مثل تجميع قطع صوره مزقتها أصابع غاضبه او مقص نزق وألقتها للريح في يوم عاصف كان علي ان أغامر بتجميع او الملمة ما تبقى من قصاصات( صورة) او سيره السيد طارق عزيز او( باسم ميخائيل حنا ) (التلكيفي)… (الكلداني )(الكاثوليكي) دون ان ادعي هنا ان لدي وثائق سريه او إسرار خطيرة جداعن هذه الشخصية الهامة من عهد النظام السابق باستثناء وضعها في كتله الإحداث التي شهدها العراق على مدى أكثر من 50 عاما خلت لعلني أساهم في إلقاء بصيص ضوء على شخصية أخر اكبر رموز النظام السابق الذين لازالوا على قيد الحياة.
ليس فقط لأنه كان رئيس الدبلوماسية العراقية(1983-1991) ونائب رئيس مجلس الوزراء (1979-2003) وعضو مجلس قياده الثورة والقيادتين القطرية والقومية لحزب البعث العربي الاشتراكي عندما كان صدام رئيس جمهورية العراق ورئيس الوزراء في نفس الوقت إنما لأنه لعب في أغلب الأوقات دور ممثل رئيس الحكومة الفعلية في اللقاءات والقمم الدبلوماسية العالمية والعربية وكان مطلعا على أدق إسرارها ..
وللتاريخ فان طارق عزيز الدبلوماسي الماهر والحذق والماكر أيضا كان أول من تنبأ بان ما أرادته الولايات المتحدة لم يكن “تغيير نظام” في العراق ولكن “تغيير المنطقة سعيا وراء هدفين استراتيجيين هما : النفط وإسرائيل..!!!..
والمدان السجين الذي لازالت صورته عالقة بأذهان جيلنا بخصلة شعره البيضاء و(السيكار الهافاني) الذي لم يكن يفارق أصابعه وبدلته الأنيقة كان وجها عالميا وإقليميا خلال عقود خلت … حمل في نهاية المطاف حين قدر له ان يترجل عن المسرح السياسي بفضل الأمريكيين الرقم(12) بين أوراق القمار التي تضمنت أكثر من( 50) صورة لرموز النظام السابق إلا انه تبرا من جميع ما حصل من كوارث عصفت ببلاد الرافدين على مدى عقود من سنوات القهر والجمر والمقابر….. في قصره الأنيق الذي يشغله( آل الحكيم) منذ ان سقط النظام السابق مكتبه كبيره تضم مئات الكتب باللغة العربية والانجليزية تكشف عن ثقافة رفيعة تمتع بها مقارنه بأعضاء مجلس قياده الثورة الآخرين .
و رغم ( 77 عاما) قضى العشر الأخير منها وراء القضبان ألا انه لم يسجن يوما واحدا(لأسباب محيره) منذ انخراطه في المشروع القومي أواخر الخمسينات حتى دخول الأمريكيين عاصمة ألدوله العباسية ربيع عام 2003 ولازال مصرا على ان إعدام صدام حسين الذي عرفه منذ الخمسينات يمثل إ(إعداما لروح العراق )!!!
لكن هل بقي للعراق روح وهو يوشك على التمزق أو الاختناق تحت ركام تفجيرات الإرهابيين و مشاريع شد أوصاله وتمزيقه وتحويله الى دوله تجمع (كانتونات) او مكونات اثنيه ومتصارعين بعد زلزال ساحة الفردوس عام 2003وبعد ان أصبح الأمريكيون هم الضامن الوحيد لبقاء خارطة العراق كما كانت عليه سابقا ؟؟؟
ليست الوقفة هنا لرسم( بورتريت) مرحله او حقبه أو إطلاق إحكام أدانه أو توصيف لا بل ليست هي محاكمة للتاريخ او توجيه التهم بقدر ما هي شكوك وتساؤلات بعد ان أسدل الستار عن مرحله خطيرة دون ان يكلف القادة الجدد أنفسهم في سبر أغوارها ومعرفه إسرارها قبل تنفيذ إحكام الإعدام بهؤلاء الذين تورطوا الى حد كبير بدفع العراق منذ عام 1963 ليقع بين فكي الانقلابات والقمع والحروب والصدام مع الغرب الذي رعى هذه الدكتاتوريات على حد وصف الراحل ادوارد سعيد في كتابه (الثقافة والامبريالية) مما جعل العراق لقمه سائغة بين أشداق الاحتلال ومن ثم أنياب قراصنة سياسيين وإرهابيين ومغامرين ولصوص ودول كارتونية تحيط به جعل الكثيرين يترحمون على البعث او ربما ألدوله القوية الموحدة.
أبو (زياد وزينب) بكل ما تعنيه هذه الأسماء في التاريخ العربي من دلالات و الذي اختار ان( يختن) نفسه وهو في الثلاثينيات من عمره شتاء1963 حين كانت بغداد تغرق بدماء القوى الوطنية ويتلطخ جبينها بدم الزعيم قاسم اختار المشروع القومي أسوه بالكثير من المسيحيين حتى من غير العرب أمثال اليازجي وعفلق والحصري التركي …. يعترف خلال لقاءه مع علي الدباغ الذي بثته (العربية) بأنه( اقرب للإسلام من المسيحية). ومن قبله اعترف ميشيل عفلق انه لو كان مسلما لاستطاع كسب تأييد ملايين العرب لمشروعه القومي .
. ومن المصادفة ان يكون البابا يوحنا بولس الثاني بابا الفاتيكان الأسبق أخر شخصية عالميه التقاها طارق عزيز قبل ان تنطلق القوات الامريكيه لاحتلال بلاد الرافدين بعد ان فشل في إقناع( السيد الرئيس) تنظيم زيارة الحبر الأعظم(لأور) مسقط راس جد الأنبياء أولي العزم إبراهيم الخليل ( عليه السلام ) بينما كان صدام حينها منهمكا يستدر عطف العالم بتجميع جثامين الأطفال الرضع ضحايا الحصار من ثلاجات مستشفيات الأطفال وتأجير لاطمات خلف تلك النعوش يطفن شوارع بغداد إمام كاميرات وكالات الإنباء لتحريك ضمير العالم مراهنا على توابيت من أرسل إباءهم من قبل الى ساحات الموت العبثي… بينما كان الشعب ينتظر معجزه من السماء تنهي أقسى حصار عرفه التاريخ ضد شعب اعزل لفظ أكثر من مليون وربع المليون مواطن أنفاسهم بسببه بينما كان القائد يبني 43 بلاطا سماها( قصور الشعب) أسوه بصديقه نيكولاي شاوشسكو.
إن طارق عزيز الذي تسلم ملف الخارجية العراقية ضمن عدد من الوزراء بعد انقلاب 1968 كان يدرك حساسية هذا المنصب الوزاري الذي تعاقب عليه المرحوم شاذل طاقه وناصر الحاني الذي اختطف وقطع جسده حيا ووضع في كيس رمي تحت الجسر ومرتضى ألحديثي الذي قتل بالسم وعبد الكريم الشيخلي الذي اغتيل في نيسان 1980 أضافه لسعدون حمادي ومحمد سعيد الصحاف وناجي صبري.
ان أهميه كتابه سيره طارق عزيز او فتحها إمام الباحثين تنبع من كونه كان صديقا مقربا من صدام منذ ان وصل كليهما إلى بغداد أواخر الخمسينات ونجح من خلال كونه مدرسا للغة الانجليزية ان يكون كاتم إسراره خلال جميع محطات حياته واجتماعاته مع المسئولين الغربيين حتى اللحظة الأخيرة ولهذا كان صدام حريصا ان لا يغيب الرفيق ابا زياد عن عينيه أبدا .
في حادثه ذات دلالات عميقة نكشفها لأول مره نقلا عن مسئول خليجي رفيع المستوى سمعها من الراحل الملك حسين ابن طلال يقول فيها إن طارق عزيز شكا إليه خلال مباحثاته المكوكية إثناء فتره الحصار و ازمة المفتشين الدوليين من الإنهاك والتعب المفرط وترجى من الملك ان يعلن بعد عودته من زياره لموسكو الى عمان انه أصيب بوعكة صحية ليستريح في إحدى مستشفيات عمان لبضعه أيام . وفعلا نفذ الملك رغبه نائب رئيس الوزراء العراقي وأعلن الخبر بوسائل الإعلام الأردنية الا أن الملك فوجئ بعد بضعه ساعات بان رتلا من سيارات المارسيدس السوداء العراقية قد دخلت الأردن وحملت طارق عزيز ونقلته إلى بغداد سريعا !!!
ان صدام حسين اليتيم المعدم يتلاقي روحيا مع طارق عزيز اليتيم أيضا الذي يعيش مع عمه هو وأخوه الآخر فوزي في غرفة بائسة استأجروها في بغداد في ( عگد النصارى ) ليس بعيدا عن المكان الذي تعرض فيه الزعيم قاسم للاغتيال. وقد عثر بعدها على جثه شقيقه محترقا في غرفته في ظروف غامضة.وحين كان صدام الهارب من بؤس ألعوجه وزوج إلام القاسي الى العاصمة أملا بإثبات وجوده في بيت خاله الذي دفعه نحو طريق العمل السياسي كان طارق عزيز يحاول التخلص من عقدة مسيحيته واصله الكلداني في مجتمع عشائري عروبي إسلامي ووجد ضالته بالمشروع القومي لميشيل عفلق متعكزا على شراسة صديقه القادم من البادية والذي بدونه ربما لم يكن ليصل الى تلك المواقع القيادية الخطيرة… وفي سنوات لاحقه حين أصبح صدام رجل العراق الأوحد كان لاثنان يتابعان بشغف شريط فلم (العراب) رائعة ماريو بوزو الذي جسد الشخصية الأولى فيها مارلون براندو.
يشير السيد حسن العلوي في كتابه( أسوار الطين) إلى ان البكر فوجئ بوجود ( جورج براون) وزير الخارجية البريطاني الأسبق في القصر الجمهوري ببغداد دون علمه وقد خرج من اجتماع للتو مع صدام حسين وكان طارق عزيز يقوم بالترجمة ورافقه حتى سيارته .. وعندما استفسر رئيس الجمهورية البكر مستغربا عن السبب ابلغه( السيد النائب) انه ممثل يعمل لشركه (هوكر هنتر) لصناعه الطائرات التي كان البكر مولعا بها !!!…وكان براون هو من رسم خطه الانسحاب البريطاني من الخليج والعراق وترتيب الأوراق لصالح الأمريكيين بعد الانسحاب البريطاني عام 1968 !!
في إحدى محطات البحث نتوقف عند ما كشفه( نعوم تشومسكي وميلان راي) في كتابهما الخطير ( خطه الحرب على العراق ) استنادا إلى أرشيف المخابرات المركزية الامريكيه الذي يشير الى ان (وليام ليكلاند) مسئول المخابرات في السفارة الامريكيه ببغداد بالتعاون مع عدد من الجنرالات الطموحين وشباب صغار في حزب البعث قد نجح في تدبير انقلاب شباط 1963 لتوجيه صفعه قويه لموسكو…. وفي مذكرات( روبرت كرومر السرية) للكاتب( وليم زيمان) ما لا يدع مجالا للشك بالدور الأمريكي في تصفيه قيادات الحزب الشيوعي الذين سبق ان التقاهم الراحل الباحث الأمريكي الفلسطيني الأصل حنا بطاطو في منازلهم وكيف تم تأسيس (جهاز حنين) لهذا الغرض…. وكان من الواضح ان احد هؤلاء الشباب القوميين قد لعب دور المترجم الذي يمكن الوثوق به تماما بين مسئول ال CIA والانقلابيين!!!!
والأمر الأخر الأكثر خطورة ان صوره طارق عزيز لا يمكن ان تغيب عن اخطر المحطات في التاريخ المعاصر للعراق بعد سقوط الجمهورية الأولى لأبل انها كنت حاضره في السطر الأول من الإحداث الخطيرة والحروب والمنعطفات و قد نتقل معها عزيز من (الكومبارس) الى الواجهة والأدوار الرئيسية بعد ان تسلم (السيد النائب) وصديق العمر السلطة في العراق اثر فشل عضو الكونغرس الأمريكي الذي زار بغداد سرا عشيه سقوط عرش( الطاووس الشاهنشاي ) عام 1979 في إيران لإقناع الجنرال البكر بشن الحرب على إيران خلال ازمه الرهائن الأمريكيين بطهران والذي التقى بعدها بصدام بحضور المترجم وكاتم الإسرار طارق عزيز… وبقيه الحكاية عن مذبحه البلاط و قيادات البعث المغدورين وفشل مشروع الوحدة مع دمشق و(القادسية الثانية ) معروفه للجميع!!!!
أضافه لكل هذا فان طارق عزيز وسط رعيل من أعضاء القيادة العراقيين البعثيين قليلي الثقافة برز رئيسا لتحرير (جريده الثورة) بعد دوره إعداد لأشهر في جريده الأهرام بالقاهره برئاسة هيكل ثم مسئول (المكتب الثقافي القومي لحزب البعث العربي الاشتراكي) ثم وزير للإعلام بدلا من الدكتور عبد الله سلوم السامرائي رغم انف البكر رئيس الجمهورية آنذاك. وحين التقى عزيز وهيكل في بغداد في فندق الرشيد عام 1986 مازحه الكاتب المصري قائلا (: أول مره أشوف وزير خارجية يحمل مسدسا !!!)
عزيز هو الذي اشرف وأدار الإعلام الداخلي والخارجي وصناعه أسطوره القائد التي ساهم بها فواد مطر ووليد ابو ظهر ومحسن طوالبه وأمير اسكندر وغيرهم والذين جعلوا( القائد الضرورة) و(بطل البوابة الشرقية ) يدخل بيوت جميع العراقيين الذين حملوه في ساعاتهم وحتى أحلامهم وكانت جدارياته ولوحاته وتماثيله وصوره تراقب أنفاسهم وتحصيها عليهم..
..لقد قاد طارق عزيز المشروع الثقافي في دولة الحزب الواحد وكرس صوره البطل التاريخي في وجدان يرتعد خوفا من مشانقه ويتطلع في ذات الوقت لعطاياه وهو ما اكتشفه( سيرغي بليخانوف) في كتابه ( دماء فوق الرمال )في ولع صدام بشخصيه عبد الناصر التي كانت نوعا من الميكافيليه السياسية التي تمجد دور القائد القومي وعباده شخصيه القائد الأوحد والتي تدفع نحو الدكتاتورية وهو ما جعل طارق عزيز يقترب أكثر من مفاتيح عقل صدام حسين ومواقفه.
هل كانت مجرد مصادفه إذا حين نستعيد شريط الإحداث التي سبقت قرار شن الحرب على إيران في أيلول من عام 1980 ان نرى قميص طارق عزيز ملطخا بالدماء في ساحة (الجامعة ألمستنصريه) وقد اخترقت بعض الشضايا جسده ليخطب صدام بعدها وهو يمتطي صهوة الحرب ( أن الدماء التي سالت على ارض ألمستنصريه لن تمر سدى ) ثم بردفها بعبارته الشهيرة ( نحن نرقص على أكتاف الموت ) !!!!!!؟؟
لا احد يستطيع ان ينكر دور حرب الخليج الأولى التي وصفها الدبلوماسي الأمريكي مارتن اندك بأنها (وضع الوحشين في قفص واحد) في تغيير توجهات العراق من التحالف مع موسكو إلى التوجه نحو الغرب الذي دعمه وجيشه على مدى ثمان سنوات ولولاها ربما لتمكن الإيرانيون من استنزاف العراق واحتلال ألبصره منذ تموز عام 1982 وبعد معركة الفاو الشهيرة عام 1986…
ان طارق عزيز كان بحق مهندس العلاقات العراقية مع الغرب وواشنطن وعرابها رغم ان صدام لم يكن يثق بالأمريكيين ولا يأتمنهم وهو ما أفصح عنه صراحة بعد أول لقاء مع رامسفيلد عام1983 في بغداد حين تسلم طارق عزيز حقيبة الخارجية في نفس العام لكن احتلال الإيرانيين لمناطق واسعة من الجبهة دفعه أكثر للارتماء في أحضان الغرب وكان وزير خارجية المتعنت مع وسطاء السلام الدوليين والذي يستقبل بحفاوه في عواصم الغرب لاعبا هاما في أطاله أمد الحرب التي أصر عليها الزعيم الإيراني اية الله الخميني.. لذا لم يكن مستغربا ان تفتح 86 دوله في العالم ترساناتها الحربية وتزود العراق حتى بمكونات أسلحة الدمار الشامل وان يعمد الجنود العراقيون في الجبهة مدافع نمساويه ثقيلة بكنية( مدافع طارق عزيز )!!!
مثلما لا يمكن للذاكرة ان تنسى لقاءه الدراماتيكي بجيمس بيكر في جنيف يوم التاسع من كانون الثاني-يناير 1991، في إحدى قاعات فندق [الكونتنانتل] وسط جو من الترقب والقلق الذي جعل العالم يحبس أنفاسه لان صدام لم ينسحب من الكويت خلال فتره إل 45 يوما التي حددها مجلس الأمن للعراق ورفض حينها عزيز نقل رسالة التهديد التي أرسلها بوش للرئيس العراقي والتي توعد فيها ان يعيد اعرق حضارة في التاريخ الى العصر الحجري… ولم تكن حينها مجرد (عاصفة صحراء) بل إعصارا يشبه تلك التي تحدثت عنها الكتب السماوية ضد أقوام غضب الله عليهم.
يفجر( فلاديمير تيتورينكو) آخر سفراء روسيا لدى بغداد في عهد الرئيس صدام حسين (قنبلة خطيرة) جدا تتعلق بالمخطط الذي أعده الدبلوماسيون في موسكو عام 2001 لسحب فتيل الحرب الأمريكية على العراق قبل أشهر من إحداث11 سبتمبر والمخطط الروسي لإنقاذ العراق من الاحتلال الأمريكي من خلال إدخاله مع إيران في منظومة دفاعية خليجية مشتركة. وقد حصلت الخطة الروسية على ترحيب من جانب حكام الخليج وكذلك أمريكا وإيران وطلب البيت الأبيض موافقة صدام عليها … ويشرح تيتورينكو تفاصيل لقائه مع الرئيس صدام حسين في بغداد الذي دام لثلاث ساعات وموافقة الرئيس العراقي عليها وانه أوصلهم الى باب السيارة وقال وهو يصافحه ( خوش خطه والله )!!! ألا انه يروي كيف اتصل به طارق عزيز مساء نفس اليوم وحاول إيجاد ثغرات في ألخطه مما دفع صدام لاحقا لتغيير راية متهما عزيز بأنه( ثعلب ما كر)لعب برأس صدام المنهك وقد فوت على العراق فرصه ذهبية لتجنب الحرب واحتلاله عام 2003 دون ان يجد تفسيرا لموقفه المثير للريبه.
فيما يشبه الومضات في شريط سينمائي وجدتني وإنا أحاول سبر أغوار شخصيه ودور طارق عزيز الخطير استعيد شريط حياه أشهر جاسوس إسرائيلي في القرن الماضي ( ايلي) او (الياهو كوهين) اليهودي المصري المولود عام 1924 الذي هرب من مصر عام 1956 بعد انكشاف حقيقته كعميل للموساد وعاش في الأرجنتين وحقق فيها ثروة طائلة وتعرف على الملحق العسكري في السفارة السورية العقيد أمين الحافظ و الذي وصل لاحقا الى رتبه فريق و الذي طلب من صديقه ( كامل امين ثابت ) وهو الاسم الأخر لكوهين ان يستثمر أمواله في سوريا التي طار إليها بأمر من الموساد ليصبح صديقا لأكبر مسئوليها وقادتها وكان ينقل أدق الإخبار لتل أبيب قبل ان تكتشفه المخابرات المصرية بالصدفة ويتم إعدامه في دمشق ولازال قبره مجهول.!
كيف كان يمكن لصدام حسين المعروف بغريزته الأمنية ان يثق كل هذه الثقة العمياء بطارق عزيز رغم ان الكثيرين حتى من أقاربه كانوا يمقتونه ويحذرونه منه ومنهم خاله خير الله طلفاح وكذلك البكر وحسين كامل وابن خاله وزير الدفاع الفريق عدنان خير الله الذي كان يمقته ويشك بولائه وقيل انه في نوفمبر من عام 1988 اسر لمقربين منه ان طارق عزيز ( عميل أميركي حتى النخاع, وان له دورا كبيرا في اندلاع الحرب مع إيران.)!!!!؟؟؟
لا ادري اذا كان لهذه المواقف العدائية من طارق عزيز علاقة بصلة قرابته بأشهر جاسوس إسرائيلي -أمريكي في العراق الطيار منير روفا( عضو قياده شعبه في حزب البعث ) المدفون في تل ابيب عام 2000م والذي هرب لإسرائيل عام 1966 بالنوعية الجديدة وقتها من الميغ 21 هي نفس النسخة التي طور منها الاميركان طائرة (اف 14) بعد سنوات من البحوث?
, ومنير روفا هو شقيق فهمي روفا زوج السيدة أمل عزيز شقيقة طارق عزيز وهو أيضا ابن خالة طارق عزيز ( ميخائيل حنا عزوز ) و طارق عزيز هو من ساعد في خروج زوجة منير روفا من العراق عن طريق (بعشيقة) بعد ان أخفاها هي وأولادها في بيت خاص ببعشيقة وبمساعدة دليل كردي اسمه (جمال مردان عثمان) وبمساعدة سائق السفارة الأميركية في بغداد وقتذاك المدعو (صليوة حنا صليوة) وهو من أقرباء طارق عزيز,و تم نقل عائلة منير روفا من بيتهم في بغداد بسيارة السفارة الأميركية الى منطقة بعشيقة وفقا لرواية السيد داود البصري.
لا امتلك الإجابة الواضحة لكني اعتقد ان حوارا عميقا مع طارق عزيز الذي أثيرت حوله ضجة واسعة في الماضي كفيل بان يكشف كثيرا من الإسرار ألا إذا كان هناك من يحول دون ذلك ما دام الرجل لازال على قيد الحياة ويستطيع ان يزيح الستار ويكشف الكثير عن خفايا اخطر حقبه عاشها العراق… و إنا واثق انه لم يقلها لحد ألان…. وان فعلها سيصدم الكثيرين.