خصصت الحكومة الإسرائيلية مليار ونصف دولار من ميزانيتها لوأد الأحلام الإيرانية في صنع قنبلة نووية, لتأمين أمنها وأمانها, بكل ما يعنيه ذلك من اقتطاع موجع من التخصيصات المالية الاجتماعية الداخلية, وتأجيل خطط ومشاريع جديدة.
بينما قام الحكام الفاسدون في بلادنا من سرقة بليون وثلاثمائة مليار دولار ومئات أخرى من الملايين, خلال ثمانية عشر عاماً من حكمهم, وبدون وجع ضمير, لضمان مستقبلهم الشخصي والسلطوي, بدون توفير منجز يذكره الشعب ويمكنهم أنفسهم أن يباهوا به, بل على العكس فإن استئثارهم بخيرات البلاد وثرواتها وسياساتهم الجائرة, أدخلتنا في نفق مظلم عنوانه الحروب الطائفية والفقر والعوز والتفاوت الطبقي الحاد الذي ينذر بعواقب اجتماعية وسياسية وخيمة قادمة.
فاتورة الحرب الإسرائيلية الباهظة بنظر المجتمع والحكومة الاسرائيلية, تصيب المواطن العراقي, عند سماعها, بنوبة ضحك هستيرية عندما يقارنها بمستوى النهب السلطوي الحاصل لدينا… فهي عندنا, مجرد خردة ( فكة ). فبمثل هذه التخصيصات المالية لا تعمر, الجهات المسؤولة, عندنا, جسراً ولا تبني مستشفى ولا تفتح شارعاً معتبراً, بينما أصبح اتفه سياسي بليد من أحزاب المحاصصة يملك هذه الطراطيش, وبعض قادتهم من أصحاب المليارات.
بل أن حكومة سابقة استوردت من الجمهورية الاسلامية الايرانية بما يعادل هذا المبلغ طماطم في سنة ماضية حسب التصريحات الرسمية لأبواب صرفيات الميزانية السنوية..
قد لا تكون هذه المقارنة صائبة, بأي حال من الأحوال, بين دولة مستقرة كإسرائيل, ذات مؤسسات راكزة ونظام حكم مبني على أسس قانونية واقتصاد متكامل ورصين وعلاقات دولية واسعة, وبين دولة ونظام مهلهل, كما هو العراق – تغيب عنه سلطة القانون ويتبوأ مركزاً متقدماً في مجموعة الدول الأكثر فساداً في العالم, تتحكم به أهواء احزاب الطوائف وأطماع قادتها واذرعها المسلحة, بنظام محاصصي جائر واقتصاد فاشل وعلاقات دولية وإقليمية غير متكافئة, مع جفاء شعبي لأحزاب السلطة ومقت رموزها, كما أكدتها نتائج الانتخابات الأخيرة.
وبينما نحن في محضر المقارنة, لابد من التذكير بأن من يحكمنا هم من تقاة الناس والمتمسكين بعرى الدين, وليس كما حكام الإسرائيليين من شذاذ الآفاق والممسوخين.
لعل احزاب الطوائف الحاكمة تتمسك بتقاسم الثروات والامتيازات مع المتحاصصين معها على حساب الشعب من باب حرمة التشبه باليهود, حتى لو كانوا أمناء متفوقين ومتميزين, لم يسمحوا لعقيدتهم الدينية أن تكون سبباً في تعويق تقدمهم, وبناء ضمانات استمرار التفوق.
يا حبذا لو حققوا جزءاً بسيطاً مما أنجزه أبناء ( المغضوب عليهم والضالين ) الذين يلعنونهم ليلاً ونهاراً في خمس صلوات, ويتخلون عن بعض ” شايلوك*…يتهم ” المقيتة بحق ابناء جلدتهم.
طمعهم الدنيوي غلب توقهم الآخروي الزائف !
* شايلوك – التاجر اليهودي في مسرحية شكسبير ” تاجر البندقية “.