17 نوفمبر، 2024 4:36 م
Search
Close this search box.

المستقلون سيدفعوا ثمن التسوية بين الاطراف المتناحرة

المستقلون سيدفعوا ثمن التسوية بين الاطراف المتناحرة

بعد ظهور نتائج الإنتخابات العراقية، تبين البون الشاسع بين الشعب والأحزاب الحاكمة، فماعدا التيار الصدري الذي يضم جيوشا من الجهلة والمستحمرين في بغداد ومحافظة ميسان تحديدا، وحصل على (73) مقعدا، كانت بقية النتائج بما فيها التي حصل عليها رئيس الوزراء السابق نوري المالكي متوقعة، رغم ان غالبية الشعب العراقي تكن له الإحتقار ،بسبب فقدان العراق في عهده الأغبر حوالي (1000) مليار دولار، وسلم ثلثي مساحة العراق الى تنظيم داعش الإرهابي بالإتفاق مع الولايات المتحدة وايران وسوريا.
أما كيفية حصوله على (37) مقعد وغالبية الشعب العراقي تكرهه؟
الجواب سهل جدا. ان من دعم المالكي هم قوات الجيش والشرطة حيث وظف ما يزيد عن نصف مليون ضابط وعنصر فيهما، علاوة على الإيرانيون الذين منحهم الجنسية العراقية ويقدروا ما بين (250 ـ400) ألف ايراني، واخير شيوخ العشائر الذين اشتراهم بالملايين ووزع عليهم الأسلحة. فالعِقال العراقي للشيوخ صار سلعة يساوموا بها السياسيين على المناصب. لقد باعوا الغيرة والشرف والكرامة، وحصلوا على المال والسلاح، فهنيئا لهم ما كسبوا.
أما خسارة كتلة الفتح والميليشيات الولائية فلا عجب انهم نالوا (14) مقعدا، فالشعب العراقي بين لهم ان ولائهم لإيران لا يمكن أن يقبل به أي مواطن غيور على وطنه وشرفه، وكانت تصريحاتهم حول ولائهم الذليل للولي الفقيه هي السبب الرئيس لكراهية الشعب العراقي لهم، ومن إنتخبهم هم عناصر الحشد وبعض ممن يرتبط بإيران، والحقيقة ان هذه النسبة تعتبر عالية ويفترض ان يقبلوا بها ولا يعترضوا، لأنها أكثر من وزنهم الحقيقي عند الشعب العراقي. أما التهديدات التي أطلقوها بالحرب وتعريض السلم الوطني الى الخطر، فهذه تعبيرات تتلائم مع إجرامهم بحق الشعب العراقي، سيما ثوار تشرين. ومن الصعب فهم عدائهم للتيار الصدري، وقد تضامنوا مع اصحاب القبعات الزرق لقتل واغتيال واختطاف الناشطين، فهم جميعا من أتباع الولي الفقيه، والصراع برأينا يعود الى مخافة فقدان الإمتيازات والحماية التي توفرها ايران للجهتين لا أكثر، وهم على علم تام ان النظام الإيراني نظام براغماتي ينظر الى مصالحه في العراق ومن الأقوى بالمحافظة عليها، فإن مالت للصدريين مالوا لها والعكس صحيح.
كانت النتائج عموما مخيبة للآمال فنسبة مشاركة الشعب العراقي لا تزيد عن 30%، والفارق بين مقاعد الصدريين والفتح كبيرة وتصل الى الضعف، لذلك توالت صيحات وتهديدات الميليشيات الولائية مهددة بالحرب بل دعوا جماعة رفح في خارج العراق بالإلتحاق بهم والا فقدوا إمتيازاتهم، وهذا الصراع رغم محاولة الصدر بتهدئة الموقف، وحضور إسماعيل آقاني السابق ـ ويقال انه حاليا موجود في زيارة غير معلنة للتوفيق بين الجهات المتصارعة ـ وضع المفوضية في مأزق شديد، فبقاء النتائج كما أعلنت من شأنه ان يحول الصراع من إعلامي الى دموي، فالجهتين تمتلكان أذرعة مسلحة، وكل انواع السلاح بما فيها الثقيلة والطائرات المسيرة، كما وصلت تهديدات مباشرة لمجلس واعضاء المفوضية.
ما الحل؟
خرجت المفوضية بدعوة غريبة لم تفصح عنها خلال اعلان النتائج الأولية، فخربت بذلك كل ما عملته من قوة ونزاهة وجهد مدعية إن ما يزيد عن (3000) صندوق لم يفتح بعد، وهذا ما لم يعلنه قاضي القضاة رئيس المفوضية في المؤتمر الصحفي. فأعطى بذلك قوة للفتح على اعتبار ان النتائج مزورة. وتم فتح بعض الصناديق، وكانت المهزلة الكبرى، فقد أضيفت الى كتلة الفتح (5) مقاعد من حساب المستقلين المساكين، ومقعد من التيار الصدري، وسترتفع مقاعد فتح (مع مقاعد دولة القانون) لتصل الى مستوى متقارب من مقاعد التيار الصدري، فيتفاوض الطرفان على التسوية كما جرى في الإنتخابات السابقة.
عزائنا الحار للمستقلين فهم القربان الذي ستذبحه المفوضية في محراب التفاوض بين الكتلتين (الصدر والفتح).
أما لماذا يتحمل المستقلون فشل المفوضية وتلاعبها؟
الأمر بكل بساطة لأن المستقلين هم الحلقة الأضعف في الإنتخابات، فهم لا يمتلكوا ذراعا مسلحا، كما انهم لن يؤثروا برضاهم او عدم رضاهم على مسيرة المفوضية العليا، فأصواتهم مكتومة ولا أحد يسمعها سوى المستقلون أنفسهم والمساكين الذين إنتخبوهم، وجرت الرياج بما لا تشتهيه سفن الفتح.
أظن بعد هذا الفشل الذريع لمفوضية الإنتخابات التي بدأت بصورة جيدة ونزيهة، وانحرفت بوصلتها بتأثير السلاح (الرسمي) المنفلت الى الباطل، ففقدت إحترامها وقيمتها، وصار وجودها أسوأ من عدمه، وتبين للجميع ان القضاة لا يقلوا سفالة ورخصا عن بقية الموظفين، فهم من افرازات الأحزاب الحاكمة، ولا خير يرتجى منهم، وسبق تجريتهم في إعادة الفرز في الإنتخابات السابقة 2018 وكانوا شاهدو زور وبهتان.
اظن ان هذا هي آخر إنتخابات ستقوم بها (المفوضية العليا غير المستقلة للإنتخابات المزورة)، وان حلها سيكون أمرا اكيدا، وان شرارة ثورة تشرين ستندلع مجددا، وستطيح بالأحزاب الولائية وحكومات الفساد، وإن ناظره لقريب .

أحدث المقالات