خاص : كتبت – نشوى الحفني :
في حادث أثار جدلاً واسعًا، دعا أكثر من: 300 عراقي، بمن فيهم شيوخ عشائر، مساء أمس؛ إلى التطبيع بين “العراق” و”إسرائيل”، في أول نداء من نوعه أطلق خلال مؤتمر عُقد تحت عنوان: “السلام والاسترداد”، ونُظم في “كُردستان”؛ المتمتعة بالحكم الذاتي، برعاية منظمة أميركية.
ونظم المؤتمر “مركز اتصالات السلام”؛ ومقره “نيويورك”؛ وتناول قضية التطبيع بين “إسرائيل” والدول العربية والتقارب بين المجتمعات المدنية.
ومن الجانب الإسرائيلي، رد وزير الخارجية، “يائير لابيد”؛ على تلك الدعوات قائلاً أنه: “منذ اليوم الذي تولت فيه هذه الحكومة مقاليد الأمور، كان هدفنا هو توسيع الاتفاقيات الإبراهيمية”، مشيرًا إلى أن: “الحدث في العراق يبعث بالأمل في أماكن لم نفكر فيها من قبل”، بحسب القناة (12) الإسرائيلية.
وأضاف “لابيد”: “نحن والعراق؛ لدينا تاريخ مشترك وجذور مشتركة في المجتمع اليهودي، وحيثما وصلوا إلينا، سنبذل قصارى جهدنا للعودة”.
علاقات ودية رغم رفض المسؤولين !
وتقيم “كُردستان”، وهي منطقة تتمتع بالحكم الذاتي في شمال “العراق”، علاقات ودية مع الدولة العبرية. وهي تقف بذلك على طرف نقيض مع مواقف المسؤولين والفصائل السياسية العراقية، الموالية لـ”إيران”، عدو “إسرائيل” اللدود، والتي تحظى بنفوذ قوي في “العراق”.
وتعليقًا على ذلك، قال الخبير الأميركي من أصل يهودي عراقي، ومؤسس “مركز اتصالات السلام”، “جوزيف برود”، لوكالة (فرانس برس)؛ إن نحو: 300 مشارك من السُنة والشيعة؛ تجمعوا في “أربيل”، عاصمة “كُردستان”: “من ست محافظات؛ هي: بغداد والموصل وصلاح الدين والأنبار وديالى وبابل”.
وأضاف “برود”، في اتصال هاتفي أجرته معه وكالة (فرانس برس): “شارك أيضًا شيوخ عشائر من هذه المحافظات ومثقفون وكُتاب”.
“اتفاقات إبراهام”..
وجاء في البيان الختامي للمؤتمر، الذي قرأته، “سحر الطائي”، مديرة الأبحاث في “وزارة الثقافة”، بـ”بغداد”: “نطالب بإنضمامنا إلى اتفاقيات إبراهيم (إبراهام). وكما نصت الاتفاقيات على إقامة علاقات دبلوماسية بين الأطراف الموقعة ودولة إسرائيل، فنحن أيضًا نطالب بعلاقات طبيعية مع إسرائيل وبسياسة جديدة تقوم على العلاقات المدنية مع شعبها بغية التطور والإزدهار”.
وُقعت “اتفاقات إبراهام” برعاية “واشنطن”، في أيلول/سبتمبر 2020، لتطبيع العلاقات بين “إسرائيل”؛ و”الإمارات” و”البحرين”، ومن ثم مع “المغرب” و”السودان”.
وأضافت “الطائي”، التي كانت من المتحدثين خلال المؤتمر: “لا يحق لأي قوة، سواء كانت محلية أم خارجية، أن تمنعنا من إطلاق مثل هذا النداء”.
وكان بين المتحدثين العراقيين، لواء سابق وأحد قادة (الصحوة)؛ وهي فصائل عشائرية قاتلت التنظيمات الإسلامية المتطرفة، بدعم من “واشنطن”.
وتحدث خلال المؤتمر، عبر الفيديو، “تشيمي بيريز”، الذي يرئس مؤسسة أسسها والده؛ الرئيس الإسرائيلي الراحل، “شيمون بيريز”.
فتح صفحة سلام جديدة..
وقال الشيخ “ريسان الحلبوسي”، شيخ عشيرة “البومطر”، من “الأنبار”، لوكالة (فرانس برس): “يكفينا عداء وفتن وقتل. مفروض نفتح صفحة جديدة للتعاون والسلام والأمن؛ لكي يعيش أبناؤنا وأحفادنا من بعدنا بسلام وأمان. لا تستطيع بين يوم وليلة أن تقنع المواطن بالتطبيع مع إسرائيل… مع الزمن تتغير الأفكار”.
زيارات متعددة..
خلال العقود الأخيرة، زار العديد من قادة “كُردستان العراق”، “إسرائيل”، ودعا السياسيون الأكراد علانية إلى التطبيع معها. وفي عام 2017، عندما نظم أكراد “العراق” استفتاء الاستقلال المُثير للجدل، كانت “إسرائيل” من بين الداعمين القلائل لهم.
لا يُعبر عن موقف الحكومة..
إلى ذلك، أعلنت “وزارة الداخلية” في حكومة إقليم كردستان العراق أن اجتماع “السلام والاسترداد” الذي شهد دعوات للتطبيع، عُقد من دون علم وموافقة ومشاركة حكومة الإقليم، مؤكد أنه “لا يعبّر بأي شكل من الأشكال عن موقف الحكومة”.
وأضافت في بيان أنه سيتم اتخاذ الإجراءات اللازمة لمتابعة كيفية إنعقاد هذا الاجتماع.
كما أصدرت الحكومة العراقية، اليوم السبت، بيانًا حسمت فيه موقفها من دعوات التطبيع مع “إسرائيل”، عقب اجتماعات عشائرية عُقدت في مدينة “أربيل”، طالبت بالسلام مع دولة الاحتلال.
رفض التطبيع..
وقالت الحكومة العراقية؛ في بيان: “تُعرب الحكومة العراقية عن رفضها القاطع للاجتماعات غير القانونية، التي عقدتها بعض الشخصيات العشائرية المقيمة في مدينة أربيل بإقليم كُردستان، من خلال رفع شعار التطبيع مع إسرائيل”.
وأضاف البيان: “تؤكد الحكومة ابتداءً أن هذه الاجتماعات لا تمثل أهالي وسكان المدن العراقية العزيزة، التي تحاول هذه الشخصيات بيأس الحديث باسم سكانها، وأنها تمثل مواقف من شارك بها فقط، فضلًا عن كونها محاولة للتشويش على الوضع العام وإحياء النبرة الطائفية المقيتة”.
وتابع البيان أنه: “في ظل استعداد كل مدن العراق لخوض انتخابات نزيهة عادلة ومبكرة، انسجامًا مع تطلعات شعبنا وتكريسًا للمسار الوطني الذي حرصت الحكومة على تبنيه والمسير فيه”.
وأكد البيان أن: “طرح مفهوم التطبيع مرفوض دستوريًا وقانونيًا وسياسيًا في الدولة العراقية، وأن الحكومة عبرت بشكل واضح عن موقف العراق التاريخي الثابت الداعم للقضية الفلسطينية العادلة، والدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني”.
وشدد البيان على حق الفلسطينيين بدولة مستقلة عاصمتها، “القدس الشريف”، ورفض كل أشكال الاستيطان والاعتداء والاحتلال التي تُمارسها “إسرائيل” ضد الشعب الفلسطيني.
وأكد زعيم تحالف (قوى الدولة الوطنية)، “عمار الحكيم”، اليوم السبت، رفضه لدعوات التطبيع مع “إسرائيل”، التي تُعقد داخل “العراق”.
وقال في بيان صحافي: “نستنكر ونرفض المؤتمرات والتجمعات ودعوات التطبيع مع الكيان الصهيوني الغاصب؛ التي تُعقد داخل العراق”.
وأضاف، أن: “القضية الفلسطينية؛ تُمثل قضية العرب والمسلمين الأولى؛ ولذلك نجدد دعمنا الكامل للشعب الفلسطيني وقضيته العادلة ونضاله لاسترداد حقه المغتصب، وأن القضية الفلسطينية حق لا يسقط بالتقادم”.
مخاوف من التصفية وخسارة المواقع السياسية..
وقال السياسي العراقي، النائب السابق في “مجلس النواب”، “مثال الآلوسي”، إن مؤتمر السلام مع “إسرائيل”، الذي عقد أمس في “أربيل”، مدعوم من أسماء كبيرة في بغداد، “لم يُسمها”.
وقال لـ (RT): “أنا سعيد أن أعيش هذه التطورات الإيجابية، ومنذ سفرتي الأولى إلى إسرائيل؛ وأنا أعلم حجم التأييد الشعبي الكبير لدولة عراقية تعبت من الحروب وإجترار مفردات دفع العراق بسببها أغلى الأثمان”.
وأضاف، أن: “السلام ليس ترف سياسي بل حاجة عراقية تتعلق بوجود العراق من عدمه، وبالتالي أغلب القيادات السياسية السُنية والشيعية، في المنطقة الخضراء، أرسلت برسائل ود عبر طرف ثالث أو قامت بزيارات لإسرائيل، ولكن في العلن خطاباتهم شيء آخر”.
وأشار “الآلوسي”؛ إلى أن: “أحد أهم أسباب هذه الازدواجية هو الخوف بالتصفية من (الحرس الثوري) الإيراني، أو بخسارة المواقع السياسية، هذا من باب ومن باب آخر، فإن سياسة السفارة الأميركية في بغداد غير راغبة و لا تشجعهم بالإفصاح عن ذلك، على اعتبار أن الوقت غير مناسب”.