قبل شهر من الانتخابات .. المبعوث الأممي لـ”ليبيا” يستقيل بشكل مفاجيء ليترك فراغ دبلوماسي يؤثر على العملية السياسية !

قبل شهر من الانتخابات .. المبعوث الأممي لـ”ليبيا” يستقيل بشكل مفاجيء ليترك فراغ دبلوماسي يؤثر على العملية السياسية !

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

قبل الانتخابات الليبية بشهر واحد فقط، وبعد أقل من عامه على تسلمه مهام منصبه كرئيس لبعثة “الأمم المتحدة” للدعم في “ليبيا”، أعلن مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا، “يان كوبيش”، مساء الثلاثاء، استقالته من منصبه بصورة مفاجئة، بينما لم يُقدم أي سبب رسمي في الوقت الحالي لهذه الاستقالة.

الاستقالة لم تكن مفاجئة..

فيما أكد المتحدث الرسمي باسم الأمين العام للأمم المتحدة، “ستيفان دوجاريك”، في إحاطة إعلامية نشرت على موقع “الأمم المتحدة” الرسمي؛ أن المبعوث الخاص للأمين العام إلى “ليبيا”، قد قوبلت استقالته من قبل الأمين العام للأمم المتحدة، “أنطونيو غوتيريش”، مؤكدًا أن: “الاستقالة لم تكن مفاجئة”.

وأكد أن: “غوتيريش؛ يعمل على إيجاد البديل المناسب لكوبيش”، قائلاً: “نعمل بأسرع ما يمكن لضمان استمرارية القيادة”.

ونفى “دوجاريك” أن يكون قد نشب أي خلاف بين الأمين العام، “أنطونيو غوتيريش”، قبل الاستقالة، لكنه قال إن استقالة “كوبيش” لم تكن مفاجئة بالكامل.

وأضاف إن: “دوجاريك؛ لن يترك مقعده، وسيبقى في منصبه في الوقت الحالي ويعتزم إطلاع مجلس الأمن اليوم على التطورات في ليبيا”.

أكد على خروج جميع المقاتلين والمرتزقة..

وكان “يان كوبيش”، قد تسلم رسميًا، مهام منصبه كمبعوث خاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى “ليبيا”، مطلع شباط/فبراير الماضي، وجاء تعيينه بعد شغور المنصب، في شهر آذار/مارس 2020، عقب استقالتين متتاليتين لمبعوثين سابقين؛ هما: “غسان سلامة”، والبلغاري، “نيكولاي ملادينوف”.

وكان المبعوث الأممي إلى “ليبيا” قد أكد أن على جميع المرتزقة والمقاتلين الأجانب مغادرة “ليبيا”، طبقًا لقرارات “الأمم المتحدة”.

وأوضح “كوبيش”، خلال إحاطته أمام “مجلس الأمن الدولي” حول المستجدات في “ليبيا”، مؤخرًا، أن: “المقاتلين الأجانب والمرتزقة في ليبيا لا يُشكلون خطرًا على ليبيا فقط؛ بل على كل المنطقة”.

و”يان كوبيش”؛ هو دبلوماسي سلوفاكي؛ كان يعمل المنسق الخاص لـ”الأمم المتحدة” في “لبنان”، منذ كانون ثان/يناير 2019، وحاصل على شهادة في العلاقات الاقتصادية الدولية من “معهد موسكو” الحكومي للشؤون الدولية.

استقالة سابقة مماثلة..

استقالة “كوبيش” جاءت عقب موقف مشابهة، حيث قدم المبعوث السابق، “غسان سلامة”؛ استقالته أيضًا بشكل مفاجيء، وكان “سلامة”؛ عيَّن في حزيران/يونيو 2017، ممثلاً خاصًا للأمين العام للأمم المتحدة في “ليبيا”، ورئيسًا لبعثة الأمم المتحدة في البلاد خلفًا لـ”مارتن كوبلر”.

وأعلن “سلامة”، مطلع آذار/مارس 2020، عن استقالته من مهامه بسبب مشاكل صحية، وعرفت فترة توليه للبعثة الأممية في “ليبيا” بالعصيبة، لا سيما بعد اندلاع حرب “طرابلس”، في نيسان/إبريل 2019، ومن أبرز جهوده في الأزمة الليبية، مساعِ إقامة حوار شامل بين أطراف الأزمة عُرف بالملتقى الجامع (ملتقى غدامس)، ومساهمته أخيرًا في التمهيد لملتقى الحوار السياسي بـ”جنيف”.

تترك فراغ دبلوماسي..

مجلة (فورين بوليسي) الأميركية؛ ذكرت الأربعاء، أن استقالة مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى ليبيا، “يان كوبيش”، فجأة من منصبه كأكبر محلل دولي في الدولة الواقعة في شمال إفريقيا، تترك فراغًا دبلوماسيًا قبل أسابيع فقط من الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المثيرة للجدل في “طرابلس”.

ورأت المجلة – على موقعها الإلكتروني – أن إعلان الاستقالة وجه صفعة لجهود المجتمع الدولي في تحقيق الاستقرار في “ليبيا”؛ وتسهيل الانتخابات في محاولة لإنهاء عقد من الفوضى والعنف، مضيفة أن هذه الخطوة تأتي بعد أن ضغط زعماء العالم، بمن فيهم المستشارة الألمانية، “أنغيلا ميركل”، ورئيس الوزراء الإيطالي، “ماريو دراغي”، ونائبة الرئيس الأميركي، “كامالا هاريس”، على الليبيين للمضي قدمًا في: “انتخابات رئاسية وبرلمانية حرة ونزيهة وشاملة وذات مصداقية”، في 24 كانون أول/ديسمبر المقبل.

مؤشر على إنهيار الأمور خلف الكواليس..

ونقلت المجلة عن “توماس هيل”، الخبير في قضايا شمال إفريقيا في المعهد الأميركي للسلام قوله: “أن الأمور يجب أن تسير على ما يرام، لكن قد يكون انسحاب، كوبيش، الآن مؤشرًا على أن الأمور تنهار خلف الكواليس”، مشيرة إلى أن “مجلس الأمن”، التابع لـ”الأمم المتحدة” – الذي تمزقه انقسامات القوى العظمى بين “الولايات المتحدة” و”روسيا” – ظل يكافح منذ ما يقرب من عامين للحفاظ على قيادة متسقة لـ”الأمم المتحدة” في “ليبيا” بعدما أبتليت بحرب أهلية وفساد وانقسام سياسي منذ تدخل الـ (ناتو)؛ بقيادة “الولايات المتحدة”، في عام 2011، والذي أدى إلى سقوط الرئيس الليبي، “معمر القذافي”، الذي أعدمته الميليشيات في الشوارع.

فشل في إدارة البعثة..

وإلى ذلك يقول المحلل السياسي الليبي، “أحمد المهدوي”؛ إن الاستقالة تُعبر عن فشل المبعوث الأممي، “كوبيش”؛ في إدارة البعثة، خصوصًا، وأنه لم يكن له إضافة في الملف الليبي، وإنما كان استمرارًا لما وضعه المبعوث الأسبق، “غسان سلامة”، والسابقة، “ستيفاني وليامز”.

مخاوف من انفجار الوضع..

وأوضح “المهدوي”، أن “كوبيش”؛ يخشى انفجار الوضع في “ليبيا”، بعد معركة الطعون الأيام القادمة، والتخوفات مما وصفه: بـ”تلاعب” المجلس الأعلى للقضاء وإنحيازه لبعض المرشحين، وخاصة بعد التعديل الأخير فيما يخص باب الطعون، مؤكدًا أن “كوبيش” تخوف تحمل المسؤولية، حال سوء الأوضاع، فآثر الانسحاب.

وحول تأثير الإقالة على خارطة الطريق الأممية، قال المحلل الليبي، إنه ليس هناك تأثير ملموس؛ لأن الخارطة تنتهي باستحقاق 24 كانون أول/ديسمبر المقبل، بإجراء الانتخابات الرئاسية.

تتوقف على كيفية تعامل الأمم المتحدة معها..

وتوقع المحلل الليبي، “أيوب الأوجلي”، تأثيرًا لاستقالة “كوبيش” على سير العملية السياسية في البلاد، والتي تُشرف عليها وترعاها البعثة الأممية، إلا أنه قال إن الفيصل في هذا الملف سيكون الطريقة التي سيتعامل بها الأمين العام للأمم المتحدة ومدى سرعة تعيين مبعوث جديد للمحافظة على المكاسب التي تم تحقيقها حتى الآن.

موضحًا أن الآثار السلبية لهذه الاستقالة ستتوقف على كيفية تعامل “الأمم المتحدة” معها، ومحاولتها إبقاء الوضع في “ليبيا” تحت السيطرة، لا سيما وأن العد التنازلي للانتخابات أوشك على الإنتهاء، فيما ستشهد الأيام المقبلة آخر محاولات للمعرقلين.

