القسم الحادي عشر
كل ما تقدم من تفاصيل موضوعنا المؤلم شرعا ، لتعلقه بسلوك البعض المنحرف عن جادة الحق والصواب في إستحصال الرزق الحلاال ، وقانونا فيما يتعلق بعدم تطبيق الأحكام المنظمة لإستحصال الحقوق وأداء الواجبات عند الإختلاف والإحتكام لدى القضاء ، مع عدم توقع حصول الغبن الفاحش في ساحة القضاء العراقي المعروف بإستقامته ونزاهته وعدالته ، الذي نضع بين يدي وأنظار مسؤولي الصدفة بعد الإحتلال مجبرين ، مظاهر ظلمه الناتج عن تعسفه في إستخدام السلطة ، عسى أن نجد سبيلا لمعالجتها بعد حين ، وبين يدي وأنظار عامة الناس درسا وموعظة عن تجربة عملية فعلية حقيقية الوقائع والأحداث ، ليتجنبوا قدر المستطاع الوقوع في شباك وفخاخ حاكم أو محكوم ، لا يدرك كلاهما أو أحدا منهما خطورة السير في طرق المماطلة والتسويف الملتوية ، أو إستخدام أساليب التورية سبيلا لإشاعة وإتساع دوائر حالات التذمر والفساد العام ، وتكريس وضع موانع إزالة العقبات والمعوقات ، بعزل وإبعاد أصحاب الحل والعقد في جميع الإختصاصات والمجالات ، من مواضع ومواقع سبل إنجاز الاصلاح والتغيير ، العاملة بأدوات الخبرة والكفاءة المهنية التي لا تمتلك مقوماتها عناصر السياسة والأحزاب في كل مكان وحين .
وفي تشبيه لقرارات قضاة اليوم الغارقين في مستنقعات التأثر السلبي والمعاكس لتوجهات العدالة والإنصاف ، ذكر أحد الأصدقاء في تعليق له ( قانون سكسونيا) ، وهو من أغرب القوانين الموجودة في العالم حينها ، لتمييزه في تنفيذ العقوبة بين المجرم من عامة الشعب والمجرم من طبقة النبلاء ، وقد وضعته حاكمة ولاية ساكسونيا الألمانية في القرن الخامس عشر بواسطة مشرعين من طبقة الأغنياء ، حيث تجري عقوبة الإعدام للقاتل من عامة الشعب بقطع رأسه وفصله عن جسده . أما إذا كان القاتل من طبقة النبلاء والأغنياء ، فيؤتى بالقاتل ليقف في الشمس وتضرب بالسيف رقبة ظله !. وكذلك الحال عند تنفيذ عقوبة الجلد للسارق من عامة الشعب حيث يجلد ظهره ، بينما السارق من طبقة النبلاء فيجلد ظهر ظله !. وعليه فإن الذي نخشاه أن يصل التشريع في بلد مسلة حمورابي والحضارات ، إلى التفرقة في تنفيذ العقوبات بين عامة الناس ، وبين طبقة الحزبيين والسياسيين ، لأنهم يمثلون اليوم طبقة النبلاء والأغنياء ؟!. وقد شاع حصول ذلك من غير خجل ولا حياء ؟!.
أما في مجال تبسيط الإجراءات المؤدية الى تقليل الجهد والوقت والكلفة في كل مراحل انجاز المعاملات ، وما يتبع كل ذلك من مردودات إيجابية وفي مقدمتها محاربة الفساد الإداري والمالي والتربوي بشكل عام ، فقد كتبنا على صفحات التواصل الإجتماعي وفي هذه الصحيفة الغراء على سبيل المثال ، سلسلة مقالات بعنوان ( التبليغات القضائية بعد الإحتلال .. من سبل الفساد ؟! ) ، رأينا فيها فرض إستخدام الإيميل في تبادل المراسلات بين دوائر الحكومة ، بقرار من مجلس الوزراء إستنادا لأحكام المادة (٨٠/ثالثا) من الدستور ، لكون ذلك من الصلاحيات الخاصة بهدف تنفيذ القوانين التي تعد من حالات التجديد في أليات التنفيذ ، وعرضنا الموضوع عبر عناوين البريد الألكتروني على السادة رئيس مجلس الوزراء ورئيس مجلس القضاء الأعلى ونقيب المحامين ، ولم يخبرنا إستكبارا وإهمالا وتجاهلا أو جهلا بذلك موظفو مكاتبهم أو أحدا من الموظفين المتواجدين على صفحات التواصل الإجتماعي ، بأن هنالك قانونا نافذا إعتبارا من 5/11/2012 بالرقم (78) لسنة 2012 وبعنوان ( التوقيع الألكتروني والمعلومات الألكترونية ) ؟!. الصادر ( إنسجاما مع التطور الحاصل في مجال تكنولوجيا المعلومات والإتصالات وأنشطة الأنترنت ، وتوفير الأسس والأطر القانونية للمعاملات الألكترونية من خلال وسائل الإتصالات الحديثة ، وتشجيع صناعة الأنترنت وتكنولوجيا المعلومات وتنميتها وتنظيم خدمات التوقيع الألكتروني والمعاملات الألكترونية ، ومواكبة التطورات القانونية في الجوانب الألكترونية وتطويع النظام القانوني التقليدي بما ينسجم مع نظم تقنية المعلومات والإتصالات الحديثة . شرع هذا القانون ) . ولا أدري لمصلحة من كل هذه اللامبالاة وعدم الإهتمام بإشاعة الثقافة القانونية والإدارية ؟!، ولماذا لا تسعى دوائر السلطات إلى تحديد أسماء المراسلات المشمولة بأحكام القانون ، وإعلانها على صفحات مواقعها الألكترونية تيسيرا لأستخدامها من قبل المواطنين ، بغية التخفيف عن كاهلهم المثقل بهموم وتكاليف المراجعات المباشرة ، سيما وأن المادة (28) منه تقضي بجواز إصدار الأنظمة لتسهيل تنفيذ أحكام القانون . وأن للوزير إصدار التعليمات اللازمة لتسهيل تنفيذ أحكامه .