أزمة “سد النهضة” تعود من جديد إلى طاولة المفاوضات .. فهل يكتب لها النجاح ؟

أزمة “سد النهضة” تعود من جديد إلى طاولة المفاوضات .. فهل يكتب لها النجاح ؟

وكالات – كتابات :

وسط محادثات تستهدف إحياء المفاوضات الثلاثية بين: “مصر والسودان وإثيوبيا”؛ بشأن “سد النهضة” الإثيوبي، التي يرعاها “الاتحاد الإفريقي”، يتساءل كثيرون عن إمكانية نجاح تلك المفاوضات في ظل الإخفاقات المتكررة في العقد الماضي، وهذا ما تستعرضه الكاتبة، “آية أمان”، في تقرير نشره موقع (المونيتور) الأميركي.

وفي مطلع تقريرها؛ تُشير الكاتبة إلى أن البيان الرئاسي الصادر عن “مجلس الأمن الدولي”، التابع لـ”الأمم المتحدة”، في 15 أيلول/سبتمبر الجاري، بشأن “سد النهضة” الإثيوبي؛ جدَّد الحديث عن استئناف المفاوضات التي يرعاها “الاتحاد الإفريقي” لحل الصراع الذي دام عقدًا من الزمان.

ترحيب ببيان قاصر !

وتلفت “أمان”؛ إلى أن “مصر والسودان وإثيوبيا”؛ فشلت مرارًا في التوصل إلى اتفاق. ويأتي البيان بعد شهرين من اجتماع “مجلس الأمن”، بشأن أزمة “سد النهضة”، الذي عُقد بناءً على طلب: “مصر والسودان”؛ احتجاجًا على الإجراءات الأحادية المتواصلة التي تتخذها “إثيوبيا”. غير أن البيان لم يُحدد إطارًا أو جدولًا زمنيًّا لعملية التفاوض. وبدلًا من ذلك، ألقى البيان بالمسؤولية كلها على عاتق “الاتحاد الإفريقي”.

ونوَّهت مُعدِّة التقرير؛ إلى أن “مصر” و”السودان” رحبتا ببيان “مجلس الأمن”؛ رغم ما يشوبه من قصور، إذ اتفقتا على عودة المشاركة في المفاوضات التي يقودها “الاتحاد الإفريقي”، لافتة إلى أن “مصر” اتخذت موقفًا مختلفًا، في نيسان/أبريل الماضي، خلال الجولة الأخيرة من المفاوضات التي عُقدت في العاصمة الكونغولية، “كينشاسا”.

وقالت “وزارة الخارجية” المصرية؛ إن البيان الرئاسي يطالب “إثيوبيا” بالمشاركة الجادة والتعبير عن إرادة سياسية حقيقية للتوصُّل إلى اتفاق مُلزم قانونًا يُنظِّم ملء السد وتشغيله. وفي غضون ذلك، أعربت “وزارة الخارجية” السودانية عن أملها في أن: “يدفع البيان، الأطراف الثلاثة لاستئناف المفاوضات في أقرب وقت ممكن، وإتباع إطار جديد، والتعبير عن إرادة سياسية ملموسة”.

غير أن “وزارة الخارجية” الإثيوبية؛ ذكرت أن: “إثيوبيا لن تعترف بأي إدِّعاء قد يُطرح على أساس البيان الرئاسي، ومن المؤسف أن يُبدي مجلس الأمن موقفه بشأن مسألة تتعلق بالحق في المياه والتنمية، مع أن هذه المسألة تقع خارج نطاق ولايته”. كذلك انتقد البيان الإثيوبي، “تونس”، التي قدمت، في تموز/يوليو مشروع قرار لحل الأزمة، قائلًا: “إن سَقْطَة تونس التاريخية؛ في تقديم إعلان مجلس الأمن يُقوِّض مسؤوليتها الرسمية بوصفها عضوًا مناوبًا في مجلس الأمن الدولي على مقعد إفريقي”.

وفي الوقت نفسه، لم يُعلن “الاتحاد الإفريقي”، رسميًّا، بعد أي خطوة لاستئناف المفاوضات. وقد اختتم “كريستوف لوتوندولا”، وزير الخارجية في “جمهورية الكونغو الديمقراطية”؛ التي تترأس “الاتحاد الإفريقي” حاليًّا، جولة من المناقشات يوم 16 أيلول/سبتمبر؛ مع وزراء من “مصر والسودان وإثيوبيا”، خلال جولة إقليمية تهدف إلى إيجاد إطار مشترك لاستئناف المفاوضات.

قضايا خلافية..

ونقل التقرير، عن مصدر حكومي مصري مطلع على ملف “سد النهضة”، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، أن: “الجهود الكونغولية تهدف إلى الوصول إلى إطار واضح لإدارة عملية تفاوضية تتفق عليها الأطراف الثلاثة”.