تشابك ملفات الأزمة..

وأشار المحلل الليبي؛ إلى أنه رغم الغموض الذي أنتاب هذه الاستقالة، إلا أنها جاءت بسبب تشابك ملفات الأزمة الليبية والتي تُسبب ضغطًا كبيرًا على كل من يتولى هذا الملف، خاصة مع ما وصفه: بـ”الإرتباك الأخير” في المشهد و”التوتر” الذي ستشهده الأيام المقبلة.

وحول السيناريوهات المقبلة، قال “الأوجلي”، إن ما سيحدث في الأيام المقبلة؛ سيتوقف على موقف الدول الداعمة للانتخابات، وعلى رأسهم “الولايات المتحدة”؛ مؤكدًا أن موقف هذه الدول سيكون أهم من أي موقف لأي مبعوث أممي.

موقف مُحرج للبعثة الأممية..

وحول كواليس الاستقالة، قال المحلل الليبي، “حسين المسلاتي”، إن البعثة الأممية أصبحت في موقف حرج، عندما تقدم رئيس حكومة تصريف الأعمال، “عبدالحميد الدبيبة”؛ للترشح لرئاسة “ليبيا”، بالمخالفة للتعهد الذي وقعه برعاية “الأمم المتحدة”، في “جنيف”، في شباط/فبراير الماضي، بعدم الترشح لأي مناصب في المرحلة المقبلة.

وأوضح المحلل الليبي، أن خطوة “الدبيبة” ومساعي تنظيم “الإخوان المسلمين”، وضعت المبعوث الأممي في موقف محرج، مشيرًا إلى أن بعض الأطراف بدأت تتلاعب بالقانون لإقصاء أطراف أخرى، ما قد يُعرقل عمل المبعوث الأممي، والذي آثر المغادرة.

وأكد “المسلاتي”، أن الاستقالة عكست بشكل مباشر تخوفات البعثة الأممية والمبعوث الأممي من تيار الإسلام السياسي وتنظيم “الإخوان”، متوقعًا أن تكون الأمور خرجت عن السيطرة.

وحذر المحلل الليبي من أن عدم إلتزام تيار الإسلام السياسي وتنظيم “الإخوان” بالمسارات المحددة للعملية السياسية ومخالفتها بشكل صريح، بالإضافة إلى تداخل المال الفاسد، قد يُعيد “ليبيا” إلى المربع الأول وهو مربع الحرب.

أكثر المبعوثين حيادية..

في هذا الموضوع؛ قال الدبلوماسي الليبي، “ناصر الدعيسي”، إن “يان كوبيش”: “فاجأ الجميع باستقالته”، موضحًا أن هناك احتمالات كثيرة في سبب الاستقالة منها أنه وصل إلى: “حائط مسدود” في التعامل مع بعض الأطراف الليبية والدولية حيال قضية الانتخابات.

ولفت إلى أن: “يان كوبيش؛ كان من أكثر المبعوثين حيادية في التعامل مع الأطراف ولم يتورط في الإنحياز لطرف، ولكنه واجه قضية حادة ولم يرضخ في تنفيذ ملف معين”.

عدم نية لحل الصراع..

من جهته؛ قال الكاتب والمحلل السياسي، “عبدالحكيم فنوش”، إن: “توقيت استقالة، يان كوبيش، كان هو المفاجيء، بحكم أنه كان هناك تحفظات كثيرة من قبل أطراف دولية على الدور الذي يقوم به، ورفضه الإقامة في مقر البعثة بطرابلس وإصراره على البقاء في سويسرا”.

مشيرًا إلى أن: “الضغوط الدولية الخارجية لعبت دورًا في استقالة المبعوث الأممي”.

أما الكاتب الصحافي، “محمد فتحي”، فأرجع سبب استقالة، “كوبيش”، لنفس أسباب، “غسان سلامة”؛ وهي: “عدم نية الدول المتداخلة في الشأن الليبي حل الصراع من المتنازعين على السلطة وأن العملية الانتخابي هي عبارة عن تزويد للأزمة واستمرارها”.

وشدد على أن: “المبعوثين الأمميين يأتون بخطة محددة موضوعة من قبل الدول المشاركة في الصراع، ولذلك أراد كوبيش الخروج من الإشكالية وعدم المشاركة في المعضلة السياسية”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة