9 فبراير، 2025 7:14 ص

الأرض تحترق احتياجًا .. باحث أميركي يفضح: أثرياء العالم يحتفلون لهوًا في “الفضاء” !

الأرض تحترق احتياجًا .. باحث أميركي يفضح: أثرياء العالم يحتفلون لهوًا في “الفضاء” !

وكالات – كتابات :

في الوقت الذي يُعاني فيه كثير من الناس، حول العالم؛ من نقصٍ في البضائع بسبب اختناقات سلاسل التوريد، يُنظم الرأسماليون المصابون بجنون العظمة؛ رحلات إلى “الفضاء” برفقة ممثلين من الدرجة الثانية، وهذا دليل آخر على الضرورة المُلِحَّة لفصل المليارديرات عن ملياراتهم.

بهذه الكلمات؛ افتتح “دين بيكر”، المدير المشارك في “مركز البحوث الاقتصادية والسياسية” الأميركي، مقاله الذي نشرته مجلة (غاكوبين) الأميركية، وتحدث فيه عن الرحلات التي يتسابق أصحاب رؤوس الأموال، في العالم؛ إلى تنظيمها نحو “الفضاء”، فيما يغرق كوكب الأرض بالمشكلات، لا سيما بعد جائحة فيروس (كورونا).

يتابع “بيكر” قائلًا: كوني من المعجبين بشدة ببرنامج (ستار تريك) التلفزيوني، أعترف أنه كان من اللطيف رؤية الكابتن “كيرك”، (شخصية خيالية رئيسة في سلسلة أفلام ستار تريك)؛ يذهب حقيقةً إلى “الفضاء”. ولكن هناك مشكلة حقيقية هنا مع الألعاب السخيفة التي يُمارسها فاحشو الثراء والتي تستحق بعض التفكير.

سوق الأسهم يزدهر..

أفاد “بيكر”؛ بأنه كان هناك عديد من الأخبار والوثائق حول الزيادة الهائلة في ثروة فاحشي الثراء منذ بداية الجائحة. ويُرجع هذا فعليًّا إلى الارتفاع في سوق الأسهم؛ خلال هذه الفترة. فبعض هذه الأسهم استعادت قوتها التي كانت عليها قبل الجائحة، كما هو الحال مع مؤشر (إس آند بي 500-S&P 500)، الذي فقد ثُلث قيمته تقريبًا بين الذروة التي بلغها قبل الجائحة، في شباط/فبراير 2020، والانخفاض الذي شهده بعد شهر من الجائحة. ولكن إذا أردنا أن نُسلط الضوء على قصة مثيرة، يمكننا البدء من الانخفاض الذي شهدته سوق الأسهم في ذروة الجائحة وملاحظة الارتفاع بعد ذلك؛ أي منذ آذار/مارس 2020.

يُلفت الكاتب إلى أن هناك زيادة غير معتادة حدثت في سوق الأسهم، في الأشهر العشرين الماضية. فمؤشر (إس آند بي 500-S&P 500)؛ استعاد أكثر من ثُلث قيمته التي فقدها مع بداية الجائحة. وهناك عدة تفسيرات لهذه الزيادة؛ أولها أن أسعار الفائدة المنخفضة ترفع أسعار الأسهم بوجه عام. وكانت أسعار الفائدة قد تراجعت بشدة أثناء الإغلاقات التي شهدتها الفترة الأولى من الجائحة، حيث انخفض سعر العائد على سندات الخزانة ذات العشر سنوات من أكثر من: 1.8%، في شباط/فبراير 2020؛ إلى أقل بقليل من: 0.6%، في الصيف الماضي. وهناك قاعدة عامة مفادها أن انخفاض سعر الفائدة يعني ارتفاع أسعار الأسهم.

ولكن هذا التفسير لن يذهب بعيدًا كثيرًا، فسعر الفائدة على سندات الخزانة ذات العشر سنوات؛ يتجاوز حاليًا: 1.6%. وهذه الفجوة بين: الـ 1.8%؛ و1.6%، يمكن أن تُفسِّر جزءًا بسيطًا من الارتفاع في سوق الأسهم.

أما التفسير الثاني؛ فيتمثل في أن المستثمرين في الأسهم متفائلون حقًّا بشأن الأرباح المستقبلية. وغالبًا ما يحتار الناس فيما يُفترض أن يقيسه سوق الأسهم؛ إذ لا يهتم المستثمرون أبدًا بمستقبل الاقتصاد، ولا يهمهم سوى الأرباح المستقبلية لشركات كبرى مثل: (آمازون) و(فيس بوك) وغيرها من الشركات الأخرى؛ التي يمتلكون أسهمًا فيها. وإذا أعتقدوا أن أرباحهم ستكون جيدة، فإنهم يصبحون أكثر استعدادًا لدفع مزيد من الأموال مقابل الأسهم.

وقد يرجع سبب ذلك إلى أن المستثمرين متفائلون بشأن الاقتصاد ويعتقدون أن كل أولئك المتشائمين في وسائل الإعلام لا يملكون دليلًا على كلامهم. وإذا تمتع الاقتصاد بنمو قوي في عامي: 2022 و2023؛ وحصلت الشركات على أرباح أعلى، فعندئذٍ سيكون هناك ما يُبرِّر ارتفاع أسعار الأسهم.

أسباب غير منطقية وراء ارتفاع أسعار الأسهم !

يرى “بيكر”؛ أن هناك تفسيرًا آخر ربما يتمثل في أن المستثمرين يتوقعون أن يستمر التحوُّل الأخير من دفع الأجور إلى جني الأرباح. وفي هذه الحالة، ربما يكون نمو الأرباح قويًّا وإن لم يكن النمو الاقتصادي كذلك. وهذا يعني مرةً أخرى أن كل أولئك الذين يتذمرون على وسائل الإعلام، حول الشركات التي تتعرض للضغوط بسبب ارتفاع تكاليف العمالة، يجهلون ما يتحدثون عنه. ولكن، ما الجديد أيضًا ؟

هناك احتمال ثالث؛ وهو أننا نشهد اليوم حالة أخرى من الوفرة غير المنطقية. ولا ينبغي الاستغراب من احتمال عدم وجود أساس منطقي لارتفاع أسعار الأسهم، لا سيما في نظر أي شخص شهد إنهيار سوق الأسهم في نهاية التسعينيات من القرن الماضي، وإنهيار فقاعة الإسكان في الأعوام بين: 2007 و2009. وغالبًا ما يجهل المستثمرون الأساسيات الاقتصادية، لذا، فمن الوارد ألا يكون هناك أساس اقتصادي لارتفاع الأسهم على مدار الأشهر العشرين الماضية.

ومهما كان المنطق وراء ارتفاع أسعار الأسهم، فلا شك أن هذه الزيادة جعلت الأثرياء أكثر ثراءً. والسؤال الذي يُطرح هنا هو: إلى أي مدى يجب أن نقلق من ذلك ؟

يضيف الكاتب قائلًا: لطالما قلتُ إنني لستُ قلقًا بشأن التفاوت في الثروات، فهي من ناحية لا تُقاس جيدًا، وهي شديدة التقلب أيضًا. ولكنني أكثر قلقًا بشأن عدم المساواة في الدخل. وأنا أدرك السلطة السياسية المرتبطة بالثروة الهائلة، ولكنني أظن أن من اقترح هذه الحجة لم يفكر فيها مليًّا. لنفترض أننا خفَّضنا ثروة فاحشي الثراء بنسبة: 50% أو حتى: 75%، فهل سيفقد “جيف بيزوس”، (رئيس مجلس إدارة شركة آمازون)؛ قدرته على دعم أجندته السياسية إذا كان لديه: 50 مليار دولار فقط تحت تصرفه ؟.. وإذا أردنا أن نعالج الفجوة الهائلة في السلطة السياسية التي أوجدها الغِنى الفاحش، فعلينا أن نبحث عن طرق لبناء قوة الأشخاص من الطبقة الوسطى والسفلى. وفكرة أننا سنفعل ذلك عن طريق تقليل ثروة مَنْ هم في القمة ليست معقولة.

ماذا عن “الفضاء” ؟

حسنًا، ما علاقة هذا كله بذهاب كابتن “كيرك” إلى الفضاء ؟.. يجيب “بيكر”: إذا فكرنا في الكيفية التي يمكن للثروات الفاحشة من خلالها إلحاق الضرر بنا، فالأمر يعود إلى سيطرتها على الموارد في الاقتصاد. وهذه هي قصة سلاسل التوريد المتعثرة وتكدس البضائع في الموانيء باختصار، فنحن نطالب بسلع وخدمات أكثر مما يمكن للاقتصاد أن يؤمِّنه في الوقت الحالي.

وهذه الرحلات الفضائية التي يروِّج لها: “جيف بيزوس” و”ريتشارد برانسون”، (مؤسس مجموعة “فيرغين غروب”؛ التي تضم أكثر من: 360 شركة)، و”إيلون ماسك”، (مؤسس شركة “سبيس إكس”)، تستهلك قدرًا هائلًا من الموارد. فالأمر يتطلب أعدادًا كبيرة من الأشخاص ذوي المهارات العالية لتخطيط هذه الرحلات ومراقبتها. ومع الكم الهائل من الإعلانات المجانية التي قدمتها وسائل الإعلام لهذه المغامرات، يمكننا أن نتوقع أن يصطف مزيد من الأثرياء في طابور الراغبين في الذهاب في رحلات إلى “الفضاء”.

وهذا يعني سحب مزيد من الموظفين بعيدًا عن الأماكن التي يمكن أن تكون أعمالهم فيها أكثر إنتاجية، مثل تصميم أنظمة أفضل للطاقة الشمسية وطاقة الرياح، أو بطاريات أفضل لتخزين الطاقة، وطرقًا أفضل لإنتاج اللقاحات والأدوية. وسيكون لهذا تكلفة حقيقية على الاقتصاد.

إن الاستخدام العبثي لكميات كبيرة من الموارد من قِبل الأثرياء يُمثل مشكلة للاقتصاد والمجتمع. ولا علاقة لهذا بمقدار ما يملكون من ثروات، فعلى سبيل المثال: يُعد “وارن بافيت”، (رئيس مجلس إدارة شركة “بيركشير هاثاواي”؛ وهو رابع أغنى أغنياء العالم لسنة 2020)، واحدًا من أغنى الأشخاص في العالم، ومع ذلك فهو يعيش حياة متواضعة للغاية. وإذا تضاعفت ثروته، فمن الصعب أن نرى في ذلك سببًا لخلق مشكلات اقتصادية كبرى. ومن ناحية أخرى، إذا تمكنت عصابة المليارديرات من جعل السفر إلى “الفضاء” شكلًا أساسيًّا من أشكال الترفيه للأثرياء، فهذه مشكلة حقيقية.

وينوِّه الكاتب قائلًا: ليس لدي خطط كبرى لوقف آخر صيحات في سباق “الفضاء”، ولكني جادلتُ دومًا بأن أفضل طريقة لمنع عدم المساواة المفرطة هي التوقف عن هيكلة السوق بطرق تولِّد عدم مساواة شديدة. وهذا يعني تقليل الاعتماد على براءات الاختراع وحقوق التأليف والنشر كآليات لتمويل الابتكار والعمل الإبداعي. ويعني أيضًا تقليص حجم القطاع المالي من خلال هيكلته بطرق تُعزز الكفاءة وليس الثروة التي لا يمتلكها سوى قلة قليلة. وينبغي أن يكون هناك هيكل حوكمة مؤسسي لا يجعل من السهل على الرؤساء التنفيذيين والإدارة العليا سرقة الشركات التي يعملون بها.

ويختم الكاتب مقاله بالقول: ناقشتُ هذا الأمر وغيره سابقًا، لكن النقطة الأساسية هنا؛ هي أن علينا أن نبقى منتبهين لهذه المسألة. فلا ينبغي أن يُشكِّل تكديس الثروات مشكلة لنا، أما استهلاك الأثرياء لكميات كبيرة من الموارد من أجل اللعب والمتعة، فهذه مشكلة كبيرة.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة