22 فبراير، 2025 8:36 م

هل لندن على موعد مع “شتاء السخط” من جديد ؟ .. “كورونا” و”البركسيت” وراء أزمة الوقود البريطانية !

هل لندن على موعد مع “شتاء السخط” من جديد ؟ .. “كورونا” و”البركسيت” وراء أزمة الوقود البريطانية !

وكالات – كتابات :

يُعزى تعطل نظام النقل البريطاني إلى سببين رئيسيين؛ أحدهما هو خروج “بريطانيا” من “الاتحاد الأوروبي”، والآخر هو جائحة فيروس (كورونا)، ولكن بغض النظر عن السبب، فإن هذا الأمر يُسبب إزعاجًا كبيرًا للحكومة البريطانية.

كتبت “زينيا سلفيتي”، الصحافية المتدربة، تقريرًا نشرته مجلة (فورين بوليسي) الأميركية، حول الأزمة التي يُعاني منها نظام النقل البريطاني، والتي أدت إلى نقص في إمدادات الوقود بالبلاد، وما يمكن أن يتمخض عن ذلك من متاعب سياسية لحكومة “حزب المحافظين”، برئاسة “بوريس جونسون”.

تستهل الكاتبة تقريرها بالقول: أصبحت طوابير طويلة من الناس في محطات الوقود، ينتظرون بفارغ الصبر لملء سياراتهم بالوقود؛ حقيقة مقلقة في “المملكة المتحدة”، في الأيام الأخيرة، مما وجه للحكومة ضربة شديدة وأثار مخاوف من شتاء آخر يتسم بالسخط. ونفد وقود ما يصل إلى ثُلثي منافذ البيع بالتجزئة المستقلة التابعة لـ”رابطة بائعي الوقود”، والبالغ عددها نحو: 5500 منفذ، منذ الإثنين الماضي، وسوف تتبعها بقية المنافذ قريبًا.

نقص في الأيدي العاملة والبحث عن سبب !

ويُلفت التقرير إلى أن هذا ليس في الواقع نقصًا في “الوقود”، بل نقصًا في “الأيدي العاملة”. فخلال الأشهر القليلة الماضية، أدى النقص في عدد العمَّال، والذي بلغ أكثر من: 100 ألف سائق شاحنة مؤهل، والذين يُعرفون أيضًا باسم: “سائقي سيارات البضائع الثقيلة”، إلى تعطيل العديد من الصناعات مثل الغذاء والوقود، مما تسبب في تداعيات متتالية في محلات البقالة والمطاعم، والآن في محطات الوقود.

هل هو بسبب (كوفيد-19) ؟.. أم بسبب خروج “بريطانيا”، من “الاتحاد الأوروبي” ؟.. هناك القليل من كل شيء وراء هذه الفوضى. ولكن فيما يتجاوز الاضطرابات السياسية، فإن الأزمة تؤدي بالبلاد إلى طريق مسدود.

وتُشير “سلفيتي”؛ إلى حقيقة أن النقص في سائقي الشاحنات يُمثل مشكلة في العديد من البلدان الأوروبية الأخرى، إلا أن “المملكة المتحدة” تضررت من ذلك بشدة. وتُشير معظم أصابع الاتهام، خاصة في “أوروبا”، مباشرة إلى خروج “بريطانيا” من “الاتحاد الأوروبي”؛ بصفته الجاني. وأدت التغييرات الضريبية وقوانين الهجرة الجديدة المشددة؛ إلى جعل دخول وخروج مواطني “الاتحاد الأوروبي”، إلى “المملكة المتحدة”؛ من أجل العمل، أكثر صعوبة ويستهلك وقتًا طويلًا. وأصبح العديد من العمال الأجانب يبحثون عن وجهات أخرى للعمل أقل صرامة، وليس فقط سائقي الشاحنات.

جائحة “كوفيد-19” فاقمت الأزمة..

ومع ذلك، فإن جائحة (كوفيد-19) صعَّبت الأمر أكثر، فمع قيود السفر ومطالبات الحجر في المنازل، خلال العام ونصف العام الماضيين، فإن العديد من العمال المقيمين، من غير أبناء “المملكة المتحدة”، تقاعدوا مبكرًا، أو سعوا وراء خيارات توظيف أقل إرهاقًا. ومع عودة معظمهم إلى بلدانهم الأصلية إبَّان الجائحة، لم تُعد الغالبية العظمى منهم إلى “بريطانيا”، وليس من المتوقع أن يعودوا أيضًا. كما أدت عمليات الإغلاق إلى توقف مراكز تدريب القيادة؛ مما يعني أنه كان هناك عدد أقل من اختبارات سائقي الشاحنات، وهو ما يعني بدوره أن عدد المرشحين الذين تمكنوا من إجتياز اختباراتهم، العام الماضي، أقل بمقدار: 25 ألف مرشح؛ مقارنة بعدد العام الأسبق.

إذاً ما الذي أدى إلى هذا الإنهيار الكامل الآن ؟

يُشير التقرير إلى أنه، في الأسبوع الماضي، أعلنت شركة (بي. بي-BP)، شركة “النفط والغاز” الكبرى، أنها اضطرت إلى إغلاق بعض محطات الوقود مؤقتًا بسبب مشكلات تسليم “وقود الديزل”، الخالي من الرصاص. ومع أن قلة من شركات “النفط” الأخرى كانت تُعاني من مشكلات مماثلة، فإن التحذير أثار الذعر في الشراء؛ مما أدى إلى تفاقم النقص وتسبب في نفاد الوقود في المحطات.

وقال وزير النقل، “غرانت شابس”: “كان هناك نقص، (في السائقين)، لفترة طويلة جدًّا، لذلك هذا ليس شيئًا جديدًا. ولكن بمجرد أن تقول إن هناك نقصًا، يميل الناس إلى إبداء رد فعل”. وأصرَّت كل من شركتي: “بريتش بتروليم” و”شل وموردي”؛ وعدد من مورِّدي الوقود الكبار الآخرين، في بيان مشترك يوم الإثنين؛ على أن هناك الكثير من الوقود، وأنهم يتوقعون تراجع الطلب – والشراء الذي يدفع إليه الذعر – في الأيام المقبلة.

وفي غضون ذلك، تتسبب الأزمة في خسائر سياسية، والتي فاقم منها الارتفاع القياسي لأسعار الوقود؛ وإنهيار العديد من شركات تزويد الكهرباء الصغيرة. وينتقد معظم البريطانيين طريقة تعامل الحكومة مع هذه القضية، وتبخر تفوق رئيس الوزراء، “بوريس جونسون”، في استطلاعات الرأي على منافسه في “حزب العمال”، وسط مخاوف من عودة: “شتاء السخط”؛ على غرار ما حدث في السبعينيات.

ما الإجراءات التي جرى اتخاذها ؟

وفي محاولة لنزع فتيل الأزمة، استجاب “جونسون”، لمطالب الصناعة؛ من خلال تقديم تأشيرات مؤقتة لسائقي الشاحنات الأجانب، وهي خطوة قوبلت بالاستياء من قِبل بعض مؤيدي خروج “بريطانيا” من “الاتحاد الأوروبي” المتشددين، الذين كرهوا بشكل خاص حرية الحركة المرتبطة بعضوية “الاتحاد الأوروبي”. كما أن خطة التأشيرة المؤقتة لم تكن جيدة بالنسبة لبعض السائقين الأوروبيين، الذين عانوا بسبب خروج “بريطانيا” من “الاتحاد الأوروبي”، حيث يتوقعون أن يُصبحوا في مأزق مرة أخرى بمجرد أن تنتهي هذه الأزمة.

وفي 25 أيلول/سبتمبر المنصرم، أعلنت الحكومة سلسلة من الإجراءات لتخفيف الوضع، والتي تضمنت تخفيف قواعد المنافسة؛ حتى تتمكن شركات الوقود من تجميع المعلومات ومحاولة تجنب النقص، بالإضافة إلى برامج تدريبية جديدة وموسعة وتشجيع السائقين الحاليين، الذين يحملون الرخصة الخاصة، للعودة إلى العمل. ولكن لا يزال هناك عدد أقل من سائقي الشاحنات مما هو مطلوب لنقل كل شيء، بما في ذلك الطعام والوقود.

ما  الذي سيحدث بعد ذلك ؟

تختم “سلفيتي”؛ تقريرها بالقول: بحسب ما ورد، كان “جونسون” يفكر في استخدام الجيش لتوفير السائقين؛ لنقل شاحنات الصهاريج في جميع أنحاء البلاد، وإعادة تعبئة المضخات في محطات الوقود، جزءًا من عملية (إسكالين-Escalin)، وهي خطة طواريء موجودة تحت إشراف “وزارة الدفاع”؛ جرى وضعها تحسبًا لحدوث أزمة في إمدادات الوقود. ولكن مسؤولين حكوميين آخرين قالوا إن قوات الجيش لن تُستخدم إلا للمساعدة في التخفيف من مشكلة تدريب السائقين المتراكمة. وعلى أي حال، يُشير خبراء الصناعة إلى أن النقص يُشير إلى مشكلة أكبر، وهي مشكلة مرتبطة إلى حد كبير بتحسين الطريقة التي يُعامل بها السائقون.

كما تُشير أيضًا إلى أحد مخاطر مغامرة خروج “بريطانيا” من “الاتحاد الأوروبي” بأكملها؛ إذ إن خسارة مجموعة من العمالة الأوروبية التي تُعد حيوية لجعل البلاد تمضي بطريقة سلسة، لن تكون أبدًا وصفة للاستقرار، حتى لو كانت شائعة لدى حشد: “استعيدوا السيطرة على حدودنا”، الذي دفع بـ”جونسون”، إلى السلطة.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة