18 نوفمبر، 2024 5:38 ص
Search
Close this search box.

مانديلا .. وداعا

..وهكذا يرحل اخر العمالقة الكبار ..الذين افنوا العمر بالنضال والجهاد الحقيقي ..يبكيهم الناس في كل اقطار العالم ..ومن كل الشعوب والاديان..يرحلون وهم قامات عالية ..لم تبهرهم السلطة ولا الحكم ولا الجاه ولا السلطان ..
نيلسون مانيلا رحل اليوم من الدنيا الى صفحات المجد والفخار في التاريخ ..مانديلا : ذلك النحيل الذي دوّخ الصبر بصبره ..خرج اليوم من الدنيا بلا مال ولا ارصدة ؛ الاّ حب الناس اجمعين في العالم كله واحترام وتقدير العدو قبل الصديق ..
قبل خمسة اشهر بالضبط كتبتُ وفي هذا الموقع عن مانديلا :  المجاهد المناضل الانسان المسامح المتسامح الذي امضى جل حياته منذ ان كان محامياً شاباً يافعاً  قضى منها سبعة وعشرون عاماً في السجن دون ان يهادن في قضية شعبه ..نضال حقيقي سواء من خلف القضبان ..او مع الشعب في الامه ومعاناته ضد اعتى الظالمين واقسى الطغاة ..ولم يهرب خارج الحدود ليعيش ( جهاد ) مخابرات الدول او التآمر على شعبه او الارتماء في احضان الشيطان ..ثم يعود على متن دبابات الاعداء ..ليدعي جهادا او شرفاً او تحريراً زائفاً..ولم يسعَ او يقبل الحصول على جنسية ثانية ؛ ولو ارادها لمنحته اياها كل دول العالم..وعندما اصبح حراً طليقاً اهدى سجانيه الزهور ..وعندما اجبره الشعب على ان يكون رئيساً.. لم ينتقم او يعتقل او يجتث احداً ..واشترط ان يكون ذلك لمرة واحدة فقط لا غيرها ..وليس الى ابد الابدين ..قضى كل حياته زاهداً بسيطاً متواضعاً ..هو الذي قال لشعبه بعد انتخابه عام  1994 : الان بدأ النضال الحقيقي وهو بناء الدولة الواحدة الموحدة القوية ..وفي غضون اعوام وفـّى بوعده وجعلها : جنوب افريقيا ..وما ادراك ما جنوب افريقيا .!!
مانديلا ..هو الذي قال للعرب يوما ما : لديكم الحسين فاستلهموا من ثورته طريقكم ..وهو يعلم انهم لم يفعلوا ولن يفعلوا ؛ هو وليس غيره من يفتقده العالم ..وليس الطغاة او المجرمون او مدعو الجهاد والحرية والديمقراطية الذين ان حضروا لم يعدوا ..وان غابوا لا يفتقدوا ..وان مرضوا او عاشوا او ماتوا فلا يساوون شروى نقير.
مانديلا الذي ساوموه على حياته فرفض..وساوموه على بلده وشعبه فرفض ولم يقبل الاّ : نهاية حكم الفصل العنصري ..والاّ عودة السلطة الى الشعب ..دون ان يهمّش احدا او يستثني احدا .. مانديلا هو الذي كان عدو السلطة الاول ..ليصبح بعد حين بنضاله وارادة شعبه رأس السلطة الاول..فما اخذ منها الا حب الناس واحترام العالم وتقديره ..وهو ..وحده فقط الذي يبكيه شعبه اليوم دماً..والذي يتأهب ملايين الناس حول العالم لتشييعه الى مثواه الاخير .
ابلغ الكلام جاء على لسان الرئيس الحالي لجنوب افريقيا حيث قال وهو يتعاه : إن مانديلا، الذي صارع المرض طويلاً على مدار الشهور الماضية يستريح الآن في سلام وأن أمتنا خسرت ابنها الأكبر .. لقد فقد شعبنا والده !!
عذرا مانديلا ..يا أيقونة النضال الوطني في  كل العالم ..ولك الرحمة ..فقد اطلقنا العنان اليوم للانشاء والتعبير والعواطف ..فانت خارج نظريات العلم وسياقات البحث والدروس.     
اليوم ليصمت الجميع ويقفون حدادا على الرجل الذي اجمع العالم ..كل العالم على احترامه ومحبته.

أحدث المقالات