بعد أن أخذ منّا العمر مأخذه، وسار بنا قطاره دون أن نشعر، لا زالت تلك الذاكرة النشطة تحتفظ بالذكريات، ونشيد الصباح المنادي فلسطين عربية..
كلما عاد بنا الزمان للوراء، يعتصرُنا الالم ونرى بين الحين والآخر، وبعيوننا وقلوبنا وفلسطين تضيع، وتكاد تتحول كما أرادتها القوى الاستعمارية دولة لليهود.. اؤلئك المستعمرين الذين جاءت بهم بريطانيا، لتهبهم ما لا تملك دون مقابل!
ما يزيد الطين بلّة أن ما يسمون أنفسهم عرباً، يهرولون صوب التطبيع، ليصادقوا ويصادقوا أكثر أن فلسطين، دولة لليهود وليس للفلسطينيين .
أناشيد فيروز “أجراس العودة” وأم كلثوم “أصبح الآن عندي بندقية” ومحمد عبد الوهاب “فلسطين داري” الحماسية قد نسيت وكأنها غير موجودة، ولم تبقى سوى في ضمائر الأحرار، وأمنيات أهل الارض بصحوة ضمير العرب، لتحريرها من براثن العدو المحتل قد ولت الى غير رجعة، التي قد تتصاعد في أيامنا، خاصة بعد الخسائر التي مني بها الجيش الامريكي، وخصوصا في أفغانستان والهروب المذل .
فقط محور المقاومة ودولة إيران الإسلامية، هم من يطالبون بالحقوق، وهذه المرة ليست بالشعارات، بل بالسلاح المعلن، وما تحرير الجنوب اللبناني على يد أبطال المقاومة الا البداية، ولا نريد التذكير بأن إسرائيل اليوم تخشى هذا السلاح، الذي جربت بأسه عام الفين وستة، حتى بدأ العدو يتوسل لإنهاء الحرب التي خسرها أمام اؤلئك الابطال، الذي أذلوا هذا التكبر والتعالي الصهيوني أيما مذلة، ولهذا اليوم تسعى أمريكا بأموال النفط الخليجي، لمعاقبة رأس المحور “ايران” وباقي من يؤيد ذلك المحور .
لضمان بقاء هذا الكيان الغاصب نرى ومن خلال دهاليز السياسة، إعترافات من هنا وهناك أن اسرائيل شاركت، وفي أكثر من مكان، بضرب محور المقاومة، مرة في سوريا وأخرى في العراق، وغيرها في اليمن، والإغتيالات تسير على قدم وساق، تستهدف الأبطال في أكثر من مكان وبتغطية من أمريكا، وما أن يتم طرح موضوع في مجلس الأمن الدولي لإدانة اسرائيل، ترى الجانب الأمريكي المتصدي للفيتو، الذي ينهي الجدل حول الإدانة، وكان الأجدر بالعرب الاستنكار أو موقف ولو بالكلمة .
لم نسمع في يوم من الأيام أن جنديا خليجيا، قد شارك في حرب ضد اسرائيل ولو لوجستياً، ولننسى العسكرية منها.. وقد عرف الفلسطينيون من هم الأبطال الذين قاتلوا بصدق، في سبيل تحرير الأرض، لكن الخيانات العربية حالت دون تحريرها..
العذر من أكبر دول العرب، أنهم إذا لم ينصاعوا ستقوم أمريكا بضربهم بقنبلة نووية، وهو الذي لم يصمد أكثر من ستة أيام، أمام جيش تعداده أقل من أصغر مدينة في بلده، واليوم السفراء في كلا الدولتين، فمن المعيب إدعائها الإنتساب لأمة العرب .
بريطانيا تتجه بوضع حركة حماس على لائحة الإرهاب، بدعوى «حماية الجالية اليهودية» و«مكافحة اللاسامية»، وهذا الدور ليس بغريب على المتلقي العربي، وهو بالأساس إستكمال للدور الأمريكي وإرضاء للمحتل، كما لا يغيب عن ذاكرتنا أنها هي من أعطت فلسطين لليهود، وفق وعد بلفور المشؤوم، بتأييد ملك الحجاز وبخط يده، وبإقرار منهُ حتى تقوم الساعة.. ولا نعرف من الذي وضعهم قوامين على أرض قبلة المسلمين!
لم يبقى أمام الفلسطينيين، سوى النظر صوب دول محور المقاومة، وهذا اليوم ليس ببعيد، لكن تحضيراته وممهداته وظروفهُ ليست وليدة اليوم، بل هنالك علامات ذكرها التاريخ الصحيح، ولابد لها من وقوع، وهذه العلامات هي من تخيف الإحتلال الصهيوني في وقتنا الحاضر، وما الجمعة الأخيرة من كل رمضان ليست سوى تذكرة للعالم، أن فلسطين في القلب، حتى لو ازالتها خرائط غوغل من الخارطة، وكتابة البديل الذي سيأتي يوم، حتى الشجر يقول لك أن هذا يهودي أقتلهُ .