19 ديسمبر، 2024 1:06 ص

حري بالجميع مراجعة التاريخ والتمعن بحيلة المؤامرة وتمريرها عل الجهلة والاميين

حري بالجميع مراجعة التاريخ والتمعن بحيلة المؤامرة وتمريرها عل الجهلة والاميين

عند احتلال العراق عام 2003 من قبل الولايات المتحدة، قامت بإلغاء دستوره المؤقت المعدل لعام 1970، والذي أقرَّ لأول مرة في تاريخ العراق مبدأ الحكم الذاتي كأساس لشكل الدولة العراقية، أعلن پول بريمر عام 2004 قانون إدارة الدولة المؤقت كبديل للدستور، وبريمر هو الحاكم المدني الأمريكي الأول للعراق، كان يرأس ما عُرِف بسلطة التحالف المؤقتة التي تولّت حكم العراق منذ الاحتلال وعينت ما عُرِف بمجلس الحكم الانتقالي، المكون من 25 شخصية عراقية، تم اختيارهم حسب محاصصات عرقية ومذهبية طائفية، وإن كانت كفاءتهم أقل أو منعدمة، ثم أحيل قانون إدارة الدولة المؤقت لهذا المجلس لكي يعلنه كدستور مؤقت للبلاد. وبموجب هذا القانون، أُعلنت المحافظات الكردية الثلاثة في شمال العراق ككتلة سياسية وإدارية واحدة لا يجوز المساس بها، (طبعًا هي بالأساس كانت كذلك بموجب قانون الحكم الذاتي الذي أُعلن في عام 1974). ثم أقر القانون نفسه مبدأ الفيدرالية كأساس لشكل الدولة العراقية الجديدة من دون الرجوع إلى الشعب العراقي واستفتائه في ذلك، كما ألزم مشرعي الدستور الدائم القادم بتثبيت هذا المبدأ. بالإضافة إلى مواد أخرى تمنح سلطات الإقليم صلاحيات واسعة تتجاوز سلطات السلطة المركزية، مع حق الإقليم بالمطالبة بما أسماه القانون بالمناطق المتنازع عليها من غير أن يسميها ليجعل منها أساسًا لخلافات دائمة لا تنتهي[]

وبالفعل فإن الدستور الدائم الذي صيغ في غضون ثلاثة أشهر أقر كل هذه الأمور. بالإضافة إلى ذلك فإنه نص في متنه على عدم جواز إلغاء أو المساس بالمواد التي وردت في قانون إدارة الدولة الملغى والتي تمنح أقاليم كردستان صلاحيات وامتدادات واسعة، واعتبارها سارية المفعول في ظل الدستور الدائم (المادة 143). كل هذه المواد ومواد أخرى إضافية، مكّنت إدارة إقليم كردستان من التمتع بصلاحيات أكبر من الصلاحيات الفيدرالية لدولة مركزية ضعيفة لا تتمكن بحكم كوابح الدستور من تقليص صلاحيات الإقليم التابع لها. فمثلاً أُقرّ لإقليم كردستان نسبة 17% من موازنة الدولة المركزية، كما تُركت مسألة استثمار الثروات المعدنية (النفط) في الإقليم مبهمة وتخضع للقوانين والتشريعات الصادرة عنه، وتكون له، حسب نص الدستور، الأولوية في حال التنازع مع السلطة الاتحادية (المركزية). كما أن السلطة المركزية ملزمة بدفع تكاليف قوات الإقليم (البشمركة) من الخزينة المركزية، إضافة إلى منح الإقليم الحق في امتلاك ممثليات له في الخارج وضمن السفارات العراقية.

المهم في هذا الأمر أن هذه الصيغة لم تحصل على موافقة أو إجماع اللجنة التي أعدت الدستور، والتي كانت مهمتها بالأساس مناقشة وإقرار ما تضمنه قانون الإدارة المؤقت مع بعض الإضافات البسيطة. وعندما عُرض الدستور على الاستفتاء الشعبي، (والذي اشتُرِط لإقراره موافقة المحافظات العراقية جميعًا عليه، ويُعد لاغيًا في حالة رفضه من ثلاث محافظات)، رفضته رسميًّا، حسب النتائج التي أعلنتها الهيئة العليا للانتخابات، محافظتان (الأنبار وصلاح الدين)، علاوة على أن المعارضة ادعت بأن هناك محافظات أخرى مثل نينوى وديالى والمثنى وذي قار والقادسية قد صوتت ضده. وفي الحقيقة، فقد أُعلِن رسميًّا أن نسبة الأصوات الرافضة للمسودة في نينوى (الموصل) بلغت 55% من الأصوات إلا أن السلطة المركزية اعتبرت أن هذه النسبة لا تشكّل ثلثي الأصوات المطلوبة لرفض الدستور. علمًا بأن البيانات الأولية عن الرافضين للدستور في نينوى، أكدت أن النسبة الرافضة هي أكثر من ذلك بكثير، إضافة إلى أنه جرى تأخير إعلان النتائج مما حدا بالمعترضين إلى التشكيك بالفرز والنتائج. وهكذا أُعلن الدستور وأُقرّ مبدأ الفيدرالية لكردستان العراق، مع إعطاء المحافظات الأخرى، باستثناء بغداد وكركوك، الحق في أن تشكِّل فيدرالية خاصة بها سواء لوحدها أو بالاتفاق فيما بين مجموعة منها. وهكذا زرع الدستور الدائم بذور مشكلة تهدد بالانقسام إن لم نقل بأنه أصبح أداة للانقسام وللاختلاف بدلاً من أن يكون أداة لتوحيد العراق والعراقيين.

بعد فترة وجيزة من إقرار الدستور، بدأت التناقضات والاختلافات تظهر بين السلطة المركزية وسلطة إقليم كردستان العراق؛ حيث قامت سلطة الإقليم بكتابة وإقرار دستور للإقليم تجاوز في صلاحياته سلطات المركز. وبما أن أي تناقض بين الدستور الدائم وأي دستور أو قوانين محلية يُحسَم لصالح الإقليم وقوانينه (المادة 115 والمادة 121 ثانيًا)، فإن السلطة المركزية بقيت عاجزة أمام انفراد الإقليم في اتخاذ ما يناسبه من قرارات دون الرجوع للسلطة المركزية. وهكذا فلقد ثارت مشاكل كبيرة خاصة بشأن امتدادات سلطات ونفوذ الإقليم وتمتعه باستثمار موارده الطبيعية ليس في الإقليم فقط وإنما في مناطق أخرى خارجه أسماها الدستور (مناطق متنازع عليها)، وبالتالي اعتبرتها حكومة الإقليم مناطق يحق لها التصرف فيها بحرية. وهكذا ظل إقليم كردستان العراق يتمتع بامتيازات وواردات حُرِمت منها المحافظات الأخرى، ناهيك عن معاناة هذه المحافظات من هيمنة السلطة المركزية وأحزابها المتنفذة ومن انعدام الأمن الذي كان واضحًا أنه يسود إقليم كردستان. يُضاف إلى ذلك أن السياسة المركزية قد صاحبها فساد كبير وهائل وسوء إدارة جعل أغلب البلاد تعيش حالة من عدم الاستقرار وعدم توفر الخدمات.

إزاء تزايد هذه المشاكل وعجز الحكومة عن تطوير المحافظات، وفي ظل التشرذم الطائفي الذي يشهده العراق والمصحوب بتشرذم سياسي وإخفاق في تشكيل الحكومة استمر لمدة سنة تقريبًا بعد انتخابات 2010، علاوة على العديد من الانشقاقات والخلافات الحادة بين الأطراف التي اتفقت على تشكيلها، والطريقة المجحفة والاستفزازية التي تعاملت بها السلطة المركزية مع المحافظات والكوادر العلمية التي تنتمي إلى طائفة غير التي تنتمي لها الأحزاب السياسية الحاكمة، إضافة إلى المقارنة بين فقر هذه المحافظات المادي مع البحبوحة التي يتمتع بها إقليم كردستان، بدأت المطالبة بتشكيل أقاليم أخرى على غرار إقليم كردستان تتصاعد في أغلب المحافظات. كما دعمت هذه الرغبة الخلافاتُ السياسية الكبيرة بين السياسيين العراقيين المشاركين في العملية السياسية، وخاصة أولئك الذين شعروا بأنهم مهمشون من قبل رئيس الوزراء العراقي الحالي نوري المالكي. واللافت للنظر أن أولى هذه المحافظات المطالبة بالفيدرالية كانت هي نفسها التي صوتت ضد الدستور ورفضت الفيدرالية، وكذلك الأمر مع الشخصيات السياسية التي دعمت مطالب هذه المحافظات، والتي كانت قد رفضت مبدأ الفيدرالية على أساس أنه سيؤدي إلى تمزيق العراق. وأصبح كل من يطالب بالفيدرالية يدعي أنه يفعل ذلك -وهو محق- وفق الدستور الدائم، الذي أقر ذلك بل وسهّله في المادة 119. في حين أن السلطة المركزية الممثلة للأحزاب السياسية الدينية التي رحبت بالفيدرالية وروجت للتصويت لصالح الدستور الدائم الذي يقرها ويحصنها، وتغافلت عن المشاكل المستقبلية التي قد تثيرها مواده التي لم تُدرَس بعناية، انطلقت تعارض هذه الفكرة وتحاربها بشراسة. وربما من المفيد التذكير هنا بأن الإدارة الأميركية التي روجت للفكرة وتحدثت في فترة ما عن ضرورة تقسيم العراق إلى أقاليم ثلاثة: كردي وسني وشيعي، كحل أمثل للمشاكل العراقية (التي خلقها التدخل الأمريكي طبعًا)، بدأت تبدي تحفظها على مثل هذه المشاريع، لا بل وصل الأمر بها إلى تحذير قادة إقليم كردستان من مغبة الانفصال عن السلطة المركزية ونصحتهم بضرورة حل مشاكلهم مع السلطة الاتحادية عبر الحوار والنقاش.

ويظهر من متابعة المطالبات المتصاعدة للفيدراليات المتعددة أن أسبابها اختلفت من محافظة لأخرى؛ ففي المحافظات الجنوبية (البصرة وميسان وذي قار وغيرها)، والتي تسكنها أغلبية ينتمي أبناؤها إلى نفس الطائفة التي ينتمي اليها الائتلاف الحاكم، كانت الأسباب هي الشكوى من الإهمال وعدم منح هذه المحافظات التخصيصات المالية المطلوبة لتطويرها. أما في المحافظات الغربية (الأنبار وصلاح الدين) والتي تسكنها غالبية تختلف طائفيًّا مع الائتلاف الحاكم فإن الأسباب تمثلت في إصرار الحكومة على معاملتهم إما كتابعين للنظام السابق أو المبالغة في تطبيق قوانين مكافحة “الإرهاب واجتثاث البعث” (قانون المساءلة والعدالة) على أبنائها. في حين أن أسباب مطالبة المحافظات القريبة من إقليم كردستان (ديالى وكركوك ونينوى)، كانت بسبب الشكوى من هيمنة الأحزاب والقوات الكردية عليها بدعوى أنها مناطق متنازع عليها.

هذا المخطط هو ما ترجم بعدها في الدستور العراقي بدعم أمريكي، الذي منح حق تقرير المصير للأكراد وحق تشكيل الأقاليم غير الإدارية في إطار دولة فيدرالية، لتستكمل حلقات المشروع بعدها بموافقة الكونجرس الأمريكي وإقرار مجلس الشيوخ في 2007 لخطة غير ملزمة لتقسيم العراق إلي ثلاثة أقاليم، قدمها السيناتور جو بايدن، الذي كان وقتها يشغل منصب رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ, ثم بات اليوم نائبا للرئيس والمسئول المباشر عن الملف العراقي.

رغم انه لم يعد خافيا علي أحد ما يجري اليوم في العراق‏,‏ فإن الغريب حقيقة هو هذا الصمت الإقليمي والدولي علي مشاهد الخراب والدمار والأرواح المزهقة كل يوم.

وكأن ما يحدث بات أمرا مسلما به أو بمعني أدق انه تم الاستسلام لمخطط التقسيم المرسوم له, ذلك في ظل الأزمات المحيطة بغالبية دول المنطقة في مواجهة المخططات الأمريكية الإسرائيلية ضدها, التي مازال العراق يدفع ثمنا لها من دماء أبنائه يوما بعد الآخر, هذا في ظل حرب طائفية ماضية في طريقها ربما لأبعد ما خطط وأريد له بالضبط ومن ثم فلم تعد تصريحات جو بايدن حول تقسيم العراق إلي ثلاثة أقاليم سني وشيعي وكردي المتكررة بالجديدة أو المستغربة, خاصة بعدما تحولت إلي واقع ملموس, بأيدي العراقيين أنفسهم, الأمر الذي بات يطرح التساؤل: هل بات تقسيم العراق حسب مشروع بايدن بمثابة الأمر الواقع؟!.. أم تفرض انتخابات2014 واقعا جديدا؟!.

نشر عام1957 كتاب بعنوان خنجر إسرائيل لمؤلفه الهندي ر. ك. كرانيجيا, ويقال إن الرئيس جمال عبد الناصر هو الذي وقف وراء فكرة الكتاب, كما زود المؤلف بوثائق مسربة من الجيش الإسرائيلي, وتضمن الكتاب مخطط إسرائيل لتقسيم العراق علي أن يبدأ التقسيم بتشكيل دولة كردية وفصلها ثم اقتطاع دويلة شيعية.

وفي عام1973 قدم مهندس السياسة الأمريكية هنري كيسنجر مشروعا تجدد الحديث عنه عام1983 يتضمن تقسيم جميع دول المنطقة العربية علي أسس طائفية, ذلك فيما كانت مجلة كيفونيم الإسرائيلية قد نشرت في14فبراير1982خطط إسرائيل لتقسيم العراق وسوريا, واعتبرت المجلة أن العراق أشد خطرا علي إسرائيل من بقية الدول وأكدت أن أفضل طريقة لتمزيقه هو إثارة الصراع الدموي بين مكوناته.

غير أن العديد من المراقبين يعتقدون في أن الإرهاصات الأولي لتقسيم العراق قد بدأت عندما قرر مجلس الأمن بضغط أمريكي تحديد مناطق حظر طيران تحت عنوان حماية الشيعة والأكراد في الجنوب والشمال في التسعينيات من القرن الماضي مع حرص الإعلام الأمريكي علي ترسيخ عبارة حماية الأكراد والشيعة.

وقبل حرب عاصفة الصحراء مطلع التسعينيات دعا أستاذ القانون الأمريكي والمستشار في البيت الأبيض آلان توبول, من خلال موقع الكتروني تابع للجيش الأمريكي إلي الإسراع بتقسيم العراق, قائلا إن: عدد دول العالم حاليا193 دولة وليست هناك مشكلة إذا أصبحت196 دولة, في إشارة إلي3 دويلات ناتجة من تقسيم العراق.

هذا فيما نشر مركز ستراتفور للدراسات سنة2002 أن الإستراتيجية الأمريكية البعيدة المدي, التي تعقب غزو الولايات المتحدة للعراق هي تقسيم البلد إلي ثلاث مناطق منفصلة: منطقة سنية في الوسط تنضم إلي الأردن, منطقة شيعية في الجنوب تنضم إلي الكويت أو إيران, ومنطقة كردية ضمنها الموصل وكركوك.

وقبل الغزو الأمريكي للعراق سنة2003 ذكرت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية أن أحد أهداف غزو العراق اقتطاع المحافظات السنية وضمها إلي الأردن, ثم عاد لتكرار الأمر نفسه الخبير الإسرائيلي لشئون الإرهاب إيهود سبرينزاك في حديث للتليفزيون الروسي في24 نوفمبر2002, الذي قال إن مشروع تشكيل المملكة الهاشمية المتحدة يقف وراءه ديك تشيني وبول وولفوفيتز.

هذا المخطط هو ما ترجم بعدها في الدستور العراقي بدعم أمريكي, الذي منح حق تقرير المصير للأكراد وحق تشكيل الأقاليم غير الإدارية في إطار دولة فيدرالية, لتستكمل حلقات المشروع بعدها بموافقة الكونجرس الأمريكي وإقرار مجلس الشيوخ في2007 لخطة غير ملزمة لتقسيم العراق إلي ثلاثة أقاليم, قدمها السيناتور جو بايدن, الذي كان وقتها يشغل منصب رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ, ثم بات اليوم نائبا للرئيس والمسئول المباشر عن الملف العراقي.

وفي هذا السياق, كشفت صحيفة( هوال) الكردية عن مشروع يتم تداوله حاليا بين قيادات في الموصل لإقامة إقليم يضم محافظات كركوك ونينوي وصلاح الدين وديالي, علي أن تكون كركوك عاصمة له. ونقلت الصحيفة عن مصادر في الموصل قولها إن تحركات مكثفة تقوم بها قيادات في المحافظة من أجل جمع التأييد لهذا المشروع, الذي ستكون رئاسته دورية بين محافظات الإقليم, وهيكله الإداري يماثل إقليم كردستان العراق الحالي وسيضم في المرحلة الأولي محافظات كركوك والموصل وتكريت وديالي, ليتم بعدها الاندماج مع إقليم كردستان. وهو ما يأتي متوافقا مع ما قد سبق وأعرب عنه النائب عن قائمة دولة القانون, جواد البزوني في تصريح صحفي له من أن حل الأزمة, التي يمر بها العراق هو تقسيمه إلي ثلاث دول, مشيرا إلي أن تقسيم العراق بات اليوم مطلبا سياسيا وشعبيا؟!.

ودعا البزوني أبناء الشيعة في محافظتي نينوي وكركوك إلي الهجرة للجنوب, معللا الأمر علي أن المسالة خرجت عن السيطرة وأصبحت خارج قدرة السياسيين وقادة الكتل والأحزاب, ولذلك دخلت المرجعيات علي الخط, وهي الآن الوحيدة القادرة علي توجيه الأمور, ولكن ضمن الرقعة الطائفية لكل مكون, ولذلك أصبحنا أمام ثلاثة أقاليم متنازعة علي مناطق وجودها, الأمر الذي سيؤدي حتما إلي تقسيم العراق.

نعم العراق يتفكك.. كتب مايكل نايتس في الفورين بوليسي, إنه في الوقت الذي كانت فيه القوات الأمريكية تنسحب من العراق عام2010, كانت جهود الولايات المتحدة لتحقيق الاستقرار في تلك البلاد تشبه رجلا منهكا كان يدفع صخرة ضخمة علي تل منحدر. وكانت قوة الدفع هذه قد بنيت بشق الأنفس حتي مع اقترابها من القمة. فهل كان من الآمن أن يتوقف الدفع دون عمل شيء سوي التمني بأن يؤدي الزخم إلي إيصال هذه الصخرة إلي القمة؟.. أم هل ستتوقف هذه الصخرة ثم بعد ذلك تستدير ببطء علي نحو مخيف نحونا؟. الآن نحن نعلم أن الإجابة لا تكاد تكون مفاجأة. فالعراق هذه الأيام يعتبر دولة منهكة جدا, ولم تأت أي من مشاكلها من فراغ.

وأضاف نايتس: لقد اجتمعت العديد من المؤشرات السلبية في العراق: فالمليشيات المدنية المسلحة تعيد نشاطها, والتفجيرات الانتقامية تستهدف المساجد السنية والشيعية, وبعض القوات العسكرية العراقية بدأت تنهار وتنقسم إلي عناصر عرقية وطائفية. كما بدأت قطاعات عديدة من الطيف السياسي العراقي- الأكراد والعرب السنة والشيعة- تتذمر بشأن عدم قدرة الحكومة علي التعامل مع الظلم السياسي أو الاقتصادي وبدأت تتحدث بجدية عن التقسيم. والآن تقع الحكومة العراقية في العديد من نفس الأخطاء التي وقعت فيها الولايات المتحدة, فهي تقوم بعزل السنة واحتلال مجتمعاتهم مع تبني نهج عسكري قاس لا يميز بين المحاربين المتطرفين وجمهور المدنيين المسالمين.

وأكد نايتس: حاولت الحكومة العراقية إلقاء اللوم في فشلها علي الثورة السورية, بحجة أنها تعاني من امتداد العنف من جارتها..

