18 ديسمبر، 2024 8:05 م

الكرد والجديد في الانتخابات النيابية العراقية

الكرد والجديد في الانتخابات النيابية العراقية

أكبر نجاح حققته الحكومة الاتحادية بغداد في علاقاتها مع حكومة اقليم كردستان، هو حصر الاخيرة ووضعها في دوامة قضية تأمين الحصة من الموازنة السنوية ومحاولة ضمان جزء من رواتب الموظفين الذين يقدر عددهم بمليون وربع المليون على مستوى اربع محافظات اربيل ودهوك وحلبجة، وهذه الكتلة البشرية الهائلة لا تبلغ طاقته الانتاجية سوى 25 دقيقة من مجموع 8 ساعات عمل باليوم، ولا هدف لهذه المجموعة الهائلة من الموظفين المدنيين والعسكريين سوى الولاء للحزبيين الحاكمين العائدين للبرزاني والمرحوم طالباني، والتصويت لهما في الانتخابات النيابية او البرلمانية او الرئاسية عند اجرائها.
وهذا التطويق السياسي المضاد على حكومة الاقليم من قبل الحكومة الفيدرالية بقيادة المكون الشيعي، قد وضع بقية القضايا الاساسية المصيرية لاقليم كردستان على الرفوف ليتجمع عليها الغبار، خاصة تطبيق المادة 140 من الدستور ومسألة البيشمركة وترسيم الحدود الادارية وقضية التعامل مع الموارد الطبيعية النفط والغاز ومشكلة الايرادات غير النفطية وقضية تعويض المؤنفلين وغيرها من االخلافات القائمة بين بغداد واربيل، وكل هذه المسائل هي قضايا انتخابية مهمة وجوهريية ولكن المرشحين للاحزاب ابتعدوا عنها.
ورغم ان عملية التصويت لصالح الحزبين الحاكمين محسومة في الانتخابات، وذلك لان كل من الحزبين قد ضمنا 20% من انصارهما لكل منهما، وبما ان البقية والبالغة 60% من الناخبين المشمولين بالتصويت تشارك بنسبة قليلة جدا، وبما ان عموم الانتخابات التي جرت بالاقليم لم تتجاوز نسبة المشاركة فيها 40%، لذلك فان عملية عدم المشاركة تعود بالنفع والاستفادة الذهبية للحزبين الحاكمين من خلال ضمان تصويت انصارهما لهما والتزوير باستخدام البطاقات الانتخابية غير المستلمة وعدم تصويت الاخرين، فتفبرك النتائج وتعلن وكأنها انتصار لحزبي البرزاني والمرحوم الطالباني، بينما بالحقيقة هي عملية مزورة مفبركة تجري باتفاق بين الحزبين للتعدي على حقوق الناخبين الكرد في الانتخابات، هذا وقد جاء الاعتراف على اعلى مستوى رئاسي بالاقليم، فقد اتهمت رئيسة البرلمان ونائبها الحزب المقابل لحزبي كل منهما بالتزوير والتلاعب بالنتائج.
ولهذا باتت عمليات الانتخابات غير مقبولة لدى المواطن الكردي، وينظر لها انها مزورة ومزيفة لا تمثل ارادة الناخبين الحقيقيين، وبعلم اليقين ينظر للحزبين انهما يفرضان حكمهما على الكرد بالقمع والتسلط والاستبداد عن طريق انتخابات صورية مزيفة للديمقراطية، والحقيقة المؤلمة ان المواطن الكردي يتصور ان بغداد مشاركة في دعم وتاييد الحزبين الحاكمين بالاقليم وذلك من خلال غض النظر عن التزوير الذي يجري في انتخابات الاقليم، ويتصور ايضا ان الولايات المتحدة والتحالف الدولي مشاركون ايضا في فرض النتائج المزورة لصالح الحزبين الحاكمين، ومساهمون ايضا في تزيف وتزوير الديمقراطية التي يدعي بها السلطة الحاكمة بالاقليم منذ اكثر من ربع قرن.
لذلك فان نسبة المشاركة في الانتخابات النيابية ليوم العاشر من اكتوبر ستظل قليلة لدى كرد العراق، ومؤشر زيادة الاقبال وتصويت الاغلبية هو العامل الحاسم المطلوب لاحداث التغيير في المعادلة السياسية بالاقليم، فالمشاركة بنسبة الاغلبية للناخبين تقلل من دور وتأثير وتزوير انصار الحزبين المصوتين لهما لان نسبتهم بكل الاحوال ستظل قليلة ولا تتجاوز 20% من عدد الناخبين، وستقلل من نسبة استغلال البطاقات الانتخابية غير الموزعة واالتزوير بها، واذا تمكنت الحكومة الاتحادية من تشجيع اغلب الناخبين المشمولين بالتصويت في العراق والاقليم والبالغ نسبتهم 80% من المواطنين الذين سحبوا بطاقاتهم الانتخابية من مراكز المفوضية، فبلا شك فان تغيير المعادلة السياسية امر واقع، خاصة وان الامم المتحدة ومجلس الامن يقومان بالاشراف على الانتخابات وذلك بدليل ان السيرفرات الالكترونية لاستلام نتائج التصويت هي في خارج العراق حسب ما ذكرته الاخبار، وهذا ما يساعد على ضمان بعض المصداقية والامان والشفافية على حماية الانتخابات من التزوير واللعب بنتائجها من قبل الاحزاب والقوى االسياسية الحاكمة والمؤثرة.
وبعد هذا االسرد يبقى العامل الحاسم لدى كرد العراق لتغيير المعادلة السياسية المتفسخة بالاقليم، هو تحقيق اكبر مشاركة بالتصويت، واختيار المرشحين حسب ارادة حرة واعية باهمية صوت الناخب في تحديد مصير الواقع السياسي، ولاجل ذلك فان الاجراءات المتخذة على صعيد الحكومة والامم المتحد لاجراء الانتخابات بعيدا عن التزوير تحمل بعض الامل لاحداث التغيير في العملية السياسية المسروقة من ارادة العراقيين، وغدا لناظره قريب، والله من وراء القصد.