مع اول زخة مطر , افتضحت امانة بغداد, فقد غرقت شوارع وازقة في المناطق التي يسكنها الفقراء من اهل العاصمة وطفحت المجاري لتعود الى البيوت من ابوابها .
ومع ان المواطنين قد ضجوا بالشكوى من هذا الاهمال المتعمد من قبل المسؤولين في الامانة .. الا ان لاحد استمع اليهم ولم يكلف اياً من المسؤولين نفسه لزيارة ومشاهدة معاناتهم .
قبل حلول موسم الامطار ظهر الامين عبر شاشات التلفزيون ليقول للبغداديين انه غير مسؤول عما يصيبهم من اذى وضرر جراء سقوط الامطار , وكان عذره الذي هو اسوأ من فعل انه قد واجه تركة ثقيلة حيث خلف له المسؤولون السابقون كثيراً من العيوب في المجاري والاسالة والنظافة العامة . وكأن الامين بالوكالة لم يكن موجوداً في السنوات الاربع الماضية ! مع انه كان يشغل وظيفة وكيل الامين طوال تلك المدة !
ولعل الامر الاسوأ الذي اوصل بغداد الى ماهي عليه الان , هو ان الاحزاب المتسلطة قد تقاسمت المغانم في تعينات مدراء البلديات والمديريات العامة الاخرى الساندة . فالمدير العام لأي بلدية في بغداد لابد ان يرشح في احد الاحزاب ويعين في منصبه من دون النظر الى كفاءته !
وبالطبع فأول مهام المدير العام الجديد هو ان يدعم ميزانية الحزب الذي جاء به من القاع ليوليه منصباً رفيعاً . وحسب المعلومات المتوفرة فأن مامطلوب من المدير العام هو نسبة عشرة بالمئة من مجموع ميزانية الانفاق على الخدمات في دائرته . فينشغل هذا الموظف الكبير بهذه المهمة عن مشاكل الصرف الصحي والنظافة والاسالة ورصف الشوارع والازقة . والذي يطمح من هؤلاء المديرين العامة باربع سنوات اخرى عليه ان يقدم اكثر !ٍ
ويتنافس مديرو البلديات , حتى وان كانوا من احزاب اخرى غير الحزب الحاكم , على ارضاء (الحزب القائد) لان مستقبلهم طوع بنانه , فالذي يقصر في تقديم الخدمات للحزب الحاكم , سوف لن يرى منصباً رفيعاً , وكذلك يفعل وكلاء امين بغداد . وقد اختصر بعضهم الطريق بالانتقال بولائه من حزبه الى الحزب الحاكم وضمن بذلك دوام الوظيفة , فقد انتقل احد الوكلاء الى الحزب القائد قبل عامين , بعد فضيحة سرقات ورشى كثيرة ,الا ان حزبه الجديد دافع عنه ومنع النزاهة من استجوابه واغلقت العشرات من دعاوى الفساد المالي والاداري المقامة ضده , ومايزال يتولى منصبه وراح يسعى الى كسب المسؤولين الكبار بحيث صارينتقل بين اونة الى اخرى الى منطقة ( طويريج) مصطحباً معه مئات العمال وعشرات المعدات لتنظيف وتجميل مدينة تبعد عن مركز عمله بما يزيد عن مئة كيلو متر ! وحذا حذوه الكثير من المسؤولين الذين نقلوا ولائهم من الاحزاب التي جاءت بهم الى الحزب الحاكم .
بين الفينة والاخرى تثار قضايا فساد ضد العديد من المديرين العامين من قبل دائرة المفتش العام في الامانة لمجرد تخويفهم . وبالطبع فان المفتش العام يخدم حزبه الحاكم بذلك . وبمجرد ان ينصاع المدير العام لأية بلدية جراء ماأثير ضده ويعود الى خدمة الحزب القائد تغلق قضية الفساد التي لوحت بها دائرة المفتش العام ويستثنى من هذا الاجراء الترهيبي من هم منتمون الى الحزب الحاكم , فبلدية الرصافة مثلاً لايستطيع الامين ولا المفتش العام من محاسبته لانه مصون غير مسؤول ولانه مقرب من الامانة العامة لمجلس الوزراء . ولهذا ترى الخدمات تكاد تكون معدومة الا في منطقتين هما الكرادة والجادرية اما المناطق الاخرى فلا تجد زقاقاً معبداً او نظيفاً في الصيف , اما في الشتاء فتغرق ازقة الرصافة تماماً ! ولا احد يحاسب او يوجه المدير العام لانه عضو في الحزب الحاكم .
احياناً نلوم الامين في وسائل الاعلام .. وللانصاف نقول بأن امين بغداد اضعف حتى من الفراش الذي يقف ببابه , لان لاينتمي لاي حزب وقد اخذ ادارة الامانة بالوراثة ! ولهذا يستنزفه الحزب الحاكم لان لا احد يحميه في حال غصبت عليه الامانه العامة لمجلس الوزراء ! هكذا هي حال بغداد , ترد في الخدمات , وفساد مالي واسع ومستشر في كل اوصالها . ومسؤولين يخدمون احزابهم وليس في اهتمامهم خدمة اهل بغداد .. وبعد كل هذا يظهر السيد المالكي علينا ليقول ! ان هدفه خدمة المواطن وانه سيبذل كل جهده في سبيل اسعاده !
اليس هذا ضحكاً على الذقون ؟