خاص: إعداد- سماح عادل
رغم الصعوبات إلا أن بعض الكاتبات يعتقدن أن الكتابة كحلم ورغبة وشغف تفرض نفسها، حتى في ظل أصعب العوائق، وتشتكي بعضهن من كثرة الكاتبات على الساحة، ومن كثرة النصوص الركيكة، لكنهن مع ذلك لا ينكرن وجود انحياز من قبل بعض النقاد وبعض المثقفين، وتؤكد أخريات على أهمية جودة النص والتي تفرض نفسها بقوة. فيما تؤكد أخريات على قدرة المرأة الفائقة على التقاط التفاصيل الدقيقة مما يعطيها تميزا في مجال الحكي.
هذا التحقيق جمع آراء الكاتبات من مختلف بلدان منطقة الشرق حول الصعوبات التي تواجهها النساء حين يقررن أن يصبحن كاتبات، وتضمن التحقيق الأسئلة التالية:
- هل تواجه الكاتبات صعوبات للتفرغ للكتابة مثل عملها، ومهام الأمومة ورعاية الأسرة وأعمال المنزل؟
- هل العوائق التي تمنع الكاتبات من التفرغ تؤثر على إنتاج الكاتبات سواء على مستوى الكم وأيضا الكيف؟
- هل تشعرين بالظلم حين تتم مقارنة نصوص الكاتبات من النساء بنصوص وإنتاج الكتاب من الرجال رغم التفاوت الكبير في إتاحة الفرص وتوافر إمكانية التفرغ؟
- ما رأيك في انتقاد البعض للجرأة في كتابات النساء والذي قد يصل إلى حد الوصم؟
- هل تشعرين أن كتابات النساء مظلومة من قبل النقاد والمهتمين بالأدب؟
البداية بتغيير الأفكار الرجعية..
تقول الكاتبة المصرية “أمل زيادة”: “لا أعتقد أن الكاتبات تواجه صعوبة في الكتابة رغم التزاماتها المختلفة، الكتابة متنفس وتدريب على ضبط النفس يفيد المرأة كثيرا لذا لا تعد عائقا أو عبء عليها وسط كل مشاغلها اليومية من التزامات تجاه الآخرين بكل أشكالها.
فالكتابة لأنها هواية في المقام الأول، يجب أن تخرج بأي شكل كان، لذا مهما حاولنا تجاهلها أو التشاغل عنها تلح في الظهور وتجبرنا على إخراجها في صورة نصوص ومسميات أدبية متنوعة. الكتابة حياة لمن لا حياة له. فما بالك بمن تهب الحياة للآخرين وتهب وتمنح الدفء للجميع. لذا أرى أن مشاغلها وازدحام يومها يساعدها في مجال الكتابة عن طريق مدها بالعديد من الأفكار المتنوعة”.
وعن تأثير العوائق على إنتاج الكاتبات تقول: “لا أعتقد أن أي عائق قد يواجه الإنتاج الأدبي للكاتبة من حيث الكم أو الكيف. قد تؤخر ظهور العمل لكن لا تمنعها من الإصرار على الاستمرار والعطاء. لأن الإنسان ملك لأفكاره متى توقفت الأفكار أو الإلهام تتوقف الكتابة. ما عدا ذلك يعد كسلا من نوع ما وليس عائقا، خاصة وأن سوق النشر في حالة ازدهار نوعا ما.
كما أن توافر التطبيقات المعنية بالكتب والمنصات الأدبية والمنتديات والجروبات الثقافية والمجلات الثقافية والأدبية سواء عامة أو خاصة، ساهمت في إتاحة الفرص للمشاركة بمنتجك الأدبي حتى ولو لم يكن قد طبع في شكل ورقي بعد. فمشكلة النشر في السابق كانت أكبر عائق يواجه أي مبدع في أي مجال وخاصة الكتابة.
وعن الشعور بالظلم حين تتم مقارنة نصوص الكاتبات تقول: “المقارنة في أي مجال بين الرجل والمرأة أمر مزعج بشكل تام. لست من أنصار الفيمنست وما شابه لكني اعتقد أن المرأة أجدر من الرجل في التعبير عن المشاعر وعن الحكي، لأن الحكي والاهتمام بالتفاصيل من الأفعال اليومية والمعتادة التي تولد بها الأنثى.
لذا أرى أن المرأة الكاتبة أجدر من الرجل في مجال الكتابة. بدليل أن هناك عظيمات الأدب اللاتي أثرت كتاباتهن في وجدان أجيال من القراء الأعزاء. كاتبات كتبن عن الحرب والحياة والمشاعر. المرأة أكثر اهتماما بالتفاصيل من الرجل لذا المرأة الكاتبة كفتها راجحة عن الرجل الكاتب”.
وعن انتقاد البعض للجرأة في كتابات النساء تقول: “تعد هذه النقطة أزمة كبيرة لا سبيل لتجاهلها وربما كانت سببا في تحفظ العديدات في خوض بعض القضايا المصيرية كقضايا الشرف على سبيل المثال. أي قضية يتم تناولها ويدخل فيها شق أخلاقي أوقن أن الكاتبة تراجع نفسها عشرات المرات قبل وضع كلمة النهاية تخوفا من نقطة الإسقاط.
وهذا لا يشمل الرجل الذي يكتب في القضايا الشائكة لأن المجتمع يتقبل من الرجل أي فعل في حين يحسب على المرأة كل نفس. رغم أنه ذات المجتمع وذات الجمهور الذي يركض لشراء أي نص عنون ب” للكبار فقط” أو خصص لفئة عمرية محددة. إذا أردنا التغيير لابد أن نبدأ بتغيير الأفكار بداية من تعليم النشء. إن هناك شيء نُسي ووطأته الأقدام يدعى حرية الإبداع، الحرية الشخصية، إعمال العقل، الفصل بين العمل وبين مؤلف العمل، وهكذا التغيير يبدأ من الصغير مرورا بالأكبر فالأكبر. أثق أن الأجيال الجديدة الحالية أكثر تفتحا وأكثر قدرة على التحكم في زمام الأمور.
وعن كون كتابات النساء مظلومة من قبل النقاد تقول: “لا اعتقد أن الكتابات النسائية تواجهها مثل هذه قضية فالصالونات الثقافية والمكتبات والورش الثقافية الخاصة أو المدعومة من الدولة لا تميز بين الكُتاب من حيث النوع بل الفيصل في الموضوع جودة العمل المطروح للنقاش. وليس جنس أو جنسية مؤلف الكتاب.
كذلك النقاد لا تتعامل مع المنتج الأدبي لأن صاحبة رجل أم امرأة هو يتعامل مع ورق وأفكار المؤلف وبالتالي النقد يكون بخصوص هذه الأشياء وليس هوية الكاتب وجنسه”.
مازالت المعركة مستمرة..
وتقول الكاتبة العراقية “هناء العبودي”: “نعم تواجه الكاتبات صعوبة بالتفرغ للكاتبة فعمل المرأة والوظيفة يستنزف أغلب الوقت وهي خارج المنزل، وعند العودة إليه كذلك فرعاية الأسرة وأعمال المنزل والأمومة ترهق كاهل المرأة صحيا وجسديا وتضييع وقتها، بالمقابل المرأة الناجحة والطموحة تستطيع التغلب على أغلب تلك الصعوبات”.
وعن تأُثير العوائق على إنتاج الكاتبات كما وكيفا تقول: “لا أتفق معك في ذلك فالعوائق التي تحدثنا عنها عوائق يومية (متطلبات الحياة) لا تؤثر على إنتاج الكاتبة كما ونوعا وكيفية، فالكثير منهن رغم قلة إنتاجهن إلى أن أدبهن متفرد”.
وعن الشعور بالظلم عن مقارنة النصوص تقول: “نعم بالتأكيد يكون هناك ظلم عندما تقارن كتابات المرأة بالكتابات الذكورية وهذا يمكن تسميته (بالهيمنة أو السلطة الذكورية) وهذا أمر موجود لدى البعض.
وعن انتقاد الجرأة في كتابات النساء تقول: “للمرأة الحق في كتابة ما تشاء حالها حال الرجل وهي حرة فيما تكتب وهذه ليست جرأة فحسب وإنما هي حرية شخصية، ويجب أن تبقى على جرأتها لكي تثبت وجودها في المحافل الثقافية وليس من حق أحد وصمها”.
وعن كون كتابات النساء مظلومة من بعض النقاد تقول: “نعم هناك ظلم وحيف في حق كتابات النساء كما تفضلتي، ولكن غزارة إنتاج الكاتبات كما ونوعا أتت ثمارها إيجابيا في الساحة الثقافية والأدبية، فقد استطعن من خلاله التغلب على هذا الظلم وما زالت المعركة مستمرة”.
هناك الكثير من النصوص الركيكة..
وتقول الكاتبة العراقية “زهراء البدري”عن صعوبات التفرغ للكتابة: “إطلاقا ممكن تولد الفكرة في أي وقت وفي أي وضع لأن الكتابة لا ترتبط بوضع معين، لكن ممكن تؤثر على رصانة النصوص المستخرجة التي قد يشوبها بعض الركاكة لقلة وجود الوقت لتشذيبها”.
وعن تأثير العوائق على إنتاج الكاتبات تقول: “قد لا يهم الكم الآن، ولدت الكثير من الكاتبات وأنا أتحدث عن مجتمعي العراق لكوني معاصرة له، الكثير من الكاتبات لكن تلك الكثرة قد تؤثر على الكتابة سلباً. أسهل ما يمكن الآن الامتهان به هو الكتابة، لكن هناك نصوص ركيكة، وهناك كاتبات غير مؤهلات، لايهم إن يكثرن بقدر الاهتمام بما ينتجن، وتلك المعوقات قد تشذب لنا ثلة مختارة تمتلك فكراً واطلاعاً واسعاً وحب كبير للكتابة”.
وعن الشعور بالظلم حين تتم مقارنة نصوص الكاتبات تقول: “حين يقدم الشخص إنتاجا عظيما وهو مؤمن بما قدم لا يظلم، أغلب النصوص تقدست بعد رحيل من كتبها، النص العظيم يعيش رغم أنوف الكل، أما إذا كان ما يقدم ركيك لا يهم، لأنه لا يقيم وإن كانت الكاتبة أنثى”.
وعن انتقاد البعض للجرأة في كتابات النساء تقول: “كثير من النصوص لدي في طي النسيان والسبب في ذلك كنت أكتب لكي يقرأ المجتمع وخاصة أني أميل أن تكون كتاباتي هادفة بعيدا عن التلميع اللغوي. أركز على بعض القضايا التي تحتاج التحدث بصورة جريئة, لكن كيف وأنا حبيسة مجتمع يقذفني ب اللاخلاق وأيضا هناك حملات شرسة من بعض النقاد على النصوص الجرئية بعض الشيء، إن كانت تعود إلى النساء، بينما إن كانت تعود إلى الرجال فالأمر مختلف تماماً”.
وعن كون كتابات النساء مظلومة من قبل النقاد تقول: “كثيراً ما تهمش كتابات النساء في الوطن العربي”.