رسم قانون الحياة منذ بدء الخليقة، وحدد من قبل مشرع هو أدرى بمصالح العباد، إلا أن الانحراف في تطبيق ذلك التشريع السماوي، اثر سلبا على بني آدم والى يومنا هذا. وبما أن الإنسان سيد المخلوقات، وله دور وأهمية كبرى في تكوين مجتمعات كريمة تتمتع بالحرية والأمان، ليسودها الألفة والمحبة والتسامح أذا ما اتبعت القيادة الصالحة، وبالتالي المضي قدما نحو جادة الصواب .. لذا تم تحديد آليات من قبل خاتمة الرسالات، هي كفيلة بأن تخلصه من رواسب التخلف والعدوان، والنأي بهي من منزلقات الهوى والنفس الأمارة بالسوء، لكن تفرق العباد للأسف الشديد عن كلمة الحق والهدى وخذلانها أيضا، أدى إلى فسح المجال أمام شرار الخلق، المتعطشين لسفك الدماء من أجل المال والسلطة وحب الأنا والشهوات، أن يهيمنوا على رقاب ومقدرات الشعوب، بعدما أزاحوا عنوة أهل العلم والورع والزهد والتقوى عن مراتبهم الحقيقية، التي رتبهم فيها الباري عز وجل! وما تشهده البشرية من ظلم وتمزق وصراعات وانتهاكات للحرمات، تجاوزت كل الحدود!، ما هو إلا دليل سافر بابتعاد الخلق عن النهج الذي خط لهم من قبل العدالة الإلهية. ولو قلبنا صفحات التاريخ وبحثنا فيها مليا، عن وجود لأي مشروع يحقق العدل والمساواة بين الناس، على اختلاف ألوانهم وألسنتهم وحتى دياناتهم على ارض الواقع، فأننا لا نجد إلا ذاك الذي يرتبط بالله فقط، ولا مجال لإدعاء غير ذلك قط، بدليل لوضعنا مثلا مقولة الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام: (الناس صنفان إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق) على طاولة التحليل، أعتقد سوف يجد القارئ الكريم، مدى العلاقة الوثيقة بين هذا الطرح ومبادئ الإسلام المحمدي الأصيل، وارتباطهما البعض بالبعض الأخر، ليشكلان بذلك حلقة وصل بين الخالق والمخلوق، وهذا ما يدفعنا باتجاه الحاجة الماسة بل والملحة إلى من يطبق هذا الكلام العميق والبليغ قولا وفعلا، وذلك لما يحمله من دلالات واضحة الأثر، في التعامل بحيادية مع جميع أنواع أفراد البشر، من دون استثناءات تذكر، ناهيكم عن كونه يعطي رسائل طمأنة للآخرين، هذا بالإضافة إلى انه يعد بحق مقت، ونبذ للتمييز والطائفية بكل أشكالها، كما يعبر عنها اليوم، وبمعنى آخر ما أحوج العالم إلى مثل تلك القيادة المقدسة، لقربها من المولى العلي القدير، وتعنى برعايته، وتسديده، وتمتلك العصمة من الزلل، حتى إنها تستطيع تصحيح مسارات تطبيق قانون السماء، لأنه يتطلب إمكانات لا تتوفر إلا في من أحب الله ورسوله، وأحبه الله ورسوله .. نعم “أنهم يرونه بعيدا ونراه قريبا”، فبلا شك سيظهر قريبا سليل الرسالة ومهبط الوحي من آل المصطفى محمد (ص)، فهو خير من يمثله ويحيي شريعته ويقيم حدود الله، انه الغائب المنتظر الإمام الثاني عشر من أئمة أهل بيت النبوة عليهم السلام، الحجة بن الحسن عجل الله تعالى فرجه الشريف -: (متى الفرج سيدي فقد ضاقت بنا الأيام،، يا منقذنا ومخلصنا أيها الضرغام .. آما حان وقتا للعيش بأمان،، لكي يعم بين العالمين السلام) …