خاص : ترجمة – د. محمد بناية :
وصل آية الله “علي خامنئي” إلى رأس السلطة الإيرانية، في العام 1989م، بينما انهار “الاتحاد السوفياتي”، في العام 1991م. وقد كان لذلك الحادث أثر عميق على أسلوب حكم “خامنئي”؛ إذ سعى للحيلولة دون تكرار هذا الحادث في “الجمهورية الإيرانية”.
وربما كان العداء للغرب والاعتماد على الهيكل الأمني والعسكري من أهم تداعيات إنهيار “الاتحاد السوفياتي” واستمرار “خامنئي”. وأوضح دليل على هذا الأثر؛ ما ورد في خطاب، “خامنئي”، أثناء لقاء مجموعة من القيادات العليا في حكومة “خاتمي”: “أعدت الولايات المتحدة مخطط شامل لإسقاط نظام الجمهورية الإيرانية، ودرست هذا المخطط من جميع الجوانب. وهذا المخطط هو إحياء لنفس المخطط الخاص بإسقاط الاتحاد السوفياتي… ووفق تصوراتهم فقد أعادوا إحياء مخطط إسقاط الاتحاد السوفياتي بما يتماشى والحالة الإيرانية، ويريدون تطبيق هذا المخطط على إيران”.
وقد لازمت هذه المخاوف، “علي خامنئي”، طوال فترة حكمه؛ وساهمت في بروز حالة من جنون العظمة انعكست على السياسات الداخلية التي شكلت رؤيته الأمنية؛ وشكل علاقات “إيران” الخارجية، لاسيما مع “الولايات المتحدة الأميركية”، حيث انعكس خوفه من “الولايات المتحدة” في كل خطاباته تقريبًا؛ وهو يستخدم كلمة: “عدو”، المحببة إليه في وصف القيادات الأميركية. بحسب “فرامرز داور”، في مةقع (إيران واير) المعارض.
“الكابوس” الذي يطارد “خامنئي”..
وبقي هذا الخوف في ذهن وتصريحات مرشد “الجمهورية الإيرانية”، حتى “الاتفاق النووي” التاريخي مع الرئيس الأميركي، “باراك أوباما”.
مع هذا سرعان ما وصف، “خامنئي”، “الاتفاق النووي”: بـ”رغبة الولايات المتحدة في اختراق الجمهورية الإيرانية”، وحرم بهذا الموقف بلاده من مزايا هذا الاتفاق؛ واتهم مجددًا: “العدو” بهذا الفشل. والواقع أن خوف “خامنئي”، من “الولايات المتحدة”؛ يُهييء مجالات إنهيار “الجمهورية الإيرانية”، إذ لا يتصور إمكانية سقوط “الاتحاد السوفياتي” دون مخطط أميركي.
لكن أسباب سقوط “الاتحاد السوفياتي” في الواقع شيء مختلف، ويشبه كثيرًا ما يحدث في “الجمهورية الإيرانية”، تحت سلطة “خامنئي”؛ وهو إساءة استغلال السلطة، وإخفاء الحقيقة، والدعاية الحكومية بدلًا من الإدارة الصحيحة… ورغم وضوح مخاوف “خامنئي”، الواضح من نهاية “الاتحاد السوفياتي”، لكن نظام حكمه يُشبه في الغالب نفس حالة السنوات الأخيرة في عمر “الاتحاد السوفياتي”.
وفوز “محمد خاتمي”، في انتخابات الرئاسة الإيرانية، وشعار: “الإصلاح” وسياسية التماهي مع الغرب وخفض مستوى التوتر مع “الولايات المتحدة”، أصاب آية الله “خامنئي” بالرعب.
وفي إحدى المناسبات؛ خطب “خامنئي” قائلًا: “أنا كشخص واجهت من أول الثورة، وحتى اليوم الكثير من القضايا المتنوعة في مختلف أركان النظام. سواء الشخصيات التي أعرف، أو الخطابات التي أسمع، أو الدعاية الإعلامية العالمية، وصلت إلى قناعة يمكن استخلاصها في جملة: مخطط لإسقاط نظام الجمهورية الإيرانية”.
“غورباتشوف” إيران !
والبعض في “إيران” يُشبه، “خاتمي”، وإصلاحاته بنظيره الروسي، “غورباتشوف”، آخر زعماء “الاتحاد السوفياتي. لكن “خامنئي”، ورغم الإصرار على مخطط الإسقاط، لكنه يصف هذا المخطط بالمستحيل، ويقول: “لقد أخطأوا في بعض الحسابات، الأول: أن السيد “خاتمي” ليس “غورباتشوف”. الثاني: الإسلام يختلف عن الشيوعية. الثالث: نظام الجمهورية الإيرانية ليس ديكتاتوريًا. الرابع: إيران موحدة بعكس الاتحاد السوفياتي. الخامس: دور القيادة الدينية والمعنوية في إيران ليس مزحة”.
والجدير بالتأمل في تصورات “خامنئي”؛ هو تمجيد “روسيا” في السنوات الأولى من زعامته “إيران”؛ في مقابل النفور الدائم من الغرب، وبخاصة الخوف الدائم من “الولايات المتحدة” ومخطط سقوط “الجمهورية الإيرانية”.
القوة النووية لردع “الكابوس”..
وهو يتصور أن امتلاك التكنولوجيا النووية والكثافة السكانية من عوامل الحيلولة دون سقوط “الجمهورية الإيرانية” المحتمل، وبالتالي وضع هذه الأهداف على رأس أولوياته. واعتمدت “الجمهورية الإيرانية” في برنامجها النووي المكلف على “روسيا”، ثم رفع “خامنئي” شعار زيادة الأعداد وطالب في كل خطاباته برفع أعداد المواليد. لكن العقوبات وسوء الإدارة يساهم في عزوف الإيرانيين عن الإنجاب.
ومع فشل المرشد الإيراني في تحقيق هذه الأهداف، إختبر حظه في إحتواء رغبة الإيرانيين بشأن إجراء تغيرات جذرية في البلاد؛ وقد نجح في هذا الأمر حتى الآن. فكان سببًا في فشل برامج الإصلاح واقتاد المقربون من “خاتمي” إلى السجن أو النفى.
في العام 2009م؛ استخدام “خامنئي” أسوأ أشكال العنف في قمع المظاهرات التي اجتاحت “إيران” اعتراضًا على نتائج الانتخابات الرئاسية. آنذاك؛ كشف اللواء “محمد علي جعفري”، عن سر خطير؛ وقال: “أصاب اليأس الدول الغربية من أسلوب القائد للحيلولة دون إنهيار الجمهورية على غرار (الاتحاد السوفياتي)”.
وربط بين فشل الإصلاحيين وإدارة المرشد الحكيمة. وما رآه “خامنئي” من إنهيار “الاتحاد السوفياتي” والخوف من تكرار نفس السيناريو في “إيران”؛ دفعه إلى مواجهة الإرادة الوطنية الإيرانية من خلال تزوير الانتخابات.