23 ديسمبر، 2024 3:34 م

الدعاية الانتخابية وما أنتجته من فوائد للناخبين

الدعاية الانتخابية وما أنتجته من فوائد للناخبين

كنا ولا نزال نعتقد بان نظام الدوائر الانتخابية المبني على المناطق والتوزيع الجغرافي وعدد السكان الذي لم تعلن خلفيات اعتماده وتقسيمه في ظل غياب التعداد العام للسكان ، سيوفر الفرص للناخبين للتعرف أكثر وأدق بكل التفاصيل التي تخص المرشحين بحيث يتم اختيارهم في يوم الاقتراع بموضوعية كلما أمكن ذلك ، ونجزم بان ذلك هو الهدف المعلن من الدعايات الانتخابية التي ملأت العديد من الطرقات والتقاطعات والجدران واكتظت بها الفضائيات منذ أسابيع لحد هذا اليوم الذي يتم فيه الصمت عن تلك الدعايات ، وما استنتجه بعض المواطنين خلال الحملات الدعائية الانتخابية وما سبقها جدير بالاهتمام حقا ، فالعديد من الناخبين لا يعرفون رقم منطقتهم الانتخابية ومن يمتلك بطاقة الناخب يمكنه أن يستدل على المركز الانتخابي ولكنه لم يبلغ برقم منطقته الانتخابية ، وهذا ليس تجني او افتراض ولكنه واقع الحال إذ لم تقوم المفوضية المعنية بالانتخابات بتبليغ الناخبين بمناطقهم وحدودها الجغرافية وعدد السكان فيها ، كما أن اغلب الناخبين لا يعرفون عدد المرشحين في المنطقة الواحدة لان هذا لم يعلن للعيان ، ويضاف إلى ذلك إن الأسماء التفصيلية للمرشحين لم تعلن بالمجمل ضمن المنطقة الواحدة ، والشيء الأكثر تداولا للناخبين هو مشاهدة صور بعض المرشحين في الطرقات وعلى الأعمدة والبنايات وغيرها ، واغلب الصور التي عولجت ( بالفوتو شوب ) لم تعطي ولو مجرد لمحة عن السير الدانية للمرشحين من حيث العمر والتحصيل والخبرات والانجازات والخبرات عدا بعض الدلالات التي حملت عناوين ( الشيخ ، الدكتور ، المهندس ، غيرها ) ،
وصحيح إن البعض من المرشحين معروفين للجمهور لان أسمائهم متداولة من الدورات السابقة كأعضاء او منافسين ولكن ما معلن من الأسماء الأخرى غير معروف عنه الكثير ، وحسب ما نعتقد ( وكما شاهدنا من لقطات في التصويت الخاص ) فان الاختيار سيتم على أرقام او تسلسل المرشحين ( وهو تسلسل عشوائي بالطبع ) ، وهنا نسال كيف سيختار الكثير من الناخبين تلك الأرقام ولم يعرفوا أسماء المرشحين وسيرهم الذاتية ، وقد يقول البعض إن الحملات الإعلامية التي قام بها الناخبون او أحزابهم او كتلهم قد أغنت عن الموضوع ، ولكننا نجزم وبشكل يستند إلى ( انطباعات من الواقع ) بان الحملات الترويجية لم تصل لكل الناخبين ، ليس في القرى والأرياف فحسب وإنما في المدن والأحياء في بغداد ( على سبيل المثال ) ، ولا تستغربوا إذا قلنا إن تلك الحالة ملازمة للمثقفين من الناخبين وليس البسطاء وكبار السن وربات المنازل والمنشغلين بالأعمال ، وإذا كان هذا الكلام غير دقيق فإننا نطلب من الجهات المعنية إعلامنا بما قامت به من إجراءات للتعريف بالناخبين من حيث العدد وألا سماء في كل دائرة ، والجهود التي قام بها الناخبون في التعريف بسيرهم الذاتية بما يضمن وصولها للأغلبية ضمن الدائرة الانتخابية على الأقل وليس الجميع .
ورغم إن هذه الملاحظة قد جاءت متأخرة كونها نذكرها في نهاية المدة المخصصة للدعاية الانتخابية ، ولكنا نعتقد بأنها جديرة بالدراسة والاهتمام في المرات القادمة سواء تم الاعتماد على ذات النظام الانتخابي او تم تغييره لسبب ما ، فالإصرار على الدوائر الانتخابية كانت له عدة أهداف وواحدة منها هو التعرف على المرشحين تفصيليا بهدف الاختيار الأفضل منهم على أسس يختارها الناخب بكل حرية وشفافية ولكن هذه المسالة تركت دون إدارتها بالشكل المطلوب ، ولا نعرف على من تقع مسؤولية ذلك فكما نعرف إن الدعايات الانتخابية حددت بتعليمات وضوابط بما يسمح للمرشح التعريف بنفسه وسيرته للترويج في القبول ، وكما هو معلوم للجميع إن جهود المرشحين بهذا الخصوص فيها تباين كبير يعود إلى حجم ونوع الإمكانيات المتاحة للمرشح ومن يقف معه ويسنده والقدرة على الانتشار ، ولكن مسالة الإعلان تفصيليا عن المناطق الانتخابية وأسماء وتسلسل المرشحين في كل دائرة لم تتبناها جهة معينة كالمفوضية المستقلة للانتخابات ، وعلى افتراض إن المفوضية والمرشحين تقاسموا او تشاركوا بهذه المسؤولية فيمكن القول أنها لم تؤدى بالشكل الذي يوفر الغطاء المعرفي للجميع ، وما نخشاه أن يكون ما تقدم مسوغا للبعض في العزوف عن التصويت او إبطال ورقته الانتخابية بحجة انه لا يعرف من ينتخبه او انه يجهل تفاصيل عن الأرقام الموجودة في الورقة الانتخابية كما انه لا يعرف الكثير عن السير الذاتية للذين عرف أسمائهم وصورهم من خلال الإعلانات ، لان الناقص في هذه المعادلة هي المفاضلة بين فلان وفلان ورقم وآخر على أساس ما يتوسمه به من صفات وما يتوقع من أداء خلال السنوات الأربعة القادمة ، كما ما نخشاه أن تكون هناك اختيارات لم تستند إلى قناعات وإنما لإملاء الفراغات عندما يقوم بعض المرشحين باختيار أسماء وأرقام من دون معرفة وقناعة لإسقاط فرض وتلك طامة كبرى لان مخرجاتها ستنذر بما لا يحمد عقباه ، وهي مسالة كان من الواجب الاهتمام بها وتداركها للتعريف بورقة الاقتراع وكيفية إملائها والأسماء والأرقام الخاصة بالمرشحين ، وهي مهمة تكافأ الاهتمام في بذل الجهود للحد من التزوير والفساد وتوفير الأمن للناخبين ، فالاختيار العشوائي ليس خيانة للضمير فحسب وإنما أمرا في غاية خطورة لما يترتب عليه من نتائج واستحقاقات ، ونحن نعلم إن هناك مناطق ومحافظات كثفت فيها الجهود للتعريف والتثقيف في الاختيار ، ولكننا نتحدث عن الجزء الذي أهمل بهذا الخصوص سيما ذلك الذي لم يجير لهذه الجهة او تلك ، وما تم التأكيد عليه في أكثر الحملات الإعلانية هو التركيز على المرشحين والتباين في الحظوظ والفرص الترويجية التي حظي بها البعض ، حيث أخذت مساحات واسعة من الانتشار في البوسترات او الصور او في الفضائيات ، فكما يبدو إن هناك مساحات كبيرة من بث الفضائيات ( المستقلة ) تم استئجارها وفي مختلف الأوقات ( سيما في الذروة ) للترويج لبعض الأسماء ، في بقي حين بقي الكثير بحيز ضيق من الترويج وبشكل يعطي الانطباع بضعف العدالة في هذا الموضوع وربما جعل بعض المرشحين في حيرة اكبر لنقص المعلومات عن بقية المرشحين ، وما سبق ذكره ليس تقييما خضع لدراسات واستنتاجات وإنما هي انطباعات يتداولها الكثير ووجدنا ضرورة عرضها لا غير ، وربما سنخضعها لدراسات لاحقة بعد ظهور نتائج الانتخابات .