وأوضح نايتس: يمكن القول إن المحرك الرئيسي للعنف في العراق هو الإفراط في مركزية سلطة بغداد, الذي جاء في وقت مبكر جدا وكان مشمولا بالذعر الطائفي. وكانت الولايات المتحدة تتحسب لهذا الخطر منذ البداية: فصيغة المحاصصة كانت حجر الزاوية للسياسة الأمريكية في العراق حتي عام2008, كما أن الولايات المتحدة تأكدت أيضا أن مبدأ اللامركزية الإدارية جري طبخه في الدستور العراقي. وقد عكست هذه السياسة حقيقة قوية, وهي أن العراق في مرحلة ما بعد صدام لم يكن جاهزا لنظام سياسي يقوم علي أن الفائز يفوز بكل شيء والخاسر يفقد كل شيء. ولكن في بداية عام2008, أعاد المالكي مركزية الحكم معولا في ذلك علي دائرة ضيقة بشكل متزايد من المعارضين الشيعة للنظام الديكتاتوري السابق, من ثم بدأ في إعادة بناء نسخة من النظام السلطوي, الذي سعي الشعب لإسقاطه علي مدار عقود. وباتت الدائرة المقربة من المالكي تهيمن علي اختيار القادة العسكريين وصولا إلي مستوي الألوية وتسيطر علي المحكمة الفيدرالية, كما سيطرت علي البنك المركزي, كذلك طمست السلطة التنفيذية بشكل سريع جميع الضوابط والموازين, التي وضعت قيد التنفيذ لضمان عدم ظهور حكم استبدادي جديد.

وبالتالي, فإن جذور العنف العراقي لا ترجع إلي الأحقاد القديمة بين السنة والشيعة أو الأكراد والعرب, ولكن بين دعاة المركزية ودعاة اللامركزية, وبين أولئك الذين يرغبون في أن ترمي العراق ماضيها العنيف وراء ظهرها, وأولئك الذين صمموا علي استنساخه. ومن المحتمل أن يستمر العنف في العراق مادامت استمرت المغالاة في إعادة مركزية السلطة.

هكذا بات واضحا أن إتباع المالكي لسياسة إعادة إنتاج تجربة صدام لم يسفر سوي عن المزيد من العنف, ومن ثم استمرار الأزمة ونزيف الدماء, وهو ما يتوافق وهدف إسرائيل الإستراتيجي في المنطقة, حيث عدم السماح للعراق بالعودة إلي ممارسة دوره الإقليمي مجددا, كذلك التأكيد علي أن العراق تلاشي كقوة عسكرية وكبلد متحد وان تحييده عن طريق تكريس أوضاعه الحالية يشكل أهمية قصوي لأمنها, وهو نفسه ما سبق التأكيد عليه من جانب وزير الأمن الإسرائيلي السابق آفي ديختر في محاضرة ألقاها في أحد مراكز الأبحاث, ونقلت نصها صحيفة الجيورزاليوم بوست, عقب الغزو الأمريكي للعراق مارس2003, حيث قوله: إننا قد حققنا في العراق أكثر مما خططنا له وتوقعناه منذ بداية عقد السبعينيات من القرن العشرين. هدفنا الإستراتيجي مازال عدم السماح لهذا البلد أن يعود إلي ممارسة دوره لأننا نحن أول المتضررين.. سيظل صراعنا علي هذه الساحة فاعلا.

هذا فيما باتت تقف الولايات المتحدة حاليا كمتفرج فقط, ذلك فيما يظن البعض انها خطة أخري للضغط علي حكومة المالكي لكي تستنجد بها فتفرض عليها قطع العلاقات مع إيران وسوريا.. أو ربما استغلالها كوسيط في محادثات الملف النووي الإيراني, وإذا نجحت الشراكة الأمريكية مع المالكي مجددا فقد يحصل علي مكافأة تشكيل حكومة أغلبية سياسية لاحقا, إلا أن هذا التطور لا يمنع من تقسيم العراق, بل يعزز من سلطة قوي الشيعة, التي مازالت غافلة عن كونها المتضرر الأقوي من فكرة التقسيم, حيث إمكان تحول الكيانات الفيدرالية الكبيرة إلي دويلات صغيرة تتنازعها الصراعات الداخلية, ومن ثم تحول التقسيم إلي تفتيت, ذلك في ظل سيطرة المليشيات الطائفية علي المشهد, تلك التي تقود البلاد إلي دائرة من العنف والعنف المضاد, وهو ما بات يفرض علي مختلف الطوائف والكيانات السياسية ضرورة النظر إلي أبعاد الموقف الحالي, ثم انتهاز فرصة الانتخابات في2014 كفرصة ممكنة للبداية من جديد في عملية إعادة بناء عراق ما بعد صدام.

رغم ان مشروع تقسيم العراق مشروع ساخن وشائع الا انه لم يكن يحظى باهتمام الرأي العام العراقي هذه السنوات ، ربما لابتلاء الشعب بمشاكل اكثر اثارة للقلق ، ولكن بمجرد ان بدأت تظاهرات الانبار عقب اعتقال حماية رافع العيساوي بتهمة الارهاب بدأت رائحة مشروع تقسيم العراق تشم في الآفاق كرائحة قذيفة كيمياوية لها عطر التفاح لكنها قاتلة . مشروع تقسيم العراق قديم وكان يشغل الاوساط الأمريكية والبريطانية والاسرائيلية منذ زمن بعيد ، ويقول مستشارو واشنطن ان دول المنطقة العربية والاسلامية من الناحية الادارية والسياسية ليست كيانات راسخة او عريقة ، فقد كانت الدولة العثمانية تدير المنطقة باسلوب الولايات ، وترتكز تلك الولايات على مدن مركزية كبرى كبغداد والقاهرة ودمشق وغيرها ، ولم تكن هناك دول بل هي دولة واحدة ورثها العثمانيون باسم الاسلام من بقايا العصر العباسي والدويلات التي نشات على انقاضه ، لذا لم تنشأ في الوسط الاجتماعي للمنطقة اي ثقافة قطرية ، ولم يع الناس معنى ان تكون هناك دول عديدة في العالم الاسلامي ، وخلال الحرب العالمية الاولى عقدت الدول المتحالفة ضد المانيا مؤتمر سايكس بيكو سنة 1916 لتقسيم ولايات الدولة العثمانية التي وقفت في الحرب مع المانيا ، وهكذا نشأ العراق المكون من ثلاثة اقاليم هي بغداد والبصرة والموصل ليكون دولة ذات حدود خاضعة للاحتلال البريطاني ، والى جانب العراق تكونت بالطريقة نفسها اكثر من 20 دولة في المنطقة العربية ، خاضعة للاحتلال الغربي ، وبعد معاهدة سايكس بيكو بسنة واحدة جاء وعد بلفور البريطاني بتكوين وطن قومي لليهود في فلسطين ، وعند اعلان دولة اسرائيل سنة 1948 دخلت الدول العربية المحيطة باسرائيل حالة توجس وعداء وأخذت تعد العدة للانقضاض على ذلك الكيان المغتصب الدخيل ، ومنذ ذلك الوقت بدأت اسرائيل تشكل نظريتها الأمنية بعدم الاكتفاء بسايكس بيكو ، فقد شهدت المنطقة ظهور دول قوية كمصر والعراق وسورية والسودان تهدد أمن اسرائيل لو قادها حكام مخلصون يحظون بدعم شعوبهم ، كما تخشى اسرائيل من التفوق السكاني لدول المنطقة ، والتفوق الاقتصادي الناتج من عوائد النفط ، والتحولات السريعة التي قد تؤدي الى تغير انظمة الحكم في بعض العواصم ، لذا بدأت النظرية الأمنية الاسرائيلية تركز على موضوع تفتيت دول المنطقة الى كيانات اصغر على اساس اثني ، لكي تضمن اسرائيل عدم نشوب حرب ضدها ، وفي النهاية تكون دولة قوية محاطة بدول صغيرة متصارعة ، متنوعة الصراعات ، حدودية وبترولية ودينية وعرقية ، الغرب مساند لاسرائيل باعتبارها تجمعا عالميا لليهود الذين طردتهم اوربا لتأمن شرهم ، فاوجدت لهم وطنا في فلسطين مقابل ان تكون دولتهم هذه شرطي منطقة لحماية مصالح الغرب ، مع ذلك تشعر اسرائيل ان الولايات المتحدة وحلفاءها يمكن في ظل ظروف معينة ان يتخلوا عن حمايتها ، لذا يجب ان يكون للصهاينة مشروعهم الامني والاقتصادي والسياسي كي يستغنوا عن حماية الآخرين ، وتتلخص خطة اسرائيل في التعامل مع المنطقة بالخطوات الآتية : 1- تقسيم الدول المحيطة باسرائيل الى دويلات صغيرة ، خاصة وان اسرائيل تعاني من العقدة الديموغرافية الناتجة عن التضخم السكاني للدول المحيطة . 2- تطوير قدرات اسرائيل الاقتصادية والعسكرية والأمنية والاعلامية لتكون في الصدارة .3- الهيمنة على اقتصادات دول المنطقة وجعلها تابعة للاقتصاد الاسرائيلي .4- اثارة عوامل التقسيم الاثني في دول المنطقة البعيدة عن اسرائيل والواقعة جغرافيا ضمن منطقة الشرق الاوسط الجديد او الكبير .5- اتخاذ القدس عاصمة نهائية لاسرائيل برمزيتها الدينية والسياحية .وتتطلب الخطة الاسرائيلية التخلص من الشعب الفلسطيني بطرق عديدة اهمها البحث عن وطن بديل ، وكانت الوثائق الاسرائيلية تركز على اتخاذ الاردن وطنا بديلا لهم وكذلك اذابة الاجيال الفلسطينية الجديدة في المجتمع الاسرائيلي المهاجر الى ان تندثر الهوية الفلسطينية نهائيا . وقد قطعت اسرائيل شوطا كبيرا بهذا الاتجاه فحققت الأمور الآتية :1- كسبت جميع الحروب التي شنت ضدها بتواطؤ او استدراج او فشل الحكام العرب ، فجميع الحروب التي خاضها العرب مع اسرائيل في 1948 ، 1967، 1973 كانت حروبا خاسرة اوجدت لدى العرب والعالم الاسلامي عقدة هزيمة ، وساعدت اسرائيل على تثبيت وجودها ثم التوسع واحتلال القدس والجولان والضفة الغربية وسيناء .2- اقامت علاقات سرية مع رؤساء اغلب دول الشرق الاوسط وتدخلت في ايصال بعضهم الى السلطة .3- حققت نوعا من التطبيع مع العرب والعالم الاسلامي وجعلت وجودها الطارئ امرا واقعا في المنطقة .4- من أجل تشويه اي مشروع تحرري اسلامي ضدها شاركت في استحداث موجة مزيفة بديلة عن اي حالة نهضة اسلامية متوقعة تدعو الى القضاء على اسرائيل ، فساعدت الدوائر الماسونية على تقوية المذهب الوهابي ومنظمة القاعدة الارهابية . يعد تقسيم العراق مهمة محورية في النظرية الامنية الاسرائيلية وكذلك في اجندة الولايات المتحدة المستقبلية في الشرق الاوسط في عهد القطب الوحيد وغياب الاتحاد السوفيتي وتهيؤ المحور الصيني الاسيوي لاتخاذ وضع المنافس ، ويمكن الاشارة الى اهم الوثائق الاسرائيلية والامريكية لتقسيم العراق : 1- سنة 1957 نشر كتاب بعنوان (خنجر اسرائيل) لمؤلفه (ر. ك. كرانيجيا) ويقال ان الرئيس المصري الاسبق جمال عبد الناصر هو الذي يقف وراء فكرة الكتاب وقد زود المؤلف بوثائق مسربة من الجيش الاسرائيلي ، وتضمن الكتاب مخطط اسرائيل لتقسيم العراق على ان يبدأ التقسيم بتشكيل دولة كردية وفصلها ثم اقتطاع دويلة شيعية . 2- سنة 1982 في14 شباط نشرت مجلة (كيفونيم) الاسرائيلية خطط اسرائيل لتقسيم العراق وسوريا ، واعتبرت المجلة ان العراق اشد خطرا على اسرائيل من بقية الدول واكدت ان افضل طريقة لتمزيقه هو اثارت الصراع الدموي بين مكوناته . 3- في زيارته الى واشنطن سنة 1996حصل رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو على مشروع لتقسيم العراق يتبناه المحافظون الجدد اليهود في الولايات المتحدة ثم قدم المشروع مفصلا الى القيادة الاسرائيلية سنة 2000 . 4- كان المؤرخ الاسرائيلي (ببني موريس) يدعو دائما الى تقسيم العراق بعد غزوه ، ويزعم في احاديثه للاذاعات الاسرائيلية والامريكية ان العراق دولة مصطنعة صنعها البريطانيون وجمعوا فيها شعوبا لا تريد التعايش معا حسب زعمه ، قاصدا بذلك تقسيم المنطقة عقب الحرب العالمية الاولى . 5- كان المؤرخ الامريكي اليهودي الاصل (برنارد لويس) يكرر القول بضرورة تقسيم العراق ويعد استمرار وحدة العراق وبقاءه بلدا موحدا خطأ تأريخيا تتحمله بريطانيا ولابد من التصحيح بتجزئة البلد! . 6- نشر مركز ستراتفور للدراسات سنة 2002 ان الاستراتيجية الامريكية البعيدة المدى التي تعقب غزو الولايات المتحدة للعراق هي تقسيم البلد الى ثلاث مناطق منفصلة ، منطقة سنية في الوسط تنضم الى الاردن ومنطقة شيعية في الجنوب تنضم الى الكويت او ايران ، ومنطقة كردية ضمنها الموصل وكركوك . 7- قبل الغزو الامريكي للعراق سنة 2003 قالت صحيفة يديعوت احرنوت الاسرائيلية ان احد اهداف غزو العراق اقتطاع المحافظات السنية وضمها الى الاردن ! ثم كرر القول نفسه الخبير الاسرائيلي لشؤون الارهاب (إيهود سبرينزاك) في حديث للتلفزة الروسية يوم 24/11/2002 وقال انه مشروع تشكيل (المملكة الهاشمية المتحدة) ويقف وراءه (ديك تشيني) و(بول وولفوفيتز) حسب تعبيره . 8- وفي سنة 1973 قدم مهندس السياسة الامريكية (هنري كيسنجر) مشروعا تجدد الحديث عنه سنة 1983 يتضمن تقسيم جميع دول المنطقة العربية على اسس طائفية واثنية ، وعندما سن الكونغرس سنة 1998 قانون (تحرير العراق) ، طرح الموضوع بقوة مجددا وحظي بدعم اليمين المتطرف . 9- ميدانيا يعتقد بعض المراقبين ان الايحاءات الاولى لتقسيم العراق قد بدأت عندما قرر مجلس الأمن بضغط أمريكي تحديد مناطق حظر طيران تحت عنوان حماية الشيعة والكرد في الجنوب والشمال ، في التسعينيات من القرن الماضي مع حرص الاعلام الامريكي على ترسيخ عبارة (حماية الكرد والشيعة) .10- تضمن الدستور العراقي بدعم امريكي حق تقرير المصير للكرد ، وحق تشكيل الاقاليم غير الادارية بل العرقية والطائفية وغير ذلك من بذور التقسيم التي تشجع على شرذمة البلد . وقد طرحت الولايات المتحدة تلك الخيارات في اجتماعاتها المشتركة مع المعارضة العراقية في لندن سنة 2001 وفي واشنطن سنة 2002 وفي أربيل 2002 لكن ربما لم يفطن المعارضون الى تلك الاشارات الا بعد سقوط النظام . 11- تبنت المخابرات الامريكية cia قبل غزو العراق دراسة مقدمة من جامعة تكساس حول التوزيع العشائري في العراق ، ويقدم البحث رؤية لتقسيم العراق على اساس اثني والغاء وحدته الوطنية بشكل نهائي . 12- قبل غزو العراق دعا أستاذ القانون في جامعة كاليفورنيا والباحث في معهد (انترابرايز) اليهودي (جون ديو) في مقال في صحيفة (لوس أنجلوس تايمز) الى التعجيل بتقسيم العراق إلى ثلاثة أقاليم ، في طرح ينسجم مع المشاريع السابقة . 13- قبل غزو العراق دعا أستاذ القانون الأمريكي والمستشار في البيت الابيض (آلان توبول) في موقع الكتروني خاص بالجيش الامريكي الى الاسراع بتقسيم العراق ، قائلا ان عدد دول العالم حاليا 193 دولة وليس هناك مشكلة اذا اصبحت 196 دولة اشارة الى 3 دويلات ناتجة من تقسيم العراق .14- يرى بعض المراقبين ان المحاصصة الطائفية والعرقية في تشكيل الدولة العراقية الجديدة بعد سنة 2003 هي تشجيع على التقسيم وتأسيس له ، وكان بامكان الولايات المتحدة وهي راعية العملية السياسية ان ترسخ مبدأ دولة المواطنة بدل المحاصصة 15- مشروع بايدن الذي قدمه الى الكونغرس الأميركي سنة 2007 وأقره مجلس الشيوخ كخطة غير ملزمة لتقسيم العراق إلى ثلاثة أقاليم وكان بايدن حينها نائبا عن ولاية ديلاوير الأميركية ورئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ ، ورشح نفسه عن الحزب الديمقراطي لانتخابات الرئاسة سنة 2008 واصبح لاحقا نائبا للرئيس والمسؤول المباشر عن الملف العراقي .16- قبل ايام من الغزو الاسرائيلي للبنان سنة 1982 نشر المحلل العسكري الاسرائيلي (زئيف شيف) في صحيفة (هآريتس) الاسرائيلية مشروع تقسيم العراق كما طرحته وثيقة (كيفوئيم) السابقة .17- سنة 2003 نشر الخبير الاسرائيلي (ليزلي غيلب) مقالا له بعنوان (حل الدويلات الثلاث) في صحيفة (نيويورك تايمز) الامريكية يشرح فيه رؤيته لتقسيم العراق .18- كما القى غليب نفسه محاضرة في جامعة الاسكندرية المصرية سنة 2003 شرح فيها مشروع تقسيم العراق من وجهة نظر اسرائيلية بحضور اعضاء من الحزب الوطني الحاكم في مصر ومدير الجامعة ، وفيها اقترح تقسيم العراق الى 3 كيانات كردية شيعية وسنية.في آخر تطورات المشهد السياسي العراقي لوحظ ان هاجس التقسيم يهيمن على بعض الساسة الذين يجرون اتصالاتهم خلف الكواليس مع قوى دولية ما زالت مصرة على المشروع ، وقد اعترف بعضهم في احاديث خاصة انهم التقوا خلال الحج برعاية قطرية مع ساسة خليجيين وشخصيات سلفية واخوانية وضباط صداميين سابقين ، وجرى الحديث حول البدء بالتظاهرات في المناطق الغربية لازاحة رئيس الوزراء الحالي نوري المالكي اولا ثم جعل المنطقة الغربية حاضنة للارهابيين التكفيريين وبقايا القاعدة واعلان مايسمى بالجيش العراقي الحر ، على ان يمتد العمل العسكري من شمال بغداد الى اقصى شمال العراق … الولايات المتحدة حاليا تتفرج على هذا المشهد ولابد من خطوط حمراء ، الا ان واشنطن تريد ان تشعر حكومة المالكي بالخطر الحقيقي يهددها لكي تستنجد بها فتفرض عليها شروطا للانقاذ اهمها قطع العلاقات مع ايران وسوريا ، او تحديدها بشروط امريكية لان الولايات المتحدة وجدت في العراق وسيطا ممتازا في محادثاتها مع ايران ، واذا نجحت الشراكة الامريكية مع المالكي مجددا فقد يحصل على مكافأة تشكيل حكومة اغلبية سياسية لاحقا ، الا ان هذا التطور لا يمنع من تقسيم العراق بل يعزز سلطة حزب الدعوة في الوسط الشيعي فحسب ، مشروع تقسيم العراق لن يتم عبر الصخب والعنف حسب ما يعتقد بعض المراقبين خاصة في مدى ولاية اوباما الراهنة لأن شعاره سحب القوات الامريكية من مناطق الصراع واستخدام القوة الناعمة ، وليس الحرب والعنف ، تقسيم العراق مشروع امريكي اسرائيلي المتضرر الأقوى منه الشيعة لانهم سيتحولون من دولة فدرالية كبيرة يضمنها لهم النظام الديمقراطي الى دويلة صغيرة تتنازعها الصراعات الداخلية والخارجية .