واشنطن تبريء “طهران” من محاولة اغتيال “الكاظمي” .. هل بات تغليب المصلحة أقوى أم هناك حسابات أخرى ؟

واشنطن تبريء “طهران” من محاولة اغتيال “الكاظمي” .. هل بات تغليب المصلحة أقوى أم هناك حسابات أخرى ؟

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

في موقف غير متوقع، وبينما يواصل المسؤولون العراقيون التحقيق في محاولة اغتيال رئيس الوزراء، “مصطفى الكاظمي”، يستبعد المسؤولون الأميركيون الحاليون والسابقون احتمال أن تكون “إيران” قد أمرت بتنفيذ محاولة اغتيال “الكاظمي”.

وأفاد تقرير لشبكة (NBC News) الأميركية، يوم السبت، عن مسؤولين أميركيين حاليين وسابقين ترجيحهم أن “إيران” لم تُصدر أوامر بشأن محاولة اغتيال رئيس الحكومة العراقية، “مصطفى الكاظمي”.

وذكر التقرير، أن: “قوى لميليشيات شيعية سلحتها طهران ودعمتها، هي التي نفذت الهجوم”.

ونقل التقرير عن مسؤول عسكري أميركي كبير وإثنان من كبار المسؤولين الأميركيين السابقين أقوالهم، إن: “محاولة الاغتيال تُظهر أن طهران كافحت من أجل احتواء قادة الميليشيات الشيعية المتناحرين، منذ أن اغتالت واشنطن نائب قائد (الحشد الشعبي)، أبومهدي المهندس، وقادة (قوة القدس) الإيراني، قاسم سليماني، في كانون ثان/يناير العام 2020”.

وأشارت الشبكة الأميركية؛ في تقريرها؛ إلى أن: “مسؤولين حاليين وسابقين وخبراء إقليميين يقولون إن تصميم الطائرات المُسيرة ومكوناتها تُشبه المُسيرات الأخرى التي تستخدمها الميليشيات المدعومة من إيران، منذ تموز/يوليو العام 2020، بما في ذلك عدد من الهجمات الفاشلة على مجمع السفارة الأميركية”.

فرصة لمواجهة الميليشيات دون إطلاق رصاص..

فيما قالت وكالة (بلومبيرغ) الأميركية، في تقرير لها؛ إن رئيس الوزراء العراقي، “مصطفى الكاظمي”، كان محظوظًا بالنجاة من محاولة الاغتيال التي تعرض لها منذ أيام، مشيرةً إلى إنه إذا استطاع حشد ما يكفي من الدعم الداخلي والدولي فستكون هناك فرصة لمواجهة الميليشيات دون إطلاق رصاص.

ولفتت الوكالة إلى إن “الكاظمي” أصيب بجرح خفيف؛ حيث ظهر معصمه الأيسر مغطى بضمادة؛ كما تبين خلال كلمته عبر التلفزيون، إثر الهجوم. لكن رغم دعوته العراقيين إلى الهدوء وضبط النفس، لم يستطع “الكاظمي” إخفاء الجرح الخطير الذي لحق بالجسم السياسي العراقي. ولا يجب أن يحاول.

وقالت (بلومبيرغ)؛ إن محاولة قتله تُعطي “الكاظمي” التبرير ليأمر بقمع الميليشيات، وهو قمع كان يجب أن يحصل منذ زمن طويل. لا يمكن التشكيك كثيرًا في أن الهجوم كان من صنع واحدة من أدوات “إيران”.

ومن بين مجموعات مسلحة متعددة في “العراق”، فإن هذه الميليشيات وحدها يمكنها الوصول إلى الطائرات دون طيار التي توفرها “إيران” لتستخدمها في العالم العربي، بدءًا من “بيروت” وصولاً إلى “اليمن”.

تزايد اليأس بين العراقيين..

وزادت الوكالة أنه في “العراق”، استخدمت الميليشيات الموالية لـ”إيران” الطائرات دون طيار الإيرانية لمهاجمة القواعد العسكرية التي تؤوي أميركيين. وشنت أيضًا هجمات بطائرات دون طيار، على مناطق في عمق “السعودية” انطلاقًا من منشآت عراقية.

وأكدت (بلومبيرغ) أن إخفاق “الكاظمي” في تقييد نفوذ الميليشيات؛ ساهم في تزايد اليأس بين العراقيين العاديين، والذي ظهر في انخفاض نسبة الاقتراع في الانتخابات التشريعية، في الشهر الماضي.

وأشارت إلى أن هناك إحباطًا لدى الجيش العراقي أيضًا، وهو الذي يواجه خطر حلول الميليشيات مكانه، فيما هناك قلق متصاعد في عواصم عربية أخرى، وفي “واشنطن”، من استخدام “طهران” تلك المجموعات لقيادة السياسة في “العراق”، بشكل كامل.

سياسة التهديد لا تُمثل طهران..

وفي وقت سابق؛ كشفت شبكة (RT) الروسية؛ عن تفاصيل اجتماع رئيس الحكومة العراقية، “مصطفى الكاظمي”، وقائد (فيلق القدس) الإيراني، “إسماعيل قاآني”؛ الذي قال إن: “سياسة التهديد التي يتعرض لها، الكاظمي، لا تُمثل طهران، ولن تتبنى إيران ذلك”.

تورط فصيلين في محاولة الاغتيال..

إلى ذلك؛ أوضح مسؤولان أمنيان عراقيان وثلاثة مصادر مقربة من الفصائل “الولائية”، (الموالية لإيران كما توصف محليًا)، أن الهجوم ارتكبته واحدة على الأقل من تلك الجماعات، لكنهم قدموا تقييمات مختلفة قليلاً بشأن أي الفصائل تحديدًا.

وأضاف المسؤولان أن (كتائب حزب الله) و(عصائب أهل الحق)؛ نفذتاه جنبًا إلى جنب. فيما أشار مصدر بجماعة مسلحة إلى أن (كتائب حزب الله) متورطة؛ لكنه لم يؤكد تورط العصائب.

الكاظمي: نعرف مرتكبي جريمة محاولة الاغتيال !

وكان “الكاظمي” أكد في كلمة له، الأحد الماضي؛ خلال جلسة للحكومة، أن القوى الأمنية: “تعرف مرتكبي جريمة محاولة الاغتيال وستكشفهم”.

كما شدد على أن استهداف منزله تم بطائرات مُسيرة مفخخة وجهت إليه بشكل مباشر.

تجييش وتحريض ضد “الكاظمي”..

هذا الهجوم أتى بعد حملة تجييش وتحريض شنتها الفصائل الموالية لـ”طهران”، والمنضوية ضمن (الحشد الشعبي)، ضد “مصطفى الكاظمي”؛ على خلفية الاشتباكات التي وقعت بين القوى الأمنية ومناصرين لها اعتصموا وتظاهروا في محيط “المنطقة الخضراء”، يومي الجمعة والسبت، ما أدى إلى مقتل أحد قادة تلك الفصائل.

ولاحقًا اتهمت (عصائب أهل الحق)، و(كتائب حزب الله)، رئيس الحكومة؛ بتوجيه أوامره للقوات الأمنية بإطلاق الرصاص الحي، متوعدة إياه بدفع الثمن.

إلا أن أمين عام العصائب، “قيس الخزعلي”، عاد وأعلن إدانته للهجوم على منزل “الكاظمي”، “إن كان مقصودًا”، وفق تعبيره، فيما سخرت (كتائب حزب الله) من الهجوم، معتبرة أنه مُفبرك، ولا: “أحد من الفصائل مستعد لخسارة مُسيرة على رئيس حكومة سابق”.

محاولة لقطع الطريق على حصول “الكاظمي” على ولاية ثانية..

المحلل السياسي العراقي، “بسام القزويني”؛ يقول إن الهجوم كان محاولة ممن خسروا الانتخابات لقطع الطريق الذي يمكن أن يؤدي إلى استمرار “الكاظمي” لولاية ثانية، بداية من التصعيد في الشارع، ثم الاشتباك مع قوات الأمن العراقية، وصولًا إلى استهداف منزل “الكاظمي” نفسه، حيث محاولات استبعاد “الكاظمي” لن تكون صعبة؛ لأنه لا يستند على حزب سياسي، فبالتالي فهو عرضة للهجوم المباشر في غياب طرف يمكنه حمايته أو التفاوض بالنيابة عنه.

خطوة غبية جاءت بنتائج عكسية !

فيما ترى “رندا سليم”، مديرة حل النزاعات في “معهد الشرق الأوسط”، تقول إن الهجوم – الذي تُشير أدلة ظرفية كافية إلى أن الميليشيات العراقية المدعومة من “إيران” هي من دبرته – جاء بنتائج عكسية.

موضحة أنها كانت خطوة غبية وقصيرة النظر حققت العكس تمامًا لهدفهم المتمثل في حرمان “الكاظمي” من ولاية ثانية، محاولة الاغتيال هذه جعلت ولايته الثانية في المنصب شبه مؤكدة.

ولم يترشح “مصطفى الكاظمي” في الانتخابات الأخيرة، لكنه يأمل أن يختاره، “مقتدى الصدر”، كمستقل يُشاركه هدف تخفيف قبضة “إيران” في “العراق”. ويتوقع أن يبدأ “الكاظمي” محادثات تشكيل الحكومة الجديدة مع “الصدر” وغيره من السياسيين البارزين أواخر الشهر الجاري.

إيران تحمي مصالحها في العراق بأدوات أخرى..

وبحسب موقع (إضاءات)، يستند التحليل القائم على أن “إيران” ليست متورطة في محاولة اغتيال، “مصطفى الكاظمي”؛ على أن “طهران” ليست صاحبة مصلحة في توتير الأجواء لأكثر من سبب، أهمها أن “مقتدى الصدر”، الفائز الأكبر في الانتخابات العراقية، لم يُعد صديقًا مقربًا كما كان يوصف تقليديًا، لكنه ليس عدوًا، إذ تحول إلى انتقاد نفوذ “إيران” في “العراق”؛ بعد سلسلة تطورات شملت المظاهرات المناهضة لـ”طهران” في محافظات شيعية، والتي شهدت مقتل متظاهرين، ثم اغتيال “قاسم سليماني” و”أبومهدي المهندس”؛ في غارة أميركية على “بغداد”.

بالتالي، تتوقع “إيران” أن تصل إلى نتيجة ما بالتفاوض مع تيار “مقتدى الصدر”.

والسبب الثاني؛ أن “إيران” تتفاوض حاليًا على إعادة إحياء الاتفاقية الشاملة بخصوص برنامجها النووي، الذي عطّله الرئيس الأميركي السابق، “دونالد ترامب”، بينما تعهد خلفه، “جو بايدن”، بتفعيله مجددًا. ومع ضغوط دول الخليج و”إسرائيل” لمنع الخطوة أو على الأقل إدراج بنود أخرى تشمل ميليشيات “إيران” وبرنامجها الصاروخي ونفوذها الإقليمي، لن تكون “إيران” مستفيدة من خطوة مماثلة ستزيد الضغوط الغربية عليها.

والسبب الثالث أن “إيران” تُفضل حماية مصالحها في “العراق” بأدوات أخرى، ربما تشمل: “الابتزاز الاقتصادي”، مثل المطالبة بتعويضات عن الحرب (العراقية-الإيرانية): 1980 – 1988، والتي قدرها برلمانيون إيرانيون: بـ 110 مليارات دولار، أو حجب إمدادات المياه عن مصادرها، أو تقليل أو قطع إمدادات الكهرباء. وستجد المبررات لهذه الإجراءات باعتبار أن “العراق” تأخر عن دفع المستحقات في مواعيدها.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة