قبل الخوض في تفاصيل الأدلة العقلية والمادية الكثيرة التي تثبت عملية التلاعب بالانتخابات الأخيرة وتزويرها من الألف الى الياء ، وقبل التكهن بالذي سيحدث لاحقا على ضوء خارطة المقاعد البرلمانية المعلنة من قبل المفوضية ( غير المستقلة ) لللانتخابات علينا أن نتعمق أكثر فأكثر لنفهم أسرار اللعبة القذرة التي أريد بها تجريد العراق من هويته الأصيلة وفرض هوية أخرى جديدة عليه ( مهما كلف الأمر ) . فالمعروف عن الرئيس الأمريكي ( بايدن ) أنه لا يميل الى الاصطدام المباشر لتحقيق مخططاته ، وانما يستخدم أساليب ملتوية أخرى غير مباشرة يستطيع بها الحصول على ما يريد من دون معارك دامية وقتال عنيف ، وقد تجلى هذا الأمر بوضوح تام في الانسحاب الأمريكي المفاجيء من أفغانستان وترك طالبان تسرح وتمرح بدون قيود أو ضغوط …. ومن أهم أهداف التحالف ( الأمريكي – الاسرائيلي – الخليجي ) القضاء المبرم على روح المقاومة في العالم برمته وليس في العراق فحسب ، وانهاء القضية الفلسطينية لصالح الكيان الصهيوني وفرض التطبيع على جميع الدول بما فيها العراق . وهذا التحالف الثلاثي يملك الرؤى الواضحة عن العراق بكل حيثياته وتفاصيله ، ويشكل لهم الحاجز الأقوى في المنطقة والرقم الأصعب من بين جميع دول المنطقة لعمق تاريخه الحضاري ، ولكون الفرد العراقي يملك من العزة والكرامة والاباء والوطنية ما لا يملكه الأخرون . ومن هنا بدأ التفكير جدياً بعزل رموز المقاومة الشريفة عن المشهد السياسي وعن قبة القرارات المصيرية الحاسمة .
وبما أن الانتخابات أفضل وسيلة متبقية لتحقيق تلك الأهداف ، فكان لابد لهم من التحكم بها والتلاعب بنتائجها لصالح ( التيار الصدري وكتلة الحلبوسي ) لأنهم على علم ودراية تامة بهذين الشخصين ومدى استعدادهما لاعطاء كل شيء مقابل اشباع غرورهما في السيطرة والتحكم بالعراق .
كما أنهم يعلمون جيدا أن أتباعهما وأنصارهما لا يملكون الخبرة السياسية ولا الوعي الوطني الناضج ولا الثقافة التي تؤهلهم لمواجهة عناترة السياسة الأمريكية الصهيونية الخليجية . فأتباع ( مقتدى الصدري ) معروفون منذ البداية بعبوديتهم المطلقة له ، أما كتلة ( الحلوسي ) فهي كتلة حديثة الولادة ، نشأت بشكل مفاجيء لتفرض وجودها على المكون السني بأسرع من البرق ، ومعظم قياداتها لا تفكر الاّ بمصالحها الشخصية . اضافة الى ذلك فالعالم الآن يعيش حربا باردة بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين ، خصوصا بعد اتساع المنظومة الاقتصادية الصناعية الصينية ووصولها الى المستوى الذي يهدد قيمة الدولار الأمريكي ، مما أيقظ المخاوف الأمريكية من هذا الأمر وجعل قادتها يحسبون ألف حساب لكل خطوة تخطوها الصين بهذا الاتجاه المخيف المقلق . ويعتبر العراق قلب الشرق الأوسط وأهم محطة يمكن أن تستفيد منها الصين مستقبلا ، ولهذا فمن الصعب جدا ترك العراق حراً يفعل ما يشاء . وأصبح من الضرورات القصوى ابعاد أي سياسي نزيه شريف ( لا تلومه في الله لومة لائم ) عن منصات التتويج بشتى الطرق الممكنة ومنها تزوير الانتخابات …. وهذا الذي حصل فعلا .