لست من رجال الدين ولست ممن يدعون المعرفة بأمور الشرع والفقه وغيرها من المواد الشرعية. لذلك فكلماتي ليست إلا مجرد تعبير عن مشاعر مواطن بسيط يمارس طقوس العبادة المعتادة معتقدا أن الدين أبسط من كل التعقيدات التي قد تصدمنا عند الحديث مع أحد الغلاة أو ممن يدعون إمتلاك ناصية الدين دون غيرهم. وكمواطن عادي سوف أسرد بعض الأحداث والأشياء التي تزعجني وتؤرق نومي راجيا ألا أكون مخطئا أو متعديا على قدسية الدين! ونعود إلى ما يورقني وهو ذلك التشويش أو لنقل هو ذلك التسابق المحموم بين المآذن لتشغيل مكبرات الصوت بأقصى صوت خاصة في وقت صلاة الفجر ويبدأ هذا الصراع بين المآذن مع بداية قرآن الفجر حتى الإنتهاء من الصلاة أي ما يقارب الساعة. هناك مرضى وأطفال ولا أعلم أن كان تشغيل مكبرات الصوت في هذا الوقت المبكر من لوازم تمام قبول الصلاة أم أنها مجرد عادات وعرف أو جهل أو تعمد مضايقة المواطنين لأسباب سياسية تتعلق بوجود بقايا خلايا نائمة من كارهي الدولة ممن لا يريدون لنا رؤية الإنجازات التي تتم كل يوم وليلة فيحاولون إثارة نقمتنا وسخطنا على الدولة عن طريق إزعاجنا في وقت مثل وقت صلاة الفجر. ولكي لا ادعي العلم بما لست اهلا له سوف انقل نصا آراء عدد من علماء المسلمين بالمملكة بخصوص هذا البند تحديدا: لقد بدأ الجدل بقرار من وزير الشؤون الإسلامية عبد اللطيف آل الشيخ بقصر إستعمال مكبرات الصوت الخارجية للمساجد على رفع الأذان والإقامة فقط، “وألا يتجاوز مستوى إرتفاع الصوت في الأجهزة عن ثلث درجة جهاز مكبر الصوت،واتخاذ الإجراء النظامي بحق من يخالف. هذا في المملكة العربية السعودية. ومن الآراء المؤيدة أيضا لتحديد إستخدام مكبرات الصوت، والتي تداولها المغردون، ما نسب إلى عضو هيئة كبار العلماء وعضو اللجنة الدائمة للفتوى صالح الفوزان، الذي قال إن “في رفع الصوت عبر المكبرات لمن خارج المساجد فيه أذى للبيوت وللمرضى ولمن يصلون في بيوتهم”. ويرى هؤلاء أنه، إتباعا لنفس المنطق الذي منع بسببه بث تلاوة القرآن في مكبرات الصوت خارج المساجد في غير وقت الصلاة، يجب كذلك منع بث الموسيقى والأغاني في الأماكن العامة. وهناك رأي آخر يرى أنه يجب عدم التشويش على المصلين.
ومنعاً لتداخل الأصوات ورفع حدة الصوت، ومراعاة لجميع فئات المجتمع من مرضى وكبار السن يجب عدم استخدام مكبرات الصوت خارج المساجد. وفي هذا الصدد قال الإمام العثيمين: “لا شك أن المساجد بنيت منذ عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وإلى يومنا هذا بنيت للصلاة وقراءة القرآن والذكر وغير ذلك من الطاعات التي تشرع فيها، وأهم شيء إقامة الصلاة فيها جماعة، قال الله تعالى: ﴿لمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ﴾. وقال الله تعالى: ﴿وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُو مَعَ اللَّهِ أَحَداً﴾ وأما نقل الصلاة عبر مكبرات الصوت من على رءوس المنابر فإنه كما قال السائل فيه تشويش على الناس في بيوتهم وشل لأذكارهم وتسبيحاتهم الخاصة..” وتابع قائلا: “وربما يكون فيه إزعاج لبعض النوّم والمرضى الذين لم يجدوا راحة إلا في ذلك الوقت، وأنه أيضاً أذى للمساجد الأخرى التي بجوار هذا الصوت وتشويش عليهم، وقد حدثني كثير من الناس الذين كانوا بجوار المساجد التي ترفع الأذان من على المنائر حدثني إنه إذا كان صوت الإمام في المسجد الذي نقلت صلاته بهذه المكبرات أحسن من صوت إمامهم وقراءته أحسن من قراءة إمامهم أنهم يتابعون ذلك الإمام الذي خارج مسجدهم، ويدعون إمامهم ولا ينصتون لقراءة الإمام” ويتعلّق جواز حكم الجهر بالقرآن بعدم التشويش على الناس، أو إيذاء الآخرين؛ لما ثبت من قول النبي -عليه الصلاة والسلام-: (ألا إنَّ كلَّكم مُناجٍ ربَّه، فلا يُؤذِينَّ بعضُكم بعضًا، ولا يرفعَنَّ بعضُكم على بعضٍ بالقراءةِ)،[١٨] وبناءً على ذلك يُنظر في أثر استخدام مكبّرات الصوت عند قراءة القرآن في الآخرين؛ فإن أدّت إلى الأذى أو التشويش على الآخرين؛ فلا يُلجأ إليها. وأما ما ذكرتهم من أن بعض الناس يرى تحريم استعمال مكبر الصوت، فهذا إن كان يرى ذلك في الحال التي يكون فيها تشويش أو أذية، فرأيه قريب؛ لأن الأصل أن أذية المسلمين والتشويش عليهم في عباداتهم التحريم لقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً}، ولنهي النبي صلى الله عليه وسلم المصلين عن أذية بعضهم بعضاً والتشويش عليهم بالجهر بالقراءة كما سبق. ثاني الأشياء هو صوت المؤذن ولغته الركيكة لأنه في الغالب وخاصة في الريف بحسب العرف يترك الأمر لكل من هب ودب لكي يؤذن وأقسم بالله أنني اسمع بصفة يومية أصواتا منفرة ولغة لا علاقة لها باللغة العربية حتى أن المؤذن يكرر خطأ (أشهد أن مُحمد”) بضم الدال بصفة يومية ولا يوجد من يصحح له.! ثالث الأشياء هو موعد الأذان ولا أعرف إذا كان هناك شيء في الدين يبيح للمؤذن أن يرفع الأذان بعد موعده بعدة دقائق نظرا لوجود سبب جوهري منعه من الأذان في الموعد المحدد. أشفق كثيرا على وزير الأوقاف الذي يحاول جاهدا العمل على تحديث وتطوير كل شيء.
أشفق عليه من العقول التي تحجرت وأتمنى له النجاح فيما يقوم به من عملية تطوير تشمل كافة قطاعات الوزارة. ولكن معالجة مثل هذه العوائق التي سردناها تحتاج إلى عقاب فوري حتى لا نخسر ثقة الشعب في الوزارة وخاصة المساجد التي تقع في الريف البعيد عن أعين الرقابة. مديريات الأوقاف بالمحافطات بها أقسام التفتيش والرقابة ولا أنكر أن بها كفاءات وطنية مخلصة ولكن المشكلة في دوام الرقابة ودوام التفتيش المفاجئ. كما اعتقد ان من العوائق التي تعوق مفتشي الأوقاف هي ضعف البدل الذي يتم صرفه حتى يستطيع المفتش أن ينتقل من قرية إلى أخرى خاصة في أوقات الفجر والتي تقل أو تكاد تنعدم خلالها وسائل المواصلات. المشكلة في بعض العقول المحتجرة والتي ترى أن مجرد الشكوى من ارتفاع صوت مكبرات الصوت هو خروج على الدين، اي والله هذا يحدث في الريف حيث المفاهيم المغلوطة وسيطرة الدين الظاهري. فهذا الذي يمنع اخواته من الحصول على الميراث الشرعي بحجة أن العرف يمنع توريث النساء هو نفس الشخص الذي يتهم من يشتكي من صوت المذياع بالخروج من الملة! تجديد الخطاب الديني أمر حتمي لا مفر منه وعليه توافق من قيادات الدولة وأعتقد أنه الحل الأمثل لتقديم دعوة وسطية مستنيرة لاستعادة الريادة الدينية بعد أن سيطرت جماعات الظلام لفترة ليست بالقصيرة على عقول الناس عن طريق شراء عقولهم مقابل كراتين الزيت والسكر والدقيق ومن ثم بث السموم داخل العقول. ولابد من الاعتراف أن هناك من بين أئمة المساجد من يخفى قناعاته خوفا من الملاحقة الأمنية وهؤلاء هم الخطر الأعظم لأنهم قنابل موقوته لا نشعر بها وبخطرها الا ساعة انفجارها لا قدر الله. كما لابد من الإعتراف بأنه ليس كل مفتشي الأوقاف ممن يقال لهم شكرا فبعضهم يؤدي عملا روتينيا كالذي يطالبك بكتابة شكوى مكتوبة ممهورة بامضاء عدد ٢ فرد غيرك حتى يستطيع التحرك وبحث شكواك! مخاطر علاج الجهل وتكاليفه أكثر بكثير من تجنبه منذ البداية. وتجنب الجهل يكون عن طريق التعليم المستنير مهنا كلف من مليارات. مناهج التعليم والإعلام لهما معا وجنبنا إلى جنب دور محوري في تجديد الخطاب الديني والأسرة والمجتمع وكل ذي صلة لذلك يجب أن نعالج العقول ونسمح بالاجتهاد ونبذ التعصب والتمسك بالرأي الأوحد. من حقي وحقك أن نمارس شعائر الدين ولكن دون أن تسبب هذه الممارسة مضايقة لغيرنا فالدين قبل كل شيء معاملة وأخلاق حميدة وقيم ومثل عليا. العقول الرجعية والتذمت والإصرار على البيروقراطية والروتين أشد أعداء الدولة فتكا بمفاصلها خاصة إذا تعلق الأمر بالحياة الروحية والتي يمثلها الدين في أوضح أشكالها ولكن اي دين الذي نتحدث عنه! دين رسول الرحمة والمغفرة والأخلاق والقيم الإنسانية السامية والتي تحدث عنها العالم كله وبينوا كيف استطاع النبي صلى الله عليه وسلم أن يبني دولة الإسلام عن طريق الأخلاق والمحبة والتسامح من خلال مئات المواقف والأحداث التي لا تتسع لها المساحة لسردها. أما ما نراه من تدين ظاهري واستغلال الدين وجهل الناس فهذا ليس من الإسلام في شيء. علماؤنا الأفاضل من رجال جامعة المسلمين الأزهر الشريف عليهم دور هام في نشر ثقافة الإسلام الوسطى وعليهم تبيان حقيقة الإسلام وتوضيح ما يصعب على العامة أمثالي فهمه. ديننا كما كنا ندرس في مراحل التعليم الأساسي لم ينتشر بالسيف والرمح والا كان قضى قد عليه بالسيف والرمح أيضا، ولكنه انتشر بالأخلاق والقيم الإنسانية التي تنهض بالإنسان. حفظ الله مصر جيشا وشعبا.