّ علاقةً اخرى وطيدةً ومتينه تجمع بينهما بل تكادُ توّحدهما .!! إنّها : – علاقة الأشتقاق اللغوي – , فهذين التعبيرين  ” كاتمُ الصوتِ و عادمُ الصوتِ ” منقولين او مترجَمين عن الأنكليزية , فيعود جذر او اصل التعبير الى كلمة   SILENCE التي تعني ” صمت , سكون , هدوء ” وتُستَخدَم بصيغتي الفعل والأسم , ثُمّ يُشتق منها كلمة  SILENCER  التي تعني ” مُخمد الصوت , المُسكت , عادم الصوت ” وما أن يُضاف لها كلمة – سلاح – فتتحوّل  الى ما تعنيه بالعربية ” كاتم الصوت ” , وهنا ندعو الله تعالى أنْ يكتم هذا الكاتم ويُكتم انفاسه اينما وحيثما كان …