17 نوفمبر، 2024 11:26 م
Search
Close this search box.

العراق: اختيار رئيس الحكومة من خارج الصندوق

العراق: اختيار رئيس الحكومة من خارج الصندوق

تقترب عملية اعادة العد والفرز اليدوي من نهايتها، فلم يبق منها، اي من المحطات المطعون بها، الا القليل جدا؛ وقد اظهرت مطابقتها للفرز والعد الالكتروني. مما يعني ان النتائج النهائية سوف لن يكون فيها اي تغيير، اي تظل النتائج الاولية كماهي في النتائج النهائية، والتي من المؤمل ان تعلن في الايام المقبلة. في هذه الحالة لم يبق امام المعترضون على هذه النتائج التي سوف يعلن عنها في المقبل من الايام؛ الا الذهاب الى المحكمة الدستورية، وهذ هو ما صرح به المعترضون. من المرجح جدا؛ ان تصادق المحكمة الدستورية، على هذه النتائج النهائية. أما المعترضون عند المصادقة عليها اي على هذه النتائج، فلن يكون امامهم الا التسليم بهذه النهاية. اما التصريح بخلاف هذا، فلا اعتقد ان له رصيد في التنفيذ الواقعي؛ لأسباب تتعلق بالوضع الداخلي، المشتبك اجرائيا، ومصلحيا ونفعيا، مع الجوار الاقليمي ( ايران) وربما غيرها، اضافة الى ضغط العامل الدولي( امريكا وغيرها). وايضا الثناء على هذه الانتخابات والاشادة بها كونها انتخابات نزيهة وشفافة، داخليا وعربيا ودوليا واقليميا. مما سوف يشكل قيدا، على اي تحرك رافض لهذه النتائج من المعترضين. في جميع الحكومات التي تشكلت بعد الاحتلال الامريكي، والتي جاءت او تم تشكيلها بعد كل دورة انتخابية من عام 2005حتى اخر حكومة اسقطتها التظاهرات، حكومة عادل عبد المهدي؛ كانت حكومات محاصصة، او توزيع للمناصب والمواقع حسب عدد المقاعد في البرلمان. جرى لعدة مرات؛ محاولة الذهاب الى حكومة يتم تشكيلها على قاعدة الاغلبية السياسية كما هو معمول به في جميع الديمقراطيات البرلمانية اي النظام الانتخابي البرلماني، لكنها جميعها اي جميع هذه المحاولات ذهبت ادراج الرياح، ولم يتم الأخذ بها او العمل بها. الكتلة الصدرية وعلى لسان مقتدى الصدر؛ اكدت بان الحكومة التي سوف يتم تشكليها، ستكون على اساس الاغلبية الوطنية، وهي اشارة الى مشاركة الاكراد، وبعض الكتل السياسية في مناطق شمال وغرب العراق، وتحديدا كتلة محمد الحلبوسي، وربما اخرون. من الجانب الثاني، بقية الكتل المنضوية تحت الاطار التنسيقي (الشيعي)؛ تؤكد على ان تكون الحكومة التي سوف يتم تشكليها، تضم جميع الوان واطياف الشعب العراقي، بمعنى اخر؛ حكومة محاصصة بحكم الاتفاق وضروراته، والالتزامات التبادلية النفعية لأطرافه. مقتدى الصدر في تصريح اخر لافت له؛ حذر الكتل والاحزاب من الاعتماد على العامل الاقليمي في مباحثات وحوارات؛ اقامة حكومة اصلاح على حد وصفه لها، كما حذر تلك الدول التي لم يسمها بالاسم من التدخل في الشأن العراقي. السؤال هنا؛ من ينجح في فرض إرادته، الصدر ام الاطار التنسيقي؟ وما هي فرص النجاح امام الطرفين في تحويل رؤيته وإرادته الى واقع؟ وما هو موقف ايران وامريكا وربما دول اخرى في الجوار العراقي، في المفاوضات التي ستجري في المقبل من الاسابيع في الذي يخص تشكيل الحكومة القادمة؟ وما هو موقف كتلة الحلبوسي والاكراد من الطرحين؛ حكومة اغلبية وطنية او حكومة جامعة اي حكومة تحاصص؟ من غير الممكن التنبؤ الأكيد، بالمألات التي سوف تؤل، او تقود الى نوع الحكومة المقبلة، هل حكومة توزيع مناصب ومغانم، ام حكومة بخلاف هذا. من وجهة نظري المتواضعة؛ لا اميل الى ترجيح كفة اي من الاحتمالين السابقين، او الطرحين السابقين؛ أذ، من المستبعد ان يكون لأي من الطرحين؛ الحظ الاوفر، كقاعدة او اساس في انبثاق الحكومة المقبلة؛ بل ان من المحتمل جدا؛ ان اي من الطرحين سوف لن يكون له وجود وفعل في الكابينة الوزارية، التي سوف تفضي المفاوضات المقبلة بإنتاجها، اي ليست حكومة اغلبية وطنية( اغلبية سياسية) كما يريد مقتدى الصدر، وليست حكومة جامعة كما يريد الاطار التنسيقي.. حكومة تقع في المساحة الوسط بين المساحتين سابقتي الاشارة. ان هذه الانتخابات وفي سابقة لم تشهد اي من الانتخابات التي جرت في السنوات السابقة؛ شهدت اشادة ومباركة.
سواء من امريكا او من مجلس الامن الدولي، او من البعثة الاممية في العراق، او من الدول العربية في الخليج العربي، او من مصر والاردن وغيرهما، او حتى من ايران لجهة تهنئة العراقيين بنجاح عملية الانتخابات. السفير الامريكي في بغداد التقى قبل ايام رئيس مجلس النواب السابق، وهو ايضا، رئيس كتلة حصلت على عدد كبير من المقاعد، وناقشا حسب بيان او موقع السفارة الامريكية في بغداد؛ نتائج الانتخابات والعملية السياسية، والمباحثات المقبلة حول شكل الحكومة القادمة. ان المتابعة لتحركات القوى السياسية في الساحة العراقية، وتحركات الدول الاقليمية وبالذات ايران، والقوى الدولية( امريكا وبريطانيا..)، اضافة الى تحركات رئيس الوزراء في هذا الوقت؛ تؤكد ان هناك وراء الاكمة ما وراءها، وبعبارة اكثر دقة، ان هناك احتمال كبير جدا، ان رئيس الوزراء المقبل هو الرئيس الحالي، اي التجديد له. مصطفى الكاظمي يسعى بكل جهده، وبعون علامي من مؤسسات اعلامية (مستقلة) من قنوات فضائية الى صحف والى ما غير هذا من وسائل اعلام (مستقل) لبلوغ هذا الهدف، وربما هناك ضوء اخضر له في هذا الاتجاه. تقول التسريبات الاعلامية؛ ان الصدر يميل الى تجديد ولاية الكاظمي. في هذا السياق، المالكي صرح من ان الاطار التنسيقي يرفض تجديد ولاية الكاظمي. واكد المالكي في هذا الصدد؛ ان رئيس الوزراء المقبل يجب ان يكون رئيس توافقي. موقع المونيتور الامريكي اوضح مؤخرا؛ ان الولايات المتحدة تميل وتثق بالصدر، وتعتبره الاكثر اعتدالا وتوازنا، والاكثر ابتعادا من ايران. ان الاعتماد على الصدر، في الذي يخص الحكومة المقبلة، وباختيار رئيسها المقبل، ووزراءه، قد يفيد في تفكيك روابط العراق مع ايران، لكنها اي امريكا كما يوضح الموقع اعلاه، تعتبر الصدر شخصية لا تثبت على موقف سياسي واحد، فقد يغير الصدر مواقفه السياسية بسرعة، ومع هذا، فهو اي الصدر؛ الاختيار الامثل والاقرب الى امريكا قياسا الى بقية الاختيارات، حسب الموقع اعلاه. عندما نقول ان الاحتمال الاكبر هو ان يكون رئيس الوزراء المقبل هو الكاظمي، لم يأت هذا التحليل او النتيجة من فراغ، او تنبؤ الساحر، بل هو قراءة عميقة ومتواضعة في آن واحد، بقدر توفر المعلومات ورصدها، والتصريحات والاجراءات من مواقع توليدها الى اهدافها، او محطاتها النهائية، والتي تشير الى ان الاوضاع تسير بهذا الاتجاه. وان هناك من يدفع بها على هذا الطريق بحرفية ومهنية عالية جدا، ( امريكا وغيرها..) .
ومفبركة بعلم وعلمية اجرائية؛ بتوفير عناصر وعوامل النجاح لتولية الكاظمي رئاسة مجلس الوزراء المقبل. الاكراد يميلون وبقوة للتجديد للكاظمي، وبالذات الحزب الديمقراطي الكردستاني. وهم من الجهة الثانية لا يميلون الى شخصية يرشحها الاطار التنسيقي، وبالذات حين يكون على شاكلة المالكي، او المالكي ذاته، او حتى على شاكلة العبادي، وان صرحوا بخلاف هذا، لكن الواقع المتحرك تحت الارض؛ يشير الى تبنيهم الموقف السياسي الذي يرشح الكاظمي لرئاسة الوزراء. الاكراد لهم خلافات حادة جدا مع رؤساء الوزارات العراقية، لأكثر من 12عاما، كان خلالها رئيس الوزراء من حزب الدعوة او من اتلافه، اي الأتلاف الذي يتزعمه حزب الدعوة. علما بان كتلة دولة القانون، هي الكتلة الاوفر حظا من بقية كتل الاطار التنسيقي، لأنها على عكس الاخرين من كتل الاطار، حصلت على اكبر عدد من المقاعد في البرلمان المقبل، مما يجعل منها قطب مغناطيسي له القدرة لجذب أكبر عدد من الكتل الاخرى، والجهات الاخرى؛ لتكوين اكبر كتلة يتم تشكيلها بعد الانتخابات اي بعد نتائج الانتخابات النهائية، كما جرى في عام 2010. انما هذا الامر سيواجه صعوبات جمه، وهي صعوبات لا يمكن لهم التغلب عليها، اي لا يمكن لهم جذب بقية الكتل الى جانبهم ونقصد هنا الاكراد، والكتل والتحالفات في مناطق غرب وشمال العراق، لنفس اسباب الاكراد في الابتعاد عن الاطار التنسيقي، وان كانت بطريقة واتجاه مختلف عن موقف الاكراد. ان هذه العملية برمتها لا يكمن فصلها عن الدعم الامريكي، لناحية الدفع بالأوضاع حتى يكون الكاظمي هو المرشح التوافقي الاوفر حظا في رئاسة الوزراء، حين يتم بقصدية حرفية، غلق جميع المخارج التي تفضي او ينتج عنها؛ ترشيح رئيس وزراء للمرحلة المقبلة والتي امدها اربعة سنوات. هنا في هذه الحالة سيتم تقديم الحل او المخرج لهذا الانسداد؛ بتقديم شخصية مجربة ومقبولة من الجميع، وان كان حينها بعضهم، (الاطار التنسيقي) على مضض، يقبلون بها، واقصد مصطفى الكاظمي. أما ايران وبسبب اوضاعها الداخلية في الاقتصاد والتجارة والعملة، وما الى ذلك من اختناقات يعاني منها الاقتصاد الايراني، ومفاوضاتها المقبلة مع 5+1والتي سوف تجري في الايام المقبلة، حول اعادة العمل بالصفقة النووية بين ايران والقوى العالمية الكبرى، وبسبب اخر مضاف لجهة الطمأنة على مصالحها في العراق، هو؛ المرونة البرغماتية التي يتمتع بها الكاظمي الذي يعطي للجميع وان اختلف معهم ما يريدون، وان اختلفوا وتقاطعوا مع بعضهم بعضا؛ عليه فأن ايران سوف تقبل به، ولو مكرهة، وبصعوبة بالغة، لانعدام الخيارات، في نهاية المطاف.. ان القيادة الايرانية لديها ما يكفي من المرونة البرغماتية( التقية..) لتتجنب الصدام تكتيكيا مع المصالح الامريكية في هذا الوقت بالذات..

أحدث المقالات