“أسبرطة الصغرى” .. “فورين بوليسي” تنصح “بايدن” برفع يده عن “الإمارات” التي تسيء للديمقراطية الأميركية !

“أسبرطة الصغرى” .. “فورين بوليسي” تنصح “بايدن” برفع يده عن “الإمارات” التي تسيء للديمقراطية الأميركية !

وكالات – كتابات :

نشرت مجلة (فورين بوليسي) تحليلًا، لـ”جون هوفمان”، المتخصص في شؤون الجغرافيا السياسية والإسلام السياسي في الشرق الأوسط، تحدث فيه عن عدد المشاكل التي تسببت فيها “الإمارات” في المنطقة، من ارتكاب جرائم حرب، إلى مقاومة الديمقراطية، ودعم الانقلابات وغيرها، وهو الأمر الذي يرى الكاتب أنه يدعو “واشنطن” إلى تغيير موقفها إزاء “أبوظبي”.

يقول الباحث في مستهل تحليله: إن “الإمارات”، التي أطلق عليها وزير الدفاع الأميركي السابق، “جيمس ماتيس”؛ لقب: “أسبرطة الصغرى”؛ بسبب القدرات العسكرية التي لا تتناسب مع حجمها الجغرافي الصغير، أُبرزت مرارًا وتكرارًا على أنها واحدة من أهم شركاء “الولايات المتحدة” في الشرق الأوسط، وعدها حليفًا حيويًا لردع “إيران”، ومواجهة الإرهاب، وتعزيز الاستقرار الإقليمي.

وأصبحت “الإمارات”، في الآونة الأخيرة؛ عنصرًا أساسيًا في خطة “واشنطن”: لـ”إسناد” أعبائها الإقليمية في الشرق الأوسط لآخرين؛ إذ تتجه للتركيز على “آسيا”. ومع أن “الإمارات” تنخرط أحيانًا في تدخلات إقليمية، أو ترتكب انتهاكات لحقوق الإنسان، فإن مثل هذه الإجراءات لا تضر بالمصالح الأميركية، بحسب الكاتب، بينما تظل رمزًا للاستقرار والتقدم في منطقة مضطربة.

ويبدو أن إدارة “بايدن” قد تبنّت هذا الموقف؛ إذ وافقت على بيع أسلحة بقيمة: 23 مليار دولار، (بما في ذلك طائرات “إف-35”)، إلى “أبوظبي”، في صفقة بدأت في ظل إدارة “ترامب”، وأشادت بـ”الإمارات” باعتبارها: “شريكًا أمنيًا رئيسًا” لأميركا.

ولكن رغم التفاؤل الذي أبداه أتباع مثل هذا التوجه، فإن تجاهل سلوك “الإمارات”، الذي وصفه الكاتب: بـ”المارق”، كان ضارًا بالمصالح الأميركية، ليس فقط داخل الشرق الأوسط، ولكن في “الولايات المتحدة” أيضًا.

كوارث الإمارات..

يُلفت “هوفمان” إلى أن السياسات التي أتبعتها “الإمارات”، في الشرق الأوسط؛ كانت مزعزِعة للاستقرار بطبيعتها، وفاقمت العديد من الحروب الأهلية المستمرة في المنطقة، وانتهكت القوانين الدولية، وعملت جاهدة على تخريب محاولات التغيير الديمقراطي. وتقترن بهذه المساعي الإقليمية محاولات “الإمارات” المتكررة للتدخل في السياسة الداخلية الأميركية على أعلى المستويات ومراقبة الدبلوماسيين والمسؤولين الحكوميين في جميع أنحاء العالم.

ويقول الكاتب: إن “الولايات المتحدة” تحتاج إلى إعادة تقييم هؤلاء: “الحلفاء”، الذين تسعى لإسناد مصالحها إليهم في الشرق الأوسط قبل أن تتحول إلى مسارح أخرى، ويجب عليها محاسبة أولئك الذين يسعون للتدخل بشكل غير قانوني في سياستها الداخلية. لذلك يجب إنهاء سياسة حرية العمل المطلقة لـ”الإمارات”.

أسطورة الاستقرار الاستبدادي..

لطالما هيمن على السياسة الأميركية، في الشرق الأوسط، ما يُشار إليه باسم: “أسطورة الاستقرار الاستبدادي”. ويُشير هذا المصطلح إلى الإعتقاد الخاطيء بأن الحكام المستبدين في الشرق الأوسط: “يمكنهم حماية المصالح الأميركية من خلال فرض النظام السياسي والاجتماعي على المواطنين مسلوبي السلطة”. غير أن – كما يقول “نادر هاشمي”، مدير مركز دراسات الشرق الأوسط بجامعة “دنفر” – العكس صحيح: هذه الأنظمة الاستبدادية: “هي مصادر رئيسة لعدم الاستقرار الإقليمي، سواء من حيث طبيعة حكمها أو السياسات التي تتبعها”. و”الإمارات” نموذجًا لهذه الأسطورة؛ حيث الإفتقار إلى المساءلة في الداخل وحرية العمل الكاملة من “واشنطن” شجعها على اتخاذ الإجراءات التي تزعزع الاستقرار وتهدد المصالح الأميركية.

وبرزت “الإمارات”، المدججة بالأسلحة الأميركية المتقدمة، كواحدة من أكثر الدول تدخلًا في المنطقة، بحسب “هوفمان”، حيث تتبع سياسات أطالت أمد الحروب الأهلية في المنطقة، وخلقت أزمات إنسانية، وسحقت التطلعات الديمقراطية، وغذت المظالم الكامنة المؤدية إلى الاضطرابات. وفي “مصر”، لعبت “الإمارات” دورًا أساسيًا في دعم، انقلاب 2013، الذي أطاح بالرئيس المصري المنتخب ديمقراطيًا آنذاك، “محمد مرسي”، وأتى بـ”عبدالفتاح السيسي” حاكمًا، كما وفرت الكثير من المساعدات الاقتصادية في أعقاب الانقلاب.

ضحايا “أبوظبي” في المنطقة..

يواصل الكاتب، وفي “سوريا”، أظهرت “أبوظبي” دعمها لـ”بشار الأسد”، من خلال دعمها للتدخل العسكري الروسي، في عام 2015، والمشاركة مع “موسكو” في: “عمليات مكافحة الإرهاب”، وإعادة فتح سفارتها في “دمشق”، عام 2018، وحث “جامعة الدول العربية” والمجتمع الدولي الأوسع على قبول “الأسد”، الذي أثنت عليه “أبوظبي”: “لقيادته الحكيمة”.

أما في “ليبيا”، فقد قدّمت “أبوظبي” دعمًا اقتصاديًا وعسكريًا مكثفًا لميليشيات، الجنرال “خليفة حفتر”؛ التي تُعرف: بـ”الجيش الوطني الليبي”، حيث نفذت غارات جوية وضربات بطائرات مُسيرة، وزودت “حفتر” بالأسلحة؛ في انتهاك لحظر الأسلحة الذي تفرضه “الأمم المتحدة”. كما اتهم الإماراتيون باستخدام المرتزقة السودانيين لدعم قوات “حفتر”، وتمويل مرتزقة مجموعة (فاغنر) الروسية التي تُقاتل لصالح “حفتر”، والإنخراط في جرائم حرب مزعومة في “ليبيا”.

وفي “اليمن”، كانت “الإمارات” طرفًا مباشرًا في خلق وإدامة واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في العالم؛ التي أودت بحياة أكثر من: 230 ألف شخص؛ مع وجود ملايين الأشخاص على شفا المجاعة. وتورطت “الإمارات” في جرائم حرب، وتعذيب، وتجنيد أطفال، ووجهت حملات اغتيال باستخدام جنود أميركيين سابقين كمرتزقة. ونقلت كذلك أسلحة أميركية تمتلكها “الإمارات” إلى مقاتلين مرتبطين بالقاعدة وميليشيات سلفية متشددة أخرى. يُشير “هوفمان” إلى أنه على الرغم من إعلان “الإمارات” انسحابها، عام 2019، لم تزل “أبوظبي” تقدم الأسلحة والدعم لميليشيات محلية تقوم بانتهاكات إنسانية، وتواصل العمليات الجوية لدعم هذه الميليشيات، كما تستمر في احتلال أجزاء من “اليمن” على نحو غير قانوني.

ومؤخرًا أعربت “الإمارات” عن دعمها للانقلاب في “تونس”، ويُفترض أن “أبوظبي” راضية عن الانقلاب في “السودان”؛ نظرًا لعلاقاتها القوية مع الجيش، بحسب تكهنات الكاتب. ويرى أن هذه الإجراءات الإماراتية تضر بسمعة “الولايات المتحدة” العالمية، وتجعل وعد الرئيس الأميركي، “جو بايدن”؛ بإتباع سياسة خارجية أميركية تركز على حقوق الإنسان يبدو نفاقًا.

الاضطهاد الإماراتي وصل إلى “الإيغور” !

يُشير الكاتب إلى أنه؛ بالإضافة إلى سجلها السييء في مجال حقوق الإنسان، في الداخل، ومساهمتها في الأزمات الإنسانية في المنطقة، برّرت “الإمارات” ودعمت اضطهاد “الصين” لسكانها المسلمين من “الإيغور”. وبعد إدانتها باعتبارها: “أعمال إبادة جماعية”؛ من قبل إدارة “بايدن”، قامت “أبوظبي” باعتقال وترحيل “الإيغور” المنفيين لديها إلى “الصين”؛ بناءً على طلب “بكين”. وذُكر في آب/أغسطس؛ أن “الإمارات” تستضيف مرفق احتجاز سري تُديره “الصين”، في “دبي”؛ يُستخدم لاستهداف واحتجاز وترحيل “الأيغور”.

ويقول “هوفمان” إن الأمر لم يقتصر على تقويض “الإمارات”، للمصالح الأميركية في الخارج، بل سعت “أبوظبي” إلى التدخل المباشر في السياسة الداخلية الأميركية؛ فيما يُعد هجومًا مباشرًا على الديمقراطية الأميركية.

وفي وقت سابق من هذا العام، اتُهم “توماس باراك”، رئيس لجنة تنصيب الرئيس الأميركي السابق، “دونالد ترامب”، بالعمل كعميل أجنبي غير مسجل حاول التأثير على مواقف السياسة الخارجية لإدارة “ترامب”. ويزعم المدّعون الأميركيون أن، “باراك”؛ جرى توجيهه من قبل مسؤولين إماراتيين على أعلى المستويات – من بينهم ولي العهد “محمد بن زايد آل نهيان” – ودفع “باراك” بالمرشحين المفضلين لـ”الإمارات” لشغل مناصب على مستوى مجلس الوزراء في الإدارة الجديدة، بما في ذلك منصب وزير الخارجية ووزير الدفاع، ومدير وكالة المخابرات المركزية.

التدخل في الشأن الأميركي !

يضيف الكاتب: وفي أيلول/سبتمبر لماضي؛ اعترف ثلاثة عملاء سابقين في المخابرات الأميركية بالعمل جواسيسًا سيبرانيين لـ”الإمارات”، واختراق شبكات كمبيوتر مختلفة في “أميركا”. وتعتمد “الإمارات” على عملاء استخبارات غربيين سابقين للمساعدة في مراقبة دبلوماسيي “الأمم المتحدة”، وموظفي (الفيفا)، ونشطاء حقوق الإنسان، والصحافيين، والمعارضين السياسيين، والمواطنين الأميركيين.

وذُكر المسؤولون المرتبطون بـ”الإمارات”؛ في تقرير “مولر”، التقرير الرسمي الذي يُحقق في التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية الأميركية 2016. وكان “جورج نادر”، مبعوث ولي العهد السعودي، “محمد بن سلمان” و”بن زايد”، الذي كان له اتصالات رفيعة المستوى مع المسؤولين الأميركيين والروس ومسؤولين في الشرق الأوسط، محورًا رئيسًا للتقرير.

وأوردت صحيفة (نيويورك تايمز)، حادثة تُسلط الضوء على المدى الذي سعى فيه “نادر” للتسلل إلى الدائرة المقربة من “ترامب”. وتقول الصحيفة أنه قبل انتخابات، عام 2016، بفترة وجيزة، تجمّع ثلاثة أفراد في “برج ترامب”، للقاء “دونالد ترامب جونيور”، الابن الأكبر للمرشح “ترامب”، آنذاك. الثلاثة هم: “غويل زامل”، وهو أسترالي إسرائيلي متخصص في التلاعب بوسائل التواصل الاجتماعي، و”إريك برنس”، الرئيس السابق لشركة (بلاك ووتر)، و”جورج نادر”. وبحسب ما ورد: “قال نادر، لدونالد ترامب جونيور؛ إن الأمراء الذين يقودون السعودية والإمارات حريصون على مساعدة والده في الفوز بالانتخابات”، وعرض “زامل” خدمات شركته، “المتخصصة في جمع المعلومات وتشكيل الرأي العام من خلال وسائل التواصل الاجتماعي”.

وتضمنت الخطة، وفقًا للصحيفة، “استخدام الآلاف من حسابات وسائل التواصل الاجتماعي المزيفة؛ للترويج لترشيح ترامب على منصات مثل (فيس بوك)”. ومع أنه من غير المعروف ما إذا كانت الخطة قد نُفذت، فقد اتهمت (فيس بوك) و(تويتر)، “الإمارات”، عدة مرات بالضلوع في حملات تضليل معقدة. واتُهم “نادر” لاحقًا بتحويل الأموال بشكل غير قانوني إلى حملة “هيلاري كلينتون”، في 2016.

يقول “هوفمان”؛ إنه حان الوقت لـ”واشنطن” لإنهاء حرية العمل المطلقة: لـ”إسبرطة الصغرى”؛ والاعتراف رسميًا بالدور الذي تلعبه في زعزعة استقرار الشرق الأوسط، وتقويض التقدم الديمقراطي في المنطقة، والتدخل بشكل غير قانوني في السياسة الداخلية الأميركية. والطريقة الأكثر إلحاحًا للقيام بذلك هي إنهاء مبيعات الأسلحة لـ”الإمارات”، والتي تُستخدم لإطالة أمد الصراعات الإقليمية، وارتكاب انتهاكات حقوق الإنسان، وتعزيز سياسات ليست في مصلحة “أميركا”، بحسب ما يراه الكاتب.

ويختم تحليله بالقول: بالرغم من أن مثل هذه الإجراءات قد تُعرّض مستقبل القاعدة الجوية في (الظفرة) للخطر، فإنه يجب إغتنام هذه الفرصة لإعادة النظر في الوجود العسكري الأميركي الواسع النطاق في المنطقة، والذي كان بحد ذاته مزعزعًا للاستقرار. ويجب أن تكون إعادة تقييم علاقة “أميركا” مع “الإمارات” حافزًا لإعادة النظر في إستراتيجية “واشنطن” الأوسع نطاقًا في الشرق الأوسط والمدعومة بأسطورة معيبة عن الاستقرار الاستبدادي.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة