حيادية “السيستاني” .. هل أزاحت “غطاء” الدعم والحماية عن القوى الشيعية في وقت حساس ؟

حيادية “السيستاني” .. هل أزاحت “غطاء” الدعم والحماية عن القوى الشيعية في وقت حساس ؟

وكالات – كتابات :

ليس مفاجئًا التأييد السريع الذي عبرت عنه القوى السياسية، المشاركة في الانتخابات؛ بعد صدور بيان من مكتب المرجع آية الله “علي السيستاني”، فلطالما تلاقي بيانات المرجع الديني، ذو الواحد والتسعين عامًا، تأييدًا مطلقًا من سياسيي الشيعة، وعلى نحو حذر؛ من قوى سياسية غير شيعية.

ولكن اللافت في بيانات القوى الشيعية المؤيدة، أنها جاءت على الرغم من موقف المرجع الأعلى؛ الذي لم يمنح رعايته لأي تحالف انتخابي، عكس ما كان يجري في الانتخابات السابقة، حينما كانت تُلمح بعض القوى الشيعية بوجود دعم خفي من “مرجعية النجف”.

قطع الطريق على الحالمين بدعم المرجعية..

أصدر المرجع الأعلى، “علي السيستاني”، بيانًا، يوم الأربعاء 29 أيلول/سبتمبر 2021، حث فيه العراقيين على المشاركة الواعية والمسؤولة في الانتخابات.

وقال مكتب “السيستاني”؛ إن: “الانتخابات القادمة، وإن كانت لا تخلو من بعض النواقص، ولكنها تبقى هي الطريق الأسلم للعبور بالبلد إلى مستقبل يُرجى أن يكون أفضل مما مضى، وبها يتفادى خطر الوقوع في مهاوي الفوضى والانسداد السياسي”.

ويبدو أن المرجع الأعلى قطع الطريق على بعض القوى، التي قد تدعي حصولها على دعمه في الانتخابات، حيث شدد المكتب على عدم مساندة، المرجعية العليا، لأيّ مرشح أو قائمة انتخابية على الإطلاق، وأن الأمر كله متروك لقناعة الناخبين وما تستقر عليه آراؤهم، داعيًا في ذات الوقت، الناخبين؛ إلى أن: “يأخذوا العِبَر والدروس من التجارب الماضية؛ ويعوا قيمة أصواتهم ودورها المهم في رسم مستقبل البلد، فيستغلوا هذه الفرصة المهمة لإحداث تغيير حقيقي في إدارة الدولة وإبعاد الأيادي الفاسدة وغير الكفوءة عن مفاصلها الرئيسة”.

معركة حياة أو موت !

جاء بيان “النجف”، في وقت لم يتبق سوى أيام قلائل تفصل “العراق” عن انتخابات مبكرة؛ تأتي بعد تظاهرات حاشدة أطاحت بحكومة رئيس الوزراء السابق، “عادل عبدالمهدي”، وأتت بقانون انتخابات جديد يستند على دوائر متعددة في المحافظة؛ بدل الدائرة الواحدة.

في حين تخوض القوى الشيعية الانتخابات؛ دون دعم من “النجف”، فيما وصفها، “هادي العامري”، زعيم (منظمة بدر)، في اجتماع تنظيمي لتحالف (الفتح)؛ بأنها: “معركة حياة أو موت”، وهذا يأتي من خشية القوى الشيعية التقليدية أن تفقد عددًا كبيرًا من مقاعدها البرلمانية، وبالتالي ينخفض تأثيرها السياسي في تشكيل الحكومة والاستحواذ على المناصب التنفيذية فيها.

“هذه انتخابات مفصلية ومهمة، ستحدث تعديلات دستورية”، هكذا يصف الرئيس العراقي، “برهم صالح”: “انتخابات تشرين”، الذي حذر؛ خلال مقابلة صحافية مع عدد من وسائل الإعلام، أمس الخميس، من: “استخدام كثير للمال السياسي”.

وقبيل الانتخابات، التي من المؤمل إجراؤها في العاشر من الشهر المقبل، كانت أنظار العراقيين والقوى السياسية ترنو إلى “النجف”، حيث مكتب المرجع الديني الأعلى، “علي السيستاني”، بعدما توالت أنباء عن عودة “خطبة الجمعة”، التي لطالما كانت تُصدر توجيهات تخص الشأن السياسي، قبل أن تنفي “العتبة الحسينية” ذلك.

تأييد مطلق..

وما أن صدر بيان المرجع “السيستاني”، حتى توالت التأييدات السياسية له، حيث وصف رئيس الجهورية، “برهم صالح”: “توجيهات السيستاني”؛ بأنها: “موقف وطني حريص وفي ظرف دقيق، لحماية الوطن والانتصار للمواطن بضرورة ضمان الإرادة الحرة للعراقيين والمشاركة الواسعة، من أجل إصلاح مكامن الخلل في منظومة الحكم والإنطلاق نحو الإصلاح المنشود”.

بدوره؛ رحب رئيس الوزراء، “مصطفى الكاظمي”، ببيان “السيستاني”، وقال: “تلقينا بمسؤولية كبيرة؛ بمضامينه الوطنية والإنسانية العالية”.

وتعول الحكومة العراقية على مشاركة أوسع في الانتخابات، بعد موقف “السيستاني”، الذي تحظى آراءه باحترام واسع لدى العراقيين، لا سيما عند الأغلبية الشيعية.

وأكد “الكاظمي”، في تغريدة، له: “إلتزام مؤسسات الدولة بحماية العملية الانتخابية”، ودعا المرشحين إلى: “الإلتزام بالقانون والضوابط، والناخبين إلى المشاركة الواسعة وحُسن الاختيار”.

كما قدم تحالف (الفتح)، بزعامة “هادي العامري”، شكره وإمتنانه وتقديره العالي، للمرجع “السيستاني”، على بيانه الواضح بشأن الانتخابات.

وقال التحالف في بيان، إن: “البيان خارطة طريق لبناء الدولة الرصينة وفرصة تاريخية لأبناء الشعب العراقي الذين سيتوجهون إلى صناديق الاقتراع لانتخاب الأكفاء وأهل النزاهة والخبرة والتجربة”.

من جانبه؛ رحب زعيم تيار (الحكمة)، “عمار الحكيم”، ببيان “السيستاني”، وقال إن: “فقرات البيان تنم عن حرص أبوي مسؤول ونظرة عميقة لمجريات الأمور وتحديات الحاضر والمستقبل، وشعور وطني يستدعي الوقفة الجادة والاستجابة الشاملة من قبل الشعب لتغيير الواقع، لا سيما بعد أن اعتبرتها المرجعية العليا الطريق الأسلم للعبور بالبلد إلى مستقبل أفضل”.

بدوره؛ أعلن رئيس قيادة تحالف (قوى الدولة الوطنية)، “حيدر العبادي”، تأييده التام لوصايا المرجعية الدينية العليا، وقال إنه يرى فيها تأكيدًا لمواقفها الوطنية الثابتة والمدافعة عن الدولة وهيبتها وسيادتها ومصالحها العليا.

وطالب القائمين بأمر الانتخابات، أن يعملوا على إجرائها في أجواء مطمئنة بعيدة عن التأثيرات الجانبية للمال أو السلاح غير القانوني أو التدخلات الخارجية، وأن يراعوا نزاهتها ويحافظوا على أصوات الناخبين فإنها أمانة في أعناقهم.

وهذا التأييد الذي يبدو مطلقًا؛ إلا أنه يُعد إقرارًا من قبل القوى الشيعية خاصة، بخسارة الداعم الكبير لها سواء كان معلنًا أو خفيًا.

ويعتزم “العراق” إجراء انتخابات عامة، في العاشر من شهر تشرين أول/أكتوبر المقبل، هي الانتخابات البرلمانية الخامسة، منذ التدخل الأميركي الذي أطاح بنظام “صدام حسين”، وأوجد نظامًا متعدد الأحزاب تتنافس فيه القوى السياسية.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة