18 ديسمبر، 2024 9:04 م

عشر سنوات عجاف مرت على السيد السيستاني

عشر سنوات عجاف مرت على السيد السيستاني

حياة العلماء في العراق في زمن وصول البعث الفاشي الى الحكم كانت عسيرة ومليئة بالاضطهاد والتجسس عليهم وحتى الاعتقال والاغتيال بشتى الوسائل وكان العلماء ينالون من ظلم البعث حسب مكانتهم العلمية في حينها .

مرجعنا المفدى ناله ظلم البعث بمختلف اشكاله وخصوصا ايام الحرب العدائية على ايران وموجة التسفيرات والمضايقات التي تعرض لها فضلاء الحوزة .

نحن المقلدون كنا نتناقل الاخبار عن مراجعنا ايام الطاغية بمنتهى الحيطة والحذر، ومن بين متابعتنا للمراجع كنا نترقب من هو الاقرب لمرجعنا والاكثر علمية حتى يكون الخلف عند رحيل المرجع ولان مراجعنا لا يتوارثون منصب المرجعية وهذا ما يميز مرجعية النجف في علميتها واستقلاليتها وكثرة اتباعها وحتى تتدخل العناية الالهية في اختيار المرجع ولم يحدث اطلاقا ان مرجعا فرض نفسه على المقلدين .

ونحن نتابع اخبار مرجعنا السيد الخوئي قدس سره عندما تعرض لوعكة صحية في (29/ ربيع الآخر / 1409 هـ ) طلب السيد الخوئي من السيد السيستاني ان يؤم المصلين في جامع الخضراء بدله وقد امتنع في بداية الامر الا انه استجاب لطلبه وأمّ المصلين من يوم الجمعة (5/ جمادى الأولى / 1409 هـ ) إلى الجمعة الأخيرة من ذي الحجّة عام 1414 هـ حيث أغلق الجامع من قبل البعث بحجة التعمير، هذه الامامة بدلا من السيد الخوئي كانت اشارة لنا بان هذا الرجل محل ثقة السيد الخوئي ، اضف الى ذلك صلاة السيد السيستاني على جنازة السيد الخوئي تاكد اليقين لدينا بمرجعيته .

كنا نتاقل مجموعة اسماء اضافة الى السيد السيستاني منهم السيد السبزواري قدس سره والشهيدين الغروي والبروجردي ، والسيد علي البهشتي (قدّس سرّه ) والسيد حسين بحر العلوم ( مريض بالقلب) ومراجعنا الثلاثة الان والسيد الخرسان ، وغيرهم ، التف الملقدون حول السيد السبزواري ولكن بعد سنة توفي السيد السبزواري رجع اليه معظم مقلديه في العراق وقسم في خارجه، وبعد وفاة السيد محمد رضا الكلبايكاني (قدّس سرّه ) في (24 / جمادي الآخرة / 1414 هـ ) رجع إليه معظم المؤمنين في العراق والاحساء والقطيف وايران ولبنان ودول الخليج وباكستان والهند والمغتربين في اوربا والامريكيتين واستراليا وغيرهم . وبدات محنة السيد السيستاني في المضايقات والتشتت وصعوبة التواصل مع سماحته بحكم مرجعيته، علما ان السيد اعتقل ايام الانتفاضة الشعبانية ومعه مجموعة من العلماء كالشهيد الشيخ مرتضى البروجردي والشهيد الميرزا علي الغروي وقد تعرّضوا للضرب والاستجواب القاسي في فندق السلام وفي معسكر الرزازة وفي معتقل الرضوانية إلى أن فرّج الله عنهم ببركة أهل البيت ( عليهم السلام ).

كانت ايام عصيبة علينا لاسيما اكاذيب البعث التي كانت تثير الفتنة بين العلماء وصعوبة معرفة حقيقة الخبر وكان السيد في منتهى الحذر خوفا على مقلديه وعلى الحوزة في النجف بالرغم من انه اتيحت له الفرصة اكثر من مرة لمغادرة العراق الا انه رفض ان يفارق ارض النجف .

اتذكر في تلك الفترة كنت ارغب بان التحق بالحوزة العلمية الا ان السيد هاشم الغريفي نصحني بان اتريث في الامر لان الاوضاع في النجف غير سليمة ، وبالفعل تعرض الشيعة لجدل عقيم فرق بعضهم عن بعض .

اتذكر بعد سقوط الطاغية وقع في يدي ملف عن الحوزة اطلعني عليه احد الاخوة الذي عثر عليه في الشعبة الخامسة في الكاظمية ، وطبيعة الملف هو طلب من طاغية العراق الى البراك باعداد دراسة عن حوزة النجف اهم ما جاء فيه وبخط الطاغية ( كيف انتقلت الحوزة من النجف الى الحلة ) والفقرة المهمة الاخرى هي قراءة البراك لعلماء النجف حيث ذكر له بان السيد الخوئي كبير في السن وكذلك السبزواري ومسالتهم مسالة وقت فيفارقون الحياة ، واما ممن يتمتع بمركز القوة من بعده هو السيد السيستاني والغروي والبهشتي اضافة الى البروجردي وحسين بحر العلوم ، فكان هامش الطاغية تخويله في كيفية احتوائهم وطبعا هنالك لغة بينهم فيما يجب ان يقوم به اقزام البراك ، ومن ثم قدم له دراسة في كيفية اعداد شخص يملا الفراغ بعد تصيفتهم .

كانت دربونة السيد السيستاني دربونة الرعب والعيون البعثية والخوف عند المرور بقربها فكيف كان يعيش السيد السيستاني نفسه وعائلته في تلك الاجواء ؟ هذه السنوات لها حكايات ستظهر في المستقبل ان شاء الله ، مرت هذه السنوات العجاف لتصبح دربونة السيد محط انظار العراقيين خصوصا والعالم عموما بل اصبحت دربونة السيد دربونة الامل والمخرج من المحن .

( بعض فقرات سيرته اخذت من موقع السيد)