خاص : ترجمة – د. محمد بناية :
الكل رأى بعينيه؛ أن الهجمات الإلكترونية والتدميرية لا تمزح، وتُثير “أزمة” في بعض حوزات الإنتاج للدولة بشكل عام. وما حدث يوم الأربعاء؛ والإخلال بمنظومة توزيع بطاقات الوقود على المواطنيين؛ أثبت لأكثر الأفراد تفاؤلًا وكسلًا أن الهجمات السيبرانية والتدميرية: “حقيقية”. بحسب “جعفر بلوري”؛ في مقاله المنشور بصحيفة (كيهان) الأصولية الإيرانية المتشددة.
إدارة المسألة قبل أن تتحول إلى أزمة..
ولك أن تتصور ماذا كان ليحدث، لو لم تُدار هذه الهجمة بتلك السرعة والإدارة الجيدة، ولما تمكنت وسائل الإعلام الوطنية من التعامل، وبقي الرأي العام أسير الأعداء ؟!.. ولنفكر قليلًا بشأن ما كان ليحدث لو استهدفت هذه الحملة بشكل سائر البنى التحتية المرتبطة بالمواطن بشكل مباشر ؟!
تقول التجربة: انتظر سيل من الشائعات مع طغيان أي حدث على الرأي العام؛ وهذه الشائعات إن كانت مؤثرة ستكون ذات آثار تخريبية. إلا أن المسؤولين الحكوميين وغير الحكوميين اصطفوا جميعًا وتعاملوا مع المشكلة على نحو مقبول؛ قبل أن تتحول إلى أزمة، وهي مسألة تستحق التقدير.
وبأمس الأول تجول السيد “إبراهيم رئيسي”؛ بنفسه في بعض محطات البنزين وتحدث إلى المواطنيين. وفي الحقيقة هذه المسألة تستحق التقدير كذلك. لكن هذا الحادث ينطوي على دروس وعبر سوف نعرض للبعض منها في يلي :
وجود شبكة أمن قومي..
01 – لعل أهم الدروس وجود شبكة أمن قومي. وهذه المشكلات لأنها في الغالب فنية، فإن مثلي لا يستطيع مناقشتها، لكن يُفهم من تصريحات المتخصصين أن هذا الجزء من خطوط الطاقة المحلية لم يُعد كذلك، حجم الخسائر، (الاقتصادية والسياسية والنفسية والاجتماعية بل والأمنية)، قد تكون أكثر من ذلك.
على سبيل المثال يقول مصدر مسؤول: فشل العناصر التي تقف وراء الحادث في التلاعب بحصص بطاقات الوقود؛ بسبب أنها صناعة محلية بالكامل !
إحباط هدف الهجوم..
02 – هدف الهجوم هذه المرة، (مع احتمال تورط دولة خارجية في الموضوع؛ كما قيل)، واضح تمامًا، وهو الشعب بشكل مباشر.
وفي حال اتضحت صحة هذه الاحتمالات، فإن عدد الدول التي تملك حافز القيام بهكذا هجوم غير كبير، ولا يمكن التخمين بسهولة ماهية من يقفون وراء هذا الهجوم.
ويأتي في الصف الأول من المتهمين “الولايات المتحدة” و”الكيان الصهيوني” وعملاءهم. لقد أثبت الهجوم بوضوح أن العدو لا يعرف أي حدود في الوصول إلى أهدافه، وأنه على استعداد لاستهداف الشعب بشكل مباشر. وهو ما برز في أزمة منع الدواء والغذاء.
وأحد الحلول المُثلى في الحد من مثل هذه الحملات، هو معرفة العناصر المتورطة وتغليظ تكلفة مثل هذه الأخطاء !
خطورة الهجمات السيبرانية..
03 – بعد دخول القرن الـ 21، ونمو العلوم والتكنولوجيا، تغير تدريجيًا شكل الحروب والصراعات. وبعد فصل الأخلاق عن العلوم، دخلت الهجمات السيبرانية والفيروسات والأمراض العجيبة والغريبة مجالات الحرب، وبعض الدول تستثمر بقوة في هذه الحوزة لأسباب متعددة؛ من مثل قلة التكلفة، والتأثير الكبير والسهولة؛ بحيث أصبح الاستثمار في هذه الحوزة بالنسبة لهم، “مهم”، ويوازي الاستثمار في حوزة المعدات والأسلحة العسكرية، أو على الأقل الاستعداد لذلك.
وقبل سنوات وبعد الكشف عن خبر الفشل المتوالي للاختبارات الصاورخية في “كوريا الشمالية”، كتب بعض الخبراء: السبب في فشل هذه التجارب الصاروخية؛ هو الهجمات السيبرانية.
وخلاصة القول: شئنا أم أبينا تولي بعض الدول اهتمامًا بالغًا بهذه الحوزة، ويستخدمونها بدلًا من حرب الصواريخ، لذلك يجب أن تعامل بجدية إزاء مثل هذه الهجمات، والاستثمار في هذه الحوزة.
فلقد أصبح امتلاك شبكة أمن قومي واتصالات يوازي امتلاك الصواريخ الموجهة والطائرات المُسيرة، ولا يجب أن نتجاهل ضرورات الحياة أمام الوهم القائل: “دنيا الغد هي دنيا الحوار لا الصواريخ”.
أخيرًا، وكما أسلفنا؛ فالحوادث تطلق سيول الشائعات. ولم تكد تمر ساعات على الهجوم حتى انتشرت شائعات من مثل: “يريدون رفع أسعار البنزين”، واتهم البعض الأقمار الصناعية للدول العربية بتنفيذ الهجوم. وبعض التيارات السياسية رأت في الهجوم: “ذريعة لقطع الإنترنت”.
ولم تتوقف الشائعات حتى أثناء كتابة المقال. وربما لا يمكن الوقوف أمام الشائعات، لكن يمكن الحد من تأثيرها بالتعامل السريع والمنظم. وربما ظهر خلل بسيط في بعض المواقف، لكن كان أداء رئيس الجمهورية، والتليفزيون، والبلدية، و”وزارة النفط” وسائر المسؤولين؛ جيد ولو ذلك لكان من الممكن أن نعيش نفس الوضع الذي ضرب محطات الوقود الأميركية قبل 06 أشهر.