خاص : كتبت – نشوى الحفني :
في خطوة أولى تستهدف توزيع المناصب في الحكومة والبرلمان بين كافة التيارات السياسية العراقية، دعا زعيم تيار (الحكمة)؛ “عمار الحكيم”، إلى مبادرة وطنية سياسية وموسعة تجمع جميع القوى الفائزة، على مستوى المقاعد أو الأصوات، وعلى مستوى: “المتقبل للنتائج أو المعترض عليها”، وعلى مستوى القوى الكبيرة أو القوى الناشئة الشبابية والمستقلة، إلى وضع صيغة تفاهم تُفضي إلى إعادة التوازن للعملية السياسية، من خلال اتفاق وطني جامع متوافق عليه من قبل الجميع، بآليات ونقاط وتوقيتات واضحة وعملية.
وقال “الحكيم”؛ في بيان صدر عن مكتبه تضمن نصوص المبادرة، إن: “مثل هذا الاتفاق بحاجة إلى وعي وتضحية من جميع الأطراف، دون الإضرار بحقوق الفائزين ولا القفز على مطالب المعترضين، للمضي قدمًا والخروج من عنق الزجاجة، متجاوزين الشد والتوتر والاختناق السياسي الحاصل”.
وأضاف “الحكيم” أنه يُحذر ويدعو إلى أمور عدة؛ هي: “ضرورة إلتزام الأطراف كافة بالآليات القانونية والسلمية في الاعتراض والتفاوض، واعتبار الدم العراقي خطًا أحمر لا يجوز تجاوزه من قبل الجميع”. كما دعا إلى: “الإلتزام بالحوار الوطني المستقل، بعيدًا عن التدخلات الخارجية بكافة أنواعها وأطرافها، فضلاً عن ضرورة معالجة جميع المقدمات والمخرجات الانتخابية في أي اتفاق قادم، مع وضع آليات واضحة لحل الخلافات أثناء وبعد تشكيل الحكومة”.
تقسيم الأدوار لتمكين الفائزين والمعارضين والممتنعين..
وتضمنت المبادرة: “تقسيم الأدوار بين الحكومة والبرلمان القادم؛ من حيث تمكين الفائزين في الحكومة، كما المعارضين والممتنعين في البرلمان، لإيجاد حالة من التوازن السياسي، بالإضافة إلى التصويت على (ورقة الاتفاق الوطني) كقرار برلماني في أولى جلساته الرسمية”.
وكما وصفها المراقبون، تحمل مبادرة “الحكيم” حالة اطمئنان للخاسرين الذين يُمثلهم “الإطار التنسيقي” الشيعي، الذي يضم: تحالف (الفتح)؛ بزعامة “هادي العامري”، و(دولة القانون)؛ بزعامة “نوري المالكي”، وتيار (الحكمة)؛ بزعامة “عمار الحكيم”، و(عصائب أهل الحق)؛ بزعامة “قيس الخزعلي”، وائتلاف (النصر)؛ بزعامة “حيدر العبادي”، و(العقد الوطني)؛ بزعامة “فالح الفياض”، إلا أنها من جانب آخر أحدثت حالة قلق للفائزين بالانتخابات، لا سيما الثلاثة الأوائل وهم: (التيار الصدري)؛ بزعامة “مقتدى الصدر”: (74 مقعدًا)، وحزب (تقدم)؛ بزعامة “محمد الحلبوسي”: (43 مقعدًا)، و”الحزب الديمقراطي الكُردستاني”؛ بزعامة “مسعود بارزاني”: (32 مقعدًا).
انتظار قرار المحكمة الاتحادية..
وكرد فعل سريع على المبادرة، طالب زعيم (التيار الصدري)، “مقتدى الصدر”، الفائز بالانتخابات، القوى السياسية؛ بالانتظار لقرار “المحكمة الاتحادية” المتعلق بالنتائج، والإنطلاق من بعدها في أطر وحلول دستورية: “من دون النظر لمبادرات فردية تُعرقل مسيرة العملية السياسية وتشكيل حكومة أغلبية وطنية”، مؤكدًا على أن: “العراق أمام خيارين: حكومة وحدة وطنية أو معارضة وطنية، وعلى الراغبين في المشاركة محاسبة المنتمين لهم من الفاسدين”.
يحتاج لتوافق وطني..
بينما أكد رئيس ائتلاف (دولة القانون)؛ “نوري المالكي”، أن تشكيل الحكومة لا يمكن أن يتم من دون توافق وطني، وأعلنت قوى في “الإطار التنسيقي” ترحيبها بالمبادرة استنادًا على أنها مخرج من الأزمة الراهنة.
فيما لم تتبنّ القوى السُنية والأحزاب الكُردية أي موقف نحو مقترح “الحكيم”، انتظارًا لقرار المحكمة والمفاوضات المستمرة لتشكيل الحكومة المقبلة بقيادة “الصدر”.
لا حاجة لإرضاء الخاسرين خوفًا من حرب أهلية..
ثم عاد (التيار الصدري) ليُحدد موقفه من مبادرة رئيس تيار (الحكمة)؛ “عمار الحكيم”، الداعية إلى جلوس جميع الأطراف السياسية على طاولة واحدة لحل الانسداد السياسي، مبينًا أن الانتخابات انتهت ومن الطبيعي أن يكون هناك فائز وخاسر، لذا لا حاجة لإرضاء الآخرين خوفًا من حدوث حرب أهلية.
وقال القيادي في (التيار الصدري)؛ “عصام حسين”، أنه: “يجب معرفة مكونات الطاولة المستديرة قبل عقدها، كما لا نعرف من سيتحمل مسؤولية الحكومة المقبلة عند الجلوس على هذه الطاولة، إضافة إلى أن مخرجاتها ستكون مشابهة للوضع السابق، حيث ستنتج حكومة توافقية وتبقى ذات الأزمات”.
لافتًا إلى أن: “الانتخابات انتهت، ومن الطبيعي أن يكون هناك فائز وخاسر، لذا لا حاجة لإرضاء الآخرين خوفًا من حدوث حرب أهلية، فمصطفى الكاظمي؛ ترأس الحكومة لا تدعمه أية كتلة سياسية، ولكننا لم نشاهد حربًا أهلية، فلماذا هذا الإصرار على التوافق والطاولة المستديرة”.
ونوه إلى أن: “هذه الدعوات مضت عليها العديد من السنين، وعلى رئيس تيار (الحكمة)، عمار الحكيم، أن يُعلن إعلانًا مباشرًا، أنه هو من يتحمل حكومة التوافق والمسؤول عنها وعن اتفاقات الطاولة المستديرة، فلا يمكن أن تجرى الاتفاقيات ويحصل على وزارة؛ وبعد ذلك يقول أنا لست مسؤولاً عن ما حدث على الطاولة المستديرة، فالقضية ليست مجرد اختيار رئيس وزراء، بل يجب أن تكون أعمق من ذلك، وعلى الكتل تحمل المسؤولية والإبتعاد عن التراشق الإعلامي”.
وأكد أنه: “من الضرورة أن تكون الحكومة مبنية على الأغلبية الوطنية، حتى وإن كانت طاولة مستديرة أو غيرها، ومن كان قادرًا على تشكيل مثل هكذا حكومة فهو مُرحب به، حتى وإن كان خارج (التيار الصدري)”.
محط ترحيب واهتمام..
من جهتها؛ أشارت عضو ائتلاف (دولة القانون)؛ “ضحى القصير”، إلى أن جميع المبادرات التي تُطرح هي محط ترحيب واهتمام وسيتم دراستها جميعًا؛ طالما كانت تهدف إلى تجاوز الأزمة وإيجاد حلول تُخرجنا من عنق الزجاجة إلى بر الأمان.
وقالت “القصير”، في حديث لـ (السومرية نيوز)، أن: “مبادرة الحكيم هي مقترح لحل الأزمة بغية إيجاد حلحلة للأزمة، وهي حاليًا كمقترح يتم مناقشته في الوقت المناسب على اعتبار أن الآراء والمواقف ما زالت مستقرة في المرحلة الحالية على متابعة الطعون في نتائج الانتخابات بانتظار ما ستؤول إليه؛ وحينها سيكون لكل حادث حديث على اعتبار أن موضوع الانتخابات تضمن شوائب كثيرة ينبغي معالجتها”.
مضيفة أن: “(دولة القانون) موقفها واضح في دعم جميع الخيارات التي توحد البيت الشيعي وتصب ضمن المصالح العليا للبلد، بعيدًا عن المصالح الضيقة، بالتالي ففي حال حصول أي إجماع شيعي على موقف أو مقترح أو حل معين فحينها ستكون (دولة القانون) جزء من هذا الإجماع؛ طالما كان هناك حل للأزمة بغية لملمة البيت الشيعي وحل جميع الأزمات”.
تؤدي إلى إيجاد مخرج للأزمة على حساب الدستور والقانون !
ورأى النائب السابق والمرشح الفائز المستقل، “باسم خشان”، أن مبادرة “الحكيم” قد تؤدي إلى إيجاد مخرج للأزمة؛ لكن على حساب القانون والدستور من خلال الإلتفاف على الدستور، والأجدر بنا البحث عن حلول جريئة تنسجم مع الدستور.
وقال “خشان”؛ إن: “مبادرة الحكيم قد تكون من ضمن المبادرات التي من الممكن أن تحقق شيء على أرض الواقع، لكنها ستكون على حساب الدستور والقانون”، مبينًا أن: “هناك حلول أخرى تنسجم مع الدستور والقانون؛ وهي بحاجة إلى موقف وإرادة لتحقيقها”.
وأضاف “خشان”، أن: “الحل يكون من خلال تطبيق القانون والدستور والحكم بعدم دستورية قانون الانتخابات لتضمنه مخالفات جسيمة وإلغاءه وعودة مجلس النواب السابق إلى عمله؛ على اعتبار أن حله كان بشرط إجراء الانتخابات، وطالما ألغيت الانتخابات فحينها يعود البرلمان إلى عمله”، موضحًا أن: “حل البرلمان بالأصل لم يكن دستوريًا على اعتبار أنه وضع شرط للحل وهذا أمر غير جائز كما أن المرسوم الجمهوري بنفس الشأن كان غير دستوري، بالتالي فإن جميع تلك الخروقات تستوجب إلغاء الانتخابات وعودة البرلمان السابق وتعديل القانون؛ ثم إجراء انتخابات نزيهة تصب بمصلحة العراق وشعبه”.
وتابع أن: “رؤيتنا للمشهد العام تجعلنا نستبعد تفاعل القوى السياسية بشكل إيجابي مع مبادرة الحكيم”.
تستهدف الخروج من الأزمة..
وفي توضيح للمبادرة، أشار المتحدث باسم تيار (الحكمة الوطني)، “نوفل أبورغيف”، إلى أن مبادرة “الحكيم” هدفها الخروج من الأزمة وليس المغانم.
وقال “أبورغيف”؛ في تصريح صحافي، أن: “القوى الفائزة قد تتبنى مبادرة، عمار الحكيم، للخروج من الأزمة”، مبينًا أن: “المبادرة هدفها الخروج من الأزمة؛ وليس المغانم على اعتبار أن (الحكمة) لن تُشارك في الحكومة المقبلة”.
وأضاف “أبورغيف”، أن: “تيار (الحكمة) أول من أطلق المباركة بتمام الانتخابات؛ وزعماء البلد جميعهم يطرقون باب، الحكيم، للخروج من الانسداد”.
ولفت إلى أننا: “لا نُجبر الآخرين على الإقتناع بمبادرة، السيد الحكيم، وعليهم البحث عن مخرج آخر، لكنه بشكل عام لا يوجد خيار سوى الجلوس على طاولة الحوار”.
إعادة لتوافقات سابقة بين القوى السياسية..
وفي تعليقه؛ يعتبر الباحث السياسي الاقتصادي العراقي، “نبيل جبار العلي”، أن مبادرة “الحكيم”: “إعادة لتوافقات سابقة بين القوى السياسية؛ كمحاولة لإرضاء الجميع، بغض النظر عن نتائج الاستحقاق الانتخابي الأخير، مما يجعل الحكومة المقبلة نموذجًا مقاربًا للحكومات المشكلة، بعد عام 2003، وهو الأمر الذي يرفضه الشارع العراقي و(التيار الصدري)، المتصدر للانتخابات، ويتوافق مع (الإطار التنسيقي) الشيعي؛ الذي ينظر للعملية الانتخابية على أنها مزورة”.
ويوضح “العلي”؛ في حديث لموقع (سكاي نيوز عربية)، أن: “الأزمة الحالية هي أكثر عمقًا من قضية محاصصة المناصب الحكومية، وربما تتعلق بأزمة ثقة بين مكونات البيت السياسي الشيعي”، مشيرًا إلى أن: “تطورات الأحداث في السنة الأخيرة؛ هو استهداف كل طرف للآخر، لذا يصعب تنازل أحد الأطراف عن دفة السلطة”.
إشراك الرابح والخاسر..
ويرى أستاذ الإعلام الدولي في الجامعة العراقية، “فاضل البدراني”، أن: “المقترح جاء نتيجة قراءة دقيقة لزعيم تيار (الحكمة) للمشهد العراقي والمزاج السياسي لجميع التيارات السياسية، وطبيعة الإشكالية العراقية التي تشوب العملية السياسية وتشكيل الحكومات، منذ 18 عامًا”.
ويؤكد “البدراني”؛ لموقع (سكاي نيوز عربية)، أن: “الحل الوحيد الذي تركن له كافة الكتل السياسية؛ هو إشراك الرابح والخاسر في الحكومة المقبلة من دون إقصاء أحد، ومراعاة أن تكون نسبة تمثيل القوى الرابحة في الحكومة أكثر من باقي القوى السياسية”.
بداية لحلحلة المشهد الراهن..
كما يُرجح المحلل السياسي العراقي، “صالح لفتة”، أن: “مبادرة الحكيم ستُصبح جزءًا من الحل أو بداية لحلحلة المشهد الراهن المُعقد، كونها المبادرة السياسية الأولى التي تُطرح من قبل شخصية معتدلة تتمتع بقبول ولها صوت مسموع من كافة المكونات والكتل العراقية”.
مؤكدًا أن: “المبادرة هي الأنسب للوصول إلى توافق بين جميع التحالفات وتجنيب العراق سيناريوهات سيئة في حال انفراد أي كتلة بالحكومة”، مشددًا على أن: “الجميع لن يقبل بتمثيل المعارضة، مما يؤكد على أن الحكومة المقبلة لن تُشكل إلا عبر تلك المبادرات التي تدعو جميع الأطراف للمشاركة في القرار السياسي والحكومي”.
توحيد الصفوف والحوار وحماية المسار الديمقراطي..
وكان اجتماع الرئيس العراقي، “برهم صالح”؛ مع رئيس الوزراء، “مصطفى الكاظمي”؛ ورئيس مجلس القضاء الأعلى؛ “فائق زيدان”، الخميس، إلى: “أهمية توحيد الصفوف والحوار وحماية المسار الديمقراطي، والتأكيد على حسم الشكاوى والطعون الانتخابية وفقًا للقانون، بما يُعزز الثقة في العملية الانتخابية، وأن تكون مخرجاتها قانونية ودستورية”.
كما تضمن الاجتماع طرح مبادرة تنص على مباديء أساسية لحل الوضع الحالي، والإنطلاق لتشكيل حكومة فاعلة تحمي المصالح العليا للبلاد وتستجيب للتحديات والاستحقاقات الوطنية.