بدأ سكان مدينة الفلوجة التي خرجت عن سلطة الحكومة الاسبوع الماضي بالعودة تدريجا الى مدينتهم التي بدأت الحياة تدب فيها السبت، وسط هدوء حذر.
وفتحت معظم المحال التجارية ابوابها في الفلوجة فيما علقت الحكومة العمليات الامنية في محيط المدينة اثر الامطار الغزيرة التي هطلت طوال ليل الجمعة ما ادى الى تقييد حركة الطيران والشاحنات.
وما زال مسلحون من العشائر وآخرون من تنظيم “الدولة الاسلامية في العراق والشام” (داعش) يسيطرون على مدينة الفلوجة (60 كلم غرب بغداد) فيما ينتشر اخرون من التنظيم ذاته في وسط وجنوب مدينة الرمادي، كبرى مدن محافظة الانبار، وفقا لمصادر امنية ومحلية.
وهذه المرة الاولى التي يسيطر فيها مسلحون علنا على مدن عراقية منذ التمرد الذي اعقب الغزو الاميركي للعراق في العام 2003. وحذرت الامم المتحدة والمنظمات غير الحكومية من معاناة المدنيين اثر نقص المساعدات الانسانية جراء الحصار الذي تفرضه قوات حكومية على المدينة.
ولوحظ اليوم السبت ان مدخل الفلوجة من جهة بغداد ازدحم بسيارات العائلات العائدة، بحسب مراسل فرانس برس، بعدما فرت قبل ايام.
وقال شهود ان الحياة بدأت تدب في شوارع المدينة فيما لا يزال مسلحون ينتمون الى عشائر مناهضة للحكومة وعناصر من تنظيم القاعدة ينتشرون عند اطراف الفلوجة التي تحولت خطوط تماس مع قوات الجيش العراقي.
وافاد مصدر في الشرطة ان العمليات ضد عناصر القاعدة في المناطق الواقعة بين الرمادي والفلوجة علقت بسبب سوء الاحوال الجوية والامطار الغزيرة التي هطلت طوال الليل.
وياتي ذلك بعدما استعاد افراد من العشائر وشرطيون عراقيون السيطرة على اثنين من احياء مدينة الرمادي من مسلحين مرتبطين بتنظيم القاعدة لا يزالون يسيطرون على الفلوجة القريبة من بغداد.
ضحايا اشتباكات الفلوجة
وقد كشفت الاحصائيات الرسمية لدائرة صحة الانبار عن سقوط 357 ضحية بين قتيل وجريح خلال الاعمال المسلحة التي تشهدها مدينتي الرمادي والفلوجة في الانبار لغاية صباح اليوم السبت .
واوضحت الاحصائيات ان ” مستشفى الرمادي التعليمي استقبل ،على مدى الايام العشرة الماضية، جثث 43 ضحية ،و 166 جريحا من المدنيين “. واشارت الى ان ” مستشفى الفلوجة تسلمت 17 جثة ، فيما نقلت سيارات الاسعاف ومدنيين 132 جريحا الى المستشفى ذاتها “.
في غضون ذلك أعلنت منظمة السلام لحقوق الإنسان في محافظة الانبار، اليوم السبت، ان 370 قتيلا وجريحا سقطوا خلال عشرة ايام في مدينتي الفلوجة والرمادي، وفيما بين إن بعض السكان دفنوا ضحاياهم بالحدائق المنزلية، اكد ان عدد الاسر النازحة من المحافظة بلغ نحو 18 الف اسرة.
وقال رئيس المنظمة محمد علي في تصريح تابعته / عراق برس/ إن “عددا من الضحايا المدنيين الذين سقطوا في محافظة الانبار منذ عشرة ايام ولغاية الساعة الثامنة من صباح اليوم، بلغ 73 قتيلا بينهم 21 طفلا و13 امرأة، فيما أصيب 297 آخرين بينهم 155 طفلا وامرأة”، مبينا ان “89 جريحا حالاتهم حرجة للغاية”.
وأضاف علي ان “عدد قتلى وجرحى المسلحين غير معروف حتى الآن كونهم لا يصلون إلى المستشفيات الحكومية”، مشيرا الى ان ” الجهات العسكرية التي تمسك حاليا بزمام الأمور في عموم مدن الانبار اعرضت عن كشف عدد قتلى الجيش والشرطة وعناصر الصحوة “.
وأكد علي ان “هناك عددا من العوائل اضطرت إلى دفن قتلاها في حدائق المنازل بعد محاصرتهم من قبل قناصي الجماعات المسلحة وقناصي الجيش فضلا عن حظر التجوال المطبق على الأحياء السكنية، وتعذر إخراج الجثث لأكثر من يومين بشكل اضطرهم لذلك”، معتبرا ان “الوضع الإنساني في الانبار صعب للغاية وهناك مئات العوائل التي تقطن في المدارس والهياكل الفارغة والخيام”.
وحذر علي من “بوادر تفشي أمراض خطيرة بين الأطفال من بينها الخناق والحمى القرمزية والروماتزم وشلل الأطفال”، مطالبا طرفي النزاع بـ”اجراء هدنة للسماح للمنظمات الإنسانية بالدخول وإغاثة تلك العوائل”.
وتابع علي ان “عدد المهجرين من اسر الانبار بلغ حتى صباح اليوم 17 ألف و896 عائلة”، متوقعا “ارتفاع هذا العدد الى أكثر من 30 ألف عائلة خلال اليومين المقبلين مع تصاعد اعمال العنف”.
وكان مصدر في شرطة محافظة الأنبار افاد، امس الجمعة بأن قصفاً مدفعياً استهدف احياء سكنية في قضاء الكرمة شرقي الفلوجة، مؤكداً سقوط قتلى وجرحى.