وكالات – كتابات :
خلص موقع (ميدل إيست آي) البريطاني؛ إلى أن زعيم (التيار الصدري)، “مقتدى الصدر”؛ يسعى إلى “التحرر” من غالبية التكتلات الشيعية، ويبحث عن إمكانية إقامة تحالف مع القوى السُنية التابعة، لـ”محمد الحلبوسي” و”خميس الخنجر”، والقوى الكُردية المتمثلة بـ”الحزب الديمقراطي الكُردستاني”، بزعامة “مسعود بارزاني”.
واعتبر التقرير البريطاني بداية أن “العراق”، مثل العديد من الدول، لا يتم فيه احتساب الأصوات الانتخابية فقط، بل يتم وزنها وتفسيرها، ولهذا فإنه من غير المستغرب ـن تحدث اتهامات متبادلة بعد انتخابات، 10 تشرين أول/أكتوبر الماضي، لأنه كان هناك اضطراب سياسي كبير.
بين رسالة الانتخابات وآليات تشكيل الحكومة..
ولفت التقرير، الصادر تحت عنوان: “انتخابات العراق: ماذا قد يفعل مقتدى الصدر لاحقًا”، إلى أن “الصدر” صار: “يمتلك” ما يقرب من نصف النواب، البالغ عددهم: 165 نائبًا اللازمين لنيل الثقة في البرلمان المؤلف من: 329 نائبًا، على تشكيلة الحكومة، بينما رفع تحالف (دولة القانون)؛ بزعامة “نوري المالكي”؛ عدد نوابه ليُصبح مفاوضًا في تشكيل السلطة، بينما كانت: “الصدمة الأكبر” متمثلة في إنهيار تحالف (الفتح)، الموالي لـ”إيران”؛ بزعامة “هادي العامري”.
وأوضح التقرير أن على الأحزاب الموالية لـ”إيران” أن: “تتقبل رسالة واحدة واضحة من الناخبين بأن التصويت كان بمثابة رفض أو توبيخ لهم”. لكنه أضاف أن هذه قضية لا علاقة لها بالواقع الصعب لطقوس السياسة العراقية؛ التي تلي ذلك من أجل تشكيل الحكومة، إذ أن التجربة السابقة تُشير إلى أن الأمر قد يستمر شهورًا؛ وأن نتيجتها: “قد تكون شديدة البُعد عن الإرادة الشعبية؛ التي تم التعبير عنها في تشرين أول/أكتوبر”.
هل يستطيع “الصدر” كسر نظام “الكوتا” السياسية ؟
وتابع التقرير أنه، منذ الغزو الأميركي، في العام 2003، كانت السياسة العراقية، وخاصة سلطة تعيين رئيس الوزراء، بمثابة دور مناط بالمجتمع الشيعي وقادته، مع أدوار مرتبطة تلعبها القوى الأجنبية المتنافسة، أي “الولايات المتحدة” و”إيران”.
وتساءل التقرير عما إذا كان “مقتدى الصدر” سيتبع نفس السيناريو، أم أنه سيخرج عن القواعد غير المكتوبة لنظام “الكوتا” السياسية هذا، مذكرًا بأن نظام “الكوتا” هذا عمل على تعزيز وحماية سلطات وإمتيازات الكتل السياسية المختلفة بشكل منفصل عن نتائج الانتخابات.
وأشار التقرير إلى أنه وفقًا لمؤيديه، فإن “الصدر” يتمتع بقدرة على شل العاصمة، وهي ورقة لا يستطيع سوى القليل من السياسيين العراقيين لعبها، مضيفًا أنه بالنظر إلى قوته المتزايدة بعد الانتخابات، فإن الوقت قد حان للتساؤل عما يُفكر فيه “الصدر”؛ وكيف يقيم مستقبل “العراق” سياسيًا.
“الصدر” بين أميركا وإيران..
وتحدث الموقع البريطاني مع: “مصادر موثوقة” داخل مكتب “الصدر” حول سياساته، موضحة أنه: “يرفض الوجود الدائم للقوات الأميركية، كقوة احتلال أو قتالية، لكنه برغم ذلك، منفتح على فكرة الوجود العسكري الأميركي كمدربين؛ وفي تقديم الدعم اللوجيستي للجيش العراقي”.
وبالنسبة إلى “إيران”، فإن لـ”الصدر” علاقة طويلة ومعقدة معها، لكنها حافلة بالفروق الدقيقة التي يصعب فهمها من قبل المراقب من الخارج. وتابع أن “الصدر” عندما يرى نفسه معرضًا للتهديد في “العراق”، فإنه يمضي فترات طويلة في “إيران”، وهو مُدرك أن العلاقات بين البلدين غير قابلة للكسر حاليًا، لكنه في الوقت نفسه يُعارض الفصائل الموالية لـ”إيران”، كما يُعارض تدخل “طهران” فيما يعتبره شؤون داخلية لـ”العراق”.
كما تُشير المصادر نفسها؛ إلى أنه يجب عدم الخلط بين معارضة “الصدر”، للفصائل الموالية لـ”إيران”؛ وبين معارضة (الحشد الشعبي)، لأن الصورة أكثر تعقيدًا بكثير من ذلك، بينما المحللين الغربيين يميلون عادة إلى الخلط بشكل خاطيء بين قوات (الحشد الشعبي) والفصائل الموالية لـ”إيران”.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن “الصدر”؛ بحسب المصادر في مكتبه، يؤيد تعزيز العلاقات مع “روسيا” و”الصين” للمساعدة في تنمية “العراق” مستقبلاً، وينطبق الأمر نفسه على “المملكة السعودية”. ولفتت المصادر أيضًا إلى أن “الصدر” متردد في: “إنجرار العراق إلى منطق وسياسات محور المقاومة”، وأن الهدف الرئيس بالنسبة إليه، هو نهضة “العراق”، وأنه من أجل تحقيق هذا الهدف، يجب على “العراق” الإبتعاد عن المخططات السياسية الإقليمية.
أما حول السؤال المحدد المتعلق بما إذا كان ينبغي على “العراق” الإنضمام إلى: “اتفاقات إبراهيم”؛ لتطبيع العلاقات مع “إسرائيل”، فإن إجابات المصادر الصدرية كانت بالنفي الشديد.
كسر “الفيتو” الشيعي..
وحول الحكومة العراقية الجديدة، تُشير مصادر “النجف” إلى أن نية “الصدر” تتمثل في تحرير نفسه من (الفيتو)، الذي تُمارسه معظم القوى الشيعية والسعي بحثًا عن ائتلاف محتمل مع حزبي “الحلبوسي” و”الخنجر” و”الحزب الديمقراطي الكُردستاني”؛ بزعامة “مسعود بارزاني”.
ولفت التقرير إلى أن مقاعد الكتل الثلاث مجتمعة تقترب من حافة الـ: 165؛ المطلوبة لنيل الثقة، وإنضمام أحزاب صغيرة يمكن أن يسمح بتحقيق مثل هذا الهدف.
طلقة تحذير !
وختم التقرير بالتساؤل عما إذا كانت الكتل الشيعية الأخرى والوسطاء، وخاصة “المالكي” و”العامري”، سيوافقون على خطط “الصدر”، بالإضافة إلى الفصائل الموالية لـ”إيران”. ووفق وجهة النظر هذه، يعتبر التقرير أن الهجوم الأخرق بطائرة مُسيرة على منزل، “مصطفى الكاظمي”، هو بمثابة: “طلقة تحذير؛ وليس تهديدًا شخصيًا مباشرًا”.
وبرغم ذلك، أكد التقرير أن التحالف الذي في ذهن “الصدر”: “قد يصطدم بنيته تحرير العراق من التدخلات الخارجية”، موضحًا أن موقف “الصدر”: “سيخضع للامتحان من خلال التأثير المحسوب لتركيا على حزبي: الحلبوسي والخنجر، وتأثير الولايات المتحدة على الحزب الديمقراطي الكُردستاني”.
وخلص التقرير إلى القول أن: “الأسابيع المقبلة في العراق ستكون متوترة”، مشيرًا إلى التنافس بين الكتل المؤيدة لـ”إيران”، والمصالح المتنافسة داخل (الحرس الثوري) الإيراني نفسه. وأضاف: “هذه أوقات مثيرة للاهتمام، وبالنسبة، لإسماعيل قاآني، قائد (الحرس الثوري) الإيراني، فهي ليست أوقات سهلة”.