أنتجت مرحلة ما بعد الاحتلال في العراق شخصيات تسمى قيادية!! منها دينية وطائفية وفئوية ضيقة.. ومهما كانت آرائنا حول هذه القيادات فهي أستطاعت -كل على حدة- جمع شريحة معينة ضمن مكونات الشعب العراقي.. وبطرق مختلفة.. منها الابتزاز والضحك على الذقون أو استغلال الدين أو الطائفة أو طرح أهداف فئوية ضيقة.. ونحن نتكلم ضمن عملية سياسية أستمرت شئنا أم أبينا مستغلة كل تلك الاستقطابات والتجاذبات التي وجدت بيئتها النتنة في العراق.. وحاول المحتلون تغذية تلك القيادات بما أستطاعوا من دعم سياسي ومعنوي .. بل وتركوا لها الحبل على الغارب في التصرف باقتصاد العراق وأمواله ومقدراته…
وبتحليل بسيط لتلك الشخصيات وتأثيرها على المجتمع العراقي ككل نجد بأن كل شخصية منها بمثابة عمدة قرية أو شيخ عشيرة وربما قبيلة في أحسن الأحوال.. ولم يستطع أن يرتقي أي من هذه لشخصيات لمصاف القادة الحقيقيين… وهنا نقصد من ناحية قوة السيطرة على عدد محدود على الأقل… فنجد منهم من يقود شريحة من الطائفة السنية.. وآخر يسيطر على جزء من الطائفة الشيعية.. وكذلك بالنسبة للقوميات.. ومن الواضح إن من يقود هذه التكتلات الطائفية والقومية والفئوية لا يتمكن من اقناع الفئات الكبيرة الأخرى بأهدافه المعلنة و منجزاته..ببساطة لأنهم لا يملكون صفة القيادة الحقيقية التي تمكنهم من جمع أصوات مختلف التوجهات.. وتخطيطهم وتفكيرهم لا يتعدى في أفضل الأحيان استهداف شريحة معينة لا غيرها..
ومن خلال تصريحات قادة العملية السياسية الاعلامية والخاصة نجدهم قصيري النظر ولا يستوعبون فكرة قيادتهم للبلاد .. وهم يعلمون بأنها فرصة لهم لتأمين حياتهم في المستقبل .. و أقل ما يقال عنهم إنهم فاقدي الثقة بأنفسهم.. وتراهم يهرولون لأمريكا وإيران والسعودية وغيرها من الدول عندما يواجهون منعطفاً جدياً في حياتهم السياسية…
أما بالنسبة للشعب.. فليس ضمن رؤاه المستقبلية الاتفاق على صورة لشخصية محددة يمكن أن تقود العراق الى بر الأمان.. ولديه كل الأسباب في هذه الرؤى.. لكن الشعب أيضا ينقسم في بعضه على نفسه.. ففقدان الثقة يساعد على الاستقطابات الجانبية التي ربما تقنع البعض في التخندق معها لحماية أنفسهم مع آلة إعلامية مسخرة لهذه الاستقطابات ضمن الأطر التي تتيحها قوانين الديمقراطية..
وبغض النظر عن موقفنا من العملية السياسية ووضوح رؤيتنا في استئصالها، إلا أن وجود فرصة أخرى للمشاركة في الانتخابات وأصرار البعض على خوضها لدواعي عديدة وبعيدة عن هذه الاستقطابات والتجاذبات التي أثبتت فشلها مع أحزابها في قيادة العراق لمرحلة عشر سنوات ماضية فإن الواجب يحتم عليهم أن ينبذوا كل تلك الأسماء والوجوه المكررة والمتكررة عبر العملية السياسية في وقتها الماضي، والبحث عن بدائل حقيقية وواقعية لقادة حقيقيين يؤمنون بعراق واحد وشعب واحد بلا تفرقة أو عنصرية وطائفية.. وهذا قطعاً لا يتوفر مع أي من الأسماء المطروحة اليوم..
نؤكد بأن ما نقوله ليس دعوة للمشاركة في الانتخابات القادمة… لكننا نعلم بأن المشاركة في الانتخابات أصبحت بالنسبة للبعض تحصيل حاصل .. وانهم مضطرون لاختيار الأفضل بين السيئين.. وهو أسلوب يائس أفرزته المرحلة السابقة.. فإنما نطرحها كنصائح في حال تواجد وطنيين حقيقيين على الساحة.. وهي مهمة شاقة على المشاركين في الانتخابات لاكتشاف الغث من السمين… لكن على الشعب تقرير مقومات الوطنية لدى المرشح… ومن اهمها أن لا يستهدف شريحة معينة أو طائفة أو حزب.. وانما يجب أن يستهدف الشعب كله بكل مكوناته… فإذا وجد الشعب هكذا قيادات فليشاركوا.. وعكس ذلك فعدم المشاركة واجبة… ومن يعطى صوته لاسباب طائفية او قومية أو فئوية فقد أخطأ خطئا جسيما.. وهي لن تكون المرة الأولى.. ولن تكون الأخيرة..