26 نوفمبر، 2024 5:50 م
Search
Close this search box.

مهرجان المربد 2021.. تحت شعار “المربد واحة الشعر”

مهرجان المربد 2021.. تحت شعار “المربد واحة الشعر”

 

خاص: إعداد- سماح عادل

انطلقت مؤخرا فعاليات مهرجان المربد الشعري في محافظة البصرة، جنوبي العراق، في حدائق جامعة المعقل بدورته الـ34، واستمر المهرجان لأربعة أيام. وتضمن المهرجان فعاليات فنية وثقافية وأدبية، منها معارض التصوير الزيتي والتصوير الفوتوغرافي، والأشغال اليدوية، وكذلك الجلسات النقدية ومعرضا للكتاب وغير ذلك من الفعاليات الثقافية.

يقتبس المهرجان الشعري عنوانه من سوق المربد، وهو أشبه بسوق عكاظ قبل الإسلام، وتحول خلال العصر الأموي إلى ملتقى للشعراء والأدباء والنحاة الذين كانوا يجتمعون فيها وينظمون مناظرات شعرية وحلقات نقاشية وفكرية. وكانت فعاليات المهرجان تقام في العاصمة بغداد، لكن وبدء من العام 2003 نقل المهرجان إلى البصرة.

وتعتبر هذه المهرجانات دليلاً على تعافي العراق من آثار الحروب، والتوترات الأمنية، وسنوات من الاقتتال الداخلي، وسط آمال باستئناف مجمل النشاطات والفعاليات الثقافية في البلاد.

حملت هذه الدورة اسم الشاعر “إبراهيم الخياط” وتحت شعار “المربد واحة الشعر” بحضور أكثر من 300 مثقف وشاعر واديب أجانب وعرب وعراقيين من الداخل والخارج، وكان “لبنان” ضيف شرف المهرجان، حيثُ أبدعت الشاعرة  اللبنانية “يسرى البيطار” في يوم الافتتاح بقصيد عصماء نالت إعجاب كل الحضور.

قال رئيس إتحاد الأدباء والكتاب في البصرة الدكتور “سلمان كاصد” أن: “المربد اسم كبير في الثقافة العربية ككل وفي الشعر العربي بل العالمي، وعلينا أن نحافظ عليه هنا في البصرة، لن نتخلى عن المربد كونه جزء من المدينة، وهو محفل تفخر بهِ الأمة يستقطب الشعراء من أقاصي الشام والمغرب العربي والعالم بأسره”.

وأضاف: “مهرجان المربد الشعري بنسخته الجديدة يحمل مجموعة من المتغيرات منها طبيعة الدراسات التي تتعلق بالشعر في زمن الجائحة ودرجة تلقيه من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، فالشعر في الجائحة يعني العزلة ومن ثم لابد أن نتحدث عن هذه الظاهرة كونها غير مألوفة أو أنها مغايرة لما كان سائداُ في ما مضى،  في اعتقادي خلاصة القول المربد علامة فارقة، وهو يشكل قيمة عليا للشعراء الذين يرتقون منصته بفخر واعتزاز”.

وصرحت مصادر بوزارة الثقافة والسياحة والآثار العراقية، أن وفودا من دول عربية وأجنبية أبرزها دولة الإمارات والسودان وسورية ولبنان وأذربيجان وإيران ستشارك في أيام مهرجان “المربد” الشعري بدورته الجديدة فضلا عن كبار الشعراء العراقيين.

وكان اتحاد أدباء وكتاب كركوك ضمن المدعوين إلى المهرجان. وقال الكاتب “شكور خليفة ساله يي” نائب رئيس اتحاد أدباء كركوك أن: “عدد من شعراء كركوك بمختلف القوميات تلقوا الدعوة من المهرجان وهم كل من محمد خضر وشكر خليفة سا له يي و د. محمد حسين وإبراهيم قوريالي وعباس مجيد وستار أحمد  والشاعرة آمنة محمود وهزبر محمود، وقد وفرت إدارة المهرجان المستلزمات الضرورية من حيث التنظيم وإدارة الجلسات الشعرية”.

وقال أحد المشاركين من محافظة السليمانية وهو الكاتب “محمد صالح البرزنجي”:  “في الحقيقة إن الحضور من الأدباء والشعراء الكورد لا بأس، وبعض من الشعراء الكورد لم يحضروا رغم توجيه الدعوة إليهم  بسبب جائحة كورونا أو غيرها، موضحا أن حفل افتتاح مهرجان المربد الشعري كان رائعا”.

أما الشاعر الكوردي ستار “أحمد عبد الرحمن” الذي شارك في المهرجان فقد قال أن هناك حضور جيد لشعراء وأدباء الكورد، ويعتبر هذا المهرجان  انجاز رائع للثقافة والأدب والأدباء، متمنيا أن يواصل المهرجان النجاح”.

الافتتاح..

بدأ حفل افتتاح المربد بتلاوة من الذكر الحكيم والنشيد الوطني تبعه نشيد المربد من كلمات الشاعر “كريم العراقي” وألحان الفنان “عماد مجيد العلي”. ولم يقتصر الحضور على الشعراء العراقيين والعرب وحتى الاجانب من (ايران محبوبة ابراهيمي ومن اذربيجان – يولحو) وشعراء من الهند، بل تواجدت العوائل البصرية بهذه الأجواء المناخية الجميلة وكأن المربد قد طرد الرطوبة التي التصقت بطقس البصرة للأيام الماضية.

كما احتوت فعاليات اليوم الأول للمهرجان كلمة وزير الثقافة الذي صرح فيها أن: “مهرجان المربد في هذه النسخة يوفر فرصة كبيرة للعراق في أن يفتح قلبه وأفقه لهذه الاستضافات للمبدعين  العرب والعراقيين في مدينة البصرة، المدينة الشاعرة، بصرة الإبداع، بصرة السياب، بصرة محمود البريكان، بصرة محمد خضير. أتمنى أن يكون مهرجان المربد لهذا العام نقلة نوعية في تاريخ المهرجانات فهو يقام في فضاء السلام بينما نسخ كثيرة من هذا المهرجان كان فيها فضاء الحرب والدكتاتورية ننضم مربدا للشعر مربدا للسلام مربدا للفن والمحبة والجمال”.

وصرح “أسعد العيداني” محافظ البصرة أن: “مهرجان المربد الشعري سيكون مميزا من خلال تنوع الفعاليات الثقافية والفنية والأدبية التي سترافق القراءات الشعرية” وتمنى النجاح للمهرجان وأن تتسع وتتنوع الأنشطة والفعاليات بما يتلاءم مع مكانة المحافظة وعمقها الثقافي”.

وفي كلمة “ناجح المعموري” رئيس اتحاد الأدباء والكتاب والتي ألقاها الشاعر “عمر السراي” الذي رحب بالحضور قائلا (أنتم بناة الوطن أحيكم أعذب تحية في مدينة الألق والإبداع، مدينة مفردة (حبوبي) لتكون سمة للمحبة). هذه الدورة هي استثنائية كونها حملت اسم رئيس  جمهورية البرتقال الشاعر الخالد فيها إبراهيم الخياط، الذي  ننهل من طيبته النقاء وتعلمنا كيف يكون الإنسان كله قلب ليستوعب الآخرين، كما قلنا أننا لا نرد الإساءة إلا بالإحسان الذي يجعل الحجر طائعا، ولتكون دورته ميدانا للتفوق”.

فيما رحب “سلمان كاصد” رئيس اتحاد أدباء البصرة بكل الضيوف وشكر كل المؤسسات والجهات الداعمة للمهرجان قائلا: “أمس كان معرض للكتاب واليوم المربد وغدا مفاجأة أخرى، الشعر بالبصرة يأتي بالتجديد قعدت اللغة بالفراهيدي وتجدد الشعر بحداثة بالسياب، بعد سنين من الجائحة يأتي الاحتفال بالحياة ويحمل المربد بنسخه 34  اسم الصديق الراحل إبراهيم الخياط رحل ولم يرحل ولم يغادر.

المربد الشعري بنسخه يحمل مجموعة من المتغيرات منها: طبيعة الدراسات التي تتعلق بالشعر في زمن الجائحة فالشعر بالجائحة يعني العزلة.. المربد علامة فارقة،  وهو يشكل قيمة عليا للشعراء يرتقون منصته بفخر واعتزاز كثيرين”.

وأضاف: “نحن نؤسس ثقافة حقيقية لا ضغائن فيها حضرنا أم لم نحضر قرأنا أم لم نقرأ فليتعال الشاعر على نفسه، نحن نعيش العرس في هذه المدينة ونمنح الحب للجميع”.

وقدم كلمة عائلة “إبراهيم الخياط” “محمود الخياط” وكانت كلمة مؤثرة جدا قال فيها: “المبدعون لا يموتون ونحن نجلس متكاتفين في مهرجان المربد وأبو حيدر يجلس في نهاية الجلوس مبتسما. لاحظت الكثير ينظرون إلى الخلف عسى يلمحون وجه الخياط مبتسما ليقول لهم (على راسي)”. وتحدث عن الذكريات وامتلاك الخياط مفاتيح الأبواب، وتبقى القصيدة خالدة ويبقى أبو حيدر خالدا.

وعزفت فرقة (اوركسترا الطفل في البصرة) معزوفات موسيقية عالمية، وأجواء الفلكلور الشعبي البصري تمثلت في أداء (فرقة السياب للخشابة) بقيادة “كاظم كزار”، وخرج المربد من القاعات المغلقة وألقيت القصائد في هذه الدورة بالقرب من “شجرة آدم” عند ملتقى دجلة والفرات في قضاء القرنة، وهي شجرة طالما جذبت لها السياح من كل دول العالم وتعد “شجرة آدم” رمزا للثبات والصمود وشجرة مباركة. كما كانت هناك قراءات شعرية في قضاء الزبير وهو المكان الذي كان يضم سوق (المربد) تاريخيا  وكانت تقام فيه المناظرات الشعرية بين الفرزدق وجرير وسميت بشعر (النقائض) .

وحاولت اللجنة التنظيمية لمهرجان المربد أن تعيد الحياة لهذا المكان الأصيل والذي اندثر منذ قرون. وذلك بتوجيه الدعوة إلى الشعراء الأجانب كأنها تحاكي المربد القديم والذي كان يستقبل شعراء من أعراق مختلفة (فرس وصينيين وهنود وأقباط).

قالوا عن المهرجان..

قال الشاعر “إباء الخطيب” من سوريا: “المربد عرس ثقافي حقيقي نعلم به منذ دورات سابقة وكنا بغاية الشوق أولا لملاقات العراق وبصرة السياب وللاحتكاك الفعال مع الزملاء والمبدعين العرب، وكان الاستقبال جيد والحفاوة رائعة ونتمنى أن تستمر هذه الفعاليات بهذا الود وهذا الألق”.

وقالت الشاعرة “يسرى بيطار” من لبنان: “جميلة ومفرحة المشاركة في مهرجان المربد حيث للشعر عطر العراق وطن السياب العظيم ووطن جدتي. تنظيم الفعاليات يرقى إلى أهمية اسم المربد تاريخيا, لذا أود أن أشكر المنظمين وهذه تحية من أرز لبنان إلى جمهور المربد وأهل العراق جميعا”.

وقالت الناقدة الدكتورة “ليندا عبيد” من جامعة اليرموك في الأردن: “أشارك للمرة الأولى بمهرجان المربد بسعادة غامرة لما يمثله هذا المهرجان من قيمة ومابه من تنوع ثقافي إبداعي، تجتمع به القصيدة إلى جانب النقد على منصة تحترم الثقافة والمبدعين ضمن حضور نسوي لافت يعنى بالإبداع الذي يؤرخ للقبح والجمال معا، على اختلاف الجنس والانتماء  والتصورات. أشارك بورقة نقدية حول تلقي الشعر في وسائل التواصل الاجتماعي ضمن ثنائيتي:الضوء والعتمة، لنقف على الإيجابيات التي ساهمت في نشر القصيدة، والخروج على فكرة المتلقي النخبوي إلى عامة الناس، والخروج من أسر الشكل، ودور النشر والمعيقات، من جهة والوقوف على السلبيات التي جعلت من القصيدة سلعة يروج لها دون اكتراث بالجودة، فهيمنت الرداءة وولدت كثير من نماذج القصائد المسخ التي لا تندرج ضمن هوية بينة أو شكل واضح، مما مس هيبة القصيدة والذائقة. مهرجان المربد تجربة وخبرة ثرية في حياة الشاعر والناقد، وتفتح أبواب المعرفة المتبادلة بينهما في حضور عربي لافت متنوع”.

الختام..

تضمن حفل اختتام مهرجان المربد الشعري بنسخته الرابعة والثلاثين (دورة الشاعر إبراهيم الخياط) في البصرة. وتضمن الحفل توزيع الشهادات التقديرية للجهات الراعية والداعمة للمهرجان فضلاً عن الشعراء والنقاد المشاركين و هم وزارة الثقافة، ومحافظة البصرة، واتحاد الأدباء والكتاب في العراق، والجهد الطوعي لمدينة البصرة الرياضية.

وجامعة المعقل الأهلية، وجامعة البصرة/ كلية الفنون الجميلة، والبنك المركزي العراقي ورابطة المصارف العراقية، ووزارة النفط، وشركة آسيا سيل، وقيادة محافظة البصرة وقيادة عمليات البصرة، وقناة العراقية الفضائية، وجريدة المربد، وفرقة السياب للخشابة والفلكلور البصري، ومؤسسة سومر لتنمية المواهب الفنية، ومركز الأشغال اليدوية في البصرة، ودائرة الشؤون الثقافية في معرض الكتاب، وجمعية التشكيليين /فرع البصرة، وجمعية المصورين العراقيين، وإدارة فندق البصرة الدولي (شيراتون)، ورئيس اتحاد الكتاب في لبنان، ورئيس اتحاد الكتاب في سوريا،مع عدد من الشعراء. مع تقديم فقرتين موسيقيتين. وأجمع المشاركون على أنَّ هذه النسخة من المهرجان كانت متميزةً من حيث نوعية المدعوين والفعاليات.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة