تنفيذها مرهون بعلاقات الرياض وطهران .. العراق يعتزم توقيع عقود مع السعودية للاستثمار في مجالات الطاقة !

تنفيذها مرهون بعلاقات الرياض وطهران .. العراق يعتزم توقيع عقود مع السعودية للاستثمار في مجالات الطاقة !

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

مازالت مساعي التقارب “السعودي-العراقي” تشق طريق النور؛ الذي سعى إليه رئيس الوزراء، “مصطفى الكاظمي”، منذ شهور، حيث قال وزير النفط العراقي، “إحسان عبدالجبار”، يوم الإثنين، إن “العراق” يعتزم توقيع عقود تُقدر بعشرات مليارات الدولارات مع “السعودية”، للاستثمار في مجالات الطاقة.

وأوضح، بحسب ما نقلت عنه صحيفة (الصباح) العراقية الرسمية، أن: “العراق يعتزم توقيع عقود تُقدر بعشرات مليارات الدولارات مع السعودية للاستثمار في قطاعات الغاز والطاقة البديلة والمياه والصناعات البتروكيمياوية”.

مؤكدًا وزير النفط العراقي؛ أن: “المملكة العربية السعودية؛ ترى أن خطط التنمية المستدامة في البلدين تتوافق في السنوات الأخيرة مع خطة التنمية الألفية المستدامة لعام 2030، وأطرها المؤسسية في البلدين والمنطقة العربية، كدولتين نفطيتين تتصدران قائمة المصدرين للنفط الخام في الأسواق العالمية”.

وأعلن أن “العراق” يتفاوض مع شركة “آرامكو” السعودية لإدخالها كشريك في عقود استكشاف واستثمار “الغاز الحر” في الحقول الجديدة بالصحراء العراقية الغربية.

اتفاق على تأسيس صندوق مشترك..

وفي نيسان/إبريل الماضي، اتفقت “السعودية” و”العراق” على تأسيس صندوق مشترك؛ يُقدر رأس ماله بثلاثة مليارات دولار، للدفع بمزيد من المشاريع الاقتصادية بين البلدين.

واستقبل ولي العهد السعودي، الأمير “محمد بن سلمان”، في “الرياض”، رئيس الوزراء العراقي، “مصطفى الكاظمي”، الذي زار المملكة حينها بهدف تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين.

وذكر بيان نشرته وكالة الأنباء السعودية، أن: “الصندوق يأتي إسهامًا من المملكة العربية السعودية لتعزيز الاستثمار في المجالات الاقتصادية بجمهورية العراق؛ بما يعود بالنفع على الاقتصادين: السعودي والعراقي؛ وبمشاركة القطاع الخاص من الجانبين”.

واتفق الجانبان، على: “التعاون في مجالات الطاقة والطاقة المتجددة وتفعيل وتسريع خطة العمل المشتركة، تحت مظلة مجلس التنسيق (السعودي-العراقي)”.

وأكد البيان: “ضرورة الاستمرار في التعاون وتنسيق المواقف في المجال البترولي، ضمن نطاق عمل منظمة الدول المصدرة للنفط، (أوبك)، واتفاق (أوبك +)، بما يضمن استقرار أسواق البترول العالمية”.

ويُعتبر “العراق”؛ ثاني مُصّدر لـ”النفط” في منظمة (أوبك)، بعد “السعودية”.

إعادة فتح معبر “عرعر” الحدودي..

وتمت زيارة “الكاظمي”، لـ”الرياض”؛ بعد إعادة فتح معبر “عرعر” الحدودي للمرة الأولى بين البلدين بشكل رسمي، في تشرين ثان/نوفمبر الماضي، بعد إغلاقه، عام 1990، عقب الغزو العراقي للكويت، في ظل حكم “صدام حسين”، ولم يجر فتحه رسميًا باستثناء في مواسم الحج.

كما وقع البلدان أيضًا اتفاقيات ثنائية شملت اتفاقية لتجنب الازدواج الضريبي، واتفاقية للتعاون في مجال التخطيط التنموي للتنوع الاقتصادي وتنمية القطاع الخاص.

حكومة تصريف أعمال لا يحق لها توقيع الاتفاقيات..

وفي تعليقه على الاتفاقيات الجديدة، يقول الخبير الاقتصادي العراقي، الدكتور “عبدالرحمن المشهداني”، إن الحكومة الحالية في “العراق” هى حكومة تصريف أعمال ولا يحق لها من الناحية القانونية توقيع الاتفاقات ولو بالأحرف الأولى، لأن التوقيع والاتفاق يحتاج إلى حكومة منتخبة وليست مؤقتة، لأن عقد الاتفاقات يحتاج أيضًا إلى موافقة البرلمان؛ وهذا غير متوفر في المرحلة الحالية، مضيفًا إن التسرع والتعجل في مثل تلك الأمور قد يضُر بمصداقية البلاد، وإعلان الحكومة الحالية عن عزم “العراق” عقد شراكة مع “السعودية” وبعض دول الخليج في عدد من مجالات الطاقة والبتروكيماويات، قد لا تأخذ به الحكومة القادمة، إلا إذا بقي “الكاظمي” ووزير النفط في نفس مقاعدهم الوزارية.

وتابع: “وهو الأمر الذي أكاد أشك في تحققه وتكرار الإثنين معًا في الحكومة القادمة، ربما شخص رئيس الوزراء، مصطفى الكاظمي، مطروح في الحكومة الجديدة كمرشح تسوية، لكن ليس بالضرورة أن يظل وزير النفط في مكانه؛ وهو عراب التعاقدات الحالية”.

عقود متعجلة يشوبها الفساد..

وأشار إلى أن “العراق” بحاجة ماسة إلى تطوير قطاع الطاقة؛ والذي تخلف كثيرًا في هذا المجال، وقد لجأ إلى شركات نفطية عالمية، في عام 2010، ولم يُنفذ منها شيئًا، وهذا يعود إلى أن طبيعة العقود في تلك الفترة كانت متعجلة جدًا وشابها الفساد.

وأضاف: “علاوة على ذلك أن عقود استثمار الغاز التي تم توقيعها مع شركات عالمية، ولو تم ذلك لكان الغاز المصاحب لإنتاج النفط يكفي ربع الاحتياج وأكثر الآن، لكن إلى الآن لم يكتمل المشروع ولم تتخذ الحكومة أي إجراءات عقابية رادعة ضد تلك الشركات النفطية العالمية”.

وأوضح “المشهداني”، أن “العراق” بحاجة ماسة إلى تطوير البنى التحتية باستثمار الغاز، وشركة “آرامكو” السعودية؛ التي جرى الحديث عن عزم “العراق” للتوقيع معها، هي واحدة من الشركات العالمية الكبرى التي تمتاز بالخبرات الكبيرة ورأس المال العالي ولديها القدرة على العمل في مثل تلك القطاعات.

انقسام المعسكر السياسي أكبر عقبات الشراكة..

وحول ما يمكن أن يقف من عقبات سياسية في طريق الشراكة بين: “بغداد” و”الرياض” وموقف دول الجوار، وبالتحديد “إيران”، يقول “المشهداني”: “في الحقيقة نحن نحتاج الآن لمثل تلك الشراكة؛ وقد وقع العراق تعاقدات مع شركات سعودية وإماراتية لإنشاء محطات توليد الطاقة الكهربائية من الطاقة الشمسية”.

لافتًا إلى أن الإشكالية الكبرى تكمن في أن المعسكر السياسي داخل “العراق” منقسم إلى فريقين، أولهما فريق السُنة والأكراد والصدريين، حيث يرغب السُنة في الشراكة مع “الرياض” ولا مشكلة لدى الأكراد في ذلك، كذلك ليس لدى “مقتدى الصدر” مشكلة في التعاون مع دول الخليج والدول العربية عمومًا، لتعزيز القدرات الاقتصادية والسياسية والثقافية، لكن الفريق الآخر الموالي لـ”إيران”، والذي خسر الانتخابات العراقية ولم يحصل على عدد كبير من المقاعد.

موضحًا أنه: “بكل تأكيد هذا الفريق معارض لكل تقارب عراقي عربي وأي لقاء يمكن أن يُقرب وجهات النظر مع السعودية؛ وليس بناء مشاريع إستراتيجية، وحدث هذا في السابق عندما رغبت السعودية باستثمار الصحراء الممتدة من الأنبار إلى السماوى من أجل إقامة مشروعات زراعية وثروة حيوانية وغيرها من الصناعات، وهنا عارضت الجبهة الموالية لإيران، وهددت بأنها سوف تضرب كل المنشآت في هذا المشروع التي سوف يتم إنشاؤها”.

تحرر القرار العراقي..

فيما يقول المحلل السياسي السعودي، الدكتور “عبدالله العساف”، أتمنى أن يتحرر القرار العراقي بشكل كامل، ولا شك أن هناك إرتباط وثيق بين “إيران” و”العراق”، خلال السنوات العشرين الماضية، حيث يُحاول “العراق” الإستدارة إلى حاضنته العربية بعد تجربة مريرة خلال عقدين من الزمان؛ وبعد مخاض سياسي عسير، أتى بـ”الكاظمي” إلى رئاسة الحكومة، علاوة على الأحداث العاصفة في البلاد، ثم توقيع “مجلس التنسيق السعودي العراقي” وما تبعه من اتفاقيات وفتح الحدود والمعابر وخطوط الطيران وغيرها.

متمنيًا أن تكون “السعودية” هي الرئة الحقيقية التي يتنفس منها “العراق”، نحن لا نُريد لـ”العراق” إلا كل خير وليس لدينا أطماع في أرضه ولا ثارات معه، نُريد أن يكون “العراق” دولة عربية متعافية وفاعلة في الاقتصاد الخليجي والعالمي، خصوصًا بعد وباء (كورونا)، ولدينا الفرص الواعدة سواء للتجار العراقيين أو لرجال الأعمال السعوديين، وقد زار أكثر من وفد سعودي، “بغداد”، بحثًا عن أفضل الفرص التي يمكن الاستثمار فيها؛ سواء في الكهرباء أو المياه والغاز وغيرها من المجالات.

يتوقف على ترمومتر العلاقة بين الرياض وطهران !

موضحًا “العساف”، أن العقبات التي يمكن أن تقف في طريق الشراكة بين “السعودية” و”العراق” تتلخص في أمرين لا ثالث لهما، أولهما ترمومتر العلاقة بين “الرياض” و”طهران”، وهو أحد المحددات الرئيسة التي يجب أن لا تُغفل، الأمر الثاني والذي يتعلق ببعض القوى السياسية التابعة أو المرتهنة لـ”طهران”، وغير ذلك لا توجد أي عقبات في مجال التقارب الاقتصادي أو السياسي ما بين “العراق” و”السعودية”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة