اثارت الجريمە الجبانة بقتل الصحفي الکردي الشاب، کاوە گرمیاني، في يوم ٥ دیسمبر ٢٠١٣ ردود فعل واسعة، بين شجب و تنديد وادانة ليس فقط في کردستان، وانما امتدت الحملة لتشمل عددا من المدن الاوروبية علی شکل تظاهرات احتجاج و اتصال بالبرلمانات الاوروبية. ردود الفعل هذه اظهرت ان المجتمع الکردي قد وصل الی حالة لا يمکنه معها التغاضي عن الجرائم التي ترتکب من قبل السلطة، او بمبارکة منها او تغاضيا منها عن مرتکبيها. و السلطات الکردية ترتکب حماقة کبيرة اذا ما منت نفسها بنعمة النسيان. فجريمة اغتيال کاوە گرمياني بالذات اثبتت ان لا ضحية تنسی و لا جريمة تغتفر. فمع اسم کاوە گرمياني، ظهرت مرة اخری اسماء اراد القتلة لها انتنسی، سردشت عثمان، سوران مامه حمه و عبدالستار طاهر شريف و غيرهم.
بعد انتشار خبر الجريمة، سرعان ما وجهت اصابع الاتهام الی محمود سنگاوي، احد اعضاءالمکتب السياسي للاتحاد الوطني الکردستاني و مسٶول منطقة گرميان ، و قيادي ضمن الحلقة الاقرب من شخص سکرتير الحزب السيد جلال الطالباني. هذا الاتهام کان اساسە مقطع من مکالمة تلفونية بين محمود سنگاوی و الصحفي المغدور بە کاوە گرمياني علی خلفية نشر الاخير لمقال توجە اصابع الاتهام لمحمود سنگاوي في قضية غير قانونية، ناشرا صورتە ايضا. المکالمة عبارة عن سيل من الشتائم البذيئة يوجهه محمود سنگاوی للصحفي الشاب و يتوعدە بالمجيء لگرميان ل(………..) و للقاريء الکريم ملأ الفراغ بين القوسين بأية کلمات منحطة دون ان يغمط السيد سنگاوي حقه، ولمن يجيد اللغة الکردية فالمکالمة موجودة علی اليوتوب و علی صفحات عدة من المواقع الکردية.
المبدأ القانوني يقول بأن وجود خلاف ، مصحوبا بتهديد سابق للجريمة يجعل الشخص المعني مشتبها بە، ويمکن علی خلفية المزيد من التحقيقات ان توجە اليه التهمة او يخلی سبيله، في حال عدم توفر الادلة الثبوتية.
اذن فالسيد محمود سنگاوي هو، من وجهة نظر قانونية بحتة بريء حتی تثبت ادانتە.
فقد تکون مجرد صدفة تعيسة تلک التی ادت الی ان تکون الضحية هو بالذات الشخص الذي اختلف السيد محمود سنگاوي معه و قد تکون مجرد صدفة انە قد هدد هذا الشخص الذي اختلف معه. بالاضافة الی ان بذاءة اللسان ليست جريمة يعاقب عليها القانون، مالم تتحول الی جريمة قذف و طعن و تهديد، و حتی في هذە الحالة لا يصبح الفاعل قاتلا بالضرورة. ربما التعامل مع بذاءة لسان قيادي لحزب ما، کان يجب ان يجری داخل الهيئات الحزبية للحزب المعني، حتی لا تعطي تلک البذاءة مبررا لتشويه صورة الحزب الاخلاقية، لا سامح الله.
و قد تکون مجرد صدفة ان کل المشتبه بهم، من الذين تم القاء القبض عليهم اثر الجريمة النکراء، هم، حسب ماتنشرە المواقع الالکترونية الکردية، اما يرتبطون بالسيد محمود سنگاوي بصلة القرابة، او بصلات ادارية بصفتهم اشخاصا يعملون في الهيئات الامنية التي يشرف عليها.
و قد تکون مجرد صدفة ان محمود سنگاوي کان من بين الاوائل من قيادات الاتحاد الوطني الکردستاني الذين شجبوا و ادانوا الجريمة، فعادة اعطاء التصريحات الفردية في هذه القضية او تلک اصبحت مستشرية بين قياديي الاتحاد، بعد الغياب الاضطراري للسيد جلال الطالباني.
اذن ما الذي يريدە الشارع الکردي، او صفحات الفيس بوک و الذي يبدو و کأنە لا يريد ان يهدأ و او ان يغرق احزانە في بحر افراح مناصري الاتحاد الوطني بظهور صور جديدة لسکرتير حزبهم، بأيام قلائل بعد الجريمة؟!
بتقديري، ان ظهور السيد محمود سنگاوي علی شاشات التلفاز ليشجب و يستنکر، کان اقل مايقال عنه انە مفتقر الی حس سليم و فيه استهتار بمشاعر عائلة الصحفي الشهيد، فهذا رجل تحوم حولە الشبهات، محقة ام غير محقة، في ضلوعه في عملية القتل. اما بتصريحه بانە سيقود اللجنة التحقيقية لکشف الجناة فقد استهتر بمشاعر الجماهير الکردية الغير حزبية( الجماهير الحزبية مشاعرها ملغاة الی ان تتلقی الايعاز الحزبي بأطلاقها!)
فهذا التصريح، في احسن الاحوال، هو جهل فاضح لابسط مقومات الدولة القانونية و التی فيها لا يجوز لمن تحوم الشبهات حولە بارتباطه بأي شکل من الاشکال بالجريمة المرتکبة او هناک احتمال لعدم حياديتە في تقييمها، لا يجوز لە ان يکون لە اي دور سواء في التحقيق او في المحاکمة الخاصة بتلک الجريمة.فضاعة جهل کهذا تکون اکبر اذا ماعرفنا ان الشخص الناطق بە هو احد القلائل من الذين يديرون شٶون البلاد و العباد في کردستان، والذين کثيرا ما تکتسب کلماتهم قوة القانون بحکم المواقع الحزبية التي يحتلونها، لا بسبب موقع لهم يعطي لهم حق اصدار القوانين او تفسيرها.
هذا، کما قلنا في احسن الاحوال، اما في اسوء الاحوال فالتصريح استفزاز قصدي يقول للناس: نحن نقود هذا البلد، نحن نصيغ قوانينه، و نحن نطبقها کما نشاء … من يعجبه فاهلا وسهلا، و من لا يعجبه فليشرب من البحر.
و انا اقول للجميع فعلا، اما ان نشرب جميعا من البحر او ان نعمل علی منع تکرار هذه المهزلة، عندما يخرج المشتبە بە و يقول انە سيقود التحقيق في الجريمة الواقعة… و انا اعيد القول بانني مازلت اعتبر محمود سنگاوي بريئا حتی تثبت ادانتە، لذا فمن الضروري ان يشمل اي تحقيق يراد لە الفوز بالحد الادنی من ثقة الناس بە، اخضاع السيد محمود سنگاوي للتحقيق، حالە حال اي مشتبه آخر. ان اجراء تحقيق نزيه معه ، و في حالة التوصل الی استنتاج مفادە برائتە، من شأنە ان يکون مصدر ارتياح للسيد سنگاوي و حزبە، اما اذا ثبت التحقيق عکس ذلک و کانت هناک ادلة علی ضلوعه بالجريمة بأي شکل من الاشکال فيجب ان تأخذ العدالة مجراها، ليکون لاي حديث للاحزاب الحاکمة في کردستان عن الدولة المدنية و سيادة القانون، معنی ما.