خاص : كتبت – نشوى الحفني :
بات “العراق” على موعد من الاغتيالات الدامية؛ وهو الأمر الذي يُزيد الإشتعال بين الجبهات السياسية، خاصة بعد القيام بمحاولة الاغتيال الفاشلة لرئيس الوزراء العراقي، “مصطفى الكاظمي”، حيث انتقلت المعركة من العنف ضد المحتجين على نتائج الانتخابات ومحاولات قتل المرشحين إلى قتل رأس الدولة، وهو ما يبدو تخلصًا من مهدد حقيقي لمصالح جماعات لا تُريد بقاؤه.
وتعرض مقر إقامة رئيس الوزراء العراقي، “مصطفى الكاظمي”، فجر اليوم الأحد؛ لاستهداف بواسطة طائرة مُسيرة مفخخة، ما أدى إلى وقوع أضرار مادية، وإصابة عناصر من فريق حمايته.
ونقل “الكاظمي” للمستشفى بعد إصابته إصابة طفيفة جدًا، خلال استهداف منزله، بينما وصل خبراء متفجرات إلى المكان.
رئيس الوزراء لم يصب بأذى..
فيما أعلنت قيادة العمليات المشتركة، إثر محاولة الاغتيال الفاشلة هذه، أنّ رئيس الوزراء، “مصطفى الكاظمي”: “لم يصب بأذى؛ وهو بصحة جيّدة”.
وقالت خلية الإعلام الأمني الناطقة باسم القيادة، في بيان؛ إنّ: “محاولة اغتيال فاشلة تعرّض لها رئيس مجلس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة، بواسطة طائرة مُسيرة مفخّخة حاولت استهداف مكان إقامته في المنطقة الخضراء، ببغداد”.
كما أكدت أنّ: “القوات الأمنية تقوم بالإجراءات اللازمة بصدد هذه المحاولة الفاشلة”، دون إضافة مزيد من التفاصيل.
“الكاظمي”: صواريخ الغدر لن تجعلني أتراجع..
من جهته؛ أكد رئيس الوزراء لاحقًا، في كلمة مصورة مسجلة بثها على حسابه على (تويتر) أنه بخير، داعيًا إلى التهدئة وضبط النفس من أجل حماية البلاد.
قائلاً: “كنت وما زلت مشروع فداء للعراق وشعب العراق، صواريخ الغدر لن تُثبط عزيمة المؤمنين”.
وأضاف “الكاظمي”: “لن تهتز شعرة في ثبات وإصرار قواتنا الأمنية البطلة على حفظ أمن الناس وإحقاق الحق ووضع القانون في نصابه”.
عمل إرهابي يستهدف الشعب العراقي..
من جهته؛ وصف زعيم (التيار الصدري)، في “العراق”، “مقتدى الصدر”، اليوم الأحد، محاولة اغتيال رئيس الحكومة، “مصطفى الكاظمي”: بـ”العمل الإرهابي، واعتبرها استهدافًا للشعب العراقي.
وكتب في تغريدة على حسابه في (تويتر): “العمل الإرهابي الذي استهدف الجهة العليا في البلاد، لهو استهداف واضح وصريح للعراق وشعبه، ويستهدف أمنه واستقراره وإرجاعه إلى حالة الفوضى لتسيطر عليه قوى اللادولة، ليعيش العراق تحت طائلة الشغب والعنف والإرهاب، فتعصف به المخاطر وتدخلات الخارج من هنا وهناك”.
وأضاف: “على جيشنا الباسل والقوى الأمنية البطلة؛ الأخذ بزمام الأمور على عاتقها، حتى يتعافى العراق ويعود قويًا”.
تصعيد الميليشيات الموالية لإيران..
ويأتي استهداف منزل “الكاظمي”؛ وسط حالة من التوتر الشديد التي شهدتها البلاد، منذ أكثر من أسبوعين، من قبل فصائل موالية لـ”إيران”، ومناصري (الحشد الشعبي)؛ الذين اعتصموا في “بغداد”، بمحيط “المنطقة الخضراء”، اعتراضًا على نتائج الانتخابات النيابية، التي جرت في العاشر من تشرين أول/أكتوبر المنصرم، وأظهرت تراجعهم بشكل كبير عن الاستحقاق السابق.
وشارك أمس؛ عدد من قادة الميليشيات الموالية لـ”إيران”، بينها: (كتائب حزب الله وبدر والنجباء والعصائب)، في تلك الاحتجاجات التي تجددت، منذ يوم الجمعة؛ وشهدت اشتباكات مع القوى الأمنية أدت إلى سقوط قتيل من بين المتظاهرين، وإصابة العشرات أغلبهم من القوى الأمنية.
“عصائب أهل الحق” تتوعد..
فيما توعد “قيس الخزعلي”، زعيم (عصائب أهل الحق)، “الكاظمي”، بالرد بعد طرد أنصاره من “المنطقة الخضراء”.
وأشار “الخزعلي”، إلى أن: “ما حصل من تزوير في نتائج الانتخابات التشريعية الأخيرة؛ بإشراف الكاظمي، وبتنفيذ المفوضية ودويلة إمارات الشر، لاقى رفضًا شعبيًا بمختلف الفعاليات من اعتصامات وتظاهرات سلمية، ومنها تظاهرات اليوم التي خرجت، في 09 محافظات من البلاد، غير أن المتورطين بالتزوير ومن يقف خلفهم لم يستمعوا إلى صوت الحق؛ بل وتمادوا ضد التظاهر السلمي بإعطاء الأوامر لإطلاق النار الحي تجاه المحتجين العزل في بغداد”.
وأضاف: “نُحمل الكاظمي ومن خلفه، عبدالوهاب الساعدي وحامد الزهيري؛ المسؤولية المباشرة لسقوط العشرات من الشهداء والجرحى جراء تعاملهم الوحشي مع أبناء شعبنا الأبي المطالبين بإعادة الحق لأهله”.
وتابع: “شعبنا العزيز لن يخضع أبدًا لمؤامرة التزوير، ولن تردعه أدوات الإجرام، ويمتلك من الإرادة والعزم ما يضمن استمرار مطالبته الحقة وبكل الوسائل المتاحة لاسترجاع ما تم سرقته من أصواتهم، وعلى اللَّه فليتوكل المتوكلون”.
ودعا المتظاهرين إلى: “ضبط النفس وعدم الإندفاع وتفويت الفرصة على كل من يُريد استغلال الأحداث، وكذلك قواتنا الأمنية إلى الوقوف مع أبناء شعبهم وأن لا يكونوا أداة لتنفيذ الأوامر الخبيثة وغير القانونية”، محذرًا من: “محاولات أطراف مرتبطة بجهات مخابراتية تخطط لقصف المنطقة الخضراء وإلقاء التهمة على فصائل المقاومة”.
إجراء تحقيق شامل..
بينما، أمر القائد العام للقوات المسلحة في العراق، “مصطفى الكاظمي”؛ بإجراء تحقيق شامل حول ملابسات أحداث الجمعة؛ في مناطق مختلفة في محيط “المنطقة الخضراء”، وتقديم نتائج التحقيق.
وشدد “الكاظمي”، على أن: “التعليمات الصارمة للقوات الأمنية في التعامل المهني مع التظاهرات سارية، وأن احترام حقوق الإنسان الأساسية، وخصوصًا الحق في التظاهر والتعبير عن الرأي من الأساسيات التي إلتزمت بها الحكومة”.
ودعا الأطراف السياسية المختلفة إلى التهدئة واللجوء إلى الحوار، مناشدًا المتظاهرين بممارسة حقوقهم المشروعة: بـ”اعتماد السلمية وتجنب العنف بأي صيغة ومستوى ووسائل”.
كما أكد العزم على تعويض الضحايا، والقيام شخصيًا بالإشراف على سير التحقيق والتدابير المطلوبة.
يُذكر أن نتائج الانتخابات النيابية المبكرة كانت أظهرت تراجع عدد المقاعد التي حازت عليها الكتل السياسية الممثلة لـ (الحشد الشعبي) بشكل كبير، فيما تصدر (التيار الصدري) المركز الأول في عدد المقاعد النيابية، ما أثار حفيظة أنصار تلك التيارات والفصائل المسلحة، فعمد عدد منها إلى إطلاق التهديد والوعيد، متهمًا السلطات المعنية بتزوير النتائج !.
مطالب بضبط النفس..
من جهته؛ وجه رئيس تحالف (قوى الدولة الوطنية) في “العراق”؛ “عمار الحكيم”، رسالة إلى المتظاهرين والقوات الأمنية، طالب فيها الجميع بضبط النفس والحيلولة دون إنجرار الأوضاع إلى: “ما لا يُحمد عقباه”.
وقال: “نتابع بقلق بالغ الأحداث المؤسفة التي شهدتها مناطق حدود المنطقة الخضراء”، مؤكدًا على: “ضرورة عدم خروج الاحتجاجات الرافضة لنتائج الانتخابات عن إطارها السلمي”.
وحث “الحيكم”: “جميع الأطراف على تغليب المصلحة الوطنية العليا في هذا الظرف الحساس”.
ودعا “المفوضية العليا المستقلة للانتخابات” والمؤسسة القضائية؛ إلى: “النظر بجدية في الطعون الواردة وإنصاف القوى المعترضة”.
رفض محاولات الفوضى..
بدوره؛ أكد زعيم ائتلاف (دولة القانون)؛ “نوري المالكي”، رفضه لكل المحاولات: “الساعية إلى الفوضى”، في إشارة إلى التوتر السياسي الذي تشهده البلاد على خلفية نتائج الانتخابات الأخيرة.
استهداف المرشحين المستقلين..
بالتزامن مع ذلك، نشر نشطاء عراقيون، صورًا أظهرت استهداف منزل المرشح الفائز في الانتخابات النيابية، “ناظم الشبلي”، في “قضاء غماس”؛ التابع لمحافظة “الديوانية”، وسط البلاد.
وأفادت مصادر عراقية بأنّ مجهولين استهدفوا بقنبلة يدوية، منزل “الشبلي”، في “قضاء غماس”، (45 كم)، عن مركز “الديوانية”، ما تسبب بأضرار مادية لحقت بالمنزل وبسيارة “الشبلي”.
وقالت المصادر إنّ “الشبلي” مرشح مستقل ولديه تقاربات كبيرة مع الحركات التشرينية، وقد أبدى مؤخرًا رغبة كبيرة بالإنضمام إلى الكتلة الشعبية المستقلة التي أعلن عن تشكيلها مؤخرًا من قبل مرشحين مستقلين فازوا بالانتخابات.
وهذا الحادث هو الثاني الذي يُستهدف فيه مرشح مستقل فاز بالانتخابات.
وأصيبت عائلة المرشح عن محافظة بابل، “ياسر الحسيني”، بحالة تسمم غذائي نتيجة تناولهم طعامًا أهداه لهم مجهولون، وأدى ذلك إلى وفاة طفل صغير لـ”الحسيني”، فضلاً عن تسمم جميع أفراد أسرته.
تهديد مسبق بالتصعيد..
في هذا الصدد؛ قال المحلل السياسي العراقي، “فاضل البدراني”، إن القوى السياسية التي خسرت في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، هددت بأنه ما لم تكن هناك عملية تصحيح بما يخدم فرض وجودها بالعملية الانتخابية فسوف تقوم بالتصعيد، وهو ما وصل لذروته بسقوط قتلى وجرحى في تظاهرات الأمس.
وأضاف أن الأحزاب السياسية العراقية لديها ثقافة عدم تقبل الخسارة، لأن هذا يعني إزاحتها نهائيًا من المشهد السياسي العراقي، وهذا بالطبع ناجم عن قصور في الأداء السياسي والبرامج السياسية التي تقدمها القوى السياسية وقت الانتخابات والتي تكون مجرد حبر على ورق، بحسب قوله.
القوى السياسية أمام حالة إفلاس حقيقي..
وحول العنف في التظاهرات؛ يقول الكاتب والمحلل السياسي، “عبدالأمير المجر”: “إن القوى السياسية الخاسرة في الانتخابات بدأت تدفع جمهورها إلى إحداث نوع من الفوضى، لتيقنها من أنها أصبحت أمام حالة إفلاس حقيقي، خصوصًا بعد زيارة السيد، مقتدى الصدر، للسيد الحلبوسي؛ وبحثهم موضوع تشكيل كتلة برلمانية، والحكومة العراقية تُدرك نوايا تلك القوى ولا تسمح للمحتجين بدخول المنطقة الخضراء”.
وتابع “المجر” بالقول: “هذه التظاهرات لن تُغير من نتائج الانتخابات أو إستراتيجية تشكيل الحكومة، إذ أن المسألة ليست صراع إيديولوجي، وإنما صراع بين مفهومي الدولة المستقلة والدولة التابعة، تلك الأخيرة التي تعكسها نشاطات القوى الخاسرة”.
وأضاف “المجر” قائلاً: “إذا تمكنت هذه التظاهرات من كسر إرادة القوى الفائزة في الانتخابات، فلن تكون هناك حكومة جديدة، كون القوى السياسية الخاسرة لا تُريد الاعتراف بالهزيمة، وأعتقد أن هذه التظاهرات سوف تُعجل في حسم موضوع الانتخابات والشروع في بناء الدولة”.