27 نوفمبر، 2024 12:45 م
Search
Close this search box.

(النساء والكتابة 2-25):  بعض التجارب التي تتوغل في الكتابة الأيروتيكية لا تنصف المرأة ولا تصل إلى عمق مشاعرها الحقيقية

(النساء والكتابة 2-25):  بعض التجارب التي تتوغل في الكتابة الأيروتيكية لا تنصف المرأة ولا تصل إلى عمق مشاعرها الحقيقية

 

خاص: إعداد- سماح عادل

هناك طرح هام في هذه الحلقة يتعلق بالتجارب الأولى لبعض الكاتبات، والتي تركز على المظلومية النسوية، فتبالغ في رصد التمييز الذي يقع على المرأة، وتعادي كل الرجال، وتتناول الخيانة والغدر وكل تلك التفاصيل في علاقة الرجل بالمرأة، وربما لا تنجو من تلك المظلومية تجارب أخرى للكاتبة. لكن وفقا للطرح، عندما تتخلص الكاتبة من تلك المظلومية والمبالغة، والتي قد تتحرج منها بعض القارئات الواعيات، تصبح الكاتبة مؤهلة لتنافس الرجل، ولتناول تجارب عميقة وتستحق الكتابة عنها.

لكن التساؤل هنا هل الحديث عن مظلومية النساء أمر مبالغ فيه ومنفر؟، لدرجة أنه قد ينفر بعض القارئات، وكل رصد للتمييز الذي يقع على المرأة يوحي بمعاداة جميع الرجال، واستعدائهم، وهل تعبير المظلوم عن الظلم الذي يقع عليه وتصويره لمعاناته مبالغة؟.

هذا هو الجزء الثاني من تحقيق (النساء والكتابة)، والذي جمعنا فيه آراء الكتاب من مختلف بلدان الشرق عن الصعوبات التي تواجه الكاتبات، وطرحنا هذه الأسئلة:

  1. في رأيك هل مهام الكاتبة من عمل، ومسؤوليات الأمومة ورعاية الأسرة وأعمال المنزل صعوبات تمنعها من التفرغ للكتابة وتقلل فرصها للتواجد على الساحة الثقافية ككاتبة؟
  2. ما رأيك في مقارنة نصوص الكاتبات من النساء بنصوص وإنتاج الكتاب من الرجال رغم التفاوت الكبير في إتاحة الفرص وتوافر إمكانية التفرغ؟
  3. ما رأيك في تحطيم التابوهات في بعض كتابات النساء، والجرأة في الكتابة. وما رأيك فيها يسمى بالكتابة الأيروتيكية؟
  4. هل استطاعت كتابات المرأة أن تتواجد على الساحة الثقافية في مجتمعاتنا وأن تجد لها مكانا وفي رأيك هل ينصف النقاد كتابات النساء أم لا ولما؟
  5. هل تعتقد أن هناك اختلافات ما بين الكتابات التي تصدر عن النساء وتلك التي يكتبها الرجال وما هي هذه الاختلافات؟

سقوط التجارب الأولى في فخ الأنثوية المعذبة..

يقول الكاتب الجزائري “لخضر بن الزهرة”: “أظن حدَّ الاعتقاد أن مسؤوليات المرأة لا تمنعها من الكتابة. أعرف الكثيرات من الأمهات العاملات يجدن الطريق إلى كتابة الجيد من النصوص، ومن قال إن الرجل متفرغ تماما أو أكثر، أنا عني كرجل أجد القليل جدًّا مما يسعني لكتابة شيء في مشروعي السردي، وأنا أشارك في الحياة العامة والخاصة الأسرية حدًّا يزيد عن شريكتي حتى في مسائل التربية والعناية بطفلتنا وحاجات بيتنا، أعتقد أن المسألة تقديرية ليست قطعية، والمرأة بإمكانها صنع الفارق دوما كتابة وحضورا”.

وعن مقارنة النصوص رغم التفاوت الكبير في إتاحة الفرص يقول: “كل تصنيف ومقارنة بين الرجل والمرأة من حيث جنس الكاتب ظلم، وأظن أننا في طريق منح فرص أكبر للمرأة في الحضور والفاعلية الثقافية، فأنا ككاتب وكعضو في فريق دار نشر الهالة التي ترأسها السيدة هالة البشبيشي؛ لا أنظر إلى النص من كتبه جنسًا وسنًّا وسيرةً أدبية؛ إنما أكتفي بالنص وما يقدمه من قيمة فنية وجمالية برؤية موضوعية.

وما أجملها تلك النصوص التي تكتبها سيدات، إنها كتابات تستحق الاحتفاء والذكر مثل رواية “خيوط ليلى” للمتميزة “شيرين فتحي”، ورواية “الراعي” ل”حنان سليمان”؛ الأخيرة التي يُحتفَى بها بشكل ملحوظ نقديًّا وإعلاميًّا في فترة وجيزة بسبب موضوعها المتعلق بإساءة استغلال الدين”.

وعن تحطيم التابوهات في بعض كتابات النساء يقول: “الكتابة حق للمرأة كما هي حق للرجل، وما دامت الموضوعية أن ننظر إلى النص كتحفةٍ فنية بشكل مستقل، فما يجوز للرجل يجوز للمرأة تماما، وما نستنكره من المرأة يجب أن نستنكره -عدلا- من الرجل. وعن الكتابة الأيروتيكية فلها جمهورها ومريدوها، وأظن أن المتحكم في المسألة هو ذكاء الكاتب في الإمتاع دون خدش الذوق الإنساني.

وقد اقتربت “شيرين فتحي” في “خيوط ليلى” من هذه الإشكالية، ومدى تقبل القارئ العربي لمغامرة المرأة في هذا المجال، ولامست روايتها الغريزة الأنثوية بحميمية فيها مزيج بين الجرأة والحذر وكأنه خوف التجربة الأولى رغم اتزان النص وروعة البناء، وبما أن الكتابة الأيروتيكية مبنية على الجنس الذي يقتضي طرفين: الرجل والمرأة، فليس من العدل أن نقرأ التجربة من لسان واحد وكأن المرأة مجرد أداة لا روح فيها، فبما أنها الطرف الشريك، فلها الحق أن تُسمِعَنا صوتَها وفلسفة الجسد عندها في الكتابة الأيروتيكية”.

وعن استطاعة كتابات المرأة أن تتواجد على الساحة الثقافية في مجتمعاتنا يقول: “كقارئ، كمراجع لغوي صادف الكثير من النصوص، كمدير نشر مرت عليه نصوص أجازها وزكاها ودافع عنها أعتقد أن المرأة ستصنع الفارق في السنوات القادمة؛ ليس باسم أو اسمين أو أسماء تُعدُّ على الأصابع مثل العقود السابقة، بل سنقرأ الكثير من الأسماء التي تقدم أدبًا حقيقيًّا ممتعًا فنيًّا وأدبيًّا وإنسانيًّا وينافس على صدارة المبيعات، وعلى الوصول إلى القارئ العربي ولم لا؛ تترجم الكثير من الأعمال إلى عدة لغات أجنبية فوق ما هو معمول به إلى غاية هذه الدقيقة”.

وعن وجود اختلافات ما بين الكتابات التي تصدر عن النساء وتلك التي يكتبها الرجال يقول: “إن أزمة الكتابة عند المرأة سقوط الكثير من التجارب الأولى وربما لأكثر من تجربة في الدائرة الضيقة: الأنثوية المعذَّبة التي تُدير دفَّة النص بهذه النقاط: الخيانة والاضطهاد والمظلومية المبالغ فيها، ولعن جنس الرجال أجمعهم، وهي ما تجعل من المرأة ذاتها -القارئة الحقيقية- ترمي بالعمل جانبا قبل أن تطوله يد الرجل وتحرقه أو تسخر منه.

فإن تحررت المرأة من سقوطها في هذا الفخ وفتحت ذهنها وبصيرتها وخيالها باتجاه العالم وانشغالاته وآلامه- حتى وإن لامست مشاعر المرأة المغبونة- ستبدع وتصنع الكثير من الجمال المنافس للرجل، بل وتتوفق عليه أحيانا.

لا يعني هذا أن الكتابات الرجالية كلها يليق بها أن تقرأ، فبعض التجارب الرجالية ما زالت رهينة الابتذال في التعامل مع مكونات النص الأدبي والدوران في الأفكار الساذجة، وحتى بعض التجارب التي تدعي الانفتاح وتتوغل في الكتابة الأيروتيكية تقدم أعمالا تصيب بالغثيان، ولا تنصف العلاقة الجسدية، ولا المرأة، ولا تصل إلى عمقها وعمق مشاعرها الحقيقية، وكيف يجب أن نرفع الجنس من الفعل الحيواني إلى الصورة الإنسانية الجامعة بين نشوة الروح والجسد ونشوة النص أدبيًّا وفنِّيًّا.

أعتقد أنه لا فرق وإن اختلفت سقطات الرجل عن المرأة كما أشرت في هذا الرد وما قبله، وألخص أزمة النص في وقوعه في سذاجة التناول، وأضرب مثالا مضادا لذلك، رغم أن موضوع “خيوط ليلى” أنثوي بامتياز، ومحوره المرأة وصوته الأعلى صوتها إلا أنه لم يقع في أيِّ فخٍّ من الفخاخ المنصوبة للمرأة عندما تمسك بقلمها وتنصت إلى وحي الكتابة، “شيرين فتحي” قدمت نصًّا يليق أن يُحتفَى به، هو مثال عن نصوص نسائية ناجحة بامتياز، فقط لأنها خرجت من دائرة الأنا وفخ الصوت الداخلي، وكتب للمرأة، وعن المرأة بصوت الكثيرات”.

أتمنى أنني قدمت إضافةً طيبة في هذا الحوار الشيق والممتع، وأسعد بمشاركتي لكم ما تصنعونه من جمال في الحراك الثقافي. تحية تقدير وامتنان لكم ولكل من قرأ وشاركنا هذه الكلمات”.

الكتابة علاقة حميمة ورفقة جيدة بين الكاتب والقلم..

ويقول الكاتب السوداني “أبا ذر الطيب”: “أولاً عاطر التحيات والتقدير لكل أم تكافح وتناهض كل تلك الصعوبات وأظهرت نفسها في الساحة الثقافية، إذ أنني لا أرى أن هناك ما يمنع من الكتابة عندما تتواجد الموهبة وغريزة الكتابة ولا ترتبط بمناخ معين هناك من يكتب كلمة ثم يعود يكتب أخرى بعد حين، فالكتابة لا تحتاج لمزيد من الوقت ولا مزيد من الهدوء بل تحتاج إرادة”.

وعن مقارنة النصوص رغم التفاوت الكبير في إتاحة الفرص يقول: “كما قلت الإنسان يصنع لنفسه الفرصة سواء كان رجل أو امرأة هذا بالنسبة لتفاوت الفرص والتفرغ، أما بالنسبة للمقارنة في النصوص أعتقد لكل مبدع طريقته الخاصة والمختلفة بل هناك سيدات صنعن لأنفسهن الفرص وتفوقن إذن لا مقارنة ولا أميز بين الرجل والمرأة في الإبداع والكتابة، فهي جنب إلي جنب الرجل تخوض المعركة ذاتها وتستوى في نفس الصف كتفها بكتفه وصوتها بصوته، لكل بقلمه كالسيف وقرطاسة كقاع البحر تفصلهم الحروف وتراتبية القارئ وتقبله”.

وعن تحطيم التابوهات في بعض كتابات النساء يقول: “الكتابة عموما علاقة حميمة ورفقة جيدة بين الكاتب والقلم يعبر فيها عن مايجده ويحسه في مجتمعه ومحيطه، والكتابة في فلك المحظور وتوضيح الرأي فيما تمارسه المجتمعات لا تأتي به من الخارج، إذن هي تعبر تعبير مثله وغيره من الكتابات، رغم أنني لا أحبذ هذا النوع من التعبير المفرط فالإفراط في الشيء يؤدي إلى التفريط”.

وعن استطاعة كتابات المرأة أن تتواجد علي الساحة الثقافية في مجتمعاتنا يقول: “الداني والقاصي يعلم هذا التواجد الجميل في الساحة الثقافية، بل  استطاعت المرأة التفوق على الرجل في كثير من الأحيان، وإذا عددنا هذا التواجد سنجده يعم كنور يشع ويملأ الفضاء لا تستطيع النوافذ حجبه. النقاد يجدون في كتابات المرأة التي تحوى فكرا وثقافة مرتعا يتلذذون فيه وهنا تحضرني الكثير من الصديقات المبدعات اللاتي حظين بفرصهن في التناول النقدي الكثيف لما يقدمن”.

وعن وجود اختلافات مابين الكتابات التي تصدر عن النساء وتلك التي يكتبها الرجاليقول: ” بتاتا اللهم إلا الاختلاف في التناول والفكرة أما غير ذالك لا أجد الإبداع والنصوص الجميلة لمن يكتبها سواء كان امرأة أو رجل”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة