خاص: إعداد- سماح عادل
“جاك نيكلسون” هو ممثل، مخرج، منتج أمريكي، اسمه “جون جوزيف نيكلسون”. يعتبر واحدا من أكبر الممثلين في تاريخ السينما الأمريكية، وهو أكثر الممثلين الرجال حصولا على جائزة الأوسكار حيث رُشح لها 12 مرة وفاز بها ثلاث مرات، والأدوار التي فاز بها بالجائزة هي: جائزة أفضل ممثل رئيسي مرتين، في عام 1975 عن دوره في فيلم (وطار فوق عش المجانين)، وعام 1997 في فيلم (أفضل ما يمكن حصوله)، وجائزة أفضل ممثل ثانوي عام 1983 عن دوره في فيلم (شروط إظهار العاطفة). وقد حصل على جائزة “الغولدن غلوب” 6 مرات.
بداية العمل في السينما..
بدأ “نيكلسون” العمل مع هوليوود في 1954، وكان عمره لا يتجاوز 17 عاما، عن طريق الصدفة. حيث كان ذاهبا لزيارة أخته في “لوس أنجلوس” وهو المكان الذي توجد به هوليوود، فحصل على وظيفة سكرتير لدى أستوديو إنتاج أفلام كرتون تابع لشركة “مترو غولدوين ماير” الشهيرة. وكان يعمل مع الرسامين الشهيرين “ويليام هانا وجوزيف باربيرا” مبتكري فكرة أفلام “توم وجيري”. وعرضا عليه أداء أصوات للرسوم المتحركة لكنه رفض، وقال أن طموحه هو التمثيل في الأفلام السينمائية.
ثم قام “نيكلسون” بالتدرب على التمثيل مع مجموعة من أصدقائه، وحصل على أدوار صغيرة على المسرح والتلفزيون. وكانت بدايته في عالم السينما عام 1958، في فيلم شبابي متواضع التكلفة بعنوان (قاتل الطفل الباكي). وقام فيه بدور البطولة. وكان الفيلم من إنتاج المنتج “روجر كورمان”. حيث تحسنت علاقة الممثل الشاب “نيكلسون” مع المنتج “كورمان”. فكانت أفلام “نيكلسون” في السنوات العشر التالية في معظمها من إنتاج “كورمان”.
عمل “نيكلسون” في بداياته أيضا مع المخرج “مونتي هيلمان”، في بطولة عدة أفلام كاوبوي منخفضة التكلفة. ولم تجد بعض هذه الأفلام شركة توزيع تقبلها في أمريكا، فتم عرض هذه الأفلام في فرنسا وقد حققت نجاحا هناك.
بعد عدة سنوات من بداية كممثل سينمائي، لم تحقق أفلامه نجاحا كبيرا. فقرر التوجه إلى الكتابة والإخراج. وقام بكتابة سيناريو خمسة أفلام حتى تلك المرحلة ولم تحقق أيضا نجاحا كبيرا.
الشهرة والنجاح..
حقق “نيكلسون” انطلاقة كبيرة في 1969، وكانت بدايته الحقيقية في مجال التمثيل، حيث شارك في بطولة فيلم (السائق البسيط)، مع “بيتر فوندا” من إخراج “دينيس هوبر”. حيث لعب في الفيلم دور المحامي السكير “جورج هانسون”، وحصل أداؤه على استحسان النقاد ورشح لجائزة الأوسكار لأول مرة. وحقق الفيلم إيرادات عالية جدا حيث تجاوزت الأرباح 40 مليون دولار. يقول “نيكلسون” عن فيلم (السائق البسيط): “كل الأفلام التي قدمتها قبل فيلم (السائق البسيط)، كانت عبارة عن محاولات ممثل مبتدئ يحاول شق طريقه في عالم السينما”.
استمر نجاح “نيكلسون” في السينما. في السنة التالية، 1970، قام ببطولة فيلم (خمس قطع سهلة)، بمشاركة الممثلة “كارين بلاك”. وقد حصل “نيكلسون” للمرة الثانية على ترشيح لجائزة الأوسكار. فقد حققت الشخصية التي أداها في الفيلم انطباعا جيدا لدى الجمهور والنقاد. وهي شخصية (بوبي دوبيا) غريب الأطوار العامل في أحد حقول النفط. يقول الناقد السينمائي المعروف “روجر إيبرت” عن تأثير هذه الشخصية: “شخصية (بوبي دوبيا) لا يمكن أن تنسى على الإطلاق. وهي من أهم الشخصيات في تاريخ الأفلام الأمريكية”.
الأوسكار..
بعد نجاح فيلم (خمس قطع سهلة) أصبح “نيكلسون” ممثلا شهيرا في هوليوود. وأصبح النقاد يشبهونه بالممثلين المشهورين “مارلون براندو وجيمس دين”. في نفس العام شارك “نيكلسون” أيضا في دور ثانوي في الفيلم الغنائي الكوميدي الناجح (ترى جيدا في اليوم الصحو) مع المخرج “فنسنت مينيلي” والممثلة “باربرا سترايساند”. شارك بعدها في بطولة الفيلم الكوميدي (علاقات جسدية) مع المخرج “مايك نيكولز” ورشح لجائزة “غولدن غلوب” لأفضل ممثل.
في عام 1973، أدى “نيكلسون” دور البطولة في فيلم مع المخرج “هال آشبي” بعنوان (آخر التفاصيل)، بمشاركة الممثل “راندي كويد”. وفاز عن دوره في الفيلم بجائزة أفضل ممثل في مهرجان كان السينمائي. وأظهر “نيكلسون” قدراته الفنية بشكل واضح في هذا الفيلم.
في عام1975 قدم “نيكلسون” أحد أشهر أفلامه وهو فيلم (أحدهم طار فوق عش الوقواق)، من إخراج المخرج التشيكي “ميلوش فورمان”. وفاز “نيكلسون” بأول جائزة أوسكار لأفضل ممثل. وحصل الفيلم على خمس جوائز أوسكار وأصبح من أهم الأفلام التي أنتجتها هوليوود حتى اليوم. وقد وصفت الكاتبة “ماري برينر” أداء “نيكلسون” والفيلم: “نرى نيكلسون في كل مكان، طاقته التي تدفع بجناح من المتوحدين لتجعل منهم مجموعة، وهم جوقة من الأشخاص في مكان هم مرغمون على البقاء فيه وليس لديهم مكان غيره ليذهبوا إليه، فيناضلون من أجل تحرير أنفسهم بعض الشيء من الانقياد.. هناك مشاهد في (عش الوقواق) تضاهي في عاطفتها مشاهد في العراب. [و] أداء أعلى بكثير من أي أداء معتاد في هوليوود.”
قال عنه المخرج “ستانلي كوبريك”: “عمله دائما مثير للاهتمام، تتصوره في أي دور بشكل واضح، وهو عامل نجاح، إنه سحر. جاك مناسب بشكل خاص للأدوار التي تتطلب الذكاء، هو رجل ذكي ومتعلم، وهذه الصفات يكاد يكون من المستحيل تمثيلها. في فيلم (الإشعاع) كنت تصدق أنه كاتب، سواء كاتب فاشل أو عكس ذلك”.
الزواج..
تزوج “نيكلسون” مرة واحدة هو من “ساندرا نايت”، من 17 يونيو 1962 إلى 8 أغسطس 1968، وكانا قد انفصلا لمدة عامين قبل الطلاق، ولديهما ابنة واحدة تدعى “جنيفر”.
عرف “نيكلسون”، بأدائه للشخصيات غير التقليدية وغريبة الأطوار، ولعب مجموعة واسعة من أدوار البطولة والأدوار المساعدة في مختلف الأنواع، بما في ذلك الكوميديا الساخرة والرومانسية، والأدوار المظلمة كأدوار الشر والشخصيات المختلة نفسيا، في العديد من أفلامه لعب دور «المتمرد دائما، المتهكم التائه»، شخصيات ثائرة ضد الهيكل الاجتماعي.
في بداياته تقاضى 12 ألف دولار عندما لعب دورًا ثانويًا في فيل «On a Clear Day You Can See Forever»، عام 1970، بينما حصل على 20 مليون دولار عن دوره في فيلم «Anger Management»، عام 2003.
الاختفاء..
في عام 2017، قالت وسائل إعلامية أن “نيكلسون” أنهى مسيرته السينمائية التي امتدت قرابة 60 عاما، وقد كان “كيف تعرف” آخر فيلم شارك “نيكلسون” في تصويره حيث عرض الفيلم في دور السينما عام 2010.
ذلك الفيلم كان كوميديا عاطفية تحمست لها شركة كولمبيا وموّلتها بميزانية بلغت 120 مليون دولار. الفيلم من سوء طالعه (ومن سوئه أيضاً) لم يجلب أكثر من 48 مليون دولار. بعده اختفى “نيكلسون” وما زال مختفياً حتى اليوم.
البعض أرجع اختفاءه إلى مرض ألزهايمر. والإشاعة انتشرت وقبل بها كثيرون قبل أن يجري “نيكلسون” مقابلة مع صحيفة لندنية قبل بضع سنوات سخر فيها من الإشاعات، وردّ على كل سؤال له علاقة بالماضي وعلى نحو تفصيلي. ما لم يقله في تلك المقابلة بوضوح هو لماذا توقف عن العودة. قال: إنه قد يعود إذا ما وجد نفسه مستعداً، لكنه لم يقل لماذا لم يجد نفسه مستعداً للعودة؟ هل فشل «كيف تعلم» جعله يدرك أنه خسر نجوميته؟ هل وجد أنه بلغ آنذاك الثانية والسبعين من العمر بحيث لم يعد يكترث لمزيد من الظهور؟ أم نظر حوله فوجد أن المعروض عليه لا يتجاوز أدواراً صغيرة في أفلام كبيرة أو أدوار المسنين في أفلام لن يشاهدها أحد؟.
وقد شهدت له السنوات الممتدة من 2001 إلى 2010 بنبوغ الموهبة مجدداً كما شهدت أفلامه طوال الستينات والسبعينات والثمانينات من قبل. وقد ظهر ذلك في ثلاثة أفلام مميزة، هي “العهد” لشون بن (2001)، و”حول شميت” لألكسندر باين (2002)، ثم “المغادر” لمارتن سكورسيزي (2006). أفلامه الأخرى في ذلك العقد كانت متفاوتة القيمة، ولو أن الموهبة بقيت الأفضل فيها: “إدارة الغضب” لبيتر سيغال، و”شيء عليه أن يقبل” ل”نانسي مايرز”، وأفضلها “قائمة الدلو” لروب راينر