بعد الحديث الذي أدلى به بلوماسي غربي كبير لصحيفة “بوليتيكو” ورجح فيه عدم عودة طهران إلى طاولة المفاوضات إلا بعد حصولها على تنازلات معينة وقوله بأن “إيران تلعب بالتأكيد على عامل الوقت بينما تواصل في الأثناء تعزيز برنامجها النووي من أجل تقوية موقفها في المفاوضات، وكسب نفوذ سياسي”، فإن من الواضح إن مشاعر اليأس والاحباط تستولي على المراهنين بمواصلة المحادثات مع هذا النظام وإمکانية کبح جماحه النووي من خلال ذلك، لکن هذا التشدد والتعنت يخفي ورائه ماهو أبعد من ذلك.
التشدد والتعنت من جانب النظام الايراني، لم يشمل على الملف النووي فقط وانما تجاوزه الى الروحية التوسعية للنظام من خلال ماقد صرح به علي غلام رشيد قائد ما يعرف بـ “مقر خاتم الأنبياء”، قبل فترة وقال أن قاسم سليماني قائد فيلق القدس السابق أعلن قبيل مقتله بـ3 أشهر أنه قام بتنظيم 6 جيوش خارج الأراضي الإيرانية بدعم من قيادة الحرس الثوري الإيراني وهيئة الأركان العامة للجيش، معترفا بأن تلك الجيوش تحمل ميولا عقائدية، وتعيش خارج إيران، ومهمتها الدفاع عن طهران ضد أي هجوم، وکل دلك يٶکد النوايا المشبوهة وغير السليمة للنظام الايراني على أکثر من صعيد.
المحادثات الدولية المختلفة مع النظام الايراني، وطوال العقود الثلاثة الماضية، أثبتت انها مجرد دوران في حلقة مفرغة، وان لاأمل من ورائها سوى إستغلال وتوظيف عامل الوقت الثمين لصالح النظام والذي يبرع فيه أيما براعة، والذي يجب أن نلاحظه هنا جيدا، أن النظام وفي غمرة کذبه وخداعه وممارساته التمويهية مع المجتمع الدولي، يقوم في نفس الوقت بالسعي لخلق حالة من القطيعة والتباعد بين المجتمع الدولي من جهة والشعب الايراني ومقاومته الوطنية من جهة أخرى بل وحتى إنه يقوم بنفس المسعى بين الشعب وبين المقاومة الايرانية ويحاول جهد إمکانه دق أسفين بينهما، وحتى انه يمارس ضغطا سياسيا وإقتصاديا وأمنيا على مختلف دول العالم لتحقيق هذا الهدف، لأنه يعلم جيد بأن التقارب بينهم يعني العد التنازلي لسقوطه وإضمحلاله، ولهذا يجب على شعوب ودول المنطقة والعالم الانتباه الى هذا الامر الحيوي جيدا والسبب الذي يقف خلف رفض النظام لأية علاقة بين الطرفين، وهذه المساعي المشبوهة هي إحدى أولويات حکومة إبراهيم رئيسي التي أساسا قد جاءت من أجل إنقاذ النظام من ورطاته المختلفة والنأي به بعيدا عن دوامة السقوط التي تکاد أن تبتلعه.
ماقد طفقت الاوساط السياسية والاعلامية الدولية تشدد عليه بشأن إن النظام الايراني يقترب من حيازة القنبلة الذرية، هو دليل على إن المساعي الدولية المبذولة لحد الان من أجل الحيلولة دون ذلك ليس لم تحقق أهدافها فقط بل وحتى إنها قد فشلت ولذلك يجب البحث عن خيار وسبيل آخر غير التفاوض مع هذا النظام والذي أثبت عقمه وإن خيار المراهنة على نضال الشعب الايراني ومقاومته الوطنية من أجل الحرية وتغيير النظام هو الطريق الاسلم والاکثر ضمانا لوضع حد ليس للملف النووي للنظام وحسم أمره وإنما للکثير من الملفات الاخرى المثيرة للريبة، لأن لا الشعب الايراني ولا المقاومة الايرانية يرغبان ويريدان هکذا مشروع مريب مثير للشبهات، بل انهما يطمحان الى إيران مسالمـة خالية من الاسلحة النووية.