خاص: إعداد- سماح عادل
انطلق ملتقى الشارقة للسرد في دورته السابعة عشرة في “قاعة الشارقة” بالعاصمة السودانية “الخرطوم” تنظمه إدارة الشؤون الثقافية في دائرة الثقافة في الشارقة تحت عنوان “القصة القصيرة السودانية.. قضايا ورؤى”، حيث أفتتحه رئيس دائرة الثقافة بحكومة الشارقة “عبد الله العويس” ووكيل وزارة الثقافة والإعلام السودانية “الرشيد سعيد”، في الفترة من 29: 30 من سبتمبر 2021، وقد تضمن خمسة محاور أساسية للمقاربة والتحليل النقدي بمشاركة أكثر من 70 مبدعاً من أدباء مشاركين وضيوف.
أكد “عبد الله العويس” رئيس دائرة الثقافة بحكومة الشارقة في افتتاح الملتقى على تواصل اللقاءات الأخوية مع أبناء السودان الشقيق من خلال سلسلة من الأنشطة والمهرجانات الثقافية المتنوعة، موضحا أهمية التعاون العربي في كافة المجالات، مضيفا أن السودان جدير بأن يشهد إقامة ملتقى الشارقة للسرد في دورته السابعة عشرة. وأشاد “العويس” بترحيب وتعاون وزارة الثقافة والإعلام بالسودان لتنظيم الملتقى بالخرطوم، استكمالا للتعاون الثقافي مع دائرة الثقافة بالشارقة، وتجديدا لمكانة السودان الأخوية.
وقال وكيل وزارة الثقافة والإعلام “الرشيد سعيد”، أن الحكومة السودانية تعمل مع إمارة الشارقة في عدد من المشروعات الثقافية الكبيرة، من بينها مهرجان المسرح الوطني، وفعاليات وأنشطة الشعر ومؤخرا القصة عبر هذا المتلقى. مبينا أنه ولأول مرة تخرج مثل هذه الفعاليات من إمارة الشارقة وتأتي إلي السودان، أملا أن تستمر.
وذكر “الرشيد” أن الملتقى يناقش في دورته هذه بطريقة علمية تتعلق بالسرد وأهميته من خلال موضوعات محددة في القصة القصيرة السودانية، تتعلق بالتجريب والمكان وتجلياته والقراءة. مبينا إنها بلا شك تساعد في نقل القصة القصيرة بالسودان والتي لها الكثير من سبعين عام.
الفاعليات..
بدأ الملتقى أعماله من خلال مدخل حمل عنوان «راهن القصة القصيرة في السودان»، وأدار الجلسة الصديق عمر صديق، بمشاركة: د. مصطفى الصاوي كمتحدث رئيسي، وتعقيب محمد خلف سليمان، واللافت أن سليمان قد فاز بجائزة الشارقة للإبداع العربي- الإصدار الأول في العام 2005 عن حقل الرواية، ليصبح، بعد أكثر من عشر سنوات من فوزه، معقّباً وناقداً، ليعكس صورة عن تكامل مشروع الشارقة الثقافي.
واتّبع الصاوي في ورقته منهجاً طولياً يوازن بين المدخل التاريخي ورصد السمات الفنية، وذكر بعض رواد القصة القصيرة السودانية، موضحاً أن أساليبهم اتخذت مسارات مختلفة اتسمت بالمعرفة، والحكمة.. بدوره قدّم سليمان ورقة «القصة السودانية القصيرة من التأسيس إلى التجنيس»، وبذل فيها جهداً كبيراً في الإحاطة بعوالم مختلفة ومتباينة لحقب متتالية من الكتابة القصصية، بينها كتابات أثّرت في مسيرة القصة القصيرة السودانية، وقدّم استعراضاً للقصة القصيرة السودانية وأطوارها وسماتها وأبرز أصواتها.
استكمل أول أيام الملتقى أعماله بالمحور الأول «سحر وتجليات المكان في القصة القصيرة السودانية»، في جلسة أدارها العباس يحيى، وتحدث فيها: مجذوب عيدروس، وأحمد عوض، وأبو طالب محمد.. وقدم أبو طالب ورقة بعنوان «هوية المكان في قصص إبراهيم إسحق.. مقاربة تطبيقية في سياق اجتماعي»، ودرست هُوية المكان في ثلاث مجموعات قصصية للراحل الكاتب الروائي والقاص إبراهيم إسحق، كما أشار إلى أهمية المكان في القصة من حيث إثراء عناصر الخطاب السردي القصصي، وحماية النص من المجانية الشعرية التي لا علاقة لها ببنية الخطاب السردي.
وقدم عيدروس ورقة بعنوان «قراءة في نماذج مختارة»، وسلطت الضوء على مختارات من القصة القصيرة السودانية، لا سيما أنها أصبحت ثاني نوع أدبي يزاحم الشعر في الصحف والمجلات، وقدّم عوض «إضاءات في فرضية الفضاء السردي للمكان في القصة القصيرة جداً.. فاطمة السنوسي نموذجاً»، بوصفها رائدة هذا النوع الأدبي بالسودان من منظور جمالية وشعرية المكان في قصصها القصيرة جداً. وخلص إلى القول إن «القصة القصيرة جداً نوع أدبي قائم بذاته، ذو إمكانات تعبيرية خاصة، وتحمل فضاءات جمالية خاصة».
شهادات ورؤى..
وشهد الملتقى في المحور الثاني «شهادات ورؤى» بمشاركة: بثينة خضر مكي، وعبد الغني كرم الله، وملكة الفاضل، في جلسة ترأستها الأديبة نجاة إدريس إسماعيل؛ حيث استعادت الفاضل مشهديات أولى في حياتها تحدثت عن أثر المحيطين بها، وجلهم من الأقارب في تكوين شخصيتها الأدبية، وذكرت الكاتبة أبرز محطات مشوارها الأدبي، وقالت: «أرى الواقع محتشداً بالخيال، وهذا يعين الكاتب أو السارد على المضي قدماً في كتابة صفحاته البيضاء، مضيفاً الفصل بعد الآخر بتفاصيل قد تكون حقيقية، أو تأخذ بعض أبعادها من تفاصيل حقيقية». من جانبها، ذكرت بثينة مكي أن إقامتها في الشارقة مثلت دوراً كبيراً في ارتقاء مسيرتها الإبداعية، حيث عاشت في الإمارة سنوات عديدة. بدوره، استذكر عبد الغني طفولته وبيتهم الطيني، وقال: «بيتنا الطيني أسعد قصر في الحياة، وسماء قريتي، أعظم قبة للجمال والحياة والسعادة».
ويستكمل اليوم الثاني من الملتقى المحور الثالث «ملامح التجريب في القصة القصيرة المعاصرة»، بمشاركة عامر محمد أحمد، وعز الدين ميرغني، ونادر السماني، فيما يتولى جمال محمد إبراهيم إدارة الجلسة.
فيما يشهد المحور الرابع «القراءة الثقافية للنص القصصي الجديد»، مشاركة الأكاديميين: د. نعمات كرم الله، ود. محمود محمد حسن، ود. محمد مهدي بشرى، فيما يدير محمد الأمين مصطفى الجلسة.
أما المحور الخامس الذي يتناول موضوع «القصة القصيرة ومنصات التواصل الاجتماعي»، فيشارك فيه كل من: عماد محمد بابكر، ومحمد الخير حامد، ومنصور صويم، ويدير الجلسة سيف الدين حسن بابكر.
وصاحب الملتقى افتتاح معرض “اقتباسات” الذي يعرض نماذج من كتابات كتّاب القصة القصيرة في السودان، إلى جانب معرض إصدارات ومجلات دائرة الثقافة في الشارقة.
وعرض الملتقى نماذج من إبداعات كتّاب القصة القصيرة في السودان، كما شهد الحضور معرض إصدارات دائرة الثقافة في الشارقة، وأطلَعَ رئيس دائرة الثقافة الحضور على عناوين متفرقة بين الشعر، والرواية، والقصة القصيرة، والمسرح، والنقد، كما أبرَزَ موضوعات ثقافية حيوية تطرحها مجلات: «الشارقة الثقافية»، و«الرافد»، و«القوافي»، و«الحيرة من الشارقة»، و«الشرقية والوسطى».
الملتقى..
يذكر أن “ملتقى الشارقة للسرد” بدأ تنظيم فعالياته الخارجية للمرة الأولى عام 2017، حيث أقيمت فعاليات الدورة الرابعة عشرة في الأقصر، تزامناً مع اختيار المدينة المصرية عاصمةً للثقافة العربية آنذاك، ليواصل تنقله ويحطّ في العاصمة المغربية الرباط عام 2018 خلال دورته الخامسة عشرة، فيما استكمل «الملتقى» رحلته الثقافية العربية عام 2019 نحو العاصمة الأردنية عمّان، حيث تم تنظيم الدورة السادسة عشرة.
يذكر أن قاعة الشارقة في الخرطوم يعود تأسيسها إلى منتصف ثمانيات القرن العشرين حينما وجّه حاكم الشارقة بتشييدها لدعم العلاقات الثقافية العربية الأفريقية، ولعبت منذ ذلك الوقت دورا كبيرا في تأسيس حركة أدبية شعرية ومسرحية في السودان وهي تقع في محيط جامعة الخرطوم وبالقرب من بيت شعر الخرطوم.