وأشار إلى أن “مصر والسودان” يُريدان دورًا أكبر للمراقبين الدوليين، لكن: “لا تزال هناك قضايا قانونية خلافية تتعلق باتفاقية ملء سد النهضة وتشغيله، والتي تحتاج إلى نقاش أكثر للوصول إلى حل مُرضٍ لجميع الأطراف. وسيشمل الحل تقديم ضمانات قانونية للجهات الدولية الضامنة في حالة عدم إمتثال أحد الطرفين”.

وتابع المصدر: “قرار مصر واضح وغير قابل للتفاوض عندما يتعلق الأمر بالجوانب الفنية لملء السد وتشغيله. وهذا للتأكد من عدم وقوع أي أضرار كبيرة على الأمن المائي في مصر، خاصة خلال فترات الجفاف الطويلة”.

وقال الرئيس المصري، “عبدالفتاح السيسي”، أمام “الجمعية العامة للأمم المتحدة”، في 21 أيلول/سبتمبر: “تعلمون جميعًا نتائج المفاوضات المستمرة، منذ عقد من الزمن؛ بين: مصر وإثيوبيا والسودان؛ نتيجة لتَعَنّت أديس آبابا المعروف وقراراتها الأحادية التي تُهدد أمن المنطقة واستقرارها بأسرها”.

اختبار جديد..

وفيما يتعلق بإمكانية العودة الناجحة إلى مفاوضات “سد النهضة”، قال “خالد عكاشة”، مدير المركز “المصري” للدراسات الإستراتيجية، لـ  (المونيتور)؛ إن دخول “مصر” في أي جولة من المفاوضات سيكون: “اختبارًا جديدًا لنوايا إثيوبيا لإيجاد حل جدِّي للأزمة”. وأضاف “عكاشة” أن التوتر الأمني وهشاشة الحالة السياسية في “إثيوبيا”؛ يؤثران من دون شكٍ في إلتزامات “إثيوبيا” على طاولة المفاوضات.

وبدوره قال “أيمن عبدالوهاب”، الخبير في الشؤون الإفريقية في مركز “الأهرام” للدراسات السياسية والإستراتيجية، للموقع الأميركي؛ إن بيان “مجلس الأمن” عطَّل الأمور بالفعل مرةً أخرى؛ وأعاد الملف إلى “الاتحاد الإفريقي”، الذي استنفد خيارات احتواء الأزمة، بخلاف أنه لا يُمارس أي ضغوط على الطرف الذي يُعرقل التوصل إلى حل، في إشارة إلى “إثيوبيا”.

وأوضح “عبدالوهاب”؛ أن المشكلات الداخلية في “إثيوبيا”، بسبب الحرب الدائرة في منطقة “تيغراي”؛ تُشكل أيضًا عقبة أمام عقد مفاوضات ناجحة، وقال: “إن نظام آبي أحمد؛ لا يمكنه أن يُعطي الأولوية للمفاوضات المتعلقة بسد النهضة؛ في ظل الوضع الراهن”. وأضاف: “لن يكون مسار المفاوضات مُجديًا إلا إذا فُرضت ضغوط اقتصادية حقيقية. وقد يكون هذا هو الحل العملي الآن، وذلك لأن إثيوبيا تحتاج إلى التمويل للمضي قدمًا في خطتها لتشييد المرافق في السد قبل مرحلة الملء الثالثة”.

بارقة أمل..

وتتطرَّق الكاتبة إلى تفاؤل البعض بإمكانية نجاح المفاوضات؛ مثل “عمار أراكي”، وهو صحافي سوداني يركز على الشؤون الإفريقية، والذي قال للموقع: “إن تدهور الوضع السياسي والأمني والغليان الداخلي، ضد حكومة أحمد؛ سيُقلل بالتأكيد من المناورات السياسية للحكومة الإثيوبية، التي استخدمت دائمًا بطاقة سد النهضة لخدمة مصالحها الداخلية وتوحيد النزاعات العِرقية في إثيوبيا”.

ولذلك، يتعين على الحكومة الإثيوبية أن تتحمل مسؤولياتها، هذه المرة؛ وأن تحل المسائل العالقة مع “مصر” و”السودان”، بالإضافة إلى التوصل إلى تسوية في قضية السد. وأشار “أراكي” إلى أن: “امتداد المعارك والمشاكل الأمنية إلى منطقة بني شنقول، حيث يقع سد النهضة، سيزيد الضغط على الحكومة الإثيوبية لتأمين السد ضد أي عملية عسكرية”.

وأضاف: “وقد تؤدي هذه المشكلات الأمنية إلى تسوية الخلاف مع مصر والسودان، إذ إن إطالة أمد المفاوضات يُهدد السد ويُزيد من الضغوط على حكومة أحمد”. وتختم “أمان” تقريرها بالقول إن آلية المفاوضات الجديدة تظل المُحدِّد الرئيس لكيفية حل الخلافات بين الدول الثلاث، وذلك من خلال منح مزيد من الصلاحيات للمراقبين والخبراء الأجانب وفقًا للقانون الدولي.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة