السياسة: هي أمانة رعاية مصالح الأمة الموكلة لمتصدين من أبنائها في الداخل والخارج.
السياسة المستدامة: هي معرفة حدود التصرف والسلوك بما لا يؤثر على ما يجب أن يقرره أو لا يعيق قرار جيل قادم.
هذا التعريف الأولي هو للانطلاق بفكرة هذا المصطلح الذي نريد التأسيس له، وتعامل جديد يعتبر من محددات التفاوض والتفاهم بين الكيانات القوية أو الضعيفة أو العلاقات البينية بين هذه الكيانات في غير الحلول الحربية.
بواعث الفكرة:
العالم ونتيجة التقدم التكنولوجي في المواصلات والاتصالات واستمرار هذا التقدم المختصر للمسافات والزمن أضحى متقاربا في المكان والزمان وبالتالي التأثير البيني.
ما زالت الأفكار القديمة حاكمة وصناعة العلاقات والنظرة بين الشرق والغرب والشمال والجنوب تزداد بشاعة وتشوه مع بقاءها على وضعها والتغير الساحب لها بغير انتظام.
التفاوت في التقدم التقني وامتلاك مقومات القوة يجعل العدالة بل حتى المساواة محض شعارات لا واقع لها ولا أرضية.
استغلال الدول الصناعية للدول ذات المناجم والثروات الطبيعية لعملية ربط سياسي في فلكها مجحفة للشعوب بل خلق ظروف تمنع تلك الشعوب من الإفادة والاستفادة من ثرواتها بحيث أضحت تلك الثروات نقمة عليها، فاستثماراتها وحتى زراعتها وصناعتها مقيدة بسياسات مفروضة ينفدها ساسة من أهل البلاد لكن ليسوا مخلصين لأهلهم ومصالح بلدانهم بالنتيجة والسلوك جهلوا هذا أم علموه.
الاستغلال التام لضعف الساسة المحليين في تمرير الرغبات الشخصية للساسة من الدول القوية حتى ولو لم تك ضرورية جدا أو من الممكن تمريرها بشيء من الفائدة والعوائد لمجتمعات منهكة من الاستغلال والفساد ونهب الثروات.
أسس السياسة المستدامة:
محاربة تهميش مصالح القوى الصغيرة.
دراسة الواقع ومنع استغلال الضعفاء وجعلهم فريسة لهذا الطرف أو ذاك من الأقوياء.
منع استغلال طويل الأمد لحالة ضعف أو زرع عميل على رأس السلطة أو مجموعة من الفاسدين.
منع أهواء الساسة من العبور إلى قرارات أجيال لاحقة بمنع طرق مؤدية إليها من خلال قرارات تعسفية.
إيجاد صيغ جديدة للتعاون والتضامن العالمي على أسس من احترام الإنسان والقيم العليا التي تميز إنسانية الإنسان بعيدا عن الجشع لإحداث السلام العالمي.
أهداف السياسة المستدامة:
تحقيق العدالة التي هي دافع الإسلام وأساس حراكه.
تقليص الاضطهاد وضياع الحياة نتيجة المؤامرات.
إعطاء فرصة للناس المستضعفة اليوم لبناء حياتها والمشاركة في بناء إنسان جديد ومدنية متشارك بها وليس بقاءهم معذبين ومستهلكين وأرضهم مصدر المواد الخام.
ترتيب العلاقات بين الآدمية، ليكونوا كما خلقهم الله بناة وخلفاء للأرض.
إيقاف هدر الطاقة البشرية بالصراعات التي لا مبرر آدمي لها وإنما يحركها الجشع والفساد من الأنا الشيطانية القاتلة.
ترشيد ووقف تبديد الثروات من خلال الفساد والنهب، والتعاون على مراشنتها.
توزيع مواقع الإنتاج حول العالم ووضع المواد الخام من خلال سياسة حكيمة لتقليل الكلفة ومشاركة الإنتاج وتبادل المصالح والاستثمار العقلاني.
إصدار التشريعات المحددة لسلوك الساسة بما لا يسمح إفساد العلاقات بين الدول أو الامتداد لحقوق الأجيال الأخرى وقفل أبواب التفاهم المحتمل بين الأجيال نتيجة سوء القرارات من ساسة العصر الحالي مثلا إذن هنالك محددات على كافة مستويات القرار لصالح السياسة المستدامة.
السياسة المستدامة تمتد للتالي:
التنمية المستدامة… النفط وصناعاته، الأيكولوجي، والبيئة الإنشائية، والاقتصاد والحالة الاجتماعية والصحية والمياه والصناعة لا ينبغي أن توقع بروتوكولات لا سلطة عليها تقيد مستقبل أجيال قادمة
العلاقات والمصالح المشتركة والمتعارضة بين الدول وإدارتها، وقرارات الحرب والسلم.
القرارات الداخلية ذات التأثير على بنية المجتمع ونسيجه، وعلاقاته مع الخارج على المدى الطويل، حيث لا تتخذ هذه القرارات من الجهة التنفيدية مباشرة وإنما توضع بصيغة تسمح للأجيال المعنية بتعديلها، إي أن القرارات التي تتجاوز تأثير الجيل الحاكم تتحسب فيها إرادة الجيل القادم، نحن نلاحظ الأذى الذي تسببه الدول الصناعية لشعبنا ومدى الظلم والمؤامرات واستغلال الوسائل المخابراتية لإحداث الجنوح والفتن والقتل والتخريب وتحويل معيشة الناس إلى جحيم لا يطاق من الغرب والشرق كل هذا يغلق أبوابا محتملة للتفاهم بعيدا عن ردود الأفعال والتحسب وفقدان الثقة.
إن المصالح مقابل العدالة وتفرعاتها هي العوامل المؤثرة في إنجاح وقيام سياسة مستدامة وتعتبر ضرورية إذا ما أريد السلام العالمي وابتكار وسائل أخرى لتحقيق المصالح بعيدا عن الاستغلال والفساد وإنما بالتعارف والتفاهم وضمان حقوق الأجيال في القرار وامتلاك زمام الإصلاح والتغيير.
لفكرة السياسة المستدامة تطبيقات وتأثيرات على السياسة الخارجية والداخلية؛ فالخارجية تقل فيها الضغوطات والاستغلال نتيجة اختلاف وتباين القوى والطموح، وإنما تنتظم الدول بتبادل المصالح والإعمار المشترك حقيقة لا ادعاء أو شكلا. في الداخل تحدد القيادات في القرار والاستعانة بإمكانيات الخارج لتثبيت السلطة على حساب مصالح الأمة.
لماذا هذه الضرورة في النهاية؟
الحقيقة الماثلة أن هنالك ساسة يتصرفون بدوافع غريزية، بل إن مراكز الدراسات لإنشاء السياسات ترتكز على أسس إفساد العالم من استغلال النفوذ والمؤامرات وبناء العلاقات على أساس صراعات وجودية ومهما كانت هذه المراكز أو غيرها تزعم أن البناء لهذه السياسات لإحلال السلام العالمي فهو ادعاء محض لا يمت للسلام بصلة وإنما تحقيق ما يظن أنها مصالح بيد أنها مبنية على استغلال الآخرين بل إلغاء وجودهم لضعف تأثيرهم …. بيد أن هؤلاء الناس هم آدميون في الحقيقة لهم أحاسيس وقلوب تفكر ومشاعر تضغط على بناءهم النفسي، فهذا سيولد الكراهية ويصنع بؤر للفساد، وتعود هذه المراكز أو غيرها لبناء تنفيس محلي لهذه الضغوطات فتجعل من حياة البشر أمر فوق الطاقة والمسؤولية واضحة الاتجاه والتوجه…. كما أن محددات الداخل في هذه البلدان تتيح المجال للطغيان هذا وجعل قوم الساسة هؤلاء ضحية وفريسة سهلة لا يعار لها أية أهمية حتى في التخطيط للهيمنة والسيطرة فالحقوق مبتذلة ومهدورة والناس لا تأثير لها ولا قوانين وأسس تحميها.
والحقيقة أن هذه السياسة المستدامة ليست فكرة مؤسسة مجتمع مدني أو غير حكومي، بل هي تتفق مع بناء مركز التخطيط الاستشاري، ومركز دراسات السياسات وتخطيطها وتناقش من محدداتها سياسة الساسة في البرلمانات، وعلى هذا لابد من تغيير صيغ الاستبداد والقبول به إن أرادت الشعوب الوجود والحياة.
نحو هذه المؤسسات أو غيرها مما يضبط طغيان السياسة وممرات الفساد إليها وبها لتكون سياسة حكيمة ومتى ما ضبطت السياسة المستدامة في مواطن إنتاج المواد الأولية والخامات كالنفط والماس والذهب وغيرها من المعادن والثروات وأقيمت برامج وطنية وتبادلية بين الجوار والتكامل بينها والاتحاد مع بعضها مثل استثمار أراضي السودان للزراعة يحل مشكلة مصر وحاجتها للغذاء وكذلك ينهض بالسودان، استثمار النفط بإقامة صناعات قريبة من المواقع النفطية ينعش اقتصاد وصناعة الدول النفطية ويفيد الدول الصناعية من خلال مشاركات.
أما هذا الهدم في الإنسانية والعدالة فهو مؤثر جدا على الأجيال القادمة بجشع وقصر نظر هذا الجيل كما الذي سبقه فولّد الحالة التي لا قدرة لنا على التحكم بها بلا تعاون وإرادة حقيقية.