جميعنا نحلم بوطن لا ينام فيه الفقير بالشارع لأنه لا يملك المال، وينام الفاسدين والسارقين والمرتزقة في قصور لأنها تملك المال، فأصبح حلم الوطن مستحيل في ظل هذا الانهيار الثقافي والأخلاقي والجهل الذي تفشى بين مفاصل المجتمع، العراق الحضارة والشجاعة والكرم أصبحت من الماضي وانت ترى هذا التصادم بين قبيلتين او بين منطقتين متجاورتين مختلفات في الطائفة، اصبح السلاح هو الصوت الاعلى والسلام والتسامح تم سحقه تحت اقدام المتخلفين الذين يتشوقون بشغف لمص دم اخيهم الإنسان. وفخورين لهدر دم الاطفال على صوت أزير الرصاص، فجميع احلامنا أصبحت سراب وحلمنا لإعلان ثورة الفقراء باءت بالفشل، وأحلامنا لإنقاذ الإنسان من حاله الفقر في بلد الثالث عالمياً من نسبة الثروة والخيرات ذهبت ادراج الرياح، فأصبح همنا إيقاف مسلسل الدم الذي اجتاح البلاد تحت سلطة احزاب إسلاميه إرهابيه زرعت الكره بين اطياف المجتمع العراقي.
الحقيقة مؤلمة هُناك من يسمعها ويحاول يضع الحلول من هذا الانهيار، والآخر يغلق آذانه لا يحب يسمعها لكون يعشق التطرف ويتمتع برؤية الدماء تسيل في بلده وولاءه لغير وطنه اكثر من ولاءه لوطنه، النقاش الجاد هو سيد المواقف وليس النقاش بالتهجم والقذف وكيل التهم، هذه ليس ثقافة بل خروج عن اخلاق ومبادئ المناقش الذي تعلم ثقافة العنف اكثر من ايمانه بثقافة السلام، في احدى المنشورات لأحد الاخوان النشطاء الذي يتحدث عن احداث ديالى مع نشر صور اطفال ذهبوا ضحية الجهل والتخلف وموت الإنسانية، وإذا اتفاجأ بأحد الردود يقول بلهجته العراقية ” اقتلوهم جميعاً هؤلاء ارهابيين” انصدمت من هول الرد الشاذ والتطرف في نفسية بعض البشر هل هؤلاء الاطفال ارهابيين حتى في كتاب الرب ايضاً قال الفتنة اشد من القتل، كيف ستصنع شعب يتشوق للسلام اكثر من العنف؟ وانت تشاهد ثقافة التطرف والعنف تعمقت في الفكر الإنساني للإنسان العراقي.
يا أخوان نحن ليس ضد الدين بحيث يتم نعتنا بالملحد، نحن اول من يحترم حرية الاديان والالتزام بمبادئ حقوق الإنسان، نحن اول من يلتزم بمبادئ الدستور العراقي، وكلاهما مكفوله حرية الرأي إن كان في قانون حقوق الإنسان العالمي وإن كان في الدستور العراقي، نحن ضد الدخلاء الذي تسعى لتحريف الدين وثقافة العنف وجميع الأديان تدعوا للسلام والتسامح والاخاء بين المجتمع، اي دين او داعي بأسم الدين للعنف والقتل يخرجه من قيمته الإنسانية ولا يكون له اي قيمة روحيه، العنف والقتل تصرف المجرمين والارهابين، اي رجل دين يدعوا للعنف او اي مواطن او اي سياسي فهو مجرم وارهابي كائن من يكون، وفي نفس الوقت جميع الاديان وحتى الذي لا يؤمن باي ديانة دعت للسلام والتسامح بين البشر، وتجد صفة الإنسانية للذي لا يؤمن بأي ديانة اكثر من المتباهي بديانته، نحن نريد وطن لا يوجد به فقراء ولا اراقة دماء، نريد وطن محب متسامح عطوف يعيش مترف حال جميع الدول الغنية.
رجال الدين في العراق خارج نطاق وحدود الإنسانية ولو كانوا يملكون ذرة إنسانية لكان الآن لم نجد فقراء في العراق، وعلماً لم نرى ثورة يقودها رجال الدين ضد الحكومة لنصرة الفقراء لكون العمامة هي الحاكم في بلاد تعيش اسوء ازمة جهل وتخلف، وإذا كان الإسلاميين يتشدقون بأنهم هم منبع الإنسانية فهم في خطأ كبير، وإلا كان لم نرى القديسة الأم تريزا مسيحية رومانية كاثوليكية تنذر نفسها للفقراء وتنال جائزة نوبل عام 1979 ، وايضاً لولا دا الذي لقب ببطل الفقراء خلال حكمه للبرازيل الذي انقذ اكثر من 20 مليون وانقذهم من براثين الفقر، هنري دونان الذي اسس حركة الاغاثة والذي اصبحت بعدها الحركة الدولية للصليب الاحمر والهلال الاحمر، ونراها تطعم وتنقذ ملايين الارواح في جميع انحاء العالم، وكثير من نساء ورجال كانوا مصدر الهام للعطاء الإنساني، لماذا لا نؤمن ان التاريخ يخلد الإنسانيون اكثر من المجرمين؟ لماذا لا نؤمن ان الشعوب تحب السلام والتسامح؟ لماذا لا نؤمن ان الإنسان يحب الفرح اكثر من الحزن؟ لماذا لا نؤمن ان اقرب شيء للرب الانسان الذي يطعم الفقير اكثر من الذي يحمل سلاح لقتل اخيه الإنسان؟ ولكن ما يحدث في العراق سببها فتنة الاحزاب بين الشعب العراقي، هل سنستطيع انقاذ الفقير من فقره؟ هل سوف نستطيع إعادة إنسانيتنا المهدورة؟ الايام حبلى بالمفاجآت ننتظر ما يؤوله تاريخ العراق الدموي.