وكالات – كتابات :
نقلت شبكة (إن. بي. سي نيوز) الأميركية عن مسؤولين أميركيين حاليين وسابقين؛ ترجيحهم أن “إيران” لم تُصدر أوامر شن هجوم بطائرات مُسيرة لاستهداف رئيس الحكومة العراقي، “مصطفى الكاظمي”، برغم أنه من شبه المؤكد أن قوى لميليشيات شيعية سلحتها “طهران” ودعمتها، هي التي نفذت الهجوم.
وقال مسؤول عسكري أميركي كبير وإثنان من كبار المسؤولين الأميركيين السابقين؛ إن محاولة الاغتيال تُظهر أن “طهران” كافحت من أجل احتواء قادة الميليشيات الشيعية المتناحرين، منذ أن اغتالت “واشنطن” نائب قائد (الحشد الشعبي)، “أبومهدي المهندس”؛ وقائد (فيلق القدس) الإيراني، “قاسم سليماني”، في كانون ثان/يناير العام 2020.
“طهران” فقدت سيطرتها على الميليشيات العراقية منذ مقتل “سليماني”..
ونقلت الشبكة الأميركية؛ عن المسؤول العسكري الأميركي، في تقرير لها؛ قوله إنه: “من العدل القول إن إيران لا تتمتع بسيطرة كبيرة على هذه الجماعات منذ مقتل سليماني”.
وكانت طائرات مُسيرة مسلحة بالمتفجرات قد هاجمت منزل “الكاظمي”، في “بغداد”، في الساعات الأولى من صباح يوم 07 تشرين ثان/نوفمبر الحالي، لكن “الكاظمي” نجا. وأدانت “إيران” الهجوم ونفت أي دور فيه.
وأشارت الشبكة الأميركية إلى أن مسؤولين حاليين وسابقين وخبراء إقليميين يقولون أن تصميم الطائرات المُسيرة ومكوناتها تُشبه المُسيرات الأخرى التي تستخدمها الميليشيات المدعومة من “إيران”، منذ تموز/يوليو العام 2020، بما في ذلك عدد من الهجمات الفاشلة على مجمع السفارة الأميركية.
اغتيال “الكاظمي” لا يخدم إستراتيجية “إيران” !
ولفتت الشبكة، في تقريرها؛ إلى أن قائد القيادة المركزية الأميركية، الجنرال “فرانك ماكينزي”؛ حمل مسؤولية محاولة الاغتيال؛ للميليشيات المدعومة من “إيران”، في وقت سابق من هذا الأسبوع، فيما يقول مسؤولون أميركيون حاليون وسابقون إن الأسلحة المستخدمة والتكتيكات والهدف؛ كلها تُشير جميعها إلى الميليشيات المدعومة من “إيران”.
وبعدما أشارت إلى أن علاقة “إيران”، بوكلائها في “العراق” ومناطق أخرى في الشرق الأوسط؛ مبهمة بشكل متعمد، بما يمنحها الوسيلة لإنكار مسؤوليتها عن الهجمات التي نفذها الشركاء الذين دربتهم وسلحتهم. لكن الشبكة قالت إن مسؤولين حاليين وسابقين يقولون الآن؛ إن محاولة الاغتيال لم تكن بدعم من “إيران”.
ونقلت الشبكة عن السفير الأميركي السابق في العراق، “دوغلاس سيليمان”، أنه لا يبدو أن اغتيال “الكاظمي” يخدم المصالح الإستراتيجية لـ”إيران”، لأنه سيُخاطر بإطلاق سلسلة مضطربة من الأحداث على حدودها.
وأوضح السفير الأميركي السابق: “سأكون مندهشًا للغاية إذا أمرت إيران بشن هجوم بطائرة مُسيرة على الكاظمي. إيران لا تُريد أن تُشاهد عراقًا مزعزع الاستقرار بالكامل، وتُريد ببساطة عراقًا غير متوازن بدرجة كافية ليكون لها نفوذ واسع سياسيًا واقتصاديًا”.
الفرق بين “قاآني” و”سليماني”..
ولفت تقرير الشبكة الأميركية إلى زيارة قائد (فيلق القدس)، بـ”الحرس الثوري” الإيراني، “إسماعيل قاآني”؛ المفاجئة إلى “بغداد”، فور وقوع الهجوم، وإلى دعوته من أجل التهدئة والوحدة الوطنية، مضيفة مع ذلك أنه من المُعتقد أن “قاآني” يُمارس نفوذًا أقل من “سليماني”، الذي كان يتحدث العربية ويتمتع بسنوات من الخبرة بالتعامل مع الميليشيات العراقية، مشيرة إلى أن أي شخصية من الميليشيات لم تتمتع بالسلطة التي كان “المهندس” يتمتع بها.
واعتبر “دوغلاس سيليمان”؛ أن غياب “سليماني” و”المهندس” أشعل صراعًا على النفوذ بين قادة الميليشيات وما زال يظهر إلى الآن، مضيفًا: “أعتقد أن التوتر في صفوف قادة الميليشيات العراقية بقدر ما هو قائم بين الميليشيات وطهران”.
ونقل التقرير أيضًا عن الباحث في “معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى”، “مايكل نايتس”؛ قوله إن الميليشيات ارتكبت سلسلة من الأخطاء السياسية؛ وهي تُكافح من أجل الحفاظ على نفوذها منذ مقتل “سليماني” و”المهندس”. وأضاف أنه: “منذ ذلك الحين، توقف دوران العجلات”.
ليست “كتلة واحدة”..
وقال “نورم رول”، الذي عمل لمدة (34 عامًا) في وكالة الاستخبارات المركزية وخدم في الشرق الأوسط، أن القوى العراقية الموالية لـ”إيران” ليست: “كتلة واحدة”، معتبرًا أن المنافسة فيما بينها يمكن أن يولد المزيد من العنف.
وأوضح “رول”؛ أنه: “من المُرجح أن تُقلل إيران من الدعم للبعض، (الميليشيات)، لصالح البعض الآخر. غير أن الجماعات السابقة لن تختفي فقط وستكون هذه بمثابة مشكلة للجميع”.
ولفت التقرير؛ إلى أن الهجوم أثار تساؤلات الخبراء حول سبب عدم اكتشاف وكالات الاستخبارات الأميركية أو الحليفة لها، للهجوم مسبقًا وما إذا كان يتحتم على “واشنطن” تقديم المزيد من المساعدة الأمنية، بما في ذلك تكنولوجيا مكافحة الطائرات المُسيرة لحماية كبار المسؤولين العراقيين والمسؤولين السابقين.
وقال “رول” أن: “الهجوم أظهر أيضًا أن المعلومات الاستخباراتية العراقية والغربية، حول القوى الموالية لإيران، ما زالت ليست كافية”، موضحًا أنه: “إذا أردنا الإلتزام باستقرار العراق والحؤول دون وقوع هجمات مشابهة مستقبلاً، يتحتم على الولايات المتحدة والشركاء الآخرين، تحسين فهمهم لخطط الميليشيات ونواياها”.
وبينما أشار التقرير إلى أن وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية و”مجلس الأمن القومي”، في “البيت الأبيض”؛ أمتنعوا عن التعليق، وأن الرئيس، “جو بايدن”، طالب بتحديد المسؤولين عن الهجوم ومحاسبتهم، قال “رولي” أن الهجوم على “الكاظمي” لا يخدم بالضرورة الأهداف الإستراتيجية لـ”إيران”.
إلا أن “رولي” أضاف أن “طهران” تتحمل جانبًا من المسؤولية عن الهجوم؛ نظرًا إلى دعمها القوي للميليشيات، وأوضح أنه: “فيما قد يكون من أمرًا جيدًا؛ أن إيران لم تأمر بمحاولة الاغتيال ضد، الكاظمي، إلا أنه يجب ألا نتجاهل حقيقة أن إيران أسست، ودربت ووجهت الجماعات التي من المُرجح أنها تقف وراء هذا الهجوم. ولهذا السبب، على الأقل فإن إيران تتحمل بعض المسؤولية عن هذا الهجوم”.
ترجمة: شفق نيوز