المهم ليس في طبيعة التظاهرات فمن حق الجميع ان يتظاهروا وفقا للدستور ليبينوا وجهة نظرهم للرأي العام، او توضيح هدفهم من التظاهر، لذلك فنحن نؤيد التظاهر بشكل عام لأنه ظاهرة صحية وديمقراطية
بعد ان خسرت الأحزاب الولائية ثقة الشعب العراقي، بل وثقة جمهورها، بسبب عدم وطنيتها وخضوعها لأوامر (الولي المستعمر) علي الخامنئي، فقد رفضت نتائج الإنتخابات، وخرجت بتظاهرات اعتبرتها عفوية وتبين انها وزعت عناصر الحشد الشعبي، على شكل واجبات وحراسات في منطقة الإعتصام أمام المنطقة الخضراء، بل ان بعض المتظاهرين لا يعرفون عما يتظاهرون به، وهذه حالة فريدة في تاريخ التظاهرات في العالم..
لكن التظاهرات أثارت موجة من علامات الإستفهام.
اولا. قام متظاهر الميليشيات الولائية بقطع الطرق بين المحافظات سيما الجنوبية وحرق الإطارات واغلاق الطرق، وكان زعماء الميليشيات والأبواق الولائية يعيبون على ثوار تشرين هذه الأفعال، بل حتى مرجعية النجف طالبت الحكومة بمنع هذه الممارسات، ولكن لا المرجعية ولا الحكومة تدخلت في الأمر مع تظاهرات الحشد الولائي.
ثانيا. لم يرد الى مسامعنا وجود الطرف الثالث الذي قتل وجرح عشرات الآلاف من المتظاهرين من ثوار تشرين، الا يعني هذا ان الطرف الثالث هم من كان يقمع التظاهرات بالتعاون مع الأجهزة الأمنية. والا لماذا توقف القناصة عن أداء عملهم القمعي؟
ثالثا: لا توجد قنابل غازية لتفريق المتظاهرين كما حدث في ثورة تشرين ولا رمي قنابل المولوتوف بين الطرفين، ولا اغتيالات ولا خطف متظاهرين ولا إعتداء على السيدات، ولا غزوات أصحاب القبعات الزرقاء، فهل يمكن وصف هذه التظاهرة بـ (تظاهرة رومانسية) مثلا.
رابعا. قدمت ثورة تشرين ما يقارب (40000) بين شهيد وجريح، ولم تقدم تظاهرة الحشد جريحا واحدا! هل يمكن للحكومة أن تفسر لنا موقفها العاطفي تجاه تظاهرات الحشد؟
خامسا: كان موقف إتحاد الإذاعات الإسلامية التابع لطهران إعتبار ثوار تشرين من ابناء السفارات ويصفهم بالغوغاء، والإرهابيين، وهو نفس وصف الخامنئي لثوار تشرين الأبطال، ولكن علي الخامنئي بلع ريقه ولم يقل شيئا عن تطاهرات الحشد الموالي له، بل موقف إتحاد الإذاعات الإسلامية كان متابعة التظاهرات الحشد أول بأول ودعمها بقوة وتغطية نشاطاتها عبر كافة الفضائيات التابعة له.
سادسا. اين عفوية ثورة تشرين من عفوية تظاهرة الحشد الشعبي، فكل شيء منظم في تظاهراة الحشد الولائي، حتى الخيم موحدة، وجبات الطعام منظمة، والواجبات والحراسات منظمة. اقول طالما ان الحشد الشعبي تابع للقيادة العامة للقوات المسلحة، فهل يجيز القانون العراقي تظاهر القوات الأمنية ضد الحكومة؟ يعني هل يجوز للجيش ان يتظاهر ضد الحكومة؟
سابعا. تظاهرات الحشد انعكست سلبا عليهم، فقد كشفت حقيقتهم، فلا التهديد بالسلاح ينفع ولا التصرفات الشائنة التي رافقت التظاهرات تنفع، فقد صار محور المقاومة محورا للتفاهة، مع الأسف الشديد هذا المحور يتاجر بدماء الشهداء من عناصره ممن دافعوا عن الوطن. اليس من العجب ان يدخل بعض ثوار تشرين بوابة مجلس النواب، ويخرج من نفس الباب نواب الحشد الولائي؟
تهجمت تظاهرات الحشد الولائي على أربعة أطراف: ثوار تشرين، السفارات الأجنبية والخليجية، مفوضية الإنتخابات، وأخيرا رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي حيث اشاروا انه حان الوقت لقطع إذن الماعز.
هدد المرشح الخائب عن الحشد الولائي احمد عبد السادة وهو من ذيول الولي الفقيه واحد أبواق الحشد الشعبي بضرب الإمارات العربية بالصواريخ البالستية والطائرات المسيرة لتدخلها بالإنتخابات العراقية، وهذا ما لم يثبت على كافة الأصعدة. لكن اين رئيس الحكومة ووزارة الخارجية والمدعي العام من اعلان الحرب على دولة عربية؟ لا أفهم كيف سكتت الإمارات عن هذا التهديد بالعدوان. فهذه الدولة سجنت احد المعلقين الرياضيين الإمارتيين عندما فسر خسارات الفريق العراقي لكرة القدم بأن اختيار اللاعبين يتم وفق أسس طائفية.
وقال الفياض: “الحشد الشعبي هو قوة أساس لحماية النظام الديمقراطي في العراق، ولا أحد يستطيع التعرض له خارج أطار القانون”.
وأضاف أن “وظيفة الحشد الشعبي ليس حماية نفسه، وإنما حماية أمن واستقرار البلد جنبا إلى جنب مع القوات الأمنية”.
وشدد الفياض على أنه “مع الأطر القانونية للاعتراض على نتائج الانتخابات، وعملنا في السياسة شيء وعملنا في الحشد شيئا آخر”.
جاء ذلك خلال اجتماع عقده الفياض بحضور رئيس أركان الهيئة وقادة القواطع وآمري الألوية ومديري المديريات لاستعراض أبرز التطورات التي يشهدها البلد.
وتشهد بعض المدن العراقية في الأيام الأخيرة احتجاجات تنظمها أحزاب خسرت الانتخابات العراقية وتطالب بإجراء العد والفرز اليدوي لنتائج الانتخابات.
صعّدت الفصائل المسلحة في العراق احتجاجاتها، وحرّكت ورقة الشارع، مستغلة عناصرها في الحشد الشعبي، والحركات المسلحة الأخرى، للضغط على القوى السياسية، بهدف ضمان حصة وازنة عند تشكيل الحكومة العراقية.
وحصل تحالف الفتح “المظلة السياسية للحشد الشعبي” على 16 مقعداً فقط، خلال الانتخابات النيابية التي أجريت في العاشر من أكتوبر، وذلك نزولاً من 48 مقعداً، كان قد حصل عليها في انتخابات 2018.
وتضاءل حديث تلك المجموعات عن التزوير، في ظل الإشادات الدولية بالانتخابات العراقية، مثل مجلس الأمن الدولي، وبعثة الأمم المتحدة وغيرها، وهو ما أفضى عليها شرعية أكبر.
ويرى مراقبون للشأن العراقي، أن التصعيد الحالي من قبل المجموعات المسلحة وتحريك عناصرها عبر الاحتجاجات والاعتصامات، المقامة حالياً في محافظات: بغداد، والبصرة، وذي قار، وغيرها، يأتي بهدف الحصول على حصص جيدة خلال تشكيل الحكومة العراقية المقبلة، أو عدم تجاوزها بشكل كامل.
وقال الكاتب والمحلل السياسي، علي البيدر، إن “تلك الجماعات لجأت إلى الاعتصامات، والتلويح بالسلاح، بسبب الهزائم التي لحقت بها في الانتخابات”، مشيراً إلى أن “ما فعلته يمثل انقلاباً على الدولة والحكومة، لأنها ابتعدت عن الطرق القانونية والشرعية في الاعتراض”.
وأضاف البيدر في تصريح لـ”سكاي نيوز عربية” أن “هذا التحرك يهدف في المقام الأول، لضمان وجود تلك القوى وممثليها السياسيين، ضمن الأحزاب التي ستشكل الحكومة، بسبب إحساسها بخطر الإبعاد”.
ولفت إلى “ضرورة عدم الالتفات لتلك المجاميع، فهي لا تمثل إلا نفسها، وليس لها جمهور حقيقي على أرض الواقع”.
وتعكس تلك الاحتجاجات، قلق “تحالف الفتح” من انفراد التيار الصدري بالسلطة، حيث حاز على المرتبة الأولى، بأكثر من 70 مقعداً انتخابياً، وهو ما يدفعه إلى إثبات وجوده عبر الاحتجاجات الشعبية.
وينادي المعتصمون بإعادة العد والفرز اليدوي لكل العملية الانتخابية، وهو ما رفضته مفوضية الانتخابات، خاصة وأن جميع نتائج المطابقة التي أجرتها المفوضية يدوياً، كان موافقاً للعد الإلكتروني.
وأثارت تلك الاحتجاجات غضباً شعبياً واسعاً، بسبب زج عناصر الحشد الشعبي فيها، وتوجيههم إلى المشاركة فيها، على الرغم من أن الحشد قوة أمنية، خاضعة لسلطة مجلس الوزراء.
مفوضية الانتخابات في العراق تقرر إعادة العد لهذه الدوائر
ووجهت تلك المجاميع تهديدات إلى بعثة الأمم المتحدة، حيث اتهمتها بالتدخل في الشأن الانتخابي، وهو ما رفضه مجلس الأمن الدولي، عبر بيان صدر عنه بشأن الانتخابات العراقية.
ولم تقتصر التظاهرات على أنصار الميليشيات المسلحة من الجماهير العامة، بل شارك فيها منتسبون في تلك الفصائل، إذ أظهر مقطع مرئي، شجارا بين أحد الضباط ومتظاهر، بشأن إغلاق الطرق، ليرد المتظاهر على الضابط بـ”نحن فصائل المقاومة”.
وأربكت الانتخابات حسابات بعض الكتل الصغيرة والكبيرة بسبب المفاجآت التي تضمنتها، إذ حل التيار الصدري في المرتبة الأولى بأكثر من 70 مقعدا، فيما حل “تحالف تقدم” برئاسة رئيس البرلمان، محمد الحلبوسي، في المرتبة الثانية بـ 38 مقعداً.
بدوره، أعرب زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، السبت، عن أمله بأن يسهم موقف مجلس الأمن من الانتخابات العراقية في تراجع الأطراف السياسية المعترضة على النتائج بحجة التزوير.
وقال الصدر في بيان: إنّ “جر البلاد إلى الفوضى وزعزعة السلم الأهلي بسبب عدم قناعة مدعي التزوير بالنتائج، هو أمر معيب يزيد من تعقيد المشهد السياسي والوضع الأمني، بل يعطي تصورًا سلبيًا عنهم، وهذا ما لا ينبغي تزايده وتكراره”.
وحذر الصدر من “الضغط على مفوضية الانتخابات أو التدخل بعمل القضاء والمحكمة الاتحادية”، مؤكدًا أنّ “القناعة بالنتائج الإلكترونية سيفيء على العراق وشعبه بالأمن والاستقرار”.
ولاكن:: كشفت الانتخابات البرلمانية العراقية الأخيرة عن نجاحها في التعبير عن توجهات الشعب العراقي الرافض للأدوار الإقليمية السلبية في الشأن الداخلي.
ويمكن توضيح أهم دلالات النتائج الأولية لهذه الانتخابات في التالي:
1- تراجع حلفاء إيران: ترجمت الانتخابات البرلمانية الأخيرة الغضب الشعبي العراقي من إيران، والطبقة السياسية المرتبطة بها، وهو ما وضح من مراجعة نتائج هذه الأحزاب، والتي تراجعت مقاعدها بشكل واضح مقارنة بالانتخابات السابقة.:.
2- تصدر “التيار الصدري”: تمكن مقتدى الصدر من تحقيق مكانة متقدمة في الانتخابات البرلمانية العراقية، وهو ما يرتبط بصورة أساسية بالدور الذي لعبه في الدفاع عن “متظاهري تشرين”، والذين خرجوا للتعبير عن رفضهم للنفوذ الإيراني والفساد الحكومي. ولذا فقد تمكن “التيار الصدري” من الحصول على 73 مقعداً بعد أن حصل على 54 مقعداً في انتخابات عام 2018.
3- هزيمة الأحزاب المتحالفة مع تركيا: لم تحصل “قائمة متحدون” التي يتزعمها رئيس البرلمان الأسبق، أسامة النجيفي، والمقرب من تركيا، على أي مقاعد في هذه الانتخابات. وكذلك انتكس الحزب الإسلامي العراقي، الذراع السياسية للإخوان المسلمين، والذي كان يحصد نسبة من المقاعد في أغلب المحافظات العراقية السنية.
أما “تحالف عزم” السُني، بقيادة رجل الأعمال خميس خنجر، والذي ضم فصائل مسلحة موالية لإيران، فلم يحقق مكانة متقدمة في الانتخابات، إذ حصل على نحو 15 مقعداً فقط.
4- تسيد تحالف “تقدم” المشهد السُني: حصل تحالف “تقدم” بقيادة محمد الحلبوسي، رئيس البرلمان العراقي، على نحو 38 مقعداً، وهو ما يرتبط بنجاحه في تحقيق حملة عمرانية كبيرة في محافظة الأنبار وخلال وقت قياسي، أثناء إدارته للمحافظة. كما أن الحلبوسي بدا مناوئاً لكل من إيران وتركيا، إذ طالبهما بعدم التدخل في الشؤون العراقية، ونجا من محاولة لإقالته من منصبه كرئيس للبرلمان العراقي في أكتوبر 2020، حين سعى أسامة النجيفي وخميس الخنجر، المقيم في تركيا، ورئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي للإطاحة بالحلبوسي من منصبه؛ بسبب تمسكه بمقترح الدوائر المتعددة لكل محافظة عراقية، خلال الانتخابات.
5- تفوق “الحزب الديمقراطي الكردستاني”: تصدر “الحزب الديمقراطي الكردستاني” بقيادة مسعود بارزاني المشهد السياسي في إقليم كردستان، حاصداً 32 مقعداً، مقابل 15 مقعداً لـ “الاتحاد الوطني الكردستاني”، وفقاً للنتائج الأولية. وبينما فقدت حركة “التغيير” جميع مقاعدها، وهو ما يعني أن التحالف الذي تم بين الاتحاد والتغيير لم يمكنهما من زيادة تمثيلهما على المستوى الاتحادي. كما برزت قوة أخرى هي “الجيل الجديد” في السليمانية بحصولها على 9 مقاعد.
6- نجاح أهداف “تظاهرات تشرين”: على الرغم من أن القوى الداعمة للاحتجاجات العراقية في المحافظات الجنوبية الرافضة للنفوذ الإيراني لم تنجح في بلورة نفسها في حزب سياسي متماسك، فإنها نجحت في النهاية في التأثير على نتائج الانتخابات العراقية الحالية على أكثر من مستوى.
وقد وضح ذلك في التراجع الواضح لأغلب الكتل الشيعية المرتبطة بإيران. كما أن هذه الحركة أعادت التأكيد على الروح الوطنية العراقية، وأهمية سيادة وصيانة استقلال العراق في مواجهة التدخلات الأجنبية، والتي لم تقتصر على إيران، ولكنها امتدت كذلك إلى تراجع حظوظ الأحزاب العراقية المرتبطة بتركيا على نحو ما سلف توضيحه.
7- تأثير النظام الانتخابي الجديد: لعب النظام الانتخابي الجديد دوراً مهماً في هذه الانتخابات، فقد اتبع العراق في هذه الانتخابات نظام الدوائر الانتخابية المتعددة الجديد، والذي قسم البلاد إلى 83 دائرة انتخابية، توزع على عدد المحافظات وبحسب نسبها السكانية، ووفق نظام الاقتراع الأحادي الذي يصوت فيه الناخب لمرشح واحد فقط.
وكان النظام الانتخابي المعمول به في السابق هو نظام القوائم النسبية، والذي ساهم في دعم الأحزاب السياسية، وشهد في بعض الأحيان دعم رجال الدين لقائمة انتخابية معينة. أما في هذه الانتخابات، فإن النظام الجديد دعم حظوظ المستقلين على حساب الأحزاب، خاصة إذا ما كانت هذه الشخصيات تتمتع بالكفاءة والنزاهة، كما أنه قلل من توظيف الاعتبارات الطائفية عند التصويت، وركز اهتمام الناخبين على قضايا مهمة مثل الخدمات، والتي كانت أحد الأسباب في اندلاع “تظاهرات تشرين”.
وسوف تترك هذه الانتخابات تداعيات واضحة على المشهد السياسي في العراق، وهو ما يمكن توضيحه على النحو التالي
1- إعلان الصدر توجهاته الحكومية: أعلن التيار الصدري أحقيته في تشكيل الحكومة القادمة، خاصة بعدما حصل على المرتبة الأولى في هذه الانتخابات، كما أنه بدأ في الكشف عن توجهاته حال نجاحه في تشكيل الحكومة. فقد أكد مقتدى الصدر، مساء يوم 11 أكتوبر الجاري، أنه “سينهي استخدام السلاح خارج إطار الدولة”، وذلك في إشارة إلى ميليشيات إيران، والتي كانت تناصب التيار الصدري العداء.
وتجدر الإشارة إلى أن قاسم سليماني، رئيس فيلق القدس السابق التابع للحرس الثوري الإيراني، ومؤسس هذه الميليشيات، سبق وأن هدد الصدر بالقتل، وهو ما يكشف عن رصيد العداء بين الجانبين، خاصة أن التيار الصدري يعبر عن التيار الوطني العراقي، ويرفض التماهي مع الأجندة الإيرانية.
وقد تأكد هذا المعني في إعلان الصدر “ترحيبه بكل السفارات” من دون استثناء، في تحدٍ واضح لنفوذ طهران، والتي كانت تسعى إلى قطع الطريق أمام عودة العراق لمحيطه العربي، وكانت القوى المرتبطة بها تسعى لعرقلة انفتاح رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، على الدول العربية.
2- تلويح ميليشيات إيران بالسلاح: كانت إيران أكبر الخاسرين في الانتخابات الحالية، وهو ما وضح في الزيارة التي قام بها قائد فيلق القدس الإيراني، إسماعيل قاآني، إلى بغداد، صبيحة إعلان نتائج الانتخابات، والتي مثلت محاولة من جانب لطهران لتقليص خسائرها في العراق عبر محاولة التنسيق مع القوى الشيعية المحسوبة عليها، في محاولة للعودة إلى المشهد السياسي من جديد، أو محاولة الطعن على نتائج الانتخابات، أو توظيف سلاح الميليشيات.
وقد بدأت القوى المحسوبة على إيران في السير على أحد هذين الخيارين، وهما التشكيك في نزاهة الانتخابات، والتلويح بالسلاح، وهو مؤشر إضافي على تراجع فرص حلفاء طهران في تشكيل الحكومة القادمة، واحتمالية لجوئهم إلى الصدام مع القوى الأخرى.
فقد أعلن “الإطار التنسيقي” لقوى شيعية، ومن بينها “تحالف الفتح” و”ائتلاف النصر”، في بيان رفضه نتائج الانتخابات، بالإضافة إلى إعلان اتخاذه “جميع الإجراءات المتاحة لمنع التلاعب بأصوات الناخبين”، من دون أن يوضح ما إذا كان يقصد من ذلك الطعن أمام المفوضية، أم اللجوء لخيار توظيف سلاح الميليشيات.
وتزامن موقف “الإطار التنسيقي” مع إعلان أبو علي العسكري، المتحدث باسم كتائب حزب الله العراقية؛ إحدى فصائل الحشد الشعبي الأكثر نفوذاً، في بيان، أن “الإخوة في الحشد الشعبي هم المستهدفون الأساسيون… وعليهم أن يحزموا أمرهم وأن يستعدوا للدفاع عن كيانهم المقدس”.
ولا شك أن الانتخابات قد رفعت الغطاء الشعبي عن الميليشيات، وكشفت توجهات الشعب العراقي الرافض لوجود تشكيلات خارج إطار الدولة، وهو ما قد يدفع بعض القوى إلى المقاومة، غير أنها هذه المرة سوف تكون في مواجهة مع إرادة الشعب العراقي.
3- تعزيز فرص الكاظمي والصدر في الحكومة الجديدة: صبت نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة في صالح رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، ومقتدى الصدر. وعلى الرغم من أن الكاظمي لم يخض هذه الانتخابات، فإن هناك عدداً من المؤشرات التي ربما تكشف عن وجود تحالف ضمني بين الكاظمي والصدر، وعن إمكانية اتجاه الأخير لترشيح الكاظمي للحكومة، خاصة في ظل التوافق بينهما، سواء فيما يتعلق بضرورة حصر السلاح بيد الدولة، أو أهمية النهوض بالخدمات المقدمة للمواطنين، أو الانفتاح على المحيط العربي، والتخلص من النفوذ الإيراني السلبي على بغداد.
ومن أجل تشكيل الحكومة العراقية الجديدة، فإنه سوف تكون هناك حاجة لبناء تحالف واسع، وتتمثل القوى المرشحة لتشكيل الحكومة القادمة في “التيار الصدري” (73 مقعداً)، وتحالف “تقدم” بقيادة الحلبوسي (38 مقعداً)، و”الحزب الديمقراطي الكردستاني” (32 مقعداً)، أو الأحزاب الكردية مجتمعة (64 مقعداً). وتمتلك القوى الثلاث الأولى مجتمعة نحو 143 مقعداً، أما إذا دخلت القوى الكردية كافة، فإن عدد مقاعد هذا التحالف سيرتفع إلى 175 مقعداً، وهو ما يتجاوز عدد 165 مقعداً اللازمة لتشكيل الحكومة الجديدة.
كما قد يكون هناك خيار آخر أمام “التيار الصدري”، وهو التحالف مع “تقدم” و”الحزب الديمقراطي الكردستاني”، إلى جانب الكتل المنبثقة عن “تظاهرات تشرين” وهي تمتلك حوالي 21 مقعداً، بما يجعل هذا الائتلاف يجمع حوالي 164 مقعداً، أي أنه سوف يحتاج إلى مقعد واحد فقط لتشكيل الحكومة الجديدة عبر هذا المسار، وبشرط ظهور النتائج النهائية للانتخابات، وتأكد حصولهم على أعداد المقاعد التي تم الإعلان عنها حسب النتائج الأولية.
في الختام، مثلت الانتخابات البرلمانية العراقية مؤشراً واضحاً على اتجاه الناخب العراقي لإعلاء الانتماء الوطني على الطائفي، وذلك في تطور مهم له دلالة تكشف عن أن رهان الأطراف الإقليمية، وفي مقدمتها إيران، على السياسات الطائفية لن تكفل لها الحفاظ على نفوذها داخل العراق، وأن بغداد سوف تمضي قُدماً لاستعادة سيادتها. وعلى الرغم من أن هذه الانتخابات مثلت بداية هذا الطريق، فإنه لايزال أمام العراق الكثير من الخطوات التي سيقطعها، والتي يأتي في مقدمتها عرقلة أدوات إيران في الداخل العراقي.