خاص : ترجمة – د. محمد بناية :
تتوقف العلاقات “الإيرانية-المصرية”، منذ 42 عامًا؛ عند مستوى مكتب رعاية المصالح. وأي مواطن مصري يريد السفر للسياحة والدراسة أو زيارة “إيران” لأسباب أخرى، فإن عليه الحصول على تصريح لا يصدر بالعادة.
وما يزال شارع “خالد الإسلامبوي”، قاتل الرئيس المصري الخائن، “أنور السادات” موجود بـ”إيران”. بحسب وصف صحيفة (همشهري) الإيرانية؛ التابعة لبلدية “طهران”، في تقريره لها. وقد شهدت علاقات البلدين، حتى الآن، الكثير من التوتر والتذبذب الذي يضرب بجذوره في الأيام الأولى لانتصار “الثورة الإيرانية”، بل وما قبلها.
لكن حاليًا وبعد مرور كل هذه السنوات – يؤكد التقرير – يعتقد خبراء المنطقة، في تحول البلدين باتجاه إحياء العلاقات للكثير من الأسباب الأمنية والاقتصادية. كذلك فقد تغير موقف “إيران”، خلال العقد الأخير؛ تجاه تطبيع العلاقات مع الدول الأخرى، حيث عبر معظم رؤساء الجمهورية عن الرغبة المعلنة في تطبيع العلاقات بين البلدين.
ولم تتوقف جهود تحسين العلاقات عن حدود الكلام فقط، وإنما كشفت وسائل إعلام عربية عن زيارة وفد “أمني-مخابراتي” إيراني إلى “القاهرة”، تموز/يوليو الماضي، حيث ناقش الوفد مع مسؤولي جهاز المخابرات المصري؛ العلاقات الثنائية والخلافات بين البلدين.
في السياق ذاته، أكد “سعيد خطيب زاده”، المتحدث باسم الخارجية الإيرانية؛ بشكل ضمني هذه الأخبار، وقال: “لطالما كانت هناك اتصالات بين إيران ومصر ولم تنقطع أبدًا”. وأضاف: “نرحب باستمرار بتطبيع العلاقات بين البلدان الإسلامية”.
بدوره أكد مدير عام وحدة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بـ”وزارة الخارجية”، وجود مساعي لإحياء العلاقات مع “مصر”؛ إلا انها تتقدم ببطء. والسؤال: هل تحمل الحكومة الثالثة عشر بارقة الأمل لبداية فصل جديد في علاقات البلدين ؟
“الخارجية” تأمل في حل الخلافات..
يعلق “مير مسعود حسينيان”، مدير ملف المشاكل “الإيرانية-المصرية”: “المشاكل مع مصر كثيرة، ونأمل في حلحلة هذه المشاكل سريعًا. وبالتأكيد إذا شهدت العلاقات مع السعودية إنفراجة، فسوف ينعكس هذا الموضوع على العلاقات مع مصر أيضًا… حاليًا توجد مشكلتان رئيسيتان، حيث أوقفت السلطات المصرية قبل نحو عامين ناقلة نفط إيرانية بذرائع واهية، كذلك يواجه بعض الإيرانيين في مصر حكم الاعدام بدعوى تهريب المخدرات، وأن الحكم بانتظار تأييد الرئيس المصري؛ وأن جهود الحكومة الإيرانية الحالية نجحت في توقيف الحكم”.
بدايات العلاقات بين “طهران” و”القاهرة”..
شهد العام 2003م؛ أول لقاء بين رؤساء جمهورية البلدين، لكن كان المرحوم، “هاشمي رفسنحاني”، قد سعى قبل ذلك إلى إحياء العلاقات مع “مصر” و”السعودية”.
مع هذا؛ فإن إحياء العلاقات مع “مصر”، كما “السعودية”، بدأ في عهد حكومة الإصلاح، حيث التقى الرئيس الإيراني، “محمد خاتمي”، مع نظيره المصري، “حسني مبارك”، في “سويسرا” على هامش اجتماعات القمة العالمية للمعلوماتية، وهو اللقاء الذي حظى بصدى كبير في وسائل الإعلام المحلية والأجنبية، واعتبره البعض بداية لفصل جديد في علاقات البلدين.
واستمرت جهود إحياء العلاقات مع “مصر”؛ خلال فترة الحكومات التاسعة والعاشرة، وقال الرئيس الإيراني، “أحمد نجاد”، بشكل صريح: “مستعدون لإعادة فتح السفارة إذا أعلنت الحكومة المصرية استعدادها”.
مع هذا؛ لم تأخذ سياسات إحياء العلاقات مع “مصر” شكلًا موحدًا، وعلى سبيل المثال نظمت “حركة العدالة الطلابية” مظاهرات أمام مكتب رعاية المصالح المصرية، في “طهران”؛ احتجاجًا على سياسات “القاهرة” فيما يتعلق بحصار “قطاع غزة”.
لكن بشكل عام؛ لطالما ربط المصريون العلاقات مع “إيران” بالآخرين والمصالح مع الدول الأخرى.
اقتصاد “القاهرة” الضعيف والإرتباط بالولايات المتحدة والسعودية..
يعزو الخبراء؛ ضعف الاقتصاد المصري إلى عامل بالغ الأهمية وهو الإرتباط بـ”الولايات المتحدة الأميركية” و”السعودية”، لكن حاليًا تطرأ على المعادلات الإقليمية تغييرات جذرية، في مقدمتها استئناف العلاقات “الإيرانية-السعودية”.
وحتى اللحظة؛ عقد الطرفان 04 جولات من المفاوضات والمباحثات اتسمت بالإيجابية، ووفق التقارير قد يُعلن قريبًا عن فتح القنصليات في “مشهد” و”جدة”.
وفي هذا الصدد؛ جرت مباحثات بين الوفود الأمنية الإيرانية والمصرية، وتحدثت بعض المصادر عن وساطة عراقية. وفي أولى زياراته الخارجية للمشاركة في “قمة بغداد”؛ التقى، “حسين أمير عبداللهيان”، وزير الخارجية، الرئيس المصري، على هامش الاجتماعات، وقد حظى الحوار القصير بين الطرفين باهتمام وسائل الإعلام وانتشرت الأخبار عن احتمالات تحسن علاقات البلدين.
وحاليًا علينا أن ننتظر ونسأل بعد مرور 42 عامًا؛ إلى أي مدى تتقدم “طهران” و”القاهرة” على طريق تحسين العلاقات ؟.. وهل تم القضاء على العقبات التي تحول دون استئناف العلاقات أم لا ؟