27 فبراير، 2025 6:03 ص

بعد وصول درجة حرارة الجبهة إلى الإشتعال .. “واشنطن بوست”: الحرب الأهلية في “إثيوبيا” أصبحت قاب قوسين !

بعد وصول درجة حرارة الجبهة إلى الإشتعال .. “واشنطن بوست”: الحرب الأهلية في “إثيوبيا” أصبحت قاب قوسين !

وكالات – كتابات :

نشرت صحيفة (واشنطن بوست) الأميركية تقريرًا، سلَّطت فيه الضوء على آخر التطورات التي شهدتها “إثيوبيا” في الآونة الأخيرة، مُرجِّحةً نشوب حربٍ أهلية شاملة بعد المكاسب التي حققتها “القوات المتمردة” وزحفها نحو العاصمة الإثيوبية، “أديس آبابا”، في مقابل دعوات من الحكومة لاستنفار الشعب الإثيوبي وحثِّهم على حمل السلاح للتصدي لهذا الزحف.

وفي مطلع هذا التقرير، الذي أعدَّه، “ماكس بيراك”، مدير مكتب (واشنطن بوست) في العاصمة الكينية، “نيروبي”، تنقل الصحيفة ما قاله ناطقان رسميَّان باسم أكبر مجموعتين متمردتين: (جماعة جيش تحرير إقليم أورومو والجبهة الشعبية لتحرير تيغراي)، واللتين وحدتا صفوفهما على خط المواجهة في القتال ضد الحكومة الإثيوبية، قولهما إن المجموعتين على بُعد: 230 ميلًا، (368 كم)، شمال العاصمة الإثيوبية؛ هذا الأسبوع، مؤكدين على أن الحل السلمي للصراع المسلَّح أصبح غير مطروح مع اقتراب الحرب من عامها الأول.

استنفار عام في “إثيوبيا”..

أوضح تقرير الصحيفة الأميركية أن الحكومة الإثيوبية أعلنت، يوم الثلاثاء، مع اشتداد حدة القتال، فرض حالة الطواريء لمدة ستة أشهر، كما حث المسؤولون المحليون في “أديس آبابا”، سكان العاصمة البالغ عددهم: 05 ملايين شخص؛ على تسجيل أسلحتهم للدفاع عن أنفسهم والاستعداد للدفاع عن أنفسهم وحماية أحيائهم. وفي إفادة صحافية رسمية، قال وزير العدل الإثيوبي، “غيديون تيموثيوس”: إن “بلادنا تواجه خطرًا جسيمًا على وجودها وسيادتها ووحدتها. ولا يُمكننا تبديد هذا الخطر من خلال أنظمة وإجراءات إنفاذ القانون العادية”.

وفي الوقت نفسه، توجَّه رئيس الوزراء الإثيوبي، “آبي أحمد”؛ يوم الأحد، بدعوة شاملة إلى الشعب الإثيوبي يحثهم فيه على حمل السلاح للتصدي لزحف المتمردين، قائلًا: “إن واجب كل مواطن الإنضمام إلى المجهود الحربي”، واعدًا الشعب بتحقيق النصر. وتأتي دعوة، “آبي أحمد”، لحمل السلاح بعد دعوة مماثلة أصدرتها حكومة “إقليم أمهرة”، الواقعة في شمال العاصمة، حيث تركزت المعارك القتالية في الأسابيع الأخيرة.

ونوَّه التقرير إلى أن الرئيس الأميركي، “جو بايدن”، كان قد أعلن، يوم الثلاثاء الماضي؛ أن “الولايات المتحدة” ستُعلق إعفاءات الرسوم الجمركية على الصادرات الإثيوبية للوصول إلى الأسواق الأميركية بموجب اتفاقية تجارية سابقة، مشيرًا إلى: “ما ترتكبه إثيوبيا من انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان المعترف بها دوليًّا”.

ويؤكدَّ “جيفري فيلتمان”، المبعوث الأميركي الخاص لمنطقة القرن الإفريقي، يوم الثلاثاء؛ قائلًا: إن “الوضع يزداد سوءًا؛ ونحن منزعجون من ذلك في الحقيقة”، مضيفًا أن وقف إطلاق النار أو غيره من أشكال التهدئة: “لا يبدو قريبًا على أي حال”.

خطر المجاعة يلوح في الأفق..

من جهتها؛ تزعم القوات المتمردة من “إقليم تيغراي” إلى جانب المقاتلين من جماعة (جيش تحرير أورومو)؛ أنهم حققوا مكاسب على الأرض وسيطروا، خلال الأيام القليلة الماضية؛ على مدن إستراتيجية رئيسة في “أمهرة”، على طول الطريق السريع المؤدي إلى “أديس آبابا”. وفي وسائل الإعلام الحكومية، نفى الناطقون باسم الحكومة الإثيوبية تقهقر قواتها وفقدان أيٍّ من هذه الأراضي، لكنهم لم يردوا على الطلبات المرسلة للتعليق على الأمر.

وفي هذا الصدد؛ قال “أودا تربي”، المتحدث باسم (جيش تحرير أورومو): إن “كلانا، (جيش تحرير أورومو والجبهة الشعبية لتحرير تيغراي)، يمضي قدمًا بإستراتيجية عسكرية منسَّقة وموحدة لإنهاء هذه الحرب في أسرع وقت ممكن؛ لمنع مزيد من إراقة الدماء. وسوف يُصبح هذا أكثر وضوحًا خلال الأسابيع المقبلة”. إلا أن “أودا تربي” أو “غيتاتشو رضا”، المتحدث باسم (الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي)، لم يوضحا هل الزحف صوب العاصمة، “أديس آبابا”، التي تستضيف مقر “الاتحاد الإفريقي”، يُعد جزءًا من إستراتيجيتهما لانتزاع السيطرة على البلاد من حكومة “آبي أحمد”. ويرد “غيتاتشو” قائلًا: “لا يمكنني استبعاد أن نزحف سويًّا نحو أديس آبابا”.

ولفت التقرير إلى أن الحكومة الإثيوبية كانت قد فرضت قيودًا شديدة على إمكانية وصول الصحافيين، مما يجعل تأكيد المعلومات بصورة مستقلة للسيادة الإقليمية على الأراضي أمرًا صعبًا. وسادت حالة من التعتيم شبه الكاملة على الاتصالات في “إقليم تيغراي” الواقع في المنطقة الشمالية، حيث بدأت الحرب، في تشرين ثان/نوفمبر 2020، فضلًا عن أن المنطقة بأسرها معزولة عن العالم الخارجي. وحذَّرت بعض المنظمات الإنسانية العاملة في “تيغراي” من خطر حدوث مجاعة شديدة وشيكة. وقالت “الأمم المتحدة” إن إمدادات المساعدات لم تدخل المنطقة، منذ يوم 18 تشرين أول/أكتوبر.

أصل الصراع المسلح في “إثيوبيا”..

يُشير التقرير إلى أن الحرب كانت قد اندلعت بين الحكومة الإثيوبية والقوات المتحالفة معها من “إريتريا” المجاورة والمقاتلين من الميليشيات في منطقة “أمهرة”؛ ضد (الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي) والميليشيات الأخرى التابعة لـ”إقليم تيغراي”. وكانت الجبهة قد تشكلت بوصفها جيشَ عصاباتٍ لمحاربة النظام الشيوعي السابق في “إثيوبيا”. وبعد انتصارها، عززت سلطتها وسيطرت على البلاد قرابة ثلاثة عقود، كانت تتعامل خلالها مع المعارضة غالبًا بوحشية وقسوة.

وفي عام 2018، أصبح، “آبي أحمد”؛ رئيسًا للحكومة الإثيوبية، وتعهد بتقسيم السلطة بين أكبر الجماعات العِرقية في “إثيوبيا” على نحوٍ عادل، بالإضافة إلى المضي قدمًا صوب تكوين هوية إثيوبية موحدة، بدلًا من الفيدرالية العِرقية التي تُفضلها (الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي). كما أبرم اتفاقية سلام مع “إريتريا” المجاورة، التي تنظر إلى (الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي) بوصفها العدو اللدود لها بعد حرب دامية بين البلدين، في عام 1998، إبَّان حكم الجبهة لـ”إثيوبيا”.

أما الحكومة الإثيوبية؛ فقد زعمت أنها انجرفت إلى الصراع الحالي بسبب (الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي) المتحاربة؛ لأنها كانت تُثير النزاعات العِرقية في جميع أنحاء البلاد من أجل تقويض حكم “آبي أحمد”. لكن بعد عقود في السلطة، شكَّل أتباع “تيغراي” جزءًا كبيرًا من الجيش الإثيوبي، وخاصةً في المناصب العليا فيه، وأدَّى التمزق الناجم عن القتال إلى زعزعة استقرار القوات المسلحة الإثيوبية.

وألمح التقرير إلى أن الجيش الإثيوبي منح أهالي “تيغراي” نفوذًا هائلًا، على الرغم من أنهم يُشكِّلون حوالي: 6% فحسب من سكان “إثيوبيا”. وسيُمثل ما أُشِيع عن تحالف (الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي) مع (جيش تحرير أورومو)، الجناح المسلح لحزب معارض بارز يدَّعي تمثيل مصالح “الأورومو”؛ وهي أكبر مجموعة عِرقية في البلاد، تحالفًا تاريخيًّا بين مجموعتين كانتا متناحرتين في السابق. وكانت الحكومة الإثيوبية قد صنَّفت كلًّا من (الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي) و(جيش تحرير أورومو) على أنها منظمات إرهابية؛ بعد وقت قصير من بدء الحرب.

مزاعم واتهامات..

ينقل التقرير ما أدَّعاه “أودا تربي”؛ المتحدث باسم (جيش تحرير أورومو)؛ أن الجماعة سيطرت في الأسابيع الأخيرة على مدن في وسط منطقة “أوروميا” وجنوبها، ومعظم المناطق الريفية الواقعة في غرب “أوروميا”، وثلاث مدن في منطقة “أمهرة”؛ بالقرب من خط المواجهة، حيث كانت قوات “تيغراي” تتقدم جنوبًا نحو “أديس آبابا”. مضيفًا أن (جيش تحرير أورومو) تمكَّن من تجنيد عشرات الآلاف من المقاتلين في الأشهر الأخيرة.

وأكدَّ التقرير أن جميع أطراف النزاع، والتي تشمل الجيش الإثيوبي والجيش الإريتري ومقاتلي ميليشيات “تيغراي” و”أمهرة” و”أورومو”، كانت قد اتُّهمت بارتكاب فظائع، ومنها قتل المدنيين. ووُجِّهت إلى الإريتريين بعض أخطر الاتهامات بارتكاب الاغتصاب الجماعي وعمليات الإعدام.

ومن المتوقع أن يُكشَف النقاب عن أول تحقيق مستقل تقوم به “الأمم المتحدة” في جرائم حرب محتملة، يوم الأربعاء، لكن عديدًا من المسؤولين الدبلوماسيين المطَّلعين على محتوياته، والذين تحدثوا بشرط عدم الكشف عن هويتهم، أفادوا أن الحكومة الإثيوبية والقتال المستمر أعاقا إمكانية حصول القائمين على التحقيق على المعلومات المستقلة. وفي الوقت الذي لم تُعرَف فيه حصيلة خسائر الصراع، قدَّرها المسؤولون بعشرات الآلاف.

وفي يوم الإثنين الماضي، اتَّهمت الحكومة الإثيوبية، (الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي)؛ بـ”إعدام أكثر من 100 شاب من الإثيوبيين”، في مدينة “كومبولشا” الإثيوبية، إحدى المدن التي زعمت (الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي) أنها استولت عليها مؤخرًا، لكنها لم تُقدِّم أيَّ معلومات أو تفاصيل بشأن غيرها من عمليات القتل، لكن الحكومة نفَت أيضًا أن المدينة وقعت تحت سيطرة “جبهة تيغراي”. ورفض “غيتاتشو”، المتحدث باسم (الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي)، هذه الاتهامات، مؤكدًا أن الجبهة ستواصل تقدمها حتى: “يُرفع الحصار القاتل المفروض على تيغراي”.

ويعتمد الملايين من سكان “تيغراي” على المساعدات الغذائية، والتي قيَّدت الحكومة الإثيوبية أيضًا وصولها إليهم إلى حدٍّ كبيرٍ، وذلك لاتهامها بعض منظمات الإغاثة بمساعدة (الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي) في أحيانٍ كثيرةٍ. وأدَّت الحرب إلى تشريد مئات الآلاف؛ سواءً داخل “تيغراي” أو إلى “السودان” المجاور. ومع انتشار القتال خارج “تيغراي”، نزح مئات الآلاف إلى منطقتي “أمهرة” و”عفر” المجاورتين.

إدانات دولية للفظائِع المرتكبة..

في الشهر الماضي، بعد إحدى الغارات الجوية المتعددة التي شنتها الحكومة الإثيوبية على مدينة “ميكيلي”، عاصمة “تيغراي”، تزامنت تقريبًا مع سقوط طائرة للمساعدات الإنسانية، علَّقت “الأمم المتحدة” رحلاتها إلى المنطقة إلى أجلٍ غير مُسمى. وتزعم (الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي) أن الغارات الجوية قتلت عديدًا من المدنيين، وهو الأمر الذي تنفيه الحكومة الإثيوبية.

ويختتم المراسل تقريره بالإشارة إلى أن الحد من فعالية الاستجابة الإنسانية والاستهداف الواضح لغير المقاتلين طوال الصراع المسلح أدَّى إلى أن وجَّهت القوى الغربية إدانات مستمرة للحكومة الإثيوبية، على الرغم من أنها كانت ترى في السابق أن، “آبي أحمد”، له تأثير في إضفاء الطابع الديمقراطي على “إثيوبيا” والمنطقة بأسرها.

وحصل “آبي أحمد”؛ على جائزة “نوبل للسلام”، لعام 2019، بسبب اتفاق السلام الذي أبرمه مع “إريتريا” بعد مبادرة منه. وفي وقتٍ لاحقٍ، صرَّح مسؤول غربي، أن اتفاق السلام هذا: “كان على ما يبدو بداية حقبة حرب في المنطقة”.

وكانت الحكومة الأميركية قد فرضت قيود سفر على تأشيرات المسؤولين المدنيين والعسكريين الإثيوبيين والإريتريين، ووسَّعت مؤخرًا سياسة: “رفض إصدار التراخيص والموافقات الأخرى لتصدير أي مواد أو خدمات دفاعية” إلى “إثيوبيا”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة