22 ديسمبر، 2024 4:44 م

رواية أهزوجة أعلى النفق.. الشعور بالحرية أظهر حقيقة الشعب السوداني أثناء اشتعال ثورته

رواية أهزوجة أعلى النفق.. الشعور بالحرية أظهر حقيقة الشعب السوداني أثناء اشتعال ثورته

 

خاص: قراءة- سماح عادل

رواية “أهزوجة أعلى النفق” للكاتب السوداني “الفرزدق عبد الله حسن” والتي صدرت عن دار المصورات السودانية للنشر والتوزيع في طبعة أولى لسنة 2020، تحكي عن الثورة السودانية، وعن أحلام الثوار وآمالهم، وعن كيف تم الغدر بها.

الشخصيات..

أحمد: البطل، شاب، يحب الموسيقى، قرر أن ينضم لصفوف الثوار، يحلم بوطن مختلف عن ذلك الذي يعيش فيه، يقضي أيامه في الاعتصام ويعزف الموسيقى ليحمس الناس، يشاهد بعينيه تطورات الأحداث، وحماس الثوار وشجاعتهم، وأيضا الغدر الذي حدث وقتل كثير من الثوار العزل.

عزة: البطلة، شابة، تحب الرسم، انضمت هي أيضا لصفوف الثوار، وكانت تتحلي بالشجاعة، والأمل، والقوة مثل فتيات كثيرات شاركن في الحراك الثوري السوداني، أحبت أحمد، وكان الاعتصام مسرحا لبداية علاقتهما وتطورها.

الراوي..

الراوي عليم، يحكي عن الشخصيات، بضمير الغائب، يركز في الحكي على البطل والبطلة، ثم يستعرض أحداث الثورة والتي هي حقائق حدثت على أرض الواقع، لكنه يربطها بالشخصيات تأثيرها عليهم وتأثرهم بها.

السرد..

الرواية قصيرة تقع في حوالي 134 صفحة من القطع المتوسط، تحكي عن أيام الاعتصام، وتنتهي بانتهائه، تبدأ من النهاية، حيث موت أحمد الذي يصاب برصاصة ويقع في النيل، تركز على نقل أحداث واقعية في قالب حكاية روائية.

حماس الشعب السوداني..

الرواية ترصد حماس الشعب السوداني وتضامنهم وتعاونهم لأجل تغيير النظام الذي كانوا يكرهون وجوده، فقد توافدوا من كل المناطق في السودان للميدان لأجل الاعتراض على وجود نظام أشقاهم، رجالا ونساء حيث كان للنساء دور مساو للرجال وأثبتوا شجاعة وإقدام، وكل أطياف الشعب تجمعت في أحداث الثورة، الفقراء والأغنياء، المتعلمون وغير المتعلمين، الباعة الجائلون الذي وجدوا الأمان في ساحة الاعتصام، والسيدات اللاتي قررن إطعام المتظاهرين ودعمهم، والشباب الذي كان بأعداد كبيرة.

فقد رصدت الرواية كيف كان السودانيون يدعمون بعضهم بعضا، وكيف ظهرت روح التعاون والإخاء بينهم رغم محاولات النظام الذي كان يحكمهم في تفريقهم على أساس اللون والعرق والأصل، وقد نجحت الثورة بالفعل في إسقاط رأس النظام، لكن التلاعب والخطط والمؤامرات التي حيكت لإطفاء شعلة الثورة كانت أكبر من قدرات هؤلاء الثوار العزل الذي أصروا على سلمية ثورتهم للنهاية، وقرروا ألا يحملوا السلاح أو يدافعوا عن أنفسهم.

يوميات الاعتصام..

حكت الرواية عن يوميات الاعتصام وكيف كانت نساء يطبخن بفرح وبهجة، والشباب يعزفون الموسيقى ويطيرون على أجنحة ألحانهم، وشباب آخرون يرسمون بحرية، وجزء من الثوار قرروا أن يكونوا الحماية لحلمهم الوليد فقد وقفوا وراء المتاريس لحماية ساحة الاعتصام والمعتصمين وصد أي عدوان عليهم، ومنهم من تطوع للتفتيش، فكانوا يفتشون من يدخلون لساحة الاعتصام لكي يمنعوا أية احتمالية لحدوث عنف أو غدر.

صورت كيف يتحول الناس حين يشعرون بأنهم أحرار ويملكون مصيرهم وحياتهم، وأنهم قادرون على تغيير الأوضاع السيئة، يصبحون أقرب إلى الملائكة يسود الحب بينهم والاحترام والتعاون، ويتعالون على أية اختلافات كانت تفرقهم وتسبب بينهم الاقتتال، رصدت الرواية تنوع الأطياف داخل ساحة الاعتصام ما بين مصلين يتقربون إلى الله، وأناس يساعدون الأطفال الذين هزمتهم الحياة فيقومون بتعليمهم، وأناس يعالجون ويقدمون الدعم الطبي.

قتل الحلم..

لكن للأسف لم يكتمل الحلم للنهاية، فقد التف النظام وغير جلده سريعا، مؤكدا أن السلطة ليست في الأشخاص وإنما في نظام كامل لا يقبل بالمعاني الإنسانية الجميلة من مساواة في الحقوق وعدالة اجتماعية، نظام يقتات على الطبقية وعلى التفريق، وعلى عرق وموارد الشعب، لذا فقد أظهر وجها طيبا في البداية، وحاميا وودوا ثم مع شعوره بإصرار الثوار على تغيير السلطة، وشعورهم بأن البساط يسحب من تحت أقدامهم انقلبوا وحوشوا وغدروا بالثوار، وفضوا الاعتصام بالقوة، مخلفين عددا كبيرا من القتلي والجرحى. قتل الثوار رغم سلميتهم، ورغم إصرارهم على السلام، كانوا عزلا لكنهم قتلوا بوحشية، وانفض الاعتصام وقتل أحمد وزملائه، وانتهت الرواية على ذلك.

استخدمت الرواية لغة حماسية أقرب إلى المباشرة، ربما من تأثير قرب الأحداث التي رصدتها.

الكاتب..

“الفرزدق عبد الله حسن”، كاتب سوداني من مواليد مدينة “ود مدني”، خريج لغة انجليزية وحاصل على ماجستير إدارة الأعمال من الجامعة البريطانية. علاقته بالكتابة بدأت منذ الجامعة حيث نشط مع عدد من الأصدقاء والمولعين بالأدب من خلال إصدار جرائد أدبية حائطية ثم تواصلت منذ ذلك الحين دون انقطاع.

بعد الجامعة اشتغل بالتدريس لمدة معينة قبل الانتقال لمجال التخطيط وتطوير الأعمال حيث يعمل الآن. تعتبر رواية “أهزوجة أعلى النفق” باكورة أعماله الأدبية ونصّه الأوّل الذي تفتّح في انتظار أعمال قادمة له قيد الاشتغال، منها رواية “أبناء خاصرة النيل”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة