وكالات – كتابات :
الخوف من عودة الإرهاب ما زال قائمًا في “العراق”، وخاصة في مدينة “الموصل”؛ التي ما زالت ذكريات الخراب والأهوال من الحرب الداعشية تُخيم عليها، في وقت تعتزم “الولايات المتحدة” إنهاء مهمتها القتالية في “العراق”، والتوقف عن ممارسة دور: “الشرطي” في المنطقة.
جاء ذلك في تقرير لإذاعة (صوت أميركا)؛ والتي تحدثت عن مدينتي: “الموصل” و”بغداد”؛ وقالت أن ذكريات حكم تنظيم (داعش) في “الموصل” القديمة، ما زالت حاضرة، حيث أنه في كل مبنى يوجد ما يُذكر بذلك من المنازل التي قصفت، إلى أكوام الأنقاض والعائلات الكادحة يوميًا، من أجل البقاء على قيد الحياة.
أفغانستان تجدد مخاوف الموصليون..
ونقل تقرير (صوت أميركا)؛ عن “صحارى محمود”، وهي أم: لـ 11 طفلاً، وهي تُشير إلى كومة من الصخور؛ التي كانت عبارة عن منزل فيما مضى، قولها: “كانت عائلة من (داعش) تعيش هناك. ومنزل آخر هناك. لهذا السبب قصفوا تلك المنازل بشكل مباشر”.
وتابع التقرير أن أكثر من أربعة أعوام مرت؛ منذ أن تم طرد تنظيم (داعش) من “الموصل”، ويبدو أن احتمال عودة ظهور الجماعة والسيطرة عليها مرة أخرى بعيد المنال؛ بالنسبة للعديد من العراقيين، لكنهم هنا في البلدة القديمة من “الموصل”، قلقون، ويقول البعض أن سيطرة (طالبان)؛ على “أفغانستان”؛ جعلهم في حالة توتر، وأعادت إخراج الذكريات التي يسعون إلى نسيانها.
وأوضح التقرير؛ أنه في أحياء أخرى من “الموصل”، وفي العاصمة البعيدة، “بغداد”، يقول السكان أن انسحاب “الولايات المتحدة”، من “أفغانستان”؛ أرسل لهم إشارة: “الولايات المتحدة” لم تُعد مهتمة بـ”حراسة” المنطقة.
المخاوف من الانسحاب الأميركي..
وتابع أنه بالنسبة إلى البعض؛ فإن هذا يُعتبر أمرًا جيدًا، وهم يرحبون بخطط “الولايات المتحدة” لإنهاء المهمة القتالية، في “العراق”، بنهاية العام الحالي، لكن آخرين، بمن فيهم الأم العراقية، “ورقاء طالب”؛ التي لديها خمسة أطفال في البلدة القديمة في “الموصل”، فإنهم يخشون من أن يتشجع تنظيم (داعش) بهذه الخطوة الأميركية؛ ويحاول استعادة السيطرة على البلدات والمدن التي احتلها بين عامي: 2014 و2017.
وتقول “طالب”؛ وهي تطل برأسها خارج باب منزلها: “سيعودون بنسبة 50/50”.
هل تعود الأيام المظلمة ؟
وأشار تقرير الإذاعة الأميركية؛ إلى أنه تمت إعادة بناء حرم “جامعة الموصل”، إلى حدٍ كبير، منذ أن دمرت الحرب: 80% من مبانيه. وتابع أن الحرم الجامعي يحمل صورة عن التناقضات؛ حيث يوجد هناك مسكن الطلاب مليء بالرصاص وموقف سيارات مسيج ومهمل مليء بأضواء الشوارع المكسورة، بينما توجد في مكان مجاور مكتبة جديدة وكافيتريا مطلية بالجداريات في حديقة تم الإعتناء بها بعناية.
وتابع التقرير أن الطلاب في الجامعة يبدون أكثر ثقة من سكان المدينة القديمة؛ بأن أيام حكم (داعش) قد ولت، ويُشيرون إلى الكراهية العامة القائمة ضد التنظيم، وإلى عزم قوات الأمن الواضح على منع عودة ظهوره.
وينقل التقرير؛ عن الطالبين: “إبراهيم صدام” و”عمر أحمد”؛ قولهما أن مشاهدة حركة (طالبان) وهي تُسيطر على “كابول”، على شاشة التلفزيون، كان أمرًا مخيفًا وصادمًا. ويقول “صدام”؛ وهو يضحك بعصبية: “كان الأمر تمامًا مثلما حدث هنا، في العام 2014”.
وفي ذلك الوقت؛ انسحبت معظم القوات الأمنية العراقية قبل استيلاء (داعش) على المنطقة، وتركت “الموصل” في أيدي التنظيم.
وخلال فترة حكم (داعش)، كان “إبراهيم صدام”؛ يعيش بالقرب من حقول “النفط”، في “القيارة”، التي تقع جنوب “الموصل”؛ حيث أشعل المسلحون النار في الحقول النفطية من أجل حماية مواقعهم من الضربات الجوية لقوات التحالف، فيما أظلمت السماء فوق “القيارة” وتلطخ العديد من سكانها بالسواد، وأصيبوا بحالات سُعال. وقال “صدام”: “كان هناك وقت لم نر فيه الشمس طوال ستة أشهر”.
واعتبر الطالب العراقي؛ أنه إذا لم تتغير عناصر السلام الهش في “العراق” جذريًا، فمن غير المُرجح أن تعود تلك الأيام السوداء. لكنه أضاف أن الانسحاب الأميركي قد يكون مثيرًا للقلق لأسباب لا علاقة لها بـ (داعش).
لن يكون الوضع أمنًا لنا !
ومن المتوقع أن تبقى القوات الأميركية لأداء دور استشاري، لكن ما سيكون معنى ذلك للأمن في “العراق”، ليس واضحًا، بحسب التقرير الأميركي.
ومن جهته؛ يُرجح “أحمد” بأن الانسحاب الأميركي قد يُعزز من قوة “إيران” داخل “العراق”. وتابع وهو يهز رأسه: “لا لن يكون الوضع أمنًا بالنسبة لنا؛ إذا انسحبت الولايات المتحدة”.
وأشار التقرير إلى أن كلاً من “إيران” و”الولايات المتحدة”؛ تُمارسان دورًا مؤثرًا بشكل كبير على السياسات في “العراق”، مضيفًا أنه إذا تمتعت “إيران” بالمزيد من القوة، فسيكون لدى القادة السياسيين والفصائل الشيعية نفوذ أكبر، وهو ما لا يُعتبر محصلة جيدة في “الموصل”؛ التي يُهيمن عليها السُنة.
أمن المستقبل..
أما في “بغداد”، فيُشير التقرير إلى أن العديد من من السكان يُشعرون بتفاؤل أكبر بشأن الانسحاب الأميركي، وأن ردود الفعل تتراوح ما بين الإرتياح إلى الانزعاج، لكن قلة قليلة تُشعر بالقلق من احتمال عودة (داعش).
ونقل التقرير الأميركي؛ عن الناشط، “مشرق الفريجي”؛ قوله: “هذا يؤكد ما كنا نعرفه دائمًا. أن الولايات المتحدة لا تهتم بالدول التي تحتلها. إذا كانوا سيغادرون، فدعهم يقومون بذلك”.
وذكر التقرير أن كثيرين يقولون أن البلاد مؤمنة الآن من قبل المجموعات شبه النظامية المتمثلة، بـ (الحشد الشعبي)؛ التي لعبت دورًا كبيرًا في هزيمة (داعش).
لكن في “الموصل”، يتردد السكان بشكل ملحوظ عند سؤالهم عما إذا كانت قوات (الحشد الشعبي) ستحميهم من (داعش). وأشار التقرير إلى أن الحشد يتمتع بسلطة كبيرة في “الموصل”، حيث يُنظر إلى المقاتلين الشيعة غالبًا على أنهم غرباء وبمثابة تهديد محتمل.
لكن في “جامعة الموصل”، تقول “أمينة” و”عائشة”، وهما طالبتان تدرسان علم الاتصالات، أن الحياة تحت حكم (داعش) كانت أكثر رعبًا بكثير من العيش تحت أي من القوى العسكرية الحكومية اليوم.
وتوضح “أمينة”؛ أنها عندما كانت مراهقة تحت حكم (داعش)، تم إجبارها على إرتداء البرقع في الشارع، ولم يكن بمقدورها الخروج إلا برفقة رجل. وأضافت أنها تتعاطف مع نساء وفتيات “أفغانستان”؛ وهن يواجهن الآن قيودًا مشابهة لما واجهته. وتابعت أنه في ظل حكم (داعش)، كانت أكثر اهتمامًا بسلامتها من اهتمامها بالإجراءات القمعية. وأوضحت: “كنت قلقة أكثر من أي شيء آخر بشأن بقاء عائلتي على قيد الحياة